إلاّ حقوق المشتركين… يا هيئتنا الموقرة!؟
بقلم
عبد العزيز السويد
قالت هيئة الاتصالات السعودية في بيان عاجل لها بثته «واس» مساء يوم الأحد إنها غير موافقة على عرض شركة الاتصالات الخاص بشهر مجاني لمكالمات الجوال المفوتر داخل شبكتها. البيان صدر بعد مرور يوم على بدء العرض، لعل الهيئة تعلن لاحقاً تحمّلها أتعاب رسوم من تورّط واستخدم العرض المرفوض لصمتها يوماً كاملاً أو أكثر من دون القيام بواجبها.
لكن الهيئة برّرت موقفها الرافض عرض الشركة بقولها: «إن العرض المذكور آنفاً مخالف لأنظمتها وقد تم الطلب من الشركة إيقافه فوراً، والهيئة إذ تعلن هذا لتؤكد حرصها على حفظ كافة حقوق المشتركين وحماية المنافسة العادلة» (انتهى).
من الواضح أن لدى الهيئة حرصاً، لكنه بالتأكيد ليس لحماية حقوق المشتركين. انتفاضتها الحاسمة في إصدار بيان مثل هذا لم تأتِ لمصلحة المشتركين بل لمصلحة المشغلين الآخرين عملاً بتفسيرها لقميص عثمان أو «حماية المنافسة العادلة».
انتفضت الهيئة لأجل المشغّلين الآخرين لا لأجل المشتركين، وحرمت برفضها بعض المشتركين من الاستمتاع بهذا العرض المجاني، وليس هذا مهماً بقدر أهمية سرعة الانتفاضة ودوافعها عندما حصل مساس بأعمال المشغّلين الآخرين، في مقابل صمت مطبق على ما تعرضت له حقوق المشتركين في قضية الفوترة وتردي الخدمة ومسائل أخرى يطول ذكرها حتى على شركات أخرى غير الاتصالات. لماذا الكيل بمكيالين؟ لأن المشغّلين أقوياء والمشتركين ضعفاء، الأولين «قالطين»، أما المشتركون فحدُّهم مكتب الشكاوى أو الإدارة القانونية في الهيئة التي تبحث عن مخارج لرفض البحث في الشكاوى، ويقال دائماً إنهم قاموا بتغريم كذا مليون للشركة الفلانية، ولا يُقال كم هي حقوق الأفراد التي استرجعت؟
كان الأولى بالهيئة الموقّرة ألا تذكر حرصها على حقوق المشتركين لئلا تستفزهم، هي قنعت بتحصيل الغرامات من دون النظر في حقوق المشتركين، وغالباً ما تكون الغرامات أقل بكثير من دخل أنشطة فيها مخالفات أو تهاون بحقوق الأفراد لذلك تتمتع بخاصية الاستمرار.
وفي مسألة لها صلة لاحظت أخيراً أكثر من كاتب يدافع عن «شركة الاتصالات السعودية»، وهذا أمر عادي، كلٌّ مسؤول عما يكتب، لكن البعض انجر لاتهام الآخرين بمحاربة الشركات «الوطنية الرائدة»، هذه الوطنية لا تذكر عند عدم الوفاء بحقوق المشتركين. وأشير هنا إلى أن أي انتقاد لشركة الاتصالات لا يعني امتداحاً لخدمات «موبايلي» أو «زين» بالضرورة، كل منهما فيه حقه، ننظر إلى «stc» أنها شركة تملك الدولة غالبية أسهمها. وحتى ولو لم نملك سهماً واحداً فيها، ولا نتمتع بما يتمتع به كبار موظفيها ومجلس إدارتها، نتوقع أن تتصف ببعض حكمة الدولة في التعامل، ثم إنها الأكبر حجماً ورثت القطاع العريض من المشتركين من «اللي ما يتسماش» الهاتف السعودي الذي لا نتذكره إلا وتظهر في المخيلة صورة لأذن الجمل، لعل حلمة أذنه الأخرى ما زالت في موقعها!
http://www.asuwayed.com/