الواسطة والرشاوى واستغلال النفوذ أبرز صوره
قاروب: خسائر السعودية نتيجة الفساد تقدر بنحو 3 تريليونات ريال
الدكتور ماجد قاروب
الدكتور عمري الخولي
الرياض: خالد الغربي
رحب اقتصاديون وقانونيون بإنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد لمتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية ورصد نتائجها وتقويمها ومراقبتها ووضع برامج وآليات تطبيقها رغم إقراره الذي أتى متأخرا.
وقالوا إن انتشار بعض صور الفساد الإداري في السعودية جعلها في مراتب متراجعة والتي حددتها منظمة الشفافية العالمية قبل أكثر من شهر, حيث أتت السعودية في المرتبة 78 من أصل 160 دولة في العالم, مشيرين إلى أن الخسائر تعادل الأموال السعودية المهاجرة التي تقدر بنحو 3 تريليونات ريال.
وأكدوا لـ" الوطن" أن للفساد الإداري صوراً عديدة لا يمكن حصرها في قالب واحد, إلا أن أبرزها الواسطة, والرشاوى, وسرقة المال العام من ميزانية القطاع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
وقال أستاذ الاقتصاد في معهد الدراسات الدبلوماسية في وزارة الخارجية الدكتور محمد القحطاني، إن قرار إنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد هي خطوة أولى باعتراف وجود فساد إداري. ومحاولة لمكافحته .
وتساءل القحطاني عن النشاطات الحكومية الممولة من الدولة والمتراجعة كالصحة والتعليم وانتشار ظاهرة الفقر, مبينا أن كل هذه القضايا تدل أن كل الأموال التي تصرفها الدولة لا تذهب في الوجه الصحيح من المسؤولين في إدارة الجهات الحكومية.
وأوضح أنه لا بد من مساءلة المسؤولين بغض النظر عن مناصبهم, مبينا أن انتشار قضية الفساد الإداري تحاط بالسرية التامة, لأن هناك اعتقاداً من الأشخاص المسؤولين بأنهم لن يحاسبوا إذا اكتشف أمرهم وأنه لن يعرضوا للمساءلة وبالتالي تتفاقم القضية باستمرار.
وبين القحطاني أن التصنيف الأخير من قبل منظمة الشفافية العالمية وضع السعودية في موقع متأخر وأتت في المرتبة 78 من أصل 160 دولة.
وأشار القحطاني إلى أن تعريف الفساد الإداري والمالي هو استغلال الموقع الحكومي لأغراض شخصية, مشيرا إلى أن صورها واضحة كالرشوة، إلا أن القحطاني أكد أن القضية الكبرى تتعلق ببعض المخالفات في العقود الحكومية, بالإضافة إلى السطو على المال العام بشكل واضح أو حتى الأراضي العامة.
ولفت القحطاني إلى أن للفساد الإداري تصنيفات عديدة من ضمنها , فساد مالي مع سرقة من المال العام.
وذكر القحطاني أن العادة في الشؤون المالية للأنظمة المالية ليست دقيقة بالشكل الصحيح حتى لو تم التدقيق في القوائم المالية لبعض الوازرات تجد أنه كتب بشكل معين لكن في الأصل المال ذهب إلى وجه آخر, بالإضافة إلى قضية المشتريات الحكومية والمبالغ فيها في الدوائر الحكومية, متسائلا لماذا يرتفع سعر المشتريات الحكومية خمسة أضعاف عن سعرها العادي وهي تعتبر هذه القضية خطيرة وهي منتشرة انتشارا واسعا.
وحول علاقة رواتب الموظف البسيط بالفساد, أجاب القحطاني قائلا: قد يكون سبب الفساد الإداري الأساسي تدني الرواتب, لكن الوضع الأخطر عندما يكون من شخص في موقع يعتبر حساسا في القطاع, كموظفي الجمارك وحرس الحدود فهم معرضون للرشوة بسبب الرواتب المتدنية.
وأضاف القحطاني: بخصوص انعدام الرقابة في المؤسسات الحكومية, فإن هذه الإشكالية, تأتي بسبب ضعف جهاز التفتيش، لأنه أحيانا يكون مسؤول التفتيش في أغلب القطاعات الحكومية هو نفسه المسؤول عن الشؤون الإدارية والمالية, أو تربطه علاقة مع الشخص المسؤول في الشؤون الإدارية والمالية.
وأوضح القحطاني أن هناك ضعفا في ديوان المراقبة العامة, لأن مشكلة الديوان عدم استطاعته القيام بأعبائه على الوجه المطلوب, ومن المفترض أن يطلع مجلس الشورى بقضية المحاسبة والتحقيق في هذه القضايا بعد أن يجد أشياء غير دقيقة أو فيها خلل على الأقل.
ولفت القحطاني إلى وجود رجال ِأعمال مسؤولين في القطاع الحكومي لديهم مصانع, وبدورهم يحاولون منع إعطاء تصريح لمستثمرين حتى لا يدخلون في منافسة لاستثماراتهم.
وأكد أن أسباب الفساد هي ضعف الرقابة, واحتكار بعض الأجهزة الحكومية لمنح التراخيص, وكلما كانت الأجهزة الحكومية محتكرة كلما كان هناك مجال للفساد, مبينا أن هناك إمكانية للحد من الفساد الإداري وهي حرية الصحافة من خلال كشف الأشخاص الفاسدين لأن الفساد يجد مناخه في ظل السرية.
وأوضح أن الوساطة هي نوع من أنواع الفساد الإداري المنتشر في السعودية, باعتبارها فسادا معنويا.
من جهته أكد رئيس لجنة المحامين في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض الدكتور ماجد قاروب أن معظم المجتمعات والشعوب تعاني من الفساد, مبينا أن فساد نصوص القانون نفسه تكون أحيانا من صور الفساد حين لا تدرس دراسة جيدة ولا تتشكل نصوصها بوضوح، حين تكون خارجه عن البيئة الاجتماعية والثقافية التي سينفذ فيها القانون أو عندما لا تراعي الظروف الاقتصادية والاستثمارية للدولة.
ويضيف قاروب أن من صور الفساد أيضا أن تأتي اللوائح التنفيذية الصادرة من الوزارات متعارضة ومتضاربة مع ما هو منصوص عليه في القانون أو النظام ومذكرتها التشريعية, بالإضافة إلى فساد الأفراد الذي يتمثل في التكاسل والتخاذل وطلب الرشوة والهروب من الدوام والانشغال في الأعمال الخاصة وتحقيق المكاسب الشخصية من المنصب وإهمال معاملات المواطنين.
وشدد قاروب على ضرورة وجود وزارة للإدارة الحكومية, وتفعيل الرقابة ومفهومها من خلالها دمج جهاز ديوان المراقبة العامة مع هيئة الرقابة والتحقيق لكي تكون هناك رقابة مسبقة على النواحي الإدارية والمالية ولا تقتصر على الرقابة اللاحقة من النواحي المالية بعد انتهائها والتي تحتاج إلى تعديل, وكذلك وجود محكمة دستورية للبحث في مدى ملاءمة وشرعية القوانين.
وعن خسائر السعودية جراء الفساد, أكد قاروب أن حجم الخسائر كبيرة, وتقدر بنحو 3 تريليونات ريال, مؤكدا أنه لو عمل تخطيط للقوانين والمحاكم والإجراءات لما خرجت هذه الأموال التي تعتبر فسادا ناجما عن سوء التخطيط.
أما أستاذ القانون في جامعة الملك عبد العزيز بجدة الدكتور عمري الخولي فأفاد أن للفساد صورا ومظاهر لا يمكن حصرها في قالب واحد, ومن مظاهر الفساد استغلال النفوذ الوظيفي والرشوة وإساءة استخدام السلطة وتجاوز حدود الأنظمة واللوائح أو خرقها، في حين أكد أن هناك خسائر تقدر بمليارات الريالات نتيجة الفساد, ولا يستطيع أحد معرفتها لأنها سرية ولا يفصح عنها.
http://www.alwatan.com.sa/daily/2007...rst_page01.htm