الغـلاء والاحتكار والغش .. ورمضان 1 - 2
عبدالله عمر خياط
عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان فقال: «يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعا، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة في ما سواه، ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة في ما سواه، وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة»، وقد قال شراح الحديث أن المواساة هي الرحمة وأن
مما يؤسف له أن يطل علينا هذا الشهر الفضيل وموجة من غلاء الأسعار تجتاح أسواقنا من شهور، يصاحبها فحش الاحتكار وانتشار السلع المقلدة والرديئة التي ندد بانتشارها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة في خطاب وجهه سموه لأمانة محافظة جدة، بحسب ما جاء في «الاقتصادية بالعدد 6113»، وقد جاء فيه: «إن الأسواق تغص بالسلع المقلدة ومنها مواد مهمة مثل مواد البناء والكهرباء والسباكة وأدوات السيارات والإطارات، فضلا عن التباين في الأسعار بين المحال التجارية في المنطقة».
وتضيف «الاقتصادية»، «إن وزير التجارة والصناعة أشار إلى أن هناك تباينا في أسعار السلع التموينية والأدوية فضلا عن اختلاف تكلفة شراء السلعة من جانب صاحب المحل التجاري ما يؤكد أن هناك تلاعبا من جانب بعض التجار والمستوردين».
وفي تقديري أنه مادام أن وزير التجارة يعرف هذه الحقيقة فإن على الوزارة أن تشدد من الرقابة بزيادة عدد المراقبين الذين تتوفر فيهم الأمانة ممن تبرأ بهم الذمة لمتابعة الأسعار، وملاحقة الذين يغالون فيها أو يخالفون قوانين التجارة، لكن الأهم في الأمر هو ما ندد به صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل من انتشار السلع الرديئة والمقلدة وخاصة في ما يتعلق بمواد البناء وأدوات السيارات والإطارات، وذلك لما ينجم عنها من أخطار على الأرواح وتلف في الأموال عند البناء، أو في ما يقع من حوادث السيارات بسبب أدوات السيارات الرديئة أو الإطارات غير المأمونة ويذهب ضحيتها الأبرياء من الناس.
والشاهد على ذلك ما كشفت عنه ورشة العمل التي نظمتها غرفة التجارة والصناعة بالمنطقة الشرقية وشكل شعورا بالصدمة والخوف من النتائج المأساوية المدمرة
لممارسات الغش التجاري من جراء تقليد السلع الأصلية والتي نوه عنها أخي الأستاذ محمد صلاح الدين في ما كتب في العدد (17251) بجريدة «المدينة»، إذ قال: إن
المملكة تتكبد سنويا خسائر طائلة، قدرت بنحو 41 بليون ريال سنويا بسبب السلع المغشوشة والمقلدة، غير الخسائر البشرية الأخرى التي لا تقدر بثمن، إذ تفيد المعلومات بأنه من بين كل 6 آلاف حالة وفاة هناك 3 آلاف منها جاءت بسبب قطع الغيار المقلدة مثل الإطارات والكوابح التي تدخل إلى المملكة عبر النقاط الجمركية، وبينما تم خلال النصف الأول من العام الحالي ضبط 8 ملايين وحدة مغشوشة ومقلدة، وذلك مقابل 7 ملايين وحدة في نفس المدة من عام 2009م، (2.5) مليون وحدة عام 2008م، مما يؤكد تضاعف البضائع المهربة يوما بعد يوم.
ويضيف الأستاذ محمد صلاح الدين: «إن أسواق المملكة تعج بكميات هائلة من السلع والمنتجات غير المطابقة للمواصفات القياسية السعودية، إذ
تشير الإحصاءات إلى أن 80% من المنتجات الكهربائية في السوق السعودية غير مطابقة للمواصفات القياسية السعودية، وهذه النسبة مقلقة للغاية، إذ أن الكهرباء من أهم مصادر الخطر، حيث بلغت نسبة الحوادث بسبب التماس الكهربائي أكثر من 33% من مجموع الحوادث التي تقع في المملكة.
هذه أرقام مفزعة عن فساد الخدمات والسلع الأساسية التي تقدم للمواطنين في أكثر من مجال،
ومن هذه الأخبار على سبيل المثال إغلاق أمانة جدة (28) مصنعا للمياه، أثبت الفحص أن مياهها مغشوشة وغير صالحة للشرب، وفي مكة المكرمة وخلال شهر واحد رصدت إدارة الدفاع المدني مخالفات بلغت 1800 مخالفة بشقق وفنادق العاصمة المقدسة، من شأنها أن تهدد الأرواح والممتلكات، ويمتد الفساد إلى اللحوم ومختلف المواد الغذائية».
إنها أرقام مفزعة ــ كما يقول الأستاذ محمد صلاح الدين ــ فضحيتها أرواح بريئة من جراء السعي للكسب غير المشروع، أو هو بالتأكيد مما حرمه الله وذلك ما سنوضحه في الغد بإذن الله.
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...0810366451.htm