إرهاب العقار
قد يثير عنوان المقال حفيظة الكثيرين ممن دأبوا على وضع الأخطار التي تحيق بهم وبنا وراء ظهورهم ، ولكن لأهمية الموضوع في الوقت الحالي والأجيال المستقبلية فإني أخوض غمار هذا الموضوع وهو العقار والحالة المأساوية التي وصل إليها في بلادنا العزيزة .
عندما بحثت عن تعريف للإرهاب فإني لم أجد تعريفا صريحا له سوى خطوط عامة تعرفه وفق مايلي :
1- الإرهاب هو الأعمال التي من طبيعتها أن تثير لدى شخص ما الإحساس بالخوف من خطر ما بأي صورة .
2- الإرهاب يكمن في تخويف الناس بمساعدة أعمال العنف .
3- الإرهاب هو الاستعمال العمدي والمنتظم لوسائل من طبيعتها إثارة الرعب بقصد تحقيق أهداف معينة .
4- الإرهاب عمل بربري شنيع .
5- هو عمل يخالف الأخلاق الاجتماعية ويشكل اغتصابا لكرامة الإنسان . (1) انتهى وأقول أنا مستعينا بالله في شهادة لا أبغي بها سوى وجه الله عز وجل :
1) أليست أسعار العقار الآن والتي وصلت إلى 2000 ريال للمتر السكني وشقق سكنية لأسعار تلامس المليون وتتعداه بالأعمال التي من طبيعتها أن تثير لدى شخص ما الإحساس بالخوف من خطر ما .
2) عندما لا يستطيع متوسطو الدخل من الموظفين وغير الموظفين الحصول على شقة حتى بالدين الذي وصل إلى 25 سنة عبر البنك وفي ثالث أكبر دولة عربية من ناحية المساحة فإن هذا أقوى من أعمال العنف الذي يستقصد الناس في أمنهم السكني .
3 ) أليس إغلاء قيمة العقار في سنتين بنسبة 100% هو وسيلة لإثارة الرعب بقصد تحقيق أهداف الثراء غير المشروع والفاحش على حساب هؤلاء المساكين .
4) نعم إيها الأخوة إن رفع أسعار العقار بهذه الدرجة المخيفة هو عمل بربري شنيع فحتى بعض الدوائر الحكومية المستأجرة تضررت من ذلك بشهادة مسؤول صرح لجريدة عكاظ بذلك قبل عدة أشهر .
إن من شأن هذا الارتفاع غير المنتظم والعشوائي أن يذهب بنا إلى ما لا يحمد عقباه ، ذلك أنه إذا افترضنا جدلا أن متوسط دخل المواطن 6000 ريال وأسعار الشقق - وهي الحد الأدنى عقاريا - لا تقل عن 200 ألف ريال في أسوأ الأحياء ، وحتى يقسطها البنك فإنه سوف يأخذ أكثر من الضعف على 25 سنة ، أي أنه سوف يصرف نصف دخله طوال 25 سنة ، فكيف سوف يعوض فقد نصف دخله ، هل عليه أن يخرج من عمله ليبحث عن عمل آخر ، أم نتركه لقمة سائغة لمن يستغلون ضعف هذا المواطن المسكين ماديا من الراشين والإرهابيين وأهل الشر والفساد .
ماذا عساي أقول وأنا أرى جل مواطني بلدي الكرام لا يملكون مسكنا على الرغم من أننا في عز الطفرة ودولتنا ولله الحمد تعد ثالث أكبر دولة عربية من ناحية المساحة ،في حين أن بيننا من يملك آلاف الكيلو مترات التي ترى من كوكب القمر بحسب الإعلانات في الصحف ، حيث قرأت بأم عيني مرات عن قطع أراضي للبيع تبلغ مساحة إحداها أكثرا من مائة ألف متر مربع وعلى من يرفض ذلك فإني على أتم الاستعداد لنشر صورة من هذا الإعلان التي سوف تكون كفيلة بإنعاش ذاكرة من يستبعد ذلك .
ووصول أسعار العقار لهذه المرحلة الإرهابية هو نتيجة أسباب تتمثل فيما يلي :
أولا : كثرة الذنوب والمعاصي وبعد الناس عن دينهم : وهذا هو السبب الأهم أيها الأخوة فما سلط الله علينا أولئك إلا لكثرة الذنوب والمعاصي ، ومعلوم أن الذنوب تسبب هلاك الحرث والنسل، وتسبب انتشار الفساد في البر والبحر ، قال تعالى:[ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ](الروم:41)، وقوله سبحانه :[وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ](الشورى:30).
ثانيا : حب المال وتلاعب التجار والمحتكرين بهذه السلعة المهمة : ذلك أن طمع بعض التجار أودى بنا إلى هذه الحالة فهم يجتمعون على مفسدة وهو الإضرار بالناس ولقد بلغني من ثقة أن مجموعة من أصحاب المكاتب العقارية في إحدى المخططات يبيعون في مجلس عدة أراض بيعا وهميا حتى يرفعون الأسعار إلى هذه المرحلة ،قال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" (متفق عليه) فمن كان مؤمناً صادقاً كان لزاماً عليه ألا يضيق على إخوانه، ويمنع عنهم فضل الله تعالى باحتكاره للسلع التي يحتاجونها بل والمغالاة فيها .
ثالثا :غياب المسؤول عن القيام بدوره : عندما يفترس المغالين في الأسعار أموال المساكين من المستأجرين ومن يبحثون عن سكن، بأسعار جنونية، فإن ذلك يدل دلالة واضحة على غياب المسئوول ، وأنا شخصيا لا أعلم من هي الجهة المسئوولة أهي وزارة التجارة ؟ فجهازها حماية المستهلك يغط في نوم عميق ، أم هي وزارة البلديات ؟فلا أعلم لها دورا في هذا الجانب ، أم أي جهة ، وإن كان من إجابة فأسعفوني بها على عجل !!.
أيها المسئولون عن العقار في بلادنا :اتقوا الله وسنوا القوانين التي تكفل حقوق المواطنين وتؤدب الباغين المغالين في سلعة العقار ، فوالله سوف تسألون وأنتم أصحاب الأمانة ، قال تعالى :"إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا".
وأخاطب خاصة تجار العقار الذين أوصلوا أسعار العقار إلى هذه الأرقام الجنونية قائلا : اتقوا الله في عباد الله فوالله الذي لا إله إلا هو لسوف تحاسبون على ما تفعلون إن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة ، قال تعالى : " ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ".
وأخاطب أبناء هذا البلد الكريم قائلا : بُشراكم بُشراكم ، بعون الله فإن أسعارالعقار سوف تعود إلى حقيقتها فالرسول صلى الله عليه وسلم قال
( حق على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعهُ )) رواه البخاري ، فعليكم بالدعاء والتوكل على الله سبحانه وتعالى .
إن الأمل في الله سبحانه ثم في ولاة أمرنا حفظهم الله أن يوقفوا هذا الظلم الحاصل من قبل زمرة فاسدة لا تخاف الله في أبناء هذا البلد الكريم .
إضاءة
- تستأثر المملكة بثلاثة أخماس مساحة الجزيرة العربية ، وأكثر من 75 بالمائة من مواطنوها مستأجرون في حين أن باقي دول الجزيرة لا سيما دول مجلس التعاون على عكس ذلك تماما .
- في المملكة مواطنون يملكون ملايين الأمتار من الأراضي - بحسب إعلانات الصحف - بينما مواطنون آخرون لايملكون شقة بمساحة 110 م .
- أقل شقة في القاهرة بخمسين ألف ريال بينما أقل شقة في الرياض ب200 ألف ريال.
ولاحول ولا قوة إلا بالله ،،
سفيان محمد
" صحيفة شرق الأإلكترونية "