الشورى... و«مساكن»
الجمعة, 01 أكتوبر 2010
عبدالله بن ربيعان
انتقد مجلس الشورى برنامج «مساكن» التابع للمؤسسة العامة للتقاعد، وتبارى أعضاء المجلس في تبيان عيوب وقصور هذا البرنامج وقلة الفائدة من وجوده، وهذا النقد الشوري، سبقه نقد صحافي من خلال التحقيقات أو الكتابات التي أبرزت عيوب هذا البرنامج وعدم ملاءمته لظروف السعوديين، سواء المتقاعدين منهم أو الذين هم على رأس العمل.
ووفقاً لتقرير المؤسسة الذي انتقده الشورى، ونقله لقراء «الحياة» ببراعة ومهنية من تحت القبة زميلنا رياض المسلم، فإن 229 رجلاً فقط، وامرأة واحدة هم من حصلوا على تمويل «مساكن» طوال أربعة أعوام من انطلاقته، وهي أرقام مخجلة مقارنة بوعود المؤسسة حين أطلقت البرنامج، إذ قالت إن البرنامج سيقدم تمويلاً لأربعة آلاف مواطن، وبقيمة إجمالية تصل إلى ثلاثة بلايين ريال.
ولكن المحصلة النهائية بعد أربعة أعوام أن 230 مواطناً فقط هم من استفادوا من تمويل «مساكن»، وبقيمة إجمالية لم تتعد 166 مليون ريال فقط، وهو ما يعني أن البرنامج فشل فشلاً ذريعاً، وما يستوجب أيضاً من الشورى والجهات الرقابية الأخرى مساءلة المؤسسة ومنسوبيها عن سبب الفشل، سيما أن البرنامج لم يقدم بصفته برنامجاً تجارياً، بل قدم للمستفيدين على أنه مشروع وطني لحل أزمة الإسكان في المملكة.
وبالعودة إلى البرنامج، فإن كثيراً من الاقتصاديين قد راهن على فشله ساعة انطلاقته، على رغم أن المؤسسة قد ألبست المشروع اللون الأخضر، وحاولت تسويقه بأنه المشروع الوطني المنتظر الذي جاء لحل مشكلات المواطنين مع السكن، إلإ أن براعة التسويق لم تستطع إخفاء العيوب التي حملها البرنامج، فقد فهمت الناس أن البرنامج ماهو إلا تمويل تجاري لا يفرق عن ما تقدمه البنوك التجارية الأخرى، وبسعر فائدة يساوي ويفوق ما تقدمه البنوك التجارية.
كما أن تحديد عمر المستفيد بأن لا يزيد على 55 عاماً حرم شريحة كبيرة من كبار السن وكل المتقاعدين من الاستفادة من هذا البرنامج، يضاف إليها شرط بأن لا يكون على المستفيد أية أقساط أخرى، وهو الشرط الصعب تحقيقه بين شريحة موظفي الحكومة والقطاع الخاص في المملكة.
ولأن البرنامج فشل تسويقياً، ولم يحظ بالقبول بين السعوديين، فقد قامت المؤسسة بتعديل بعض الشروط مثل إقراض حديثي التعيين، وخفض الحد الأدنى لراتب المستفيد إلى أربعة آلاف ريال، وكذلك رفع نسبة الاستقطاع من راتب المستفيد إلى 50 في المئة من الراتب بتوقيع المستفيد على ذلك الـشرط المــجحف (مجلة التقاعد، نيسان (أبريل) 2010).
وهو شرط يخالف صراحة نظام مجلس الوزراء الذي ينصّ على أن لا تزيد نسبة الاستقطاع من الراتب عن ثلث الراتب. وعلى رغم مخالفة النظام، ومحاولة إلباس البرنامج ثوب الوطنية، وخفض الحد الأدنى للرواتب، وغير ذلك من التسهيلات، لم ينجح البرنامج، واستحق اللوم والنقد تحت قبة الشورى، فالبرنامج الذي رصد له 10 بلايين ريال، قدّم قروضاً بـ 166 مليون ريال، أي أن النسبة تقارب الصفر في المئة، وهي كافية للحكم على فشل البرنامج، وكافية وأكثر لفتح باب المساءلة والبحث في دفاتر المؤسسة عن أسباب الفشل، والطريقة التي تدار بها أعمال المؤسسة التي تهم نتائجها كل السعوديين لأنها تدير استثماراتهم التقاعدية.
اقتصادي سعودي
http://ksa.daralhayat.com/ksaarticle/186823