السعوديون أمام تحديات التضخم وويلات تسعير التجار مع بداية السنة الجديدة
GMT 9:30:00 2008 السبت 5 يناير
خالد العبود
دعوة إلى تبني الدولة إعانات للأسر
السعوديون أمام تحديات التضخم وويلات تسعير التجار مع بداية السنة الجديدة
خالد العبود من الرياض
يواجه السعوديون أيامًا جديدة في مواجهة الغلاء وتزايد الأسعار اليومي للسلع، وهو ما يعني تآكلاً جديدًا للأجور التي باتت لا تكاد تفي ببعض المتطلبات الضرورية للأسرة، في الوقت الذي تتزايد فيه أصوات الموظفين المطالبين بإحقاق حلمَا تحول في لحظات لاحقة إلى إشاعة تتمثل في زيادة الرواتب.
وكان آخر ما تم رفعه من الأسعار من نصيب منتجي الألبان الذين رفعوا أسعار مشتقات الحليب قليلاً ( في حدود 20 في المئة) وهو ما جعل وزارة التجارة تتحرك في خطوة لم يتوقع منها المراقبون الكثير، خصوصًا بعد فشلها في إيجاد الحلول لعدد من المشاكل إلا أن الدعوة التي أطلقها الوزير الدكتور هاشم يماني لمنتجي الألبان اليوم استمدت قوتها في هذه المرة من نص المادة الرابعة من المرسوم الملكي الخاص بنظام المنافسة التي تستهدف منع الممارسات الاحتكارية والاتفاق الجماعي لرفع الأسعار ضمن النص "تحظر الممارسات أو الاتفاقيات أو العقود بين المنشآت المنافسة أو تلك التي من المحتمل أن تكون متنافسة، سواء أكانت العقود مكتوبة أو شفهية، وصريحة كانت أم ضمنية، إذا كان الهدف من هذه الممارسات أو الاتفاقيات أو العقود أو الأثر المترتب عليها تقييد التجارة أو الإخلال بالمنافسة بين المنشآت. كذلك يحظر على المنشأة أو المنشآت التي تتمتع بوضع مهيمن، أي ممارسة تحد من المنافسة بين المنشآت، وفقًا للشروط والضوابط المبينة في اللائحة، وبالأخص في ما يتعلق بالتحكم في أسعار السلع والخدمات المعدة للبيع بالزيادة أو الخفض، أو التثبيت، أو بأي صورة أخرى تضر المنافسة المشروعة" وهو ما علق عليه الإعلامي الاقتصادي جمال المعيقل بأنه دليل واضح على قناعة وزارة التجارة على أن مستويات التضخم باتت في طريقها للتفاقم، مطالبًا بتحرك حكومي ملموس لمنع تزايد معدلاته بما لا يتنافى مع مبدأ الاقتصاد الحر إما عن طريق كبح جماح السيولة أو عن طريق رفع السقف للجهات الرقابية في هذا الجانب لذا كان من الطبيعي أن تتخذ وزارة التجارة هذا القرار وهو قرار أعتبره خطوة تأخرت كثيرًا قد تسهم في وضع حد للتلاعب في الأسعار .
ومن الجهة الثانية، فإن تجاوز أسعار النفط 100 دولار فتحت أفاق جديدة لتغذية الميزانية المقبلة كون المملكة أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، وهو ما يراه الأكاديمي والخبير الاقتصادي عبدالله بن ربيعان في حديثه إلى إيــلاف قد يرفع في مقابل ذلك فاتورة الاستيراد أمام الدول المنتجة في حال استمرار الأسعار المتصاعدة للنفط، وهو ما أكده خبراء عديدين عبر وكالات الأنباء أمس الأول متوقعين أن تصل أسعار النفط وفق العوامل الحالية إلى 200 دولار.
وزارة التجارة والصناعة أصدرت اليوم تقريرها السنوي حول أسعار المواد التموينية وأرجعت كعادتها أسباب ارتفاع السلع الأساسية ومن أهمها الأرز إلى ارتفاع فواتير استيراده وارتفاع الطلب العالمي خصوصًا في إيران والعراق ودول الاتحاد الأوروبي مع انخفاض إنتاج المحصول هذه السنة والعوامل المناخية وزيادة الضرائب وتغيير النمط الزراعي في البلدان المنتجة والتي رفعت بالتوازي أسعار الشعير 89 في المئة ما انعكس على أسعار المواشي اللاحمة خلال الفترة الماضية بعد قرار اللجنة الوزارية للتموين فتح السعر بعد أن كان محددًا لتمكين المستوردين من استيراد كميات تفي بحاجة الطلب المتزايد على الشعير.
الوزارة أرجعت أيضًا في تقريرها أسباب أسعار الحديد إلى الارتفاع الكبير في الأسعار في نهاية العام نتيجةً لزيادة تكلفة استيراد المواد الخام وزيادة تكاليف شحنها، إلا أنها حاولت إيضاح وجهًا مشرقًا لصناعة المقاولات وسوق البناء مع دخول 3 شركات جديدة للأسمنت إلى مراحل الإنتاج خلال العام الجديد وهو ما تعتبره سيفي بالطلب ويخفض الأسعار خلال العام 1429.
التقرير الوزاري الذي لم ينسَ أن يعكس جهود الوزارة من خلال اجتماعات الوزير خلال العام الماضي والتي يراها كثيرون دون جدوى كونها لم تستطيع إيجاد مبررات وحلول تضمن ثبات سعري للسلع الأساسية، مستندين إلى توقعات التقرير نفسه باستمرار ارتفاع أسعار عدد من السلع الغذائية والتموينية خلال عام 1429هـ بنسب تتراوح بين ( 20 إلى 30 بالمائة )، ذهب إلى أن من بين أهم الأسباب الرئيسية للارتفاع تدني مستويات سعر الدولار الأميركي الذي تستند إليه العملة المحلية بالإضافة إلى ارتفاع أسعار العملات الأخرى.
من جانبه حذر الخبير الاقتصادي عبدالرحمن الزومان في حديثه لـ إيــلاف من بدء تكون الطبقية وتآكل الطبقة المتوسطة بين أفراد الشعب السعودي، مؤكدًا أن أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي تتمثل في التضخم في ظل التزايد المتوقع لتكاليف الاستيراد مع زيادة أسعار النفط ومع تخاذل وزارة التجارة والصناعة عن أداء أدوارها المناط بها، متوقعًا أن تتجاوز معدلات الأسعار خلال العام المقبل تلك التي اشارت إليها وزارة التجارة في تقريرها، داعياً مجلس الشورى إلى دراسة مقترحات لصرف إعانات لكل رب أسرة، إضافة إلى زيادة السلع المدعومة من قبل الحكومة السعودية، وتبني وزارة التجارة والصناعة إنشاء الجمعيات التعاونية بما يضمن أسعار أقل لمواطنين.