موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-01-2008, 02:50 PM   #1
مقاطعهم&حارقهم
مشرف
 
الصورة الرمزية مقاطعهم&حارقهم
 
رقـم العضويــة: 5800
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشـــاركـات: 5,647

Exclamation وانقضى عام من عمرك !!!!!!

قبل ايام قلائل انتهى العام الميلادي وبعد ايام قلائل سينتهي العام الهجري. وسيطوى سجله ويختم عمله. وها أنت على باب عامٍ جديد، الله أعلم بحالك فيه، فهنيئًا لمن أحسن فيما مضى، واستقام، وويلٌ لمن أساء وارتكب الإجرام.

مع كل اقتراب جديد تنمو آمالٌ وتزدهر طموحات، ومع كل موسمٍ يفتح ذراعيه إليك، تفتح أنت صفحة جديدة في حياتك فإما أن تزرعَ فيها أزهارًا ورياحين وطيورًا مغردة، وإما أن تحشوها بالإخفاقات والفشل.

يقول ابن القيم- رحمه الله-: السنة شجرة، والشهور فروعها، والأيام أغصانها، والساعات أوراقها، والأنفاس ثمرها، فمن كانت أنفاسه في طاعة فثمرة شجرته طيبة، ومن كانت في معصية فثمرته حنظل، وإنما يكون الحصاد يوم المعاد، فعند الحصاد يتبين حلو الثمار من مرها.

ومع ذلك فإن تجدد الحياة ينبع قبل كل شيء من داخل النفس، والمقبل على الدنيا بعزيمة وصبر، لا تخضعه الظروف المحيطة به مهما ساءت ولا تصرفه وفق هواها، بل هو يستفيد منها، ويحتفظ بخصائصه أمامها.

ونحذرك أن كل تأخير لإنفاذ منهج تجدّد به حياتك، وتصلح به أعمالك لا يعني إلا إطالة فترة الكآبة التي تبغي الخلاص منها، وبقاؤك مهزوماً أمام نوازع الهوى والتفريط، فاعزم أمرك واستعن بالله، وابدأ بداية جديدة.

فما أجمل أن يعيد الإنسان تنظيم نفسه بين الحين والحين، وأن يرسل نظرات ناقدة في جوانبها ليتعرف عيوبها وآفاتها، وأن يرسم السياسات القصيرة المدى والطويلة المدى ليتخلص من هذه الهنات التي تزري به.

ألا تستحق نفسك أن تتعهد شئونها بين الحين والحين لترى ما عراها من اضطراب فتزيله، وما لحقها من إثم فتنفيه عنها، مثلما تنفى القمامة عن الساحات الطهور؟!

ألا تستحق النفس بعد كل مرحلة تقطعها من الحياة أن نعيد النظر فيما أصابها من غُنم أو غرم؟، وأن نرجع إليها توازنها واعتدالها كلما رجَّتها الأزمات وهزها العراك الدائب على ظهر الأرض في الدنيا المائجة؟.

إن الإنسان أحوج الخلائق إلى التنقيب في أرجاء نفسه وتعهد حياته على الخاصة والعامة بما يصونها من العلل والتفكك ومن ثم نرى ضرورة العمل الدائم لتنظيم النفس وإحكام الرقابة عليها، والله عز وجل يهيب بالبشر- قبيل كل صباح- أن يجددوا حياتهم مع كل نهار مقبل.

فبعد أن يستريح الأنام من عناء الأمس الذاهب وعندما يتحركون في فرشهم ليواجهوا مع تحرك الفلك يومهم الجديد. في هذه الآونة الفاصلة تستطيع أن تسال:

كم تعثر العالَم في سيره؟
كم مال مع الأثرة؟
كم اقترف من دنية؟
كم أضلته حيرته فبات محتاجا إلى المحبة والحنان؟
في هذه اللحظة يستطيع كل امرئ أن يجدد حياته وأن يعيد بناء نفسه من جديد على أشعة من الأمل والتوفيق واليقظة، إنها لحظة إدبار الليل وإقبال النهار، وعلى أطلال الماضي القريب أو البعيد يمكنك أن تنهض لتبني مستقبلك.

ولا تثقلنك كثرة الخطايا فلو كانت ركاما أسود كزبد البحر ما بالى الله عز وجل بالعفو عليها إن أنت اتجهت إليه قصدا وانطلقت إليه ركضا.

إن فرحته بعودتك إليه فوق كل وصف، ألا يبهرك هذا الترحاب الغامر؟!، أترى سرورا يعدل هذه البهجة الخالصة؟!

وطبيعي أن تكون هذه التوبة نقلة كاملة من حياة إلى حياة، وفاصلا قائما بين عهدين متمايزين كما يفصل بين الظلام و الضياء. فليست هذه العودة زورة خاطفة يرتد المرء بعدها إلى ما ألف من فوضى وإسفاف. وليست محاولة فاشلة ينقصها صدق العزم وقوة التحمل وطول الجلد.

إن هذه العودة الظافرة التي يفرح الله بها هي انتصار الإنسان على أسباب الضعف والخمول، وسحقه لجراثيم الوضاعة والمعصية، وانطلاقه من قيود الهوى والجحود ثم استقراره في مرحلة أخرى من الإيمان والإحسان والنضج والاهتداء. هذه هي العودة التي يقول الله تعالى في صاحبها "واني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى".

إنها حياة تجددت بعد بلى، ونقلة حاسمة غيرت معالم النفس كما تتغير الأرض الموات بعد مقادير هائلة من المياه والمخصبات. إن تجديد الحياة لا يعني إدخال بعض الأعمال الصالحة أو النيات الحسنة وسط جملة ضخمة من العادات الذميمة والأخلاق السيئة فهذا الخلط لا ينشئ به المرء مستقبلاً حميداً ولا مسلكاً مجيداً.

بل إنه لا يدل على كمال أو قبول فان القلوب المتحجرة قد ترشح بالخير، والأصابع الكزة قد تتحرك بالعطاء. والله عز وجل يصف بعض المطرودين من ساحته فيقول: (أفرأيت الذي تولى* وأعطى قليلا وأكدى)، فالأشرار قد تمر بضمائرهم فترات صحو قليل ثم تعود بعد ذلك إلى سباتها. ولا يسمى ذلك اهتداء، إن الاهتداء هو الطور الأخير للتوبة النصوح.

إن البعد عن الله لن يثمر إلا علقماً ومواهب الذكاء والقوة والجمال والمعرفة تتحول كلها إلى نقم ومصائب عندما تعرى عن توفيق الله وتحرم من بركته.

قد آن الأوان لأن يلتفت المرء إلى كوامنه، ويشمر ساعد الجد.. يلملم أوراقه التي بعثرتها يد المعاصي، ويزيل عن قلبه الركامات التي أثقلته، وعطلته عن السير إلى مولاه.

ليتنا نمعن النظر.. ونعمق التفكر... نسعى إلى إصلاح ظاهرنا، وننسى أننا بقلوبنا لا بأجسادنا نحاسب.. كم من سيئة بدأت تتأصل وتنشر جذورها في القلب ونحن لا ندري، وكم من حسنة تنتظر من يمدها بماء الطاعة لتورق وتثمر ونحن في قصور.

فليس أجمل من الحديث عن التجديد للعهد مع الله، من أجل أن نشد من عزم الحادي.. إلى جنات النعيم.

وعلى طريق تجديد الحياة إشارات وهي:

1- اربأ بنفسك: يقول الشاعر:

عليك نفسك فتش عن معايبها وخل عن عثرات الناس للناس

نعم انشغل بنفسك، واترك الناس لرب الناس، وارقَ بعقلك وحكمتك، فتفكر في مستقبلك ويومك وأمسك. هل أعددت شخصك لغدك؟، هل فيما لا يفيد تضيع وقتك؟، هل مازلت متخاذلا بسبب ما في يوم ما قد حصل لك؟

إذاً.. اربأ بنفسك الآن، واصحَ من نومتك، فالوقت لن يتوقف حتى تنتهي غفوتك، والعمر يجري وأنت لا تدري، فاجعل من نفسك الآن من يقيل عثرتك، وكمِّل نقائصك، وادعم مميزاتك وخصائصك.

2- اسأل نفسك: ما هو هدفي في هذه الحياة؟ وضع نصب عينيك هدفا عاليا تطمح إليه، واسعَ في سبيله، وابذل الغالي والنفيس للوصول إليه، وما ألذ لحظات النجاح، على النفس تنسكب، و بها الروح ترتوي، وكأنها ماء قراح.

3- فلتحيى يومك: ماذا عملت اليوم؟، هل أنت ممن كان خاملا واستراح؟، أم تركت الحبل على الغارب ولم تأبه بما جاء وما راح؟، وقضيت وقتك لاهيا ساهيا؟، لم تعرف للوقت قيمة، ولم تعِ ما قيل في الحكمة القديمة. الوقت كالذهب إن لم تدركه ذهب، فأدرك اللحظة قبل الدقيقة، والدقيقة قبل الساعة، واجعل يومك مليئاً بالخير والعمل الصالح النافع المفيد.

4- لا تجتر مرارة الماضي: فالأمس جميل. جميل بكل هفواته وزلاته، ومواقفه وحكاياته، لماذا؟، لأننا نجد فيه العبرة، ونكتسب من خلاله الخبرة، فالحياة تجارب، ونحن نجرب فنتعلم، وبتجاربنا نتقدم، فتقدم فيها وكأنك محارب، وفي عينيك يبرق نور النصر قوياً، طموحاً، متفائلاً وبنظرتك ثاقب. وليست العبرة بنقص البدايات ولكن العبرة بكمال النهايات. لا داعي لأن تظل تجربة بائسة عالقة في أذهاننا إلى الأبد. علينا أن نستخلص منها المفيد، ونتقي ما كان سببًا في الوقوع في شراكها لأنه لن يتضرر ولن يستفيد غيرنا أحد.

5- لا تنس الزاد: نَمِّ شخصيتك بأركانها الأربعة: الروح بالعبادة والاستقامة، والنفس بالتزكية والتهذيب، والعقل بالتفكر والتأمل، والجسم بالرياضة والتدريب.

6- كن صلدا: لا تحطمك أمور تافهة، واجعل من كل عقبة حجراً تصعد به درجة إلى المعالي الوارفة.

7- غذِّ عقلك وقلبك: بالقراءة والاطلاع، واملأ عقلك لئلا يدخله ما ساء وما سلب، وبذكر الله أشغل قلبك لئلا يصبح كالبيت الخرب.

8- أتقنِ السحر الحلال: أرسل ابتسامتك من داخلك، وكن بشوشا لكل من قابلك، فالابتسامة سر السعادة، فلا تحرم نفسك، فالخير لك.

9- احرص على الجوهر: اهتم بآخرتك تنصلح لك دنياك، واهتم بمخبرك يصلح لك مظهرك، وامسك عليك لسانك فهو شر بلاياك، وأطلقه فيما ينفعك عاجله وآجله يسرك.

10- كن طموحاً: لتحصل على الأفضل فكر فقط في الأفضل، وابذل الغالي والنفيس وعلى نفسك لا تبخل، ولا يكفي لذلك رغبة فقط بل عزيمة واستعداد، فبكل ما في وسعك ابدأ الآن ولا تؤجل.

11- اقتد بحاتم: عوِّد نفسك البذل، فهو طريق ستر العيوب، وحاذر أبواب البخل، وببذر حلو الكلام كن دءوباً.

12- اختر طريقك: إذا كنت في طريق فلاح، فالله سيجزيك، والله سيعطيك، والله سيرضيك بفوز ونجاح. وما أجمل أن نبدأ البداية الجديدة.

ونحن نهمس في أذنك ونقول لك:

ابتسم للحياة.

استنشق عبير العز.

تحرر من أسر الكآبة والسآمة.

توشح وشاح العزم.

اسمُ بنفسك في المعالي.

عــش يومك.

نعم عش يومك ولا تجعل التفكير في الماضي إلا محفزاً لك في الاستزادة من الخير، وذلك بأن تعلم أن التوبة تجبّ ما قبلها، وأن الله يبدّل سيئات التائبين المؤمنين المصلحين حسنات.

فانزع عنك أردية الكسل، ومزِّق أسمال الإحباط، وانهض من غفوتك، وانهض مبكرا لتستمتع بشروق الشمس وزقزقة العصافير، وكن في انتظار اليوم، ولا يكن اليوم في انتظارك، وانطلق بروح جديدة، روح التفاؤل والتحدي.

واعلم أن مدار الأمر كله ينصب في خشية الله، وأن النجاح والتوفيق بيد الله، فبادر بدعاء الله بأن يوفقك في هذه الفرصة، ويزيدك تقى وهدىً ونجاحاً وإنجازاً، والحقْ بسفينة النجاة، وكن نجما في سماء التائبين المنيبين المخبتين.

وختاما

نسأل الله تعالى أن يوفقك لما يحب ويرضى، وأن يفقهك في دينك، وأن يعينك على طاعته، وأن يصرف عنك معصيته، وان يرزقك رضاه و الجنة، وأن يعيذك من سخطه والنار، وأن يهدينا وإياك إلى الخير، وأن يصرف عنا وعنك شياطين الإنس والجن إنه سبحانه خير مأمول.

___________________________



واذا غلا شيء علي تركته *** فيكون ارخص ما يكون اذا غلا




للتواصل مع إدارة المقاطعة راسلنا على الإيميل:


مقاطعهم&حارقهم غير متواجد حالياً  
قديم 04-01-2008, 02:59 PM   #2
جباية المستهلك
كاتب مميز

 
رقـم العضويــة: 1866
تاريخ التسجيل: Aug 2007
مــكان الإقامـة: حاليا على الارض
المشـــاركـات: 2,026

افتراضي

فعلا لابد من وقفات من الذات ومحاسبته واعادة ترتيب اوراقك من جديد

تحياتي لك وشكرا على الموضوع الجميل

___________________________



"لا للإسراف في رمضان"

جباية المستهلك غير متواجد حالياً  
قديم 04-01-2008, 03:06 PM   #3
جمرة غضا
التميمية
المراقب العام
 
الصورة الرمزية جمرة غضا
 
رقـم العضويــة: 715
تاريخ التسجيل: Aug 2007
مــكان الإقامـة: محفر تمر سكري
المشـــاركـات: 40,561
Twitter

افتراضي

نحاسب انفسنا قبل ان نحاسب
شكرا مقاطعهم

___________________________

التميمية تويتر


للتواصل مع ادارة المقاطعة


جمرة غضا غير متواجد حالياً  
قديم 04-01-2008, 03:19 PM   #4
مقاطعهم&حارقهم
مشرف
 
الصورة الرمزية مقاطعهم&حارقهم
 
رقـم العضويــة: 5800
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشـــاركـات: 5,647

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جباية المستهلك مشاهدة المشاركة
فعلا لابد من وقفات من الذات ومحاسبته واعادة ترتيب اوراقك من جديد

تحياتي لك وشكرا على الموضوع الجميل
العفو اخي جباية

اشكرك على مرورك
مقاطعهم&حارقهم غير متواجد حالياً  
قديم 04-01-2008, 03:20 PM   #5
مقاطعهم&حارقهم
مشرف
 
الصورة الرمزية مقاطعهم&حارقهم
 
رقـم العضويــة: 5800
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشـــاركـات: 5,647

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مقاطعتهم&حارقتهم مشاهدة المشاركة
نحاسب انفسنا قبل ان نحاسب
شكرا مقاطعهم
فعلا اختي مقاطعتهم

تشرفت بمرورك الكريم
مقاطعهم&حارقهم غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:09 PM.