عشقي لـ"الاقتصادية" : نوافير الكورنيش تقع على مصبات للصرف الصحي
تلوث شاطئ جدة تخطّى المعايير العالمية
النوافير تمثل عامل جذب للمتنزهين على كورنيش جدة. «الاقتصادية»
خميس السعدي من جدة
أكد لـ ''الاقتصادية'' أستاذ في علم البيئة أن شاطئ جدة الممتد من جنوب المحافظة إلى أقصى الشمال منها، مصاب بالتلوث البيئي، وأن مياهه مليئة بالتلوث العضوي القادر على إلحاق الضرر بصحة الإنسان عند تعرضه لمياهه، مبينا أن جميع الدراسات التي تعج بها أدراج مكاتب كلية علوم البحار في جامعة الملك عبد العزيز تؤكد صحة ما ذهب إليه، وذلك بخلاف الدراسات التي قام بها هو شخصيا سابقا. وأبان الدكتور علي عشقي أستاذ علم البيئة في جامعة الملك عبد العزيز سابقا والمتخصص في الشأن البيئي، أن محافظة جدة إن لم تكن الأولى على مستوى العالم من حيث تلوث شواطئها، فإنها تحتل الصدارة بين من في قائمة ترتيب الشواطئ الملوثة حول العالم، مشيرا إلى أن هذا الأمر معترف به لدى الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، وأنها تقر بأن
تلوث شواطئ المحافظة تجاوز الحدود والمعايير العالمية المسموح بها.
د. علي عشقي
عاشور
وحول وجود النوافير المقامة حاليا في منطقة النورس ضمن مشروع تطوير الواجهة البحرية الذي تم تدشينه الشهر الماضي، قال عشقي: ''إن إقامة أي نوافير في تلك المنطقة أو أي منطقة أخرى على امتداد شاطئ جدة، لا بد أن يؤخذ في عين الاعتبار أن تلك المناطق ملوثة ولا يمكن أن تقام فيها أي أعمال من شأنها أن تنشر الرذاذ إلى خارج محيط موقعها الواقع على منطقة مصبات لمياه الصرف الصحي''.
وتابع عشقي: ''من شأن تيارات الهواء أن تنقل رذاذ المياه إلى زوار كورنيش جدة، ما قد يجعلهم عرضة للإصابة بالأمراض جراء انتقال البكتريا والفيروسات إليهم من منطقة مليئة بالتلوث العضوي، حيث كان من الأحرى بـ ''أمانة جدة'' قبل أن تعمل تلك المشاريع المخصصة للزينة أكثر من التنقية، أن تتجنب القيام بها أو إنشاءها إلا بعد أن تقوم بعمليات تحليل للمياه تثبت خلوها من أي مواد ملوثة أو فيروسية''.
وأشار عشقي، إلى أن المنطقة المقام عليها النوافير على كورنيش جدة، مثبت وبشكل قطعي وبنسبة تصل إلى نحو 100 في المائة، بأنها في مواقع مصبات لمجاري تصريف مياه الصرف الصحي، مؤكدا أن تلك المنطقة تجاوزت الخطوط الحمراء فيما يعنى بنسبة التلوث وفقا للمعايير البيئية العالمية.
وأردف عشقي: ''تزايد نسبة انتشار الطحالب الخضراء على الواجهة البحرية تقطع الشك باليقين حيال نسب ومعدلات التلوث، فالطحالب الخضراء هي أكبر دليل علمي يؤكد تلوث شواطئ جدة بمياه الصرف الصحي، وأنها مؤشر قوي ورئيس لعملية تلوث المياه بملوثات عضوية تتمثل في مياه الصرف الصحي''، لافتا إلى أن
المعدلات المسموح به من البكتريا في المياه تصل إلى نحو 10 في المائة لكل 100 ملم، ولكنها في الوقت الحالي تجاوزت نسبها المئات من الألوف من البكتريا لكل 100 ملم من مياه البحر.
وأفاد عشقي بأنه رفع أخيرا خطابات للمقام السامي ولمقام إمارة المنطقة، يوضح فيها المخاطر التي باتت تتعرض لها الواجهة البحرية جراء عدم معالجة مياهها التي تتعرض يوميا لمصبات الصرف الصحي، خاصة في الكورنيش الشمالي الذي يتجاوز فيه عدد المصبات نحو 60 مصبا بمياه صرف صحي، مشيرا إلى أن ما يثير الحيرة والتساؤل هو عدم إغلاق تلك المصبات.
ويرى عشقي أن هناك تقصيرا من شركة المياه الوطنية، التي يعدها الجهة المعنية بإقامة محطات معالجة لمياه الصرف الصحي عوضا عن إلقائها في البحر بذلك الشكل الذي بات يهدد البيئة بشكل كبير وينذر بموت الحياة فيها، وقال: ''أين تذهب مخصصات شركة المياه الوطنية المعنية بمعالجة مياه الصرف الصحي من الميزانية سنويا؟ لماذا لا نرى محطات معالجة قادرة على درء مخاطر تصريف مياه الصرف إلى شواطئ البحر؟''.
من جهته أكد الدكتور أحمد عاشور رئيس الاتحاد العربي للشباب والبيئة في جامعة الدول العربية، أن
إقامة النوافير على شاطئ جدة من أكبر الأخطاء التي ارتكبتها أمانة جدة، وقال: ''المنطقة المقامة عليها النوافير في كورنيش جدة التي تدعى منطقة النورس، أقمنا عليها العديد من الدراسات، خاصة عندما كنت متوليا ملف تلوث الشواطئ بصفتي آنذاك نائبا للرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة، وقد أثبتنا بما يقطع الشك باليقين بأن تلك المنطقة ملوثة بشكل كبير جدا، إضافة إلى أنها تعاني من عدم وجود أي إمكانية فيها للتبادل المائي نظرا لوجودها على شكل خليج مغلق لا يسمح للمياه بالتحرك ويبقيها راكدة لفترات طويلة''.
وتابع عاشور: ''على الرغم من تركيب بعض المواسير الجانبية في تلك المنطقة وإيقاف صب مياه المجاري فيها، إلا أنها لا تزال تعاني من ذلك التلوث، وذلك نظرا لوجود دورات المياه العامة على محيطها ووجود عدة جهات وإدارات حكومية في المنطقة تقذف مخلفاتها في مياه الشاطئ دون معالجة''، مؤكدا أن المخلفات والرسوبيات الموجودة في العمق في تلك المنطقة ما زالت موجودة ولم تعالج ويصعب معالجتها أيضا بالوسائل المتبعة حاليا من قبل الأمانة''. ويرى عاشور أن ''الأمانة'' إن كان توجهها عند تركيب النوافير في منطقة النورس هو من أجل معالجة البكتيريا بالهواء فهو أمر غير صحيح وإهدار للمال العام، مستشهدا بتجربة بحيرة الأربعين التي أنفق عليها نحو 40 مليون ريال لتركيب النوافير التي أسهمت في المعالجة الوقتية، التي لم تلبث سوى عامين حتى عاد إليها التلوث، نظرا لعدم توقف صب مياه الصرف الصحي فيها. وكشف عاشور أن دراسة تمت على منطقة النورس بين عامي 2008 - 2009 أثبتت علميا أن المنطقة بالكامل مصابة بالطفيليات المرضية، داعيا إلى إيقاف التملك بشكل نهائي على البحر حتى تستطيع البيئة من معالجة نفسها مجددا.
وأبان عاشور، أن التلوث البيئي الذي يتعرض له بحر جدة وشواطئه، له مسببات أهمها وأخطرها مخلفات الصرف الصحي والصناعي التي أدت إلى تلوث شواطئ المحافظة، وحولت لونه إلى البني، وبالتالي أثرت على البيئة البحرية،
وأصبحت سواحلها غير صالحة للتنزه أو السباحة أو الصيد وما يصطاد لا يصلح للاستهلاك الآدمي، لافتا إلى أن هناك منشآت ومراكز تصرف مخلفاتها في البحر بعيدا عن الرقابة، وكذلك المهملات والمخلفات والنفايات الصناعية التي تقذف بها المنطقة الصناعية في البحر، وهذه المواد خطرة جدا على الحياة البحرية.
http://www.aleqt.com/2013/01/19/article_725787.html