كاتب مميز
رقـم العضويــة: 9879
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشـــاركـات: 271
|
العشوائية للشيخ سليمان بن أحمد الدويش بخصوص جدة
اقرأو المقال يا اخوان واعطوني رأيكم ونبغى تعليقاتكم
العشوائية
الأربعاء 02, ديسمبر 2009
الحمدلله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين , نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد :
فقد كنت ذات ليلة أستمع إلى حوار بين مذيع إذاعة لندن , وضيفٍ من ليبيا , وكان الضيف الليبي يتحدَّث عن مستوى الديمقراطية في ليبيا , ويذكر من نماذجها الفريدة , وصورها الباهرة , ماجعل المذيع , يضحك بشكل غير طبيعي , ويقاطعه ليسأل :
كل هذا في ليبيا ؟ , فيجيب الضيف نعم نعم , فيعاود المذيع الضحك , رغم محاولاته المستميتة , في أن يبدو موضوعيا ومحايدا , إلا أن ما غشيه من مفاجأة حديث الضيف , جعله يخرج عن ماتكلفه , إلى مايعلمه .
وأنا مع كفري بالديمقراطية , وبغضي لأصحابها ودعاتها , لأنهم كذبة مصلحيون , إلا أني استشهدت بهذه المحاورة , ليس لأنفذ من خلالها للحديث عن ليبيا الديمقراطية , ولا عن ديمقراطية ليبيا , بل لأجعلها مفتاحا للحديث عن الشعارات , ولأقرن بين زيف ذلك الليبي في حديثه , وزيف كثير ممن تحدث , أو سيتحدث عن نكبات جدة , وكيف أن منطق التبرير للفساد واحد , وتزييف الحقائق لايختلف , وأن الشعارات تكذِّبها الحقائق .
ديمقراطية ليبيا , شعار لا يختلف في زيفه , من حيث التطبيق , عن شعار أمانة جدة " جدة أمانة فلنؤد الأمانة " , فقد أظهرت الحقائق أن أمانة جدة تتعثَّر في الصرف الصحي , وتغرق في مياه المجاري , ويمكن القول : إن الذي تنجح فيه بأمانة هو ضعف الأمانة .
التبرير للفساد صعب , ومحاسبة المفسدين أصعب , لأنها قد تكشف أوراقا سوداء , وتفضح شخوصا طالما ادعوا النزاهة والوطنية , ولذلك فما أجمل تعليق المصائب على القضاء والقدر , أو تحميل المنكوب المشكلة والتبعة , لأن في ذلك التصرف خروج بأقل الخسائر الممكنة , وردم لفوَّهة البركان المحرقة .
لقد سمعنا جميعا أن سبب تلك النكبة " العشوائية " , وهذا كذب واضح , وتزوير فاضح , فالعشوائية في رأيي هي في الحديث عن العشوائية , والعشوائية في التعاطي مع هذا الحدث بعشوائية , ومن صور العشوائية :
" عشوائية الحديث عن عشوائية الأحياء "
إن العشوائية التي يتحدثون عنها ليست من قبل سكان الأحياء , فهم لم يباشروا عمل البناء إلا بعد أخذ الفسوحات اللازمة , وبعد اعتماد تلك المواقع من الأمانة , لاسيما وبعض تلك المباني مما عليه قرض من صندوق التنمية العقاري , وهي جميعا مشمولة بالماء والكهرباء والخدمات الأخرى , وفيها مدارس ومستوصفات , فأين تكمن العشوائية ؟ , هل هي في من منحهم التراخيص ؟ , أم هي في من اتبع كل الإجراءات النظامية للحصول على حُلمه " سكن مُلك " , مستبعدا بعد هذا كله , أنه ضحية مؤامرة , من عصابة فاجرة , كل همها ما تتحصل عليه من رُشىً , أو عمولة بيع أو وساطة , أو غير ذلك , أو ضحية إهمال من رعاة الأمانة , يمكن تبرير ذلك كله ببرود متناهي , وكأن النافق من جراء ماحدث بعض غربان جدة عياذا بالله .
إن صحَّ أن تلك المباني عشوائية , وأنها تقع في مجاري الأودية , فهذا لايتحمله سكان تلك المباني إلا في حالة واحدة , وهي أن يكون أنشأ بنيانه دون إذن , وتمَّ توجيهه وأخذ الإقرار عليه والتعهد , بأن يمتنع , وأنه يتحمل تبعة ما يحدث له , أما ماعدا تلك الحالة , فيجب استدعاء كل موظف أصدر إذنا , أو باشر المراقبة على تلك الأحياء , أو اعتمد تلك المخططات , أو شارك في تسهيل مهمتها بأي صورة , أو حرم أهلها من حقهم الطبيعي في غيرها , مما هو بعيد عن مجاري الأودية , ومحاسبته محاسبة جادة , وعرضه على المحكمة , لأن ذلك من الخيانة , بل هي جناية مباشرة , وهم في رأيي يتحملون تلك الأنفس الزاهقة , والأموال التالفة , بل ويجب إبعادهم عن أعمال المسلمين , لأنهم غششة لايمكن الوثوق بهم .
أقول : هذا على افتراض أن تلك المقولة صحيحة , فكيف إذا علمنا أن من المواقع المتضررة المنكوبة , بعض المشاريع الحكومية , التي لم يمض على افتتاحها سنة واحدة , فأين تكمن العشوائية حينها ؟ .
بل ويزداد الأمر خطورة حين تخفي تلك التهم العشوائية بالعشوائية , نوايا مبيتة لعشوائية مستقبلية الله أعلم بحجمها , فضلا عن ما انطوت عليه من تبرير لعشوائية سالفة رأينا كيف هي آثارها .
" عشوائية التصريحات والتحليلات "
في ظني أن تسمية تلك النكبة بـ " الكوارث الطبيعية " غير صحيح , فالكوارث الطبيعية في مالايقدر الإنسان على تقليله ودفعه , أما ما يقدر الإنسان على تقليله ودفعه , ثم يكون منه الإهمال والتراخي , أوالغش والتحايل , فهذا ليس من الكوارث الطبيعية , مع أن بعض الدول المتقدمة , خاصة مايقع منها في مناطق الكوارث الطبيعية , قد جهدت للتقليل من آثارها , كما فعلت اليابان مع الزلازل .
ما أصاب جدة من أمطار , يقع أضعاف أضعافها يوميا , في مدن كبرى لدول فقيرة , كما هي الحال في الهند وبعض بلادشرق آسيا , ومع هذا لم نشاهد مثل تلك المآسي فيها , بل إن أهل تلك البلاد لايعتبرون ذلك كارثة طبيعية , إلا أن تتحول مياه الأنهار إلى فيضانات , ونحو ذلك , أما ماسوى ذلك فهم يرونه طبيعيا جدا , ويتعاملون معه بهدوء تام .
واعتبار أن ما أصاب جدة كارثة طبيعية , يوحي بأننا غير مؤهلين لاستقبال أي حدث طارىء , ويضفي شرعية على ممارسات خاطئة تمت في جنح الظلام .
وإذا كان ماتعرضت له جدة كارثة طبيعية فلماذا تلام الأحياء العشوائية , إلا أن تكون تلك الأحياء في نظر هؤلاء أد تلك الكوارث الطبيعية , أو أنهم يرون جدة بدونها قادرة على التصدي للكوارث الطبيعية .
ولو سلمنا جدلا أن ما أصاب جدة , كان كارثة طبيعية , فأين كانت الاستعدادات للكوارث ؟ , وماذا قدمت الجهات المعنية لتلافي مثل هذا الكوارث ؟ , وأيها أولى بالاهتمام والعناية , التقليل من أخطار الكوارث , أو ملاحقة التافهين والسفهاء , وإحياء ليالي الطرب والغناء , ورعاية الحفلات والمهرجانات اللاهية , وتبني المشاريع التافهة والحقيرة ؟ .
" عشوائية الصرف الصحي "
كنت قد تحدثت قبل مدة عن قضية غربان جدة , وتناولت قضية الصرف الصحي في جدة , وأذكر أن مما لفت انتباهي في قضية غربان جدة , أنه تم التعاقد مع مؤسسة للتخلص من الغربان بمبلغ خيالي , حيث يكلف الغراب الواحد مايزيد على خمسين ريالا , وهو ما يثير سؤالا كبيرا , إذا كان هذا تكلفة الغراب الواحد , وفي جدة عشرات الآلاف من الغربان , فياترى كم ستكون تكلفة مشروع الصرف الصحي ؟ , وأي الأجيال القادمة سيستفيد منه ؟ , وكم صفقة ستتم بعده للتخلص من جرذان الصرف الصحي ؟ , وهل ستنشغل أمانة جدة بالزخرفة والتماثيل , والمناظر الجمالية , عن الفساد الذي ينخر القاعدة والبنية التحتية ؟ .
والله إنك لتحار , وتبلغ بك الحيرة مبلغها , لأنك لاتدري هل أنت في واقع أم في حلم , وإلا كيف يمكن تصديق أن الغراب يكلف هذا المبلغ , الذي لو علم هو فيه , لربما قال : امنحوني هذا المبلغ ولن تروني بعد اليوم .
فهو بين أن يذهب فرحا بهذا المبلغ الخيالي , أو لا أقل من أن يغادر سماء جدة الملوثة بدخان المحارق , وروائح بحيرة المسك الصحي .
ومن المضحكات المبكيات , أنه كان يقال عن جزر البندقية , إن مافيها من وعود وتوقعات , تفتقر للمصداقية , وغير واقعية , وأن الأمانة تنشد المصداقية , وترفض المبالغات !!! .
شيء مخجل ومحير في نفس الوقت
رأيت في السودان جسراً يقطع النيل , وذكروا أنه تبرُّع من دولة أوربية , بعد أن انتهى عمره الافتراضي فيها , ولازال الجسر يعمل بكامل قدراته , فياترى كم تكلفة هذا الجسر؟ , وكم استفاد منه من عابرٍ ومن دولة ؟ , ثم قارن بينه وبين مسبح الملك عبدالله , الذي يسمونه تمليحا " نفق الملك عبدالله " , وتأمل كيف سيتم التعامل مع مايتعرض له من أمطار مستقبلا , وقبل ذلك اسأل : هل هو من ضمن المخططات العشوائية ؟ , ثم عرِّج ثانية وتأمل , كيف سيتم وضع الصرف الصحي له , ومن سيستلم مناقصة هذا المشروع , أم ستكون هناك مواطير شفط لأموال الدولة , عفوا أقصد لمياه المسبح , عفوا أقصد لمياه النفق !!! .
كم مليار رصد لمشروع الصرف الصحي ؟ , وهل سيتم حسب مايأمله ويرجوه أهل جدة المساكين ؟ .
إنه لامجال اليوم للتسامح مع العابثين , مهما كانت مكانتهم الاجتماعية أو الوظيفية , وإلا فسنحصد مزيدا من القتلى والدمار , وسنكون مضغة في فم كل شامت , وأضحوكة لكل حاقد مغرض متربص .
إن مما سمعناه من قول الملك – حفظه الله - : سأضرب بالعدل هامة الظلم والجور , وهذا ما يجعلنا نرغب إليه – حفظه الله - , بعد أن أصدر أمره بتعويض المتضررين , وظهرت منه بوادر الرقة والرحمة والأبوة , أن يصدر أمره بتشكيل لجنة عليا , يتولى رئاستها سمو النائب الثاني – حفظه الله – الذي عرف بحزمه وصرامته , ووضوحه وشفافيته , يتم من خلالها محاسبة كل متسبب في النكبة , ولو بالإيماء والإشارة , وضرب هاماتهم بسيف عدله , حتى لاتتكرر صور الأشلاء والجثث , والمآسي والأحزان , فإن الناظر لما وقع , والمتأمل في حال المفجوعين , يدرك أنهم بحاجة إلى إصلاح , أكثر من حاجتهم إلى تضميد جراح , وإن كان في التضميد خير كثير .
ومما يمكن الحديث عنه هنا , أننا بحاجة إلى معرفة مصير الأموال السابقة , التي اعتمدت لمشاريع الصرف الصحي , وأين ذهبت ؟ , وإن كان ما نفذ من الأعمال يتناسب مع حجم الأموال فذاك , وإلا فيمكن تغريم المفرط والتشهير به , حتى يكون ذلك درسا لكل مهمل مفرط , فأرواح الناس ليست عبثا .
" عشوائية الإعلام "
سمعنا وقرأنا وشاهدنا , وليتنا لم نسمع شيئاً ولم نقرأ , وياليت أن إعلامنا اكتفى بالصمت كعادته أيام المحن , وياليت أن كثيرا من الكتاب تحدث بما يمليه عليه الضمير الحي , والغيرة الصادقة على مصالح بلده ومجتمعه .
لقد تجلى بمالايدع مجالا للشك أن كثيرا من الأقلام المستكتبة لايهمها إلا إثارة الفتن , ومصالحها الشخصية , وأن دعواها حب الوطن , ومصلحة المواطن , دعوى زائفة , ولك أن تقارن بين حادثتين لتكتشف الدجل , كالشمس في رابعة النهار .
ماوقع من حريق مدرسة البنات في مكة , وكيف اتهمت فيه هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وكيف تم تأجيج القضية , وتناولها بشيء من التشفي والانتقام , وقل مثل ذلك في قضية تبوك , قارن بين هذين المثالين وموقف كثير من الكتاب منهما , وبين مواقفهم من حدث جدة , وكيف تناولوا القضية , إن كان فيهم من تناولها , ثم انظر إلى عشوائية الإعلام .
زد على ذلك إن صحَّ ما نُسب إلى وزير الإعلام , من أن تقرير وكالة الأنباء قد أعدَّ مسبقا , مما يعني أنه لم يواكب الحدث , وهذا مايثير شكوكا لاحدود لها حول كثير مما تبثه هذه الوكالة , أو غيرها من الوسائل الإعلامية المحسوبة على إعلامنا , وكيف هي الأمانة الإعلامية في الأزمات , وكيف أثر ذلك النفسي على المتضررين , وهم يرون ويسمعون التزوير للحقائق الحسية المشاهدة .
وأهم من هذا وذاك , كيف غفل هذا الإعلام عن التذكير بما في مثل هذه الأحداث من العظات والعبر , وأن لها أسباباً وبواعث , وهذه سنن لاتتخلف , فـ ( ما نزل بلاء إلا بذنب , ولا رفع إلا بتوبة ) , ( وماأصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) , ( ذلك بماقدمت يداك ) , ( كل نفس بما كسبت رهينة ) , ومن منا اليوم لم يقارف ذنبا , ويقتحم خطيئة ؟ .
أو أن يكون ذلك امتحان من الله لعباده لينظر صبرهم , أو ليغفر بذلك زلاتهم , ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ) , وكل هذا مما ينبغى التذكير به , لأنه تعليق الأمور بأسباب غير شرعية , مما يزيد في الغفلة , ويهوِّن أمر المعصية , لاسيما ونحن نرى أن المعاصي في ازدياد , والمجاهرة بها أصبحت عادة لكثير من الناس , وقد سبق لنا من النذر الإلهية , ما يكفي لتدارك أنفسنا بالتوبة والرجوع , فمن حبس الأمطار , إلى تلوث الأجواء , إلى تسلط الأعداء , إلى انتشار الجريمة , إلى جريان العواصف والأتربة , ( ومايعلم جنود ربك إلا هو وماهي إلا ذكرى للبشر ) , ولاتعارض بين التذكير بهذا وبين المطالبة بمحاسبة الغششة والمفرطين , لأن من الذنوب الموجبة للعقوبة , السكوت عن مثل ذلك , كما إن من أسباب العقوبات , ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , أو تقليل شأنه , والتمكين في مقابل ذلك لأهل الفساد الأخلاقي والفكري والعقائدي , ومحاربة سبل الخير , ومناشط البر , كمراكز الدعوة , وجمعيات البر , والمخيمات الدعوية , ونحوها , والإشادة بالمهرجانات المنكرة الآثمة , وإبرازها , وجعل الدعاية لها , وتسهيل شأنها , ونحو ذلك .
لك أن تتخيل كيف يتعامل الإعلام , خاصة المقروء منه , مع بعض القضايا التي يكون أحد أطرافها من أهل الخير , أو من المحسوبين عليهم , وكيف يقوم كثير من الكتاب ذوي التوجه المشبوه بالحديث عنه , والمطالبة بإنزال أقسى العقوبات عليه , و مثل هذه النكبات التي جازت في ضحاياها حدَّا لا يمكن تصوره , لايمكن أن تحظى منهم بمثل هذه الحماسة والانفعال !!! .
وفي المقابل , ماذا يضر وزارة الثقافة والإعلام لو جعلت بث إذاعة البرنامج الثاني مقتصرة على توجيه الناس وإرشادهم , نحو الطرق الآمنة , والبعد عن مواقع الخطر حتى لايقتحموها ؟ ! .
وإن تعجب فاعجب من بعض المحطات العفنة التي تبث من جدة ثم هي ترقص على نكباتها , وكانت مواساتها لأهل جدة بعزف الأوتار , وخضوع النواعم بالقول !!!!.
وهكذا نحن والإعلام , ولهذا فلا غرابة إن قلنا وبوضوح : إنه إعلام فاشل , ولاينطق بصوتنا , بل ولايمثلنا في كثير من أمره , فالله المستعان .
" عشوائية التعامل مع النكبات "
لقد أحسن خادم الحرمين – حفظه الله – حين بادر بمواساة أهالي الغرقى , والمصابين والمتضررين , وهذا جزء من مهامه ومسؤولياته , ومثله لايستغرب منه ذلك , كيف لا وقد واسى الأبعدين من الناس , فهل يستغرب منه مواساة الأقربين ؟ .
وهذه المواساة منه تحتاج أن نكون كما وجَّه بها – حفظه الله - , وأن تتولى ذلك جهات مأمونة , حتى تقع محلها , ويكون لها أثرها , وإلا فستتجدد الآلام وتتضاعف , وتعظم الحسرات وتزداد العبرات , لاسيما والغصة خانقه , والنفوس حانقة , وأهل النفوس الضعيفة المريضة , لايتورعون عن شيء , وإذا كان أهل النخوات والمروءات يبادرون في بذل مافي وسعهم لتخفيف مصاب إخوانهم , بما يقدرون عليه , فمن كان له فضل مال بذل من فضل ماله , ومن كان له مأوى فوق حاجته أعطى المحتاج ما زاد عن الحاجة , ومن كان عنده آلة أو معدات يمكن المساهمة فيها , وتشغيلها ابتغاء ثواب الله , وطمعا في أن يكتب الله على يديه نجاة مسلم , أو تخفيف لوعة ملتاع , وهكذا , فكذلك أهل المصالح الانتهازيون , يفرحون بمثل هذه النكبة , لأنهم يرون فيها فرصة لتشغيل آلياتهم بأغلى الأثمان , نظرا لحساسية الظرف , ورفع أسعار السلع والعقار وأماكن الإيواء وهكذا , وشعارهم في هذا : " مصائب قوم عند قوم فوائد " .
فالمقصود أن هناك ضعاف نفوس لايتورعون , وهؤلاء من نفس طينة الغششة , أصحاب الوهميات , الذين يرون الحلال ما حلَّ في أيديهم , والحرام ما تعذر وصوله إليهم , وهذا أمر تعلمه حتى غربان جدة ومجاريها .
كما إن هذه المواساة منه – حفظه الله – تكشف الجانب الآخر , من البرود لدى بعض من تحدث عن هذا الأمر , وذلك حين يكون تعامله مع مشاعر الناس بالملامة لهم , ومحاولة تصويب بعض ما كان يذهب إليه أو يتبناه , وكأن الأمر قد توقف عند حدود المواقف الشخصية .
في مثل هذه النكبة وغيرها , يجب أن نكون كما يتعامل بعض أصحاب المحلات التجارية , الذين يجيدون فن التعامل التجاري , حيث يضعون لافتة للزبون " أنت دائما على حق " , وهو تعامل موجود وللأسف لدى الغربيين , حين يتجهون إلى تقديم الاستقالات , والاعتراف علانية بالتقصير , وذلك لتهدئة الأمور , وتخفيف الاحتقان , وهذا ماكنا نتصوره من بعض من تحدث , أن يعتذر أو يعلن خطأ بعض الإجراءات , أو يعد على الأقل بالمحاسبة والمعاقبة والمراجعة , أما أن ينصب اللوم على الأحياء العشوائية كما يسمونها , مع أنهم هم من عشواها , وهم من تولى كبر جعلها كذلك , ويكون وعدهم بعد ذلك اللوم تصحيح وضع هذه الأحياء , وهو ما يوحي بإزالتها , دون وعد بتعويض أصحابها بمساكن أفضل منها , في مخططات غير عشوائية , مشمولة بخدمات متكاملة من بينها الصرف الصحي , فإن هذا وللأسف من العشوائية في التعامل مع الأزمات , ومن عدم المبالاة بمشاعر الناس وأحاسيسهم .
" وختاماً "
فالذي أتوجه به إلى المتضررين , وغيرهم من عموم المسلمين , أن يتقوا الله تعالى , وأن يعلموا أن الله أحق أن يخشى ويُخاف منه , ولهذا فمن كان مذنباً – وكلنا كذلك – فليتب وليستعتب , قبل أن يحل به عقاب الله , أو يفجأه الموت وهو على غفلته وزلته , ومن كان محسناً , فليعلم أن الله يبتلي بالسراء والضراء , والشر والخير , ليمتحن إيمان العباد , وصدق البلاء , وخالص الولاء , ولينظر كيف يعملون , فعليه أن يسترجع ويرضى بما قضى الله وقدر , ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه , وما أخطأه لم يكن ليصيبه , وأن أجل الله لآت , وأن لكل أجل كتاب , وأن البلايا والمصائب , ككير السبك للعبد , فمن صحَّ يقينه بالله خرج بريئا من الذنوب , ومن جزع وسخط , تجرع المصاب , وحرم الثواب .
وعلينا جميعاً أن نحمدالله إذ لم تكن أعظم , وأنها في الدنيا وليست في الدين , وأن من قضى نحبه فيها فهو موعود بخير , معدود في عداد الشهداء نسأل الله لهم ذلك .
كما يتأكد التذكير بمراجعة النفس , والتفكير الجاد والصادق , وأن نستخلص مما رأيناه العبر , فإذا كان هذا الدمار وقع في هذه الفترة اليسيرة , حتى إن السيارات أصبحت كالعلب الفارغة , وانطمرت بعض المعالم والمساكن , فكيف لو طالت مدة هطول الماء وازدادت !! .
" مواجع "
* هل شاركت الطائرة التي أقلت الفرقة الموسيقية لإحياء حفلة محمد عبده الغنائية بالإنقاذ , أو نقل المصابين ؟ .
* هل سيقوم محمد عبده أو رابح صقر بعمل أوبريت لمواساة المفجوعين ؟ .
* هل سيقوم بعض كتاب الصحف بتصفية حساباته مع أئمة المساجد والخطباء , وملاحقتهم حول القنوت للمنكوبين من أهل الأحياء العشوائية , واعتبار أن عدم فعل ذلك ليس من الوطنية ؟ .
* هل سنشاهد قريبا تلميعا لبعض يفترض أن تتم محاسبتهم ؟ .
* هل سيستمر الإعلام في مهازله ؟ .
* هل سيستمر الوطن والمواطن ضحية لضعيفي الذمم , وعديمي الضمير ؟ .
* هل سنستمر في سياسة هدم الأخذ بزمام المبادرة إلا بعد وقوع النكبة ؟ .
* هل سنستمر بالأسئلة المتكررة المؤلمة دون أن نجد إجابة ؟ .
وللحديث تتمة , أكملها في حينها بحول الله ....
والله أسأل أن يجبر الكسر , ويقبل الموتى عنده شهداء , وأن يعجل بشفاء المصابين , وأن يلطف بالمفقودين , وأن يثبت قلوب المفجوعين , وأن يعاجل بعقابه , وشديد سطوته الخونة والمفسدين .
اللهم وفق ولاة الأمر لكل خير , واصرف عنهم كل شر , وافرج لهم في المضائق , واكشف لهم وجوه الحقائق , وأعنهم ببطانة ناصحة , تدلهم على الخير , وتحذرهم من الشر , تذكرهم بالخير إذا نسوا , وتعينهم عليه إذا تذكروا , واصرف عنهم بطانة السوء , وقالة السوء , ونقلة السوء , وأهل الغش والخديعة , والذمم الرخيصة .
اللهم من كان سببا في نكبة إخواننا في جدة وغيرها , اللهم فافضحه , واهتك ستره , وضيق عليه عيشه , واجعل الدنيا أضيق في عينه ونفسه وقلبه من سمِّ الخياط , وأمته مقهورا ذليلا معدما .
ومن سعى في مصالحهم , وقام على حقوقهم , اللهم فأعطه فوق ماتمنى من الخير , واصرف عنه أضعاف ما يحاذر من الشر , واجعل له بكل خطوة حسنة , وحط عنه بكل خطوة خطيئة .
اللهم أصلح الراعي والرعية .
اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان , واستر عوراتهم , وآمن روعاتهم , ورد غائبهم , وعاف مبتلاهم , واهد ضالهم , واكس عاريهم , واحمل حافيهم , وأطعم جائعهم , واجمع شملهم على الحق , وأيقظهم من سِنَةِ الغفلة , واجعلهم حماة للملة .
اللهم انصر إخواننا المجاهدين في الجنوب , وأمكنهم من رقاب عدوهم , وأنزل بعدوهم بأسك الذي لايرد عن القوم المجرمين .
اللهم عليك بالحوثيين , ومن ساندهم وأمدَّهم , اللهم أحصهم عددا , واقتلهم بددا , ولاتغادر منهم أحداً .
اللهم ثبت أقدام جنودنا , وأنزل عليهم السكينة , واخلفهم في أهليهم خيرا , وأقرَّ أعينهم بنصر من عندك , وأمدهم بجند من جندك , وأفرغ عليهم الصبر إفراغا .
اللهم من أعان الحوثيين على بغيهم وظلمهم وفسادهم , اللهم فأزل دولته , وأضعف قوته , ودمره بسلاحه , واجعل تدبيره تدميرا له .
اللهم وانصر المجاهدين , الذين يجاهدون في سبيلك في كل مكان , وأغنهم بقوتك وفضلك عمَّن سواك .
هذا والله أعلى وأعلم , وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
وكتبه
سليمان بن أحمد بن عبدالعزيز الدويش
أبو مالك
mamal_m_s@hotmail.com
المصدر
http://www.lojainiat.com/index.cfm?d...ontentid=30275
في نقط عجبتني بالمقاله واضحكني
كنت قد تحدثت قبل مدة عن قضية غربان جدة , وتناولت قضية الصرف الصحي في جدة , وأذكر أن مما لفت انتباهي في قضية غربان جدة , أنه تم التعاقد مع مؤسسة للتخلص من الغربان بمبلغ خيالي , حيث يكلف الغراب الواحد مايزيد على خمسين ريالا , وهو ما يثير سؤالا كبيرا , إذا كان هذا تكلفة الغراب الواحد , وفي جدة عشرات الآلاف من الغربان , فياترى كم ستكون تكلفة مشروع الصرف الصحي ؟ , وأي الأجيال القادمة سيستفيد منه ؟ , وكم صفقة ستتم بعده للتخلص من جرذان الصرف الصحي ؟ , وهل ستنشغل أمانة جدة بالزخرفة والتماثيل , والمناظر الجمالية , عن الفساد الذي ينخر القاعدة والبنية التحتية ؟ .
والله إنك لتحار , وتبلغ بك الحيرة مبلغها , لأنك لاتدري هل أنت في واقع أم في حلم , وإلا كيف يمكن تصديق أن الغراب يكلف هذا المبلغ , الذي لو علم هو فيه , لربما قال : امنحوني هذا المبلغ ولن تروني بعد اليوم .
فهو بين أن يذهب فرحا بهذا المبلغ الخيالي , أو لا أقل من أن يغادر سماء جدة الملوثة بدخان المحارق , وروائح بحيرة المسك الصحي .
غراب يأخذ 50 ريال هههههههههه وياخوفي يطلع بكره مسؤول ويقول نزيد التكلفه ويصير بـ 500 ريال للغراب الواحد
نحسب مثلاً تقريباً 50 ريال في 100 الف غراب بجده = 5 مليون ريال في الباطن 1 ريال للغراب والباقي بالبطن
|
|
|