في تقرير خطير نشره د. فوزي الفيشاوي في مجلة المنهل شعبان 1431هـ
فتح فيه ملف الداوجن وخطور تغذيتها بالاعلاف الحيوانية ( الدم , بقايا الدجاج )
وارى انه من المهم في هذا الوقت ان انقل هذا التقرير عسى ان يصل صوتنا للجهات المسؤلة وأن يتم التأكد من سلامة اعلاف الدجاج عند الشركات المحلية .
دجاج أطعم ميتةً ودماً , أنأكله ؟!
خلق الله الطيور في الأرض خلقين متباينين متمايزين، هما الطيور الجارحة (آكلة اللحم) والطيور المستأنسة الداجنة (آكلة النبات والعشب) .
وكل الطيور الجارحة تنتهي فيها الأصابع بمخالب شديدة التقوس طويلة، تعينها على الإمساك والقتل. وتمتاز جميعها بمناقير قوية، الفك العلوي منها معقوف على الفك السفلي، وهو مدبب الأطراف، حاد الجوانب، مما يعين على تمزيق اللحم. فالجوارح تعيش على أكل اللحم، منها ما يصطاده لنفسه، ومنها ما يأكل الجثث ودماء الحيوان، وما يأكل الجيف والرمم . وأشهر الطيور الجارحة هي النسور والعقبان والصقور والشواهين والحدآن
ولأن لجميع الجوارح مخلب قوي يصيد به فرائسه، فقد نهى الإسلام عن الأكل من لحومها.. فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما :
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير (رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي).
وعن جابر قال:
حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الحمر الإنسية ولحوم البغال وكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير .
(رواه أحمد والترمذي).
فهذان الحديثان يدلان على تحريم أكل كل ذي مخلب من الطير، لأن النهي للتحريم، ولا صارف يصرفه عن هذا التحريم، فتعين أن يبقى على أصله.
ولأن طعام الجوارح هو الميتة ودم الحيوان والجيف والرمم، فقد نهى الإسلام عن الأكل من لحومها.. فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
خمس فواسق يُقْتلن في الحل والحرم: الحية والغراب الأبقع والفأرة والكلب العقور والحدأة (رواه أحمد ومسلم وابن ماجة والترمذي).
وبديهي، أن ما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتله، لا يجوز أكله.. ويقاس على ذكر الحدأة في الحديث الشريف، سائر الجوارح من آكلات الرمم والجيف، فهذه جميعا تعد من الفواسق. والفواسق خبيثة المطعم. ولحم الجوارح نبت من حرام، فيكون خبيثا والطعام الخبيث حرام بنص الآية: (
ويحرم عليهم الخبائث)
«الأعراف/157».
وقبل أن نمضي فيما وراء هذا التحريم، من حكم علمية، وأسرار كشف عنها العلم الحديث، لا بد أن نشير ـ في المقابل ـ إلى صنوف الطير، التي أحل الإسلام أكل لحومها، ورغب فيها. وهي الطيور التي ليس لها مخلب تعدو به على غيرها، وليس مما يغلب عليها أكل لحم الحيوان ودمه وجيفته. وتلكم هي الطيور المستأنسة والداجنة، كالدجاج والنعام والبط والأوز والحمام، بكل أنواعه سواء كان أهليا أو بريا.
ولأن الدجاج من أقدم الطيور التي دجّنها الإنسان، ومن أعلاها قيمة، ومن أطيبها طعما، فقد روي عن أبي موسى، قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل لحم الدجاج (متفق عليه).
الدجاج طائر يأكل الحب:
إنك إذ تنظر في حقيقة الدجاج وطبيعته، تجده وقد خلق على صورة تقود إلى أكل الحب والنبات، من دون سائر المطعومات. فالدجاج ليس له أسنان، لذا يلتقط غذاءه بمنقار أبدع الله تعالى تصميمه لهذا الغرض، فهو قادر على التقاط حبة قمح واحدة، وعلى قضم نموات الحشائش الصغيرة. وهو يبلع الحب صحيحا، كما هو، بلعا. ويمكنه اقتطاع أجزاء من بعض الأغذية النباتية الطيبة، مثل نصول الأوراق، دون القيام بعمليات قضم أو مضغ.
ويتميز الجهاز الهضمي للطيور بوجود الحوصلة والقانصة والتي تحتوي على حجارة صغيرة تلتقطها الطيور لتفتيت الحبوب , أجل لقد خلق الخالق العظيم الجهاز الهضمي للدجاج على نحو يؤهله للتعامل بكفاءة مع صنف واحد من الطعام.. الطعام النباتي وحده، ولا شيء غيره.
ولا يخرج غير نفايات هضم الحب:
مثلما خلق الخالق عز وجل الجهاز الهضمي للدجاج، على نحو يؤهله لأكل الطعام النباتي، وهضمه وامتصاصه وتمثيل مكوناته، على أفضل حال، فقد خلق سبحانه، الجهاز البولي على نحو يكفل إخراج وطرح النفايات الناتجة عن تمثيله هو.. هو دون غيره.
وتلكم هي الحقيقة التي لا ينبغي أن تغيب عن بؤرة الرؤية وعن مركزها.. فقد زود الخالق العظيم الدجاج بكليتين.. إنهما تركيبان دقيقان بصورة مدهشة، ويقومان باستمرار بتصفية الدم من الماء وفضلات الجسم السامة، وفي طليعتها الحامض البولي .
وهو الحامض الذي ينتج عن تمثيل صنوف البيورينات والبروتينات النباتية المأكولة. وهما تفرزان مقادير محدودة منه، وقد خلقا على هذا النحو، لأن الطعام النباتي المأكول لا يخلف غير مقادير محدودة من الحامض البولي. «وكل شيء عنده بمقدار».
وهكذا نجد الحامض البولي الناتج، ينقل إلى خارج الجسم، مع ماء قليل عن طريق الحالب مباشرة إلى المزرق، إذ لا توجد مثانة بالدجاج، يتجمع فيها البول.
ونعود فنقول، إن الحق سبحانه لم يهيئ كلى الدجاج لإفراز كميات كبيرة من الحامض البولي، ولأجل ذلك فقد اقتضت فطرته في خلقه، ألا يطعم سوى الغذاء النباتي، وألا يطعم شيئا من لحم الحيوان أو دمه ونفاياته.
وما نتيجة الإلتزام بالفطرة؟
النتيجة أن لحم الدجاج صار من أطيب ما عرف الإنسان من لحم، ومن ألذه طعما، ومن أعلاه قيمة، ومن أقل الأطعمة احتواءً في الحامض البولي. وإذن صار بغية الأطباء، على مدى الزمان، يصفونه لمرضاهم وللناقهين منهم، على وجه الخصوص.
وتسألهم عن فوائد هذا اللحم تفصيلا، وتعرف أن أنسجته العضلية تمتاز بمرونة ورقة مدهشة، تجعل أمر تفتيتها ميسورا. وتعرف أن هذه الأنسجة تخلو من ذلك الغلاف القاسي، الذي يحيط بالنسيج العضلي في اللحم الأحمر للحيوان، مما يعين على سهولة المضغ والهضم كثيراً. وتعرف أن مادته البروتينية تماثل في المقدار ما في لحم البقر والغنم والسمك، وتفضلها جميعا في أمور أخرى تتصل بالقيمة الحيوية للبروتين. وتعرف أن به وفرة من الفيتامينات، لا سيما مجموعة فيتامينات (ب)، مثل فيتامين (ب1)، (ب2)، وحامض النيكوتينك.
وتعرف أن به مقدارا جيداً من الأملاح المعدنية، مثل الفوسفور والكالسيوم والحديد ونحوه. على أن الميزة الأساسية في لحم الدجاج، هي قلة محتواه في الحامض البولي ومسببات تكوينه في أجسام الآكلين.. وهي الميزة التي جعلته لا يشكل أي إجهاد لخلايا كلى الإنسان، كما هو الحال في لحم الحيوان، بل إن بروتيناته لمن أخف البروتينات على الكلى، ومن أنفعها لكفاءة الأداء.
من «الحب والنبات» إلى «الجيفة والدماء»:
ما الذي حدث للدجاج؟
دعنا نترحم على أيام خلت، كان فيها مربو الدجاج، يغذون دجاجاتهم على الحبوب والبقول والنبات، حتى تصبح طيبة صالحة للأكل، ولكنهم الآن، قد استبدلوا بعلائقهم النباتية المباركة، علائق حيوانية مركزة، تجلد الطيور جلداً.
وهي علائق قوامها دم الحيوانات المسفوح، ونفايات المجازر الرديئة، وجثث الحيوانات النافقة، ومسحوق الأسماك، ومخلفات الدواجن العضوية بعد الذبح، مثل المناقير والرءوس والأحشاء الداخلية والأرجل ونحوها . إنها علائق ثرية في مادتها البروتينية، وفي مكوناتها البيورينية على نحو مثير .
وتلكم بدعة مرذولة من بدع هذا الزمان، في تغذية الدجاج والحيوان، اهتدى إليها عبيد الدرهم والدينار هؤلاء الذين أعماهم الحرص على تراكم الثروات بأي ثمن، ومن أي طريق، ودونما اكتراث بوازع أو رادع، وبشراهة تجتاح اعتبارات التعقل والسلامة وتدبّر العقابيل.
هذا هو الذي حدث للدجاج.. فقد وجد هؤلاء (العباقرة) أن العلائق الحيوانية المركزة تحقق أقصى معدل لإنتاج اللحم، وتختصر الزمن الواجب لتسمين الدجاجات، فترجح في الميزان، بكلفة محدودة، وفي زمن أقل. وفوق ذلك، فقد وجدوا في هذه البدعة بغيتهم لتحقيق المزيد من الثروات، بعدم التفريط في جثث الحيوانات النافقة، وعدم التفريط في مخلفات المجازر المهملة، وفي سواها من النفايات.
وهكذا لم يعد الدجاج العصري يتغذى تغذية نباتية خالصة، كما تقضي به طبيعة خلقه وتكوينه، وكما كان يتغذى منذ أن دجنه الإنسان.
طريقة حياة مختلفة للدجاج :
وإذا كانت طريقة التغذية على الجيفة والدماء، تعمل في الدجاج عملها، فإن نظم العيش والتربية تتم هذا الدور الكئيب، فتبعد به عن طبيعة خالقه بعدا شاسعا، وتميل به كل الميل. ففي الإنتاج التجاري الحديث، بنظام البطاريات (Battery System)، تودع الدجاجات في أقفاص متعددة الطوابق، تضمها وحدات تسمح بالسيطرة على الظروف البيئية.
وهو نظام قاس غريب، لانه يقوم على الاحتفاظ بالدجاجة ـ طوال شهور التسمين ـ في حيز ضيق، يقيد من حركتها، حتى انها تعجز عن الدوران حول نفسها داخل قفصها، وتعجز عن التنفيس عن غرائزها المودعة في خلقها. ولا تجد الدجاجة أي مجال للحركة أوسع من مدّ عنقها إلى «المعلف».. إلى العليقة المركزة الجهنمية، التي تجلدها جلدا، فتنتفخ عضلاتها، وتكتنز بالشحم أنسجتها. وتأتي على مائدة طعامك، فتنظر إليها، وتطعم شيئا منها، فتشعر أنها شيء غريب. أجل، غريبة دجاجات المتهوسين (تلك).. فهي دجاجات يأتيك طعمها باهتا، ويأتيك معها الضرر باغتا.
الدجاج العصري «المفترس»:
تعيش الجوارح من الطير، والسباع المفترسة من الحيوان، على أكل اللحوم. ولذا لا تؤكل الجوارح أو السباع. هذا لأن للحم ضراوة، بالذي فيه من مواد كيميائية خاصة، تثير أعصاب المقيمين على أكله، وتسمهم بضراوته، وتميل بهم إلى العنف والقسوة، وتدفعهم دفعا نحو «الافتراس».
إن بوسعنا أن نقدر مدى ضراوة اللحم، حينما نوازن بين حيوانين أحدهما كل أكله لحم، كالنمر والذئب، وبين آخر كل أكله نبات وعشب كالغنم والغزال.. وحينما نوازن ـ أيضا ـ بين طائرين، أحدهما كل أكله لحم كالصقر والنسر، وبين آخر كل أكله نبات وحب كالعصافير والحمام. وشتان ما بين الضراوة، والوداعة.. وشتان ما بين العنف والسلام.
ففي المكسيك وفي سواها من البلدان يهوى الناس المراهنة على قتال الديوك
فيعمدون إلى إطعام الديوك باللحم، بدلا من الحب، حتى تسري في دمائها رغبة جامحة في القتل والاقتتال، خطة شيطانية، فعلت في الديوك فعلها، حتى إنك تجد الديك المصارع، لا يكتفي بإخراج غريمه من الحلبة مهزوما مدحورا، يجر أذيال الخيبة، بل إنه ليصر على مواصلة النزال حتى يقتل غريمه، ويمزقه شر ممزق.
هكذا فعل اللحم في ديوك المراهنين، فما الذي صنعه في دجاج المتهوسين المنتفخ؟ ها نحن نعلم أن الدجاج العصري، الذي يربى وفقا لنظام البطاريات، على علائق الحيوان المركزة، فقد الكثير من وداعته، واجتاحته موجة من العنف، لا عهد له بها. إن الباحثين يطلقون على هذه الظاهرة المستحدثة «ظاهرة الإفتراس» (Cannibalism)، إذ تجد الدجاجات تنقر بعضها بعضا بعنف وشدة، فهي في الريش تنقر، وفي فتحة المجمع تنقر، وفي سوى ذلك من أعضاء، وهي لا تكف عن الإيذاء، حتى تدمي بعضها بعضا في مواضع شتى. وما ذاك إلا بسبب هذه الحياة الغريبة المصنوعة، وبسبب فعل مركزات الدم والجثث النافقة.
ولأجل احتواء هذه الظاهرة، يعمد المربون إلى إجراء عملية قص لمناقير الدجاج (de_beaking)، حيث يزيلون طرف الفك العلوي للمنقار، بصورة همجية، وعلى نحو يثير الاشمئزاز. وهذه احدى سمات نظم التربية العصرية للدجاج، بنظام البطاريات.
الحامض البولي من سمات الدجاج اللاحم :
لم يحرم الإسلام آكلات اللحم من الطير والحيوان، عبثا أو تعنتا.. حاشاه. ولكن التحريم جاء لحكمة جليلة، ولهدف كبير يستهدفه، صونا لصحة الإنسان.
وها نحن نطالع في كل يوم الجديد من نظريات العلم الحديث وتفسيراته، التي تؤيد بالدليل التجريبي، ما ذهبت إليه أحكام الإسلام، في شأن هذا التحريم.
احدى هذه النظريات، تستند إلى نتائج التقدير الكمي لمستوى الحامض البولي في دماء وأنسجة آكلات اللحوم. فعلى الخنزير (وهو من آكلي اللحم، ومن المحرمات في الإسلام)، أجرى الباحثون دراسات تحليلية، عرفنا بموجبها أن في لحمه كمية وافرة من الحامض البولي، تعد هي الأكبر بين سائر الحيوانات، إذ ليس بوسع الخنزير طرح أكثر من 2% مما يتخلق في جسمه من الحامض البولي. وأن تبقى في لحمه وأنسجته، النسبة الباقية، فتصيبه بأفدح الأضرار.
ومثل ذلك يقال عن سائر آكلات اللحوم ، من سباع الحيوان، ومن جوارح الطير.. ولكن المفاجأة المذهلة، أن يقال «حديث الحامض البولي» عن الدجاج العصري، مصاص الدماء!
أمراض لحم الدجاج المنتفخ:
ربما لا يكون مستبعداً، أن يفتح علم الأمراض البشرية (Human Pathology) فصلاً مستحدثاً، تحت عنوان «أمراض لحم الدجاج العصري».!
كلا.. لم تكن هذه زلة قلم، فأنا أقصد بالفعل لحم الدجاج، الذي «يعلف» ليل نهار، بغير ما هٌيئت له.
لقد كانت البداية، مع أوائل السبعينيات من القرن العشرين، واعتماد الكثيرين بشكل غير مسبوق، على تناول دجاجات مزارع التسمين الحديثة، إن هذا التطور الحادث ترافق مع تواتر الأنباء، في شتى الأنحاء، عن
تزايد نسبة الإصابة بالفشل الكلوي، والنقرس، وحصوات الكلى، وغيرها من أمراض زيادة الحامض البولي.
لقد رصد الباحثون الطبيون الظاهرة، ونبهوا إليها، وأثارت لديهم الشكوك، فيما يأكله الناس من دجاج، جرى انتاجه وفق نظم مخالفة لطبيعة خلقه. نظم فرضها الجموح الطاغي نحو إدراك ركام الربح بأي ثمن، في سياق القيم الاستهلاكية المادية المستشرية، هنا وهناك.
وعلى الرغم من اعتراضات أصحاب المصالح والمنتفعين. هؤلاء الذين يهيمنون على مسارات الحياة الاقتصادية، فقد قادت بحوث العلماء إلى نتائج شددت على أن أحد الأسباب المهمة في شيوع هذه العلل والأمراض، يكمن فيما يأكله الدجاج من أعلاف حيوانية مركزة.
وأنت تسأل العالم المتخصص عن سير الأحداث، فيخبرك أن هذه الأعلاف غنية في محتواها من الحامض البولي، وغنية في صنوف البروتينات والقواعد الآزوتية البيورينية، وهي التي يتولد عن تمثيلها في جسم الدجاج، المزيد من الحامض البولي. ويخبرك أيضا أن الله تعالى لم يهيئ كل الدجاج، لإفراز هذا القدر الهائل من الحامض الناتج، ولأجل ذلك اقتضت حكمته سبحانه، ألا يعتمد في غذائه إلا على الطعام النباتي وحده.
تلكم هي حكمة خلق الدجاج على هذا النحو، ولكن الإنسان قليل إلادراك للحكمة، يأتي (فيعلف) دجاجاته المستأنسة الوديعة، بغير ما هٌيئت له. وإذن، لا بد أن يتراكم الحامض البولي في دماء الدجاج، وفي أنسجته، حتى يمرض ويتسمم. وقد استبان للباحثين ـ بالفعل ـ أن إطعام الدجاج بعلائق حيوانية ثرية في المحتوى البرويتيني (35%)، يصيبه بأعراض تسممية خطيرة، بسبب زيادة كمية الحامض البولي، وترسيبه في الكبد والحالبين، وفي الكليتين، وتبدو الكلى متضخمة تضخما غير عادي.
كما استبان للباحثين ـ أيضا ـ أن اطعام الدجاج بعلائق حيوانية أقل في محتواها البروتيني، لا يقل خطورة، بل ربما يزيد، لأن الخطر هنا هو الخطر الأخفى، الذي لا يلبث أن يتعدى أثره إلى الإنسان الآكل، فيجأر بالشكوى ويضج.
الإنسان في (مصيدة) الدجاج العصري:
فيما مضى، كانت اللحوم البيضاء (لحوم الدجاج) هي أول ما يصفه الطبيب لمرضاه، بديلاً عن اللحوم الحمراء (لحوم الحيوانات)، بحسبانها هي الأقل في محتواها من الحامض البولي. ولكن الحال الآن، غير ما كان.. فقد غدت لحوم الدجاج مصدرا اضافيا من مصادر الحامض البولي في الأجسام.
أجل، فحينما يتغذى الإنسان على الدجاج العصري، تنتقل كميات من الحامض البولي إلى دمه، وأنسجته، ويشكو الإنسان، وحق له أن يشكو، فمستوى الحامض في الدماء لا ينبغي أن يتعدى 6 ملليجرامات لكل مائة سنتميتر مكعب، ولا ينبغي أن يقل عن 1-2 مليجرام، حيث أنه من الضروري لسلامة الخلايا العصبية في هذه الحدود. ولكن زيادته المفرطة جالبة للشر.. ففي الدم يتميز الحامض إلى صورتين، إحداهما قابلة للذوبان، ولا ضرر منها، والصورة الثانية شحيحة الذوبان، سريعة الترسيب.
وهنا يكمن الضرر، ففي الكلى والجهاز البولي، سوف تترسب بللورات الحامض، محدثة حصوات في الكلى، وما يصاحبها من مغص كلوي، ثم ما يحدث من فشل كلوي مزمن
لاحظ أن ظاهرة الإصابة بالفشل الكلوي في هذه الأيام، مما يرصده الأطباء ويدقون نواقيس الخطر بشأنه!!
وحينما تترسب أملاح الحامض بين المفاصل، على شكل بللورات إبرية، تظهر على الإنسان أعراض مؤلمة لمرض النقرس ، ناهيك عن الآلام الروماتيزمية، وآلام المفاصل، وغيرها مما يعلمه أهل الإختصاص.
فأية أخطار تنتظر الناس، فيما يأكلون من دجاج عصري من صنع المتهوسين!!
سبيل النجاة:
نعم، ظهرت ـ في السنين الأخيرة ـ أدواء ناجمة عن الإفراط في تناول لحم الدجاج، لقاء العدوان الهمجي على فطرة الخالق سبحانه. وهذا أمر يستوجب الإنتباه: فعندما تتحول بعض أنعم الله وعطاياه، إلى سلب أو مضرة، ينبغي أن نعيد النظر في أنفسنا، وفي سلوكنا، لأنه سبحانه لم يك مغيراً نعمة أنعمها على عباده حتى يغيروا ما بأنفسهم.. ظاهرة مطردة، وسنة كونية في خبر النبوة، عن المولى عز وجل، وهي ظهور العلل والأدواء المستحدثة، والخروج على فطرة الحق في الخلق. فقد قال تعالى: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) «الروم/41».
ولا منقذ لنا مما ابتلينا به من أرزاء وأدواء، إلا بالرجوع إلى الصواب والحق، والرجوع إلى مقتضى فطرة الله في الخلق.
وفي هذا عبرة للبشر، تستحق الكثير من التأمل وإعادة النظر.
المراجع:
1- أبو رية، محمود: الفشل الكلوي ـ الوقاية والعلاج، مطابع أخبار اليوم، 1990، القاهرة.
2- الشريك، يوسف: تكنولوجيا اللحوم ومخلفاتها، الدار العربية للنشر، 1996، القاهرة.
3- الفيشاوي، فوزي عبد القادر: غذاؤك في خطر، مجلة أسيوط للدراسات البيئية، العدد 4، يناير1993م، جامعة أسيوط.
4- برسوم، رشاد: الكلى كيف نرعاها ونداويها؟ مركز الأهرام للترجمة، مؤسسة الأهرام، 1995، القاهرة.
5- ثير، كاتي: تربية الدواجن، ترجمة محمد جودة، الهيئة العامة للكتاب، 1987، القاهرة.
6- خان، وحيد الدين: الإسلام يتحدى، للمختار الإسلامي، 1977، القاهرة.
7- دعبس، محمد: أمراض الكلى، مؤسسة دار الشعب، 1998، القاهرة.
8- شرف، عبد العزيز: مستقبل الثروة الحيوانية في الوطن العربي، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر، 1968، القاهرة.
9- عبد الهادي، أبو سريع: الأطعمة والذبائح في الفقه الإسلامي، دار الاعتصام، 1985، القاهرة.
10- عسكر، أحمد، ومحمد حتحوت: الغذاء بين المرض وتلوث البيئة، الدار العربية للنشر، 1988، القاهرة.
11- American Meat Institute Committee on Textbooks. By-products of the Meat packing Industry (Institute of Meat Packing, University of Chicago), Rev. ed. 1953.
12- American Meat Institute. «By-Products of the packing industry», Publ.by Inst. Of Meat pack. Univ. Chicago. U. S. A., 1958.
13- Little, Arthur D., Inc. «Opportunities for Use of Meat By- Products in Human And Animal Foods «Report To Lowa Development Corporation, 1969.
14- Price, J.F. and Schwigert, B.S. The Science of meat and meat products «Food Nat. Press inc. Westport Con., 1978.
15- Scott, M.L., M.C. Nesheim and R.J. Young.
Nutrition of the Chiken. V. F. Humphrey press Inc, Geneva, New York, 1976
نقل بتصرف عن مجلة المنهل :
http://www.al-manhalmagazine.com/143...pages/p030.htm