العودة   منتدى مقاطعة > مجتمع مقاطعة التفاعلي > مناقشات المستهلك > مقال .. ما أعجبني .. قرار مجلس الوزراء لمكافحة التضخم .. نظرة سريعة ودروس من الماضي.

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-03-2008, 01:05 AM   #1
abuhisham
الإدارة

 
رقـم العضويــة: 94
تاريخ التسجيل: Aug 2007
مــكان الإقامـة: جده, السعودية
المشـــاركـات: 17,549
Twitter

افتراضي مقال .. ما أعجبني .. قرار مجلس الوزراء لمكافحة التضخم .. نظرة سريعة ودروس من الماضي.

قرار مجلس الوزراء لمكافحة التضخم .. نظرة سريعة ودروس من الماضي



د. سليمان السليم - - - 27/02/1429هـ


كان سليمان العليان ـ يرحمه الله ـ يردد بلهجته العنيزية التي لم تفسدها "أرامكو" ولا التابلاين ولا بيروت ولا نيويورك: "مدَبّر بالدار أحسن من حَدّار" ويعني بذلك أنك إذا وفقت بربة بيت مدبرة فإن ذلك يغنيك عن الانحدار من هضبة نجد إلى الخليج أو الهند أو الشام لزيادة الدخل. وبمعنى آخر أن الأولوية في ميزانية الأسرة هي لضبط جانب المصروفات بدلا من زيادة الإيرادات.
هذا ما سعت إليه قرارات مجلس الوزراء في 20/1/1429هـ وهو تخفيف الأعباء عن الأسرة السعودية في جانب المصروفات. وكانت تلك القرارات محصلة مناقشات ومفاهمات بدأت بالهيئة الاستشارية التي تضم في عضويتها مختصين من اقتصاديين ورجال بنوك ومحاسبين ورجال أعمال درست خلالها مرئيات الوزراء التي أحيلت إليها ثم رفعت تقريرها إلى اللجنة العامة لمجلس الوزراء التي بدورها رفعت توصياتها إلى ذلك المجلس. وفي النهاية صدرت تلك القرارات التي بالتأكيد لا تتطابق مع ما أراده كل وزير ولا مع ما رفعته الهيئة الاستشارية مجتمعة. ولكن هذه طبيعة العمل المؤسسي الذي يقوم على التوفيق بين التوجهات المختلفة.
لسوء الحظ فإن تضمين القرارات علاوة غلاء المعيشة بنسبة 5 في المائة لموظفي الدولة صرف الأنظار عن الأمور الأخرى التي عالجتها القرارات والتي تفوقها أهمية بكثير. وراح الناس, وبالذات موظفو الدولة, يحملقون بالشجرة ونسوا الغابة. وفي الحقيقة لم يكن هناك مفر من ردة الفعل هذه, حيث سلطت الأضواء على مقارنة تلك النسبة بتلك التي قررتها حكومة الإمارات الاتحادية لموظفيها وهي 70 في المائة وذلك رغم اختلاف الظروف ورغم أن الإجراء الإماراتي جاء منفردا وليس جزءا من حزمة إجراءات كما هو الحال في المملكة، كان الأولى أن يفصل موضوع علاوة غلاء المعيشة ويحال لمجلس الخدمة المدنية لدراسته على مهل وإخراجه بالأسلوب المناسب كجزء من حزمة أخرى تعالج أمورا معلقة تخص موظفي الدولة, خاصة أن الرأي العام ممثلا في المناقشات التي كانت تدور في الصحافة المحلية لم يكن مجمعا على ضرورة معالجة التضخم عن طريق زيادة رواتب الحكومة كإجراء منفرد, بل كان هناك توجه يعتبر ذلك الإجراء تضخميا.
وفي الحقيقة لم تكن هذه المرة الأولى التي تأتي بها ردة الفعل لقرارات مجلس الوزراء بصورة غير متوقعة. ففي الثمانينيات من القرن الماضي كان من بين الإجراءات التي أقرتها الحكومة لمعالجة العجز في الميزانية فرض ضريبة دخل على الأجانب إلا أنها اضطرت إلى إلغائها بمرسوم ملكي لأن كثيرا من المرافق خاصة المستشفيات كانت مهددة بالتوقف.
إن مهمة "أجهزة الرصد" في متابعة توجهات الرأي العام وتوقع ردود فعله أصبحت اليوم أسهل بوجود هامش أوسع للتعبير بوسائل الإعلام وتوافر الإنترنت والرسائل النصية والمحطات الفضائية. أصبح من الصعب اليوم تجاهل ما يدور في وسائل الاتصال هذه, بل إن هذه الوسائل من حيث إتاحتها لصانع القرار الاطلاع على توجهات المواطنين نعمة لا نقمة.
كان الملك عبد العزيز ـ يرحمه الله ـ يقول لأهالي مكة: أريدكم أن تكونوا عيونا لي وآذانا للناس. وكان حرصه على "التيل" أو التلجراف أحد الأسباب التي قادته إلى المواجهة مع المتشددين, والتي انتهت بموقعة السبلة.. فإذا كان من سمات الحكم في هذه المملكة الانفتاح والتواصل بين الحاكم والمحكوم فإن وسائل الاتصال هذه تعزيز لهذا التواصل.
موضوع نسبة غلاء المعيشة إذن 1 من 17 إجراء يأتي على رأسها موضوع معالجة الإسكان والضمان الصحي. وهذان يمثلان ثقلا بالغ الأهمية في تكلفة المعيشة للأسرة السعودية.
وسواء فيما يتعلق بتفعيل الهيئة العامة للإسكان أو الإسكان الشعبي أو الرهن العقاري فمن المؤمل الإفادة من تجارب الماضي بالحد من دور الأجهزة البيروقراطية قدر الإمكان. ما زال بيننا من يذكر "هياكل الإسكان" في شارع الجامعة في الرياض التي ظلت منتصبة سنين طويلة ومشروع الإسكان الذي أقيم ثم هدم قرب مقر الحرس الوطني في الرياض, وتلك الصعوبات التي اكتنفت توزيع مشاريع "الإسكان السريع" إلى أن أوى إليها الإخوة الكويتيون أثناء الغزو العراقي.
أما نظام الرهن العقاري فالمؤمل أن يؤسس لعلاقة صحية بين أجهزتنا القضائية والبنكية. فالبنوك تتلهف للقيام بدورها في الإقراض العقاري ولكنها تتطلع إلى الحماية التي يضفيها النظام القضائي, فهي تتعامل بأموال المساهمين والمودعين ومسؤولة أمامهم. هذه البنوك قامت منذ عهد الملك عبد العزيز (بنك الأندوشين والبنك الأهلي) ولكنها لم تمكن حتى الآن من القيام بدورها كاملا لخدمة المواطن في مجال العقار.
وقد تناولت إجراءات المجلس الإعانات لسلع مثل الرز والحليب، فإذا أضفنا السلع المحددة أو المخفضة، كالبنزين والغاز والكهرباء والماء، اتضحت تكلفة هذه الإعانات على ميزانية الدولة.
وهنا أيضا ينبغي أن نتذكر الوجه الآخر لهذه الإعانات فإنها تؤدي إلى الهدر كما حدث عند انتشار تلال الشعير عند الموانئ بعد أن أصبحت تكلفة الطن من الشعير أقل من إعانته بسبب تأخر مجلس الوزراء في تخفيض الإعانة, أما إعانة القمح فالجميع متفق الآن حول دورها في استنزاف ثروتنا المائية وهي تؤدي إلى التهريب إلى الدول المجاورة بسبب اختلاف السعر كما هو حادث حاليا في الدقيق والبنزين, وهي أخيرا إغراء بالتلاعب كما حدث عندما كانت إعانة الإبل والأغنام تدفع على أساس الرأس. فعندما كانت لجان الإعانة تتوجه لإحصاء المواشي لجأ المربون إلى المبالغة في أعدادها حتى أصبحنا ـ لمن يصدق تلك الأعداد ـ منافسين لأستراليا, ولكن عندما كانت تذهب لجان الخرص لتقدير الزكاة على تلك المواشي تقلصت تلك الأعداد بقدرة واحد أحد.
الإعانات بكل بساطة هي تدخل في عوامل السوق وهي كالأسبرين في تخفيف الآلام ولكنه قد يؤدي إلى القرحة والنزيف. ربما لهذه الأسباب لجأت الإمارات أخيرا رغم ارتفاع معدلات التضخم هناك إلى رفع أسعار الكهرباء والماء.
وقد تعرضت الإجراءات التي أقرها المجلس لمنع الاحتكار وتشجيع المنافسة وهذا من أسس الاقتصاد الحر فليس مقبولا مثلا أن تتفق شركات الألبان على رفع السعر في وقت يكلف فيه لتر الحليب الذي تنتجه مئات اللترات من ثروتنا المائية.
وعند الحديث عن الوكالات التجارية ينبغي أن نفرق بين الامتياز الحصري للسلعة والامتياز الحصري للعلامة التجارية, فالموزع الوحيد لعطر "بنت السودان" غير الموزع الوحيد للعطور بأنواعها.
أما ما يتعلق بتشجيع المنافسة فلا بد من التطرق لمناقصات الدولة والتمسك بأنظمتها التي تنص على طرحها وترسيتها على أنسب الأسعار على غرار ما حدث لمشاريع الغاز والاتصالات وما يتوقع أن يحدث في مشاريع السكك الحديدية.
أخيرا, فإن أي حديث عن مكافحة التضخم لا يستقيم دون وضعه في إطار السياسة المالية والسياسة النقدية, وهذا ما لم يتطرق إليه قرار المجلس ولم يشرحه لنا الفريق الاقتصادي. وإذا كان هناك من درس يمكن استخلاصه من تضخم السبعينيات فهو أن التوسع غير المحسوب ومن خارج المعتمد في الميزانية والخطة في الإنفاق الحكومي هو المحرك الرئيسي للتضخم. كان الوزير يأتي إلى المجلس بورقة يطلب فيها اعتماد مئات الملايين لمشاريع في وزارته ويحصل على الموافقة. كان الحماس وحب الخير للمواطن يقودان إلى استعجال النتائج ولكن الثمن كان الضغط على مواد البناء والعمالة والسكن وتضخما يتضاءل أمامه ما نشهده اليوم. وعندما استقدمنا الخبير الألماني شيلر لسماع نصيحته في كبح جماح التضخم كانت تلك النصيحة في مجملها أربع كلمات: الحد من الإنفاق الحكومي. وطبعا المقصود هنا أن يكون ذلك الإنفاق متسقا مع قدرة الاقتصاد المحلي على الامتصاص مع تحديد الأولويات، خاصة ما يتعلق منها بالتجهيزات الأساسية والموارد البشرية. وقد يقول قائل إن هناك حالات لجهات حكومية لم تتمكن من إنفاق ما هو معتمد لديها, غير أن المعول عليه هو ما يصب في الاقتصاد المحلي, سواء كان مما هو معتمد في الميزانية أو من خارج ما هو معتمد.
أما فيما يتعلق بالسياسة النقدية فواضح أننا أسلمنا قيادنا إلى اقتصاد متجه جنوبا بينما اقتصادنا يتجه نحو الشمال, وإذا كان ربط ريالنا بالدولار الأمريكي قد خدمنا في السنين الماضية, فإننا اليوم نجد صعوبة في اللهاث وراء إجراءات البنك المركزي الأمريكي ومحاولة إدخال البغل في الإبريق, وها هي الكويت قد ربطت عملتها بسلة عملات ـ أهمها الدولار ـ أما قطر والإمارات فقد تكرر منهما التململ ولا بد لنا جميعا أن نتفق على سياسة متجانسة، قد تتمثل برفع تدريجي لأسعار صرف العملات الخليجية تجاه الدولار الأمريكي.
مما سبق يتضح لنا صعوبة الاختيارات أمام صانع القرار, فهناك جوانب إيجابية وجوانب سلبية لأي قرار يتخذ, والمهم أن تطغى الجوانب الإيجابية فمن حق وزير المالية أن يحتاط ليوم قد تنخفض فيه أسعار البترول, وتقل الإيرادات وتقع على المجلس أعباء الموازنة بين الاعتبارات السياسية والاعتبارات الاقتصادية, وفي كل الأحوال فإن الشفافية وبلورة الاختيارات والبدائل ومناقشتها هي في صالح اتخاذ القرار الصحيح.
خلاصة القول إن الإجراءات التي أقرها المجلس هي توجهات مخلصة، وفي الاتجاه الصحيح نحو رفاهية المواطن خاصة إذا تمكنت الجهات المختصة من تجنب العقبات التي شابت تجاربنا في السنين الماضية. ولا ينبغي لنا أن ننظر إلى مجمل هذه الإجراءات بمنظار نسبة غلاء المعيشة فقط. وهي نسبة من الميسور مراجعتها. .. نظرة سريعة ودروس من الماضي



د. سليمان السليم - - - 27/02/1429هـ

كان سليمان العليان ـ يرحمه الله ـ يردد بلهجته العنيزية التي لم تفسدها "أرامكو" ولا التابلاين ولا بيروت ولا نيويورك: "مدَبّر بالدار أحسن من حَدّار" ويعني بذلك أنك إذا وفقت بربة بيت مدبرة فإن ذلك يغنيك عن الانحدار من هضبة نجد إلى الخليج أو الهند أو الشام لزيادة الدخل. وبمعنى آخر أن الأولوية في ميزانية الأسرة هي لضبط جانب المصروفات بدلا من زيادة الإيرادات.
هذا ما سعت إليه قرارات مجلس الوزراء في 20/1/1429هـ وهو تخفيف الأعباء عن الأسرة السعودية في جانب المصروفات. وكانت تلك القرارات محصلة مناقشات ومفاهمات بدأت بالهيئة الاستشارية التي تضم في عضويتها مختصين من اقتصاديين ورجال بنوك ومحاسبين ورجال أعمال درست خلالها مرئيات الوزراء التي أحيلت إليها ثم رفعت تقريرها إلى اللجنة العامة لمجلس الوزراء التي بدورها رفعت توصياتها إلى ذلك المجلس. وفي النهاية صدرت تلك القرارات التي بالتأكيد لا تتطابق مع ما أراده كل وزير ولا مع ما رفعته الهيئة الاستشارية مجتمعة. ولكن هذه طبيعة العمل المؤسسي الذي يقوم على التوفيق بين التوجهات المختلفة.
لسوء الحظ فإن تضمين القرارات علاوة غلاء المعيشة بنسبة 5 في المائة لموظفي الدولة صرف الأنظار عن الأمور الأخرى التي عالجتها القرارات والتي تفوقها أهمية بكثير. وراح الناس, وبالذات موظفو الدولة, يحملقون بالشجرة ونسوا الغابة. وفي الحقيقة لم يكن هناك مفر من ردة الفعل هذه, حيث سلطت الأضواء على مقارنة تلك النسبة بتلك التي قررتها حكومة الإمارات الاتحادية لموظفيها وهي 70 في المائة وذلك رغم اختلاف الظروف ورغم أن الإجراء الإماراتي جاء منفردا وليس جزءا من حزمة إجراءات كما هو الحال في المملكة، كان الأولى أن يفصل موضوع علاوة غلاء المعيشة ويحال لمجلس الخدمة المدنية لدراسته على مهل وإخراجه بالأسلوب المناسب كجزء من حزمة أخرى تعالج أمورا معلقة تخص موظفي الدولة, خاصة أن الرأي العام ممثلا في المناقشات التي كانت تدور في الصحافة المحلية لم يكن مجمعا على ضرورة معالجة التضخم عن طريق زيادة رواتب الحكومة كإجراء منفرد, بل كان هناك توجه يعتبر ذلك الإجراء تضخميا.
وفي الحقيقة لم تكن هذه المرة الأولى التي تأتي بها ردة الفعل لقرارات مجلس الوزراء بصورة غير متوقعة. ففي الثمانينيات من القرن الماضي كان من بين الإجراءات التي أقرتها الحكومة لمعالجة العجز في الميزانية فرض ضريبة دخل على الأجانب إلا أنها اضطرت إلى إلغائها بمرسوم ملكي لأن كثيرا من المرافق خاصة المستشفيات كانت مهددة بالتوقف.
إن مهمة "أجهزة الرصد" في متابعة توجهات الرأي العام وتوقع ردود فعله أصبحت اليوم أسهل بوجود هامش أوسع للتعبير بوسائل الإعلام وتوافر الإنترنت والرسائل النصية والمحطات الفضائية. أصبح من الصعب اليوم تجاهل ما يدور في وسائل الاتصال هذه, بل إن هذه الوسائل من حيث إتاحتها لصانع القرار الاطلاع على توجهات المواطنين نعمة لا نقمة.
كان الملك عبد العزيز ـ يرحمه الله ـ يقول لأهالي مكة: أريدكم أن تكونوا عيونا لي وآذانا للناس. وكان حرصه على "التيل" أو التلجراف أحد الأسباب التي قادته إلى المواجهة مع المتشددين, والتي انتهت بموقعة السبلة.. فإذا كان من سمات الحكم في هذه المملكة الانفتاح والتواصل بين الحاكم والمحكوم فإن وسائل الاتصال هذه تعزيز لهذا التواصل.
موضوع نسبة غلاء المعيشة إذن 1 من 17 إجراء يأتي على رأسها موضوع معالجة الإسكان والضمان الصحي. وهذان يمثلان ثقلا بالغ الأهمية في تكلفة المعيشة للأسرة السعودية.
وسواء فيما يتعلق بتفعيل الهيئة العامة للإسكان أو الإسكان الشعبي أو الرهن العقاري فمن المؤمل الإفادة من تجارب الماضي بالحد من دور الأجهزة البيروقراطية قدر الإمكان. ما زال بيننا من يذكر "هياكل الإسكان" في شارع الجامعة في الرياض التي ظلت منتصبة سنين طويلة ومشروع الإسكان الذي أقيم ثم هدم قرب مقر الحرس الوطني في الرياض, وتلك الصعوبات التي اكتنفت توزيع مشاريع "الإسكان السريع" إلى أن أوى إليها الإخوة الكويتيون أثناء الغزو العراقي.
أما نظام الرهن العقاري فالمؤمل أن يؤسس لعلاقة صحية بين أجهزتنا القضائية والبنكية. فالبنوك تتلهف للقيام بدورها في الإقراض العقاري ولكنها تتطلع إلى الحماية التي يضفيها النظام القضائي, فهي تتعامل بأموال المساهمين والمودعين ومسؤولة أمامهم. هذه البنوك قامت منذ عهد الملك عبد العزيز (بنك الأندوشين والبنك الأهلي) ولكنها لم تمكن حتى الآن من القيام بدورها كاملا لخدمة المواطن في مجال العقار.
وقد تناولت إجراءات المجلس الإعانات لسلع مثل الرز والحليب، فإذا أضفنا السلع المحددة أو المخفضة، كالبنزين والغاز والكهرباء والماء، اتضحت تكلفة هذه الإعانات على ميزانية الدولة.
وهنا أيضا ينبغي أن نتذكر الوجه الآخر لهذه الإعانات فإنها تؤدي إلى الهدر كما حدث عند انتشار تلال الشعير عند الموانئ بعد أن أصبحت تكلفة الطن من الشعير أقل من إعانته بسبب تأخر مجلس الوزراء في تخفيض الإعانة, أما إعانة القمح فالجميع متفق الآن حول دورها في استنزاف ثروتنا المائية وهي تؤدي إلى التهريب إلى الدول المجاورة بسبب اختلاف السعر كما هو حادث حاليا في الدقيق والبنزين, وهي أخيرا إغراء بالتلاعب كما حدث عندما كانت إعانة الإبل والأغنام تدفع على أساس الرأس. فعندما كانت لجان الإعانة تتوجه لإحصاء المواشي لجأ المربون إلى المبالغة في أعدادها حتى أصبحنا ـ لمن يصدق تلك الأعداد ـ منافسين لأستراليا, ولكن عندما كانت تذهب لجان الخرص لتقدير الزكاة على تلك المواشي تقلصت تلك الأعداد بقدرة واحد أحد.
الإعانات بكل بساطة هي تدخل في عوامل السوق وهي كالأسبرين في تخفيف الآلام ولكنه قد يؤدي إلى القرحة والنزيف. ربما لهذه الأسباب لجأت الإمارات أخيرا رغم ارتفاع معدلات التضخم هناك إلى رفع أسعار الكهرباء والماء.
وقد تعرضت الإجراءات التي أقرها المجلس لمنع الاحتكار وتشجيع المنافسة وهذا من أسس الاقتصاد الحر فليس مقبولا مثلا أن تتفق شركات الألبان على رفع السعر في وقت يكلف فيه لتر الحليب الذي تنتجه مئات اللترات من ثروتنا المائية.
وعند الحديث عن الوكالات التجارية ينبغي أن نفرق بين الامتياز الحصري للسلعة والامتياز الحصري للعلامة التجارية, فالموزع الوحيد لعطر "بنت السودان" غير الموزع الوحيد للعطور بأنواعها.
أما ما يتعلق بتشجيع المنافسة فلا بد من التطرق لمناقصات الدولة والتمسك بأنظمتها التي تنص على طرحها وترسيتها على أنسب الأسعار على غرار ما حدث لمشاريع الغاز والاتصالات وما يتوقع أن يحدث في مشاريع السكك الحديدية.
أخيرا, فإن أي حديث عن مكافحة التضخم لا يستقيم دون وضعه في إطار السياسة المالية والسياسة النقدية, وهذا ما لم يتطرق إليه قرار المجلس ولم يشرحه لنا الفريق الاقتصادي. وإذا كان هناك من درس يمكن استخلاصه من تضخم السبعينيات فهو أن التوسع غير المحسوب ومن خارج المعتمد في الميزانية والخطة في الإنفاق الحكومي هو المحرك الرئيسي للتضخم. كان الوزير يأتي إلى المجلس بورقة يطلب فيها اعتماد مئات الملايين لمشاريع في وزارته ويحصل على الموافقة. كان الحماس وحب الخير للمواطن يقودان إلى استعجال النتائج ولكن الثمن كان الضغط على مواد البناء والعمالة والسكن وتضخما يتضاءل أمامه ما نشهده اليوم. وعندما استقدمنا الخبير الألماني شيلر لسماع نصيحته في كبح جماح التضخم كانت تلك النصيحة في مجملها أربع كلمات: الحد من الإنفاق الحكومي. وطبعا المقصود هنا أن يكون ذلك الإنفاق متسقا مع قدرة الاقتصاد المحلي على الامتصاص مع تحديد الأولويات، خاصة ما يتعلق منها بالتجهيزات الأساسية والموارد البشرية. وقد يقول قائل إن هناك حالات لجهات حكومية لم تتمكن من إنفاق ما هو معتمد لديها, غير أن المعول عليه هو ما يصب في الاقتصاد المحلي, سواء كان مما هو معتمد في الميزانية أو من خارج ما هو معتمد.
أما فيما يتعلق بالسياسة النقدية فواضح أننا أسلمنا قيادنا إلى اقتصاد متجه جنوبا بينما اقتصادنا يتجه نحو الشمال, وإذا كان ربط ريالنا بالدولار الأمريكي قد خدمنا في السنين الماضية, فإننا اليوم نجد صعوبة في اللهاث وراء إجراءات البنك المركزي الأمريكي ومحاولة إدخال البغل في الإبريق, وها هي الكويت قد ربطت عملتها بسلة عملات ـ أهمها الدولار ـ أما قطر والإمارات فقد تكرر منهما التململ ولا بد لنا جميعا أن نتفق على سياسة متجانسة، قد تتمثل برفع تدريجي لأسعار صرف العملات الخليجية تجاه الدولار الأمريكي.
مما سبق يتضح لنا صعوبة الاختيارات أمام صانع القرار, فهناك جوانب إيجابية وجوانب سلبية لأي قرار يتخذ, والمهم أن تطغى الجوانب الإيجابية فمن حق وزير المالية أن يحتاط ليوم قد تنخفض فيه أسعار البترول, وتقل الإيرادات وتقع على المجلس أعباء الموازنة بين الاعتبارات السياسية والاعتبارات الاقتصادية, وفي كل الأحوال فإن الشفافية وبلورة الاختيارات والبدائل ومناقشتها هي في صالح اتخاذ القرار الصحيح.
خلاصة القول إن الإجراءات التي أقرها المجلس هي توجهات مخلصة، وفي الاتجاه الصحيح نحو رفاهية المواطن خاصة إذا تمكنت الجهات المختصة من تجنب العقبات التي شابت تجاربنا في السنين الماضية. ولا ينبغي لنا أن ننظر إلى مجمل هذه الإجراءات بمنظار نسبة غلاء المعيشة فقط. وهي نسبة من الميسور مراجعتها.




بعد قراءة هذا المقال بروية و تمعن طرأ على بالي سؤال واحد ...

كاتب المقال في أي كوكب يعيش؟؟

بس الردود إللي في الموقع تبرد القلب شوية:

abuhisham غير متواجد حالياً  
قديم 19-03-2008, 07:21 PM   #2
تمساح وردي
مقاطع

 
رقـم العضويــة: 3717
تاريخ التسجيل: Aug 2007
المشـــاركـات: 58

افتراضي

الدولار يغرق وتغرق معاة امريكا انشا الله
ونحن متشبثين بة
والسبب خفي
ونخفض الفائدة عشان السيد ولار
تمساح وردي غير متواجد حالياً  
قديم 19-03-2008, 08:34 PM   #3
متابع معكم
مقاطع

 
رقـم العضويــة: 7695
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشـــاركـات: 63

افتراضي

لازم فيه اسباب اقتصادية لانعرفها وماعتقد الحكومة مرتبطة عبث
متابع معكم غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:36 PM.