لماذا لا يأكلون الحلوى؟!
فؤاد حسن كابلي
عندما اشتعلت الثورة الفرنسية عام 1789م، وحاصر الثوار والجماهير الغاضبة قصر (فرساي) المعروف في ضواحي باريس، سألت ملكة فرنسا ماري أنطوانت مندهشة ومتعجبة عن سبب هذه المظاهرات، وعن سبب كل هذا الغضب المتطاير من عيون الناس، وهي تحاصر قصر ملك فرنسا، فقال لها أحد خدمها: إنهم غاضبون يا مولاتي؛ لأنهم لا يجدون الخبز..! فأجابت صاحبة الجلالة على الفور، وبدون تردد، وبعفوية: ولماذا لا يأكلون الحلوى إذا لم يجدوا الخبز..؟
هذه قصة حقيقية، ذكّرتني بقصة قديمة جديدة حصلت عندنا مع الفارق..! فقد سُئل مسؤول قبل فترة عن سبب ارتفاع أسعار الرز ونقصه في الأسواق؟ أجاب: لماذا لا نستغني عنه..؟ والآن ارتفعت أسعار كل المواد الغذائية، والتموينية، ومواد البناء، فهل نستغني عنها جميعها؟!
كل ذلك يحصل والطماطم، والبصل، والدجاج من مزارعنا، والحديد من سابك، والطوب الأحمر (الطين) في أوديتنا، والأسمنت من أرضنا ومصانعنا..! إذًا هناك خلل وتقصير وتجاهل في الرقابة، وتخبط تجارى.! إضافة إلى التحايل والنصب والجشع من بعض التجار، بالتضامن مع بعض الوافدين الذين يساهمون في صنع الغلاء بعدد من الأساليب الشيطانية منها تخزينهم للمواد الغذائية والتموينية، ومواد البناء بالتناوب حتى ترتفع أسعارها؛ فيطرحونها في الأسواق بأسعار مرتفعة، فيجنون من ذلك ملايين الريالات، ثم يحوّل الوافدون الجزء الأكبر منها إلى بلدانهم ليقوى اقتصادها بخيراتنا..!
إن تصرفات هذا المسؤول، وطلبه الاستغناء عن الرز.! يَنمُ عن جهلٍ بأحوال الناس.! فهو لا يعلم، ولربما يتجاهل أن الرز عصب، بل ركيزة طعام الطبقة الفقيرة، إضافة إلى الطماطم والبصل والسكر.؟ فهذا المسؤول طعامه مُكلّف، ومَوائِدُه مكونة من (سمك السلمون، والكفيار، والجمبرى، والأستكوزا، والكباب بأنواعه) وهذا لا يستطيع الفقراء الحصول عليه، ولا حتى شمَّه.! نقول إللى يَده في النار غير إللى خارجها..! وللأسف بعض المسؤولين يعتقدون أن كل فرد من الشعب السعودي ينام على مخدة محشوة بملايين الريالات.! ولهذا نتمنى منهم زيارة دهاليز الحواري والأزقة والأحياء الشعبية العشوائية، حتى يروا بأم أعينهم عَجَب العجَاب لبعض الأسر السعودية المبتلين بالفقر والتهميش والضياع والمرض الذي ينهش أجسادهم..! وسيرون مدى قيمة الرز والسكر والطماطم والبصل في حياتهم..! كما سيرون حال العدالة الاجتماعية والصحية لهؤلاء في ظل غياب حقوقهم، فالأكثرية تعيش في الظلام.! رغم أننا في بلد الغنى والعزة والكرامة، والبترول والأمن والأمان.!
فهؤلاء المساكين قنابل موقوتة، قد تفرز الكثير من المشكلات الاجتماعية، لأنهم ما زالوا يسكنون في صنادق، وسيارات قديمة (سكراب)، ويلتحفون بالصفيح والسماء، وتحميهم (الكراتين) الورقية، والخروق البالية من البرد القارس، وقيظ الصيف الحارق.! وأملهم في توفير سكن شعبي ملائم ولائق بكرامتهم، يضمن لهم العيش الكريم في بيئة سليمة تمكنهم من الاندماج في بقية المجتمع، على أن يكون ذلك سريعًا.
http://www.al-madina.com/node/277753