ارتفاع الأسعار يجبر العزاب على الفول والتميس
محمد الزهراني - الدمام
مجموعة من العزاب
لا تزال وطأة الغلاء تثقل كاهل الشباب وتنهك جيوبهم. ولا تزال موجتها تلعب بأفئدة البسطاء منهم يمنة ويسرة استنفد الكثير منهم طاقته لمواجهتها وعزّى البعض الآخر منهم نفسه بأنها سحابة سينقشع ضبابها عمّا قريب إلا أنها ما زالت ولا تزال تؤرق مضاجعهم وخصوصاً ذوي الدخل المحدود منهم ومن ينتظر بفارغ الصبر تاريخ 25 من كل شهر فلا غرابة إذا رأيت أحدهم يضع ورقة صغيرة في صفحة الخامس والعشرين من أوراق دفتر التقويم الذي لا يفارق مرقده! في إحدى شقق العزاب وجدنا آثار هذه الموجة واضحة حيث عصفت بأمتعة الشباب هناك فأصبح الخبز والشاي بديلاً اضطرارياً عن الهمبرجر والبروستد والمشويات فلا داعي لطلب الكاتشب الذي اعتادوا على طلبه فيما مضى لأنه فات أوانه وانتهت أيامه الجميلة.
اختلاف
ويقول «خالد المشهوري» إن طبيعة حياتنا أصبحت مختلفة كثيراً عما كنّا عليه قبل جحيم الأسعار والآن أصبح الفرد يحسب لميزانيته التي ربما لا تكفيه إلى اليوم السعيد «25 من كل شهر» وأن هذه الموجه أثرت على طلعات الشباب كثيراً فقبل ارتفاع الأسعار كنا نجتمع بشكل مستمر ولا نعود إلى منازلنا حتى نتعشّى في أحد المطاعم الفاخرة إلا أن شحّ الميزانية حال دون ذلك فلا تستغرب إذا سمعت أحد الشباب يقول «لا أستطيع الحضور معكم لأن البنزين لا يكفي للذهاب للدوام» منوها الى جشع الكثير من أصحاب الشقق القديمة والتي بنيت قبل عشرات السنين وتجدهم يجبروننا على رفع الإيجار بحجة ارتفاع الأسعار ومن الأكيد أنهم بنوا تلك العقارات بأسعار أقل بكثير مما يكلفه بناؤها الآن بل أغلبهم قد استرجع قيمة البناء منذ فترة ورغم ذلك يطالبوننا برفع الإيجار.
موقف
ويذكر «المشهوري» موقفاً من المواقف المؤثرة في نفسه حيث يقول أعرف أحد الزملاء كان مع نهاية كل شهر يشتري بعض الأطعمة والحلويات ويذهب بها لخالته وأبنائها الصغار في نفس المنطقة وقد قطع هذه العادة بعد أن أنهكت الأوضاع المعيشية حاله وعندما سألته عن سبب عدم ذهابه لخالته قال: أتمنى أن أذهب وأعودهم كما كنت عليه سابقاً ولكن لا أستطيع توفير شيء للأطفال بحكم دخلي القليل وارتفاع الأسعار فراتبي لا أضمنه يكفيني إلى نهاية الشهر فكيف أستطيع شراء الهدايا فأنا أستحي أن أذهب خالي اليدين ولذا لن أذهب إلا بعد أن تتحسن أوضاعي لأنهم تعودوا مني الهدايا كل ما أزورهم.
إيجار
ويضيف أحمد عطية أنه يسكن مع عدد من الشباب في شقة وأكثر ما ينتقدونه هو رفع الإيجارات بطريقة مبالغ فيها ويذكر أحمد أنه لو كان هناك رقابة على العقارات ولجان متخصصة تقيّم أسعار الإيجار لارتدع الكثير من الطامعين ولكن أغلب المجتمع أصبح يصدق أكذوبة الغلاء ومن الطريف أن عاملاً من الجنسية البنغالية كان يغسل سيارتي يوماً بعد يوم بمبلغ 50 ريال شهرياً إلا أنه طالب بدفع مبلغ أكثر بحجة ارتفاع الأسعار فإذا علمنا أن الماء يأخذه من المسجد وأسفنج الغسيل نحن نوفره له وسعر الصابون لم يتغير فمن أين يجد الغلاءُ مدخلاً على هذا العامل وأن جلسة الشباب في الشقة كانت تتميز بأنواع معينة من المأكولات والحلوى إلا أنها ذهبت وبدا واضحا على كثيرٍ من الشباب التحفظ على القيام برحلات وطلعات للترفيه كما كنا عليه سابقاً لأنك تقرأ في وجوه الكثير منهم «يـا دوب يكفيني الراتب لآخر الشهر».
ذكريات
ونوه «أحمد» الى أن موضة الهدايا قد انتهت ولم يبق منها إلا ذكرياتها الحلوة والمحزن في الأمر أن أحد الشباب كان في نهاية كل شهر يهدي لبعض أقاربه بطاقات الشحن ويهدي لهم الأقمشة والعطورات إلا أنها تلاشت مع ظلم الغلاء. وتمنى «أحمد» أن يقف المسئولون عن غلاء الأسعار وقفة صادقة مراعين فيها الخوف من عقاب الله عز وجل وأن يعملوا لجانا لتقييم أسعار إيجار الشقق لينتهي بذلك بخل الطماعين ويتحطم جشعهم أمام عدل اللجان وبهذا العمل المخلص تبرأ ذمة المسئولين.
http://www.alyaum.com/issue/article....9&I=580547&G=1