تحذيرات من موجة برد أشد «قسوة».. وتوقعات بهطول أمطار الأسبوع المقبل
باحث فلكي يقارن بين الأجواء الباردة الحالية وما حدث في 1964
صهريج مياه وقد تجمد ماؤه وهو في الساعة 12 ظهرا حيث لم يستطع صاحبه سقاية أغنامه أو الاستفادة منه لأغراض أخرى
الرياض: تركي الصهيل وخالد العويجان
تنفس السعوديون الصعداء يوم أمس (الخميس)، عقب تحذيرات من تساقط صقيع وثلوج لم يعتادوا عليها خلال مراحل حياتهم السابقة، حيث تفاجأوا ابتداءً من صباح أمس بأجواء مُشمسة، استطاعوا من خلالها إلى ارتياد الأماكن الخارجية الصحراوية، التي اعتادوا أن يرتادوها قُبيل موجات البرد التي اجتاحت بلادهم خلال الأسبوعين الماضيين. ولم يأبه الكثير من مُحبي الرحلات الخارجية من تحذيرات بعض خُبراء الطقس، الذين أكدوا خلال الأيام القليلة الماضية احتمال سقوط ثلوج على العاصمة السعودية الرياض، الأمر الذي أحدث ربكةً في أوساط السعوديين، عقب تعرض عدد من المدن شمال السعودية لسقوط الثلوج، وتدنت فيها درجات البرودة إلى ما دون الرابعة تحت الصفر، في موجات لم تشهدها المدن الشمالية السعودية منذ عشرات السنين.
أهالي العاصمة السعودية الرياض، لوحظوا ابتداءً من صباح أمس، في المناطق الصحراوية القريبة من منطقتهم، وذلك نظراً للدفء الملموس، الذي طرأ على أجوائهم من ساعات الصباح الباكر يوم أمس، وعلى عكس ما أطلقته الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة التي حذرت من موجات البرد القارس، التي تجتاح البلاد، خصوصاً في ساعات الليل المتأخرة، حيث أكدت تدني مستويات درجات البرودة في العاصمة الرياض إلى ما دون الصفر المئوي، خلال ساعات الليل، حيث قالت الرئاسة إنه سيطرأ ارتفاع طفيف في درجات الحرارة على معظم مناطق المملكة، في ظل سماء غائمة جزئياً.
وأبلغ «الشرق الأوسط» حسين القحطاني الناطق الإعلامي باسم مصلحة الأرصاد، أن درجات الحرارة ستشهد ارتفاعا في مناطق سعودية، مع منتصف الأسبوع المقبل، حيث قال إن هذا الارتفاع سيكون ملحوظا بالنسبة لقاطني مناطق البلاد.
من جهته، أعاد جبر الدوسري، الباحث الفلكي السعودي، الارتفاع الذي سيطرأ على درجات الحرارة، لتغيير اتجاه الرياح التي تهب على بلاده، حيث ستتحول إلى رياح شرقية جنوبية. ووفقا لما ذكر الدوسري، فإن تغير اتجاه الرياح سيكون محمولا بتوقعات هطول أمطار على منطقتي الرياض والشرقية. حيث ذكر أن حظوظ هطول الأمطار على تلك المنطقتين ستكون «مرتفعة» بدءا من يوم غد (السبت).
وحذر الباحث الفلكي السعودي من موجة برد قارسة ستشهدها بلاده بعد 12 يوما، ستكون أقسى من الأيام الباردة التي تعيشها السعودية هذا الوقت.
وذكرت مصلحة الأرصاد وحماية البيئة، على لسان الناطق الإعلامي باسمها، أن أقل درجة سجلت في السعودية كانت في منطقة القريات التي واصل فيها مسلسل انخفاض الحرارة حتى 9 درجات مئوية تحت الصفر، فيما سجلت بريدة انخفاضا تاريخيا بانخفاض الحرارة فيها إلى ما دون الـ7 درجات تحت الصفر.
وعاشت العاصمة السعودية الأيام الماضية أجواء شاتية، وصلت فيها درجات الحرارة لدرجتين تحت الصفر، فيما يتوقع أن تبدأ درجات الحرارة بالارتفاع مع منتصف الأسبوع المقبل، فيما تشير التوقعات إلى أن الارتفاع في درجة الحرارة بالمناطق الشمالية سيلامس حاجز الـ (0) مئوية، وهو ما اعتبره حسين القحطاني ارتفاعا سيلحظه أهالي تلك المناطق دون غيرهم. ورفضت مصلحة الأرصاد وحماية البيئة اعتبار درجات الحرارة المنخفضة التي شهدتها كافة أرجاء البلاد والتي تعد انعكاسا لتأثيرات الموجة الباردة القادمة من سيبيريا، «انخفاضات قياسية» مقارنة بما شهدته السعودية من درجات حرارة منخفضة قبل 30 عام تقريبا.
وقال حسين القحطاني «من الممكن أن تكون بعض المناطق قد سجلت درجات منخفضة لم تسجلها منذ 15 عاما، ولكنها في مجملها ليست قياسية».
لكن الباحث الفلكي جبر الدوسري، قارن بين الأجواء الباردة التي تعيشها بلاده الآن، بتلك التي عاشتها في العام 1964، في ناحية تجمد المياه في الخزانات. وقال إن البرد الذي تعيشه السعودية الآن، «لم يحدث إلا في السنوات التي كان فيها أجدادنا على قيد الحياة».
غير أنه أقر بأن موجة البرد القارصة التي تشهدها البلاد هذه الأيام، أهدأ من تلك التي عاشتها قبل 44 عاما، وخصوصا في الفترة المحصورة من أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) 1963 حتى فبراير (شباط) 1964. وتعتمد مصلحة الأرصاد وحماية البيئة في رصدها لدرجات الحرارة على قرابة الـ40 مرصدا جويا (آهل والكتروني)، تقدم نشرات كل ساعة، كما أن لديها برنامجا للتواصل مع كافة الأجهزة الحكومية المختلفة، تستخدم فيه ألوان لعكس حالة الأجواء، كالأحمر الذي تستخدمه للحالة الجوية الخطرة، والبرتقالي المستخدم للتنبيه من وجود خطر قادم، والأخضر الذي يعكس الحالة الجوية الطبيعية.
وفي خضم الأجواء الباردة التي تعيشها البلاد هذه الأيام، تنشط جمعيات خيرية لتقديم المعونات للمناطق الأكثر تضررا، داعمة بذلك المجهودات الحكومية التي تقدم في الإطار نفسه.
وسعت مؤسسة الملك خالد الخيرية، التي زحفت بمعوناتها تجاه المناطق الشمالية من البلاد، باعتبارها الأكثر تضررا من درجات الحرارة المنخفضة، إلى تطبيق برنامج وزع من خلاله 113 ألف كسوة شتاء على المواطنين الأكثر احتياجا في منطقتي الحدود الشمالية والجوف.
وقال لـ«الشرق الأوسط» رياض العبد الكريم نائب المدير العام للشؤون التنفيذية في مؤسسة الملك خالد الخيرية، إن لدى المؤسسة خطة لتوزيع كسوة الشتاء في كل من منطقتي تبوك وحائل، في الوقت الذي رصدت فيه المؤسسة من خلال برنامج «دفء» بالتعاون مع ممثلي الجمعيات الخيرية وإدارة التربية والتعليم في الحدود الشمالية أكثر من 1520 طالبا، يعدون الأكثر احتياجا، حيث تم توزيع الفراء عليهم، لمواجهة قسوة البرد في تلك المناطق.
http://www.asharqalawsat.com/details...article=454508