المبيعات تتقلص 7% والتأجير اليومي بين 500-3000 ريال
غلاء المعيشة يجبر عرائس سعوديات على "استئجار" الذهب وشراء " الفالصو"
الرياض – عمر عبد العزيز
دفع الغلاء كثيرا من السعوديين وخاصة محدودي الدخل إلى تغيير عادات اجتماعية ظلت راسخة في أذهانهم لعقود، ولا سيما العادات المتبعة في الزواج، والتي تتطلب مبالغ طائلة، وظهرت عادات جديدة ليست مألوفة في المجتمع السعودي، وسط توقعات بتغيير عادات في مجالات أخرى، للتكيف مع موجات الغلاء المتلاحقة.
فمع استشراء الغلاء تغيرت نظرة بعض الفتيات، خاصة المقبلات على الزواج حول إنفاق المال وخاصة على الذهب، فبعضهن اكتفت بشراء أطقم صغيرة خفيفة الوزن، وهن بذلك غيرن بعض العادات في شراء أطقم كبيرة وتوابعها من هامة وحزام وكف وغيرها من الذهب. وفضلت أخريات شراء إكسسوارات ذهبية اللون، فيما اتجهت عرائس إلى استئجار الشبكة ليوم واحد فقط بدلا من شرائها، وإن كانت تلك الخطوة تتم على استحياء، وذلك لأن شراء الذهب يعتبر أحد العادات المهمة التي تحرص عليها الأسر العربية، في حفلات الزواج، وخاصة في السعودية أكبر سوق للذهب في المنطقة، بل إن الشبكة هي شرط أساسي للزواج.
الذهب إلى ارتفاع جديد
وسجلت أسعار الذهب في الفترة الأخيرة زيادة كبيرة، واقترب سعر الأونصة (28.1 جرام) من عتبة الألف دولار، في زيادة قياسية هي الأولى من نوعها (الدولار يساوي 3.75 ريال).
وارتفعت تكاليف المعيشة في السعودية بنسبة 8.7 %خلال شهر فبراير/ شباط الماضي، على خلفية زيادة 6 مجموعات رئيسية، في مقدمتها مجموعة الترميم والإيجار والوقود والمياه, التي زادت 14.9%، ومجموعة الأطعمة والمشروبات, بواقع 13 %.
وتقول سناء الدوسري معلمة في المرحلة الابتدائية، والتي ستحتفل بزواجها في الإجازة الصيفية القادمة، إنها حددت مبلغا من المهر لشراء الذهب، وأنها تبحث عن أطقم صغيرة وحديثة تستطيع دفع ثمنها، وتلبسها في الأوقات العادية والمناسبات البسيطة.
وأضافت أن العادة المتبعة لدى عائلتها هي شراء قطع من الذهب متكاملة مثل الهامة التي توضع على الرأس وحزام الذهب، وطقم الذهب يجب أن يكون كبيرا، ولكن المبلغ المخصص لا يكفي لذلك، وأنها يجب أن تنظر للأمور بواقعية وعدم تحميل شريك حياتها أكثر من قدرته المالية.
أما غيداء التي رفضت ذكر اسمها كاملا وهي معلمة في المرحلة المتوسطة في الرياض، وحددت موعد حفل زاوجها في شهر يوليو تموز القادم، فقالت إنها كانت تريد الاكتفاء بالهدية المقدمة لها من خطيبها في الشبكة، تقديرا منها للظروف الاقتصادية الحالية، لكن أهلها وبسبب حب المباهاة اشترطوا ضرورة شراء طقم كبيرة وتوابعه من هامة وحزام وكف وغيرها من الذهب.
وأضافت أنها اتفقت مع خطيبها على بيع هذا الذهب بعد الزواج والاكتفاء بالهدية التي قدمها لها، وادخار ثمن الذهب في أمور أكثر فائدة، وأنه يمكن أن تستثمره في شراء قطعة أرض أو الدخول في مشروع صغير منتج أو شقة أو أسهم عقارية، مشيرة إلى أن الإكسسوارات الذهبية اللون يمكن أن تؤدي الغرض بشكل مؤقت.
وأوضحت أن الظروف الاقتصادية والغلاء يجب أن يدفعنا إلى تغيير عاداتنا وتقاليدنا والتفكير بشكل اقتصادي.
حفل زفاف بسيط
أما أمنية المفلح، والتي تعمل موظفة استقبال في أحد المستشفيات وتزوجت منذ أشهر، فم يقتصر الأمر عندها على عدم المبالغة في شراء الذهب، بل امتد إلى إقامة حفل زواج بسيط اقتصر على العائلة فقط.
وقالت أنها لم تشتر ذهبا من مهرها، بل قدم لها زوجها طقما خفيفا من الذهب هدية، وتقول إنها تفضل الإكسسوارات الملونة على الذهب، بحيث يكون لكل زي طقم خاص به، لأنها وكما تقول عصرية، ولا تحب أن تكون رسمية ومقيدة بالذهب.
وأوضحت أن حفل الزواج كان مختصرا جدا واقتصر على العائلة فقط، وخاصة أننا من عائلة واحدة، ومصاريف الفرح اشترينا بجزء منها أشياء ضرورة لبيتنا، والجزء الآخر أمضينا به أسبوعين خارج السعودية كشهر عسل.
أما المقبلة على الزواج فرح إبراهيم، والتي تقول أنها تعشق الذهب، فقالت إنه من الصعب شراء الذهب بكميات كبيرة في هذه المرحلة، وأنها استعدت لزفافها بشراء طقم واحد من الذهب خفيف الوزن، وأبقت باقي المبلغ المخصص لشراء الذهب في حسابها الخاص، على أمل أن ينخفض السعر، وأن تتمكن من الشراء.
أطقم خفيفة الوزن
وفيما يعتبر استجابة للتغيرات التي حصلت بسبب الغلاء، بدأ تجار الذهب في مراعاة التوجهات الجديدة في شراء الذهب، وهو ما يوضحه تاجر الذهب محمد السالم القحطاني في حديثه لـ"الأسواق نت"، حيث قال إن معظم التجار أخذوا في حساباتهم تخفيض أوزان الذهب و"المصنعية" ليتمكن الشباب من الشراء، وأن الأطقم الخفيفة هي الأكثر مبيعا حاليا.
وقال القحطاني إن هناك أوزانا في الذهب سواء الثقيل أو الخفيف، وإن الاختلاف أيضا في "المصنعية" التي تتراوح من نصف ريال إلى 30 ريالا، وأغلى الأنواع السنغافوري أو الإماراتي والبحريني والإيطالي، وأرخصها البناجر، لأن مصنعتيها لا تتجاوز ريالين.
وأشار إلى أن عددا من محلات بيع الذهب في العاصمة الرياض بدأ أخيرا في تأجير الشبكة ليوم واحد، كحل مناسب بالنسبة لأصحاب الدخل المحدود، وإيجاد دخل لأصحاب المحلات بعد التراجع الكبير في المبيعات.
وقال إن عدد تلك المحلات في الرياض محدود للغاية، ويقوم أصحاب المحلات بالحصول على قيمة القطع الذهبية بشكل كامل كنوع من التأمين وضمان إعادة المشغولات بشكل لائق وعدم تعريضها للتلف.
وعن أسعار ومدة التأجير قال القحطاني: إن مدة التأجير لا تتجاوز 24 ساعة. حيث تسلم القطع المطلوبة للعروس قبل موعد الزفاف بساعات وتعاد في اليوم التالي.
وأشار إلى أن أسعار القطع تختلف باختلاف الحجم وطريقة التصميم، فالمشغولات الكبيرة تتراوح قيمة تأجيرها بين ألفين وثلاثة آلاف ريال لليوم، فيما تتراوح قيمة تأجير القطع الصغيرة بين 500 و1500 ريال.
واتفق معه محمد سالم العطاف صاحب محلات لبيع الذهب، وقال إن المبيعات تقلصت في محلات الذهب عند معظم التجار بنسبة 70% بسبب الغلاء الذي غزا أسواق الذهب، وصعوبة الشراء.
وأضاف أن الشباب والشابات يقبلون على الذهب الخفيف والسلاسل الخفيفة والأطقم التي يتراوح سعرها من 15 إلى 20 ألف ريال، أو الذهب الإيطالي والذهب عيار 18.
وقال إن الفتيات يقبلن على شراء الذهب تبعا لإمكانية الزوج أو الشاب وما قدمه من مال لشراء الذهب، لذلك نصنع أطقم ذهب بمصنعية خفيفة وبأوزان خفيفة، حتى يتمكن الشباب والشابات من شراء حزام ذهب وأساور وعقود وخواتم بمبلغ لا يتجاوز 20 ألف ريال.
وأشار إلى وجود ظاهرة جديدة هي بيع الذهب بمجرد إنهاء مراسم الزواج، وذلك بسبب الديون التي تتفاقم على الزوج بعد الزواج، فيضطر لبيع الذهب، مضيفا أن هناك انحساراً كبيراً وقلة إقبال من المشترين على شراء الذهب، وأن عدد المشترين لا يمثل 1 % من العدد سابقا بسبب الغلاء، وأصبحت محلات الذهب تتحمل أعباء العمالة وأجور المحلات بسبب الكساد في عمليات البيع.
تعديل التصاميم
وامتد التغيير الذي أحدثه الغلاء إلى تصاميم الذهب، وهو ما توضحه مصممة المجوهرات السعودية ميرفت ملطاني، في حديثها لموقعنا، وقالت: إن ارتفاع الذهب يعتبر مشكلة حقيقية وكبيرة للفتيات، مبينة أنها عدلت في الكثير من تصميماتها رغبة في مساعدة الفتيات على اقتناء أشكال الذهب المميزة وبسعر أقل، ولذلك لجأت إلى إدخال الجلد والخيوط والقماش وتخفيف أوزان الذهب، لتتمكن من تقديم إنتاجها للراغبات في الشراء بأسعار مناسبة.
وأوضحت أن ابتكار تصاميم جديدة بأوزان خفيفة تتناسب مع الظروف الاقتصادية، بات أمرا ضروريا، وخاصة أن الفتاة السعودية أصبحت تستطيع أن تدرك متى يمكن أن تتوقف عن الشراء، ومتى يمكن أن تشتري، والكثير من المقبلات على الزواج يفضلن ادخار المال لحين انخفاض الذهب، وأخريات فضلن تنفيذ مشاريع صغيرة أو شراء أراض بالمبالغ المخصصة للذهب، وقمن بشراء الإكسسوارات ذات اللون الذهبي.
ولأن مصائب قوم عن قوم فوائد، فقد شهدت محلات بيع الإكسسوارات إقبالا كبيرا من الزبائن عليها، كونها تصلح للاستخدام على مدار السنة وليس لها أوقات معينة، وأسعارها في متناول الجميع، والراغب في الشراء عموما يحرص على الأشكال المقاربة للمجوهرات، وهذا ما جعله بديلا مناسبا للذهب وملبيا لرغبة كثير من النساء.
ويقول منصور العليان صاحب محل إكسسوارات في الرياض، إنه بعد ارتفاع أسعار الذهب تضاعف إقبال الزبائن، لقلة سعر الإكسسوارات، وأيضا بسبب ابتكار تصاميم جديدة وتماشيها مع كافة أنواع الملابس والمناسبات، وترضي كافة الأذواق، وهذا ما تبحث عنه نساء المنطقة.
وأوضح أن عددا ليس بقليل ممن يهتمون بلبس الذهب اتجهوا إلى استبداله بالإكسسوارات التي تعتبر رخيصة السعر، وتتناسب مع ما يودون لبسه والحضور به إلى حفلات الزواج والمناسبات.
وأشار إلى وجود إكسسوارات ذات ماركات عالمية، يتراوح سعرها بين 200 إلى 400 ريال وتؤدي الغرض، ولا تختلف في الشكل كثيرا عن الذهب.