اضحك مع المواطنين
الخميس, 29 أكتوبر 2009
عبدالعزيز السويد
الجهات الحكومية والقطاع الخاص محظوظون بمواطنين من نوع فريد، لست هنا اتحدث عن الحقوق والطموحات والدوران بحثاً عنها، بل عن التطوع لفعل الخير، الإحساس بما ومن حولك، لم يجف حبر سؤالي عن انخفاض التـــفاعل الإيجــابي إلا وتوالت الشواهد الطازجة ميدانياً، كتبت عن بعض منها في مقال يوم الأحد الماضي وجاءت إحدى الصحف الزميلة لتكحلها في قــصة لذيــذة بوجـــوه عـــدة، من الطرافة إلى الإحباط مع كريمة لذيذة من الدهشة... نشرتها يوم الاثنين.
المواطن سالم الشمري فوجئ بانفتاح باب صراف نقود يقع في أحد المستشفيات شمال الرياض، وبدلاً من أن يعتبر أن باب الحظ انفتح له أو مغارة علي بابا والساعة السادسة صباحاً من يوم الخميس «يعني مافيه أحد»، اتصل بالبنك صاحب الجهاز للإبلاغ عن المال السائب قيل له ما يقال في العادة «سنبلغ العمليات»، وطلب منه - بحسب ما نشرت الصحيفة - ترك الموقع، وبدلاً من أن «يسمع الكلام» أصلح الله حالنا وحاله، وزيادة في الحرص والاهتمام اتصل بالشرطة التي هرعت إلى الموقع على الفور... لماذا؟ لتدون معلوماته الشخصية، من رقم بطاقته... وخلافه... ثم تتركه وحيداً، تمترس سالم ثلاث ساعات يحرس الماكينة إلى أن وصلت فرقة الشركة المعنية، بعد أن تأكد عمالها من سلامة الأموال رفضوا تزويده بما يفيد إخلاء مسؤوليته خصوصاً وبياناته لدى الشرطة، الا بعد شد وجذب وشهود.
تلاحظ عزيزي القارئ أن البنك لم يهتم كثيراً بالمسألة، ثلاث ساعات ونصيحة بترك الموقع، لكن البنك سيهتم جداً جداً بعدم ظهور اسمه أمام القراء والعملاء. هذا لا يستغرب والحقيقة أن ما يستغرب هو موقف الشرطة التي لم تصدق «على الله» توافر حارس متطوع مجاناً... «ومدني بعد»، فأخذت بياناته وتركته لوحده، عملاً بمبدأ كل مواطن رجل أمن... المهم رقم بطاقته! ولو شاهدت هذا في التلفزيون لقلت إن فيه مبالغة زائدة عن الحد إلى درجة حصول مد من «المر». المواطن الأمين/ سالم أبدى تذمره وله الحق في ذلك، هو «فاهم غلط»، كم واحد فينا فاهم غلط يا ترى؟ وكان بودي لو سأله المحرر سؤالاً يقول لو صادفك موقف آخر مماثل ماذا ستفعل؟
القصة مضحكة بقدر الألم الذي سببته للأخ سالم... ولكل من اطلع عليها، توقعت أن تصدر شرطة الرياض بياناً توضيحياً في اليوم التالي، هذا لم يحدث، مثل أن يقال كانت الفرقة مشغولة بقضية خطيرة وتم تأمين المسؤولية برقبة مواطن، والحقيقة ان الشرطة والبنك وشركات أخرى محظوظون بفئات من المواطنين، وشعارهم الشهير يقول: «دع التبليغ لهم واستمتع بالصمت».
http://ksa.daralhayat.com/ksaarticle/70844
نحن مازلنا مسخرين ومسخرة لهم