العودة   منتدى مقاطعة > مجتمع مقاطعة التفاعلي > مناقشات المستهلك > اطلع برا ..الوطن شركه مساهمه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-03-2011, 12:28 PM   #1
مواطنه عايشه
مقاطع متميز

 
رقـم العضويــة: 14123
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشـــاركـات: 2,199

افتراضي اطلع برا ..الوطن شركه مساهمه

الاسم:	KickedOut.jpg
المشاهدات: 101
الحجم:	90.9 كيلوبايت
في بيتنا الذي لم تكن فيه مساحة الديمقراطية أوسع من مساحة سريري المتواضع، كانت أمي – رحمها الله – حين تغضب من أحدنا، وما أكثرها من أحيان ! تملي شروطها وعقوباتها الصارمة علينا، ومن يبادر بأي اعتراض يجد الجواب ” اللي مو عاجبه يطلع برا”.

ورغم أن بيت جدي المجاور كان يوفرا لجوءا سياسيا على الدوام، إلا أن الثقة في الوالدة كانت واسعة جدا لدرجة نتقبل فيها خيارات القبول أو النفي بكل ترحاب معتقدين أنها “أبخص” بإدارة شؤوننا المنزلية واختيار الأصلح ! خصوصا وأنها تحظى بتأييد واسع من أبي الذي سلّم السلطة منذ أمد بعيد ولم يعد يتدخل في الشؤون الداخلية!

دستور “اطلع برا” كان نافذا ويحظى بتأييد وقبول الأغلبية. على الأقل يوفر لنا فرصة التشفي من أحدنا كلما اتجهت نحوه العصا، ولم يتسبب في قيام أي ثورة أو حركات معارضة.

في المدرسة رافقتنا هذه العبارة الديكتاتورية في كل مرة يحرمنا فيها المدير من حصة الرياضة نظيرا عدم تقديمنا للإذاعة الصباحية، أو إصراره على معاقبة كل من يتورط في التردد على البوفية المجاوره، التي توفر البيبسي والشطة، وترك مقصف المدرسة. ” النظام كذا.. واللي مو عاجبه يطلع برا”.
خالد فقيهي
في وقتها كان المدرس لا يزال يحظى ببعض الاحترام، وليس بالبيبسي والشطة أو حصص الرياضة وحدها يحيا الإنسان. خيار “اطلع برا” لم يكن ليقابل بالرفض، فأقرب مدرسة مجاورة تبعد مسافة واديين ! والوالد من جهته يقول لمن يشاركونه ذات الدستور ” لكم اللحم، ولنا العظم”.

في الجامعة حيث تشعر بأنك رجل قادر على أن تبقى “جوا” بكرامتك، وتناقش وترفض دون أن تطلع برا، تفاجئ بدكتور المادة حين تعترض قائلا ” كويز بـ 10% هو استهبااال يا دكتور” يجيب عليك بلكنة محترمة

This is the policy of the course I am telling from day 1, if you don’t like it you have the choice to drop the course

بالبلدي.. يعني ” اطلع برا”

وفي كل الحالات الثلاث السابقة كنت تقنع نفسك بأن هذا نظام يجب التقيد به، وأن تختار البقاء برغبتك وليس من قبل أحد يجبرك، وتتصالح مع ذاتك وتبقى “جوا”. وفي الحقيقة لم انفك عن الرغبة في تجربة “برا” الذي يتحدثون عنه، ولكن اكتشفت أن كل من يمارس هذه الديكتاتورية والإقصائية يعلم أنه الخيار الوحيد وسوى ذلك طريقك يا ولدي مسدود مسدود مسدود!

لم يخبرنا أحد ماذا يشبه “برا” ولا كيف تصبح الحياة معه، كل ما تعرفه هو أنه شيء يشبه “ورا الشمس” الداخل فيه مفقود والخارج منه مفيش أصلا !

ولعلك تعذر مصدري تأشيرات الذهاب إلى “برا” دون تذكرة عودة، بأنهم يملكون سلطة حقيقية تخولهم اتخاذ ذلك وأنهم يعملون على حفظ نظام يضمن مصلحة الجميع دون ادخار مصالح ذاتية. ولكن يحدث أن تفاجئ حين تناقش أحدا في أمر بحجم الوطن فلا يتفق معك فيكون رده “إذا مو عاجبك .. اطلع برا” !

والحقيقة أن هذه حالة مفلسة من أي رد منطقي أو حجة مداحضة، فيكون الحل أن يحتكر أحدهم الوطن في محفظته ويطالبك “اطلع برا”.. فقط اطلعوا على مجموعة من التعليقات على خطاب دولة الحقوق والمؤسسات الذي وقع عليه قرابة ألفي مواطن سعودي بين مثقفين ومشائخ وصحافيين ومهتمين بالشأن العام مطالبين بإحداث إصلاحات حقيقية على مستوى نظام الحكم والشورى والقضاء ومكافحة الفساد والتعليم وغيرها.

كل هؤلاء في نظر البعض ممن يرى الوطن شركة مساهمة ومن لا يعجبه طريقة الاكتتاب فيها فيجب أن يطلع “برا” غير مأسوف عليه ويبحث عن شركة أخرى تناسب اختياراته!

مثل هؤلاء في غيهم وطغيانهم كمثل حسني مبارك وهو يخاطب الأحرار في ميدان التحرير “امشوا”، فيردون بالصوت الوطني الأصدق “مش هنمشي، هو يمشي”.

مثل هؤلاء وهم يوزوعون صكوك الولاء والوطنية كراهب في كنسية كمثل معمر القذافي وهو يخاطب شعبه ” من لا يحبني لا يستحق الحياة”.

هؤلاء الموقعون لم يحملوا قنبلة ولا كلبشة حتى يعاقبوا بالنفي كما يشاء البعض، هم يقولون رأيا فيما يعتقدون أنه الأصلح لوطن لا نزايد فيه على وطنية أحد، وليرد عليهم من شاء برأي معارض أو سخرية أو حتى شتيمة، ولكن ليس من حق أحد أن يخيرهم بين الصمت أوالنفي.

كيف يكون الوطن في مخيلة هؤلاء وهم لا يجدون حلا في وجه من يطالب بحقه في المشاركة في صياغة مصيره ومصير أولاده و”ديرته”، سوى أن عليه أن يبحث عن وطن أفضل ! هذا الوطن كما يفهمونه ليس سوى شركة مقسمة بين مجموعة من الهوامير وصغار المستثمرين بين أسهم ممتازة وعادية، وكلن نصيبه من الوطن بحسب ما اكتسب من جاه ومال ونسب.

منذ متى أصبح الوطن عقد إيجار بين السلطة والشعب، حين لا يتلزمون ولو قطع عنهم الكهرباء وأغلق عليهم الأبواب.. فعليهم أن يبحثوا عن عقد آخر ووطن آخر !

هذا الرأي ، إن جازت تسميته رأيا، يكشف عن روح إقصاء متأصلة في نفوس الكثير، ومرة أخرى مثلهم في ذلك كمثل جورج بوش وهو يخاطب العالم بكل صفاقة بعد 11 سبتمبر ” من لم يكن معي، فهو ضدي”

لم يسألوا أنفسهم ربما.. نخرج من ماذا ؟ من الطين الذي يشكل سمرة وجوهنا، أم من التاريخ الذي يمنح شرعية وجودنا، أم من الحغرافيا.. التي هي حدود عشقنا وولائنا !

أم نخرج لماذا.. لأنا الوطن استحوذ عليه أشخاص ما فأصبحوا هم المالك الجديد ! أم لأنا أسهمنا في سوق الولاء المخادع لم تجني أرباحا هذا العام، أم أن مجلس الإدارة لم يقر صرف مخصصات هو الآخر.

الوطن حين يكون وطنا للجميع، فالشعب هو مصدر السلطة ومن يقرر المصير، ولكل أن يبدي وجهة نظره في تحديد هذا المصير، من تعثّر بالرمل، من تلطخ بالطين، من عشق النخل، من استقبل السيل بصدر عاري، من كتب للوطن أغنية!

“اطلع برا” .. من يرددها هم الخارجون عن المعنى الأسمى للوطن، الساقطون في وحل شخصنة الأوطان وتقسيمها قسمة ضيزى!
وجواز السفر الذي تحمله ليس عقد إيجار تمارس بواسطته دور الجار اللطيف الذي يتقيد بكل ما يملى عليه، بل هو القيد الذي نصفد فيه من أصبح ممثلا لسلطتنا، نذكره بأنه هنا، لأنا اخترنا ذلك !

الوطن يصبح وطنا، بالناتج الجمعي لما يمنحه الكل من رأي ومشاركة وفكر.. وليس بما ينفرد به أحد دون العالمين.

الوطن ليس عقاراً لكي يخرج أحدهم ويرد “اللي مو عاجبه البلد يطلع برا”.
مواطنه عايشه غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:10 AM.