التجار والمواطنون
د. صفوق الشمري
لاستقرار أي مجتمع إنساني يجب توافر ثلاثة عناصر أساسية هي: السياسة والأمن والاقتصاد. وتعد السياسة والاقتصاد توأمين مرتبطتين إذ إنهما كانتا سابقا تدرَسان على أنهما تخصص واحد. ودائما ما يقال بأن التجار الجيدين يجب أن يكونوا سياسيين جيدين! لكسب تعاطف الشعب !لان هذا النوع من العلاقة بين التجار والمواطنين حيوي لاستمرار الازدهار الاقتصادي. إلا أنني أرى أن هذه العلاقة بدأت تأخذ منحى آخر غير الذي يجب أن تكون عليه.
فنحن نرى استياء حاداً من المواطنين نتيجة تعامل التجار الذي يصفونه بالمجحف معهم. ومثال ذلك أنه عندما يرتفع سعر أي سلعة عالمياً تجد أن الارتفاع يصلنا بسرعة قد تفوق سرعة الضوء وبأضعاف السعر ! وسرعان ما نسمع الديباجة الشهيرة من التجار بأننا جزء من العالم والعالم قرية صغيرة وما إلى ذلك من الأعذار !. وفي المقابل عندما ينخفض سعر أي سلعة عالمياً فإن هذا الانخفاض لا يطالنا ويتردد على أسماعنا الشعار الشهير بأن لنا خصوصية معينة!
مثال آخر هو مسألة الثقة بالمقاولين السعوديين فقد وصل الأمر إلى أسوأ أحواله ويؤسفني أن أرى الكثيرين يطالبون باعتماد المقاولين الأجانب للمشاريع الوطنية نتيجة ما عايشوه من حسن الأداء عندما كانت تنفذ المشاريع بواسطة الشركات الكورية قديما - وإن كنت لا ألومهم بهذه المطالبات - .
الغريب في الأمر أن المشاريع التي تنفذ في الخارج بواسطة شركات سعودية تنفذ على أكمل وجه وتظهر والحق يقال بصورة مشرفة ولكن عندما تنفذ في الداخل من قبل الشركات ذاتها لا تتسم بالجودة نفسها.
وكلمة السر التي تحل هذا اللغز هي "الرقابة".
يقول أحد الإخوة ساخراً لو أن بعض المقاولين السعوديين بذلوا الجهد نفسه الذي يبذلونه لاختلاق الأعذار والتأجيلات لتم تنفيذ المشاريع على أكمل وجه وبوقت قياسي.
الغالبية العظمى من التجار في البلاد الغربية والشرقية ما أن يصبح أحدهم ثرياً حتى يحاول رد بعض الفضل لبلده..إذ أصبح في الغرب عرف وعادة بأن يسأل التاجر في أي مقابلة أو محفل ماذا قدمت لبلادك أو حتى مسقط رأسك. إذ غالباً ما يساهم في بناء مستشفى أو جامعة أو مؤسسة خيرية يرد فيها جزءاً من فضل بلاده عليه ويخلد ذكراه.
فكل المدن التي زرتها في شرق الأرض وغربها وجدت أن أغلب مشاريعها الخدماتية تكون ممولة من تجار البلد بينما إذا استثنينا البعض من التجار عندنا فلا أرى حتى كلية أو جناحا من مستشفى ممولا من قبلهم رغم تضخم ارصدتهم المعلنه في قوائم أثرياء العالم أضف إلى ذلك قلة السعودة وعدم المشاركة في دعم مشاريع الشباب
وبالرغم من أن هذا البلد بلد خير أعطى الكثير.
فيكفي أنه لا يوجد نظام ضريبي على التجار وهو ما يفرض خارجياً على كل شيء عدا الهواء! فالحكومة لم تقصر في إعطاء التجار قروضا ميسرة وأراضي مجانية للمشاريع وأولوية في إرسائها...الخ. فأين المواطن البسيط من كل ذلك في نظر التاجر؟
الدولة وقفت مع التجار كثيراً وساندتهم وأرادت أن تلفت أنظارهم بلطف ليردوا جزءاً من هذا المعروف عن طريق حسن التعامل مع الشعب ويصلوا إلى رضا المواطن
كانت الدولة تستطيع وبكل سهولة فرض إرادتها على التجار عبر بعض الإجراءات فهي المحرك الأساسي للاقتصاد لكنها تؤمن بحرية التجارة وتريد بأن يبادر التجار بأنفسهم لذلك إذ إنهم جزء مهم من هذا الوطن.
ويجب أن لا تغيب عن ذهن التجار القاعدة التاريخية الشهيرة بأن رأس مال التاجر الحقيقي هو سمعته ، والناس هم شهود الله على الأرض.
http://www.alriyadh.com/2010/06/08/article532904.html
قلت اللي نقوله ونردده دوما