قبل أيام بعث لي أحد الفضلاء برسالة بريدية , عبر شركة نقل عالمية ( أرامكس ) , وكان النقل داخلياً , إلا أني تفاجأت بموظف الشركة يتصل بي , ويتحدث معي بلغةٍ عربية مكسَّرة , ليعرف عنوان منزلي , لإيصال الرسالة .
وقد تكرر هذا المشهد معي ومع غيري كثيرا , وهو مادفعني للسؤال :
كم عدد العاملين في هذه الشركات الناقلة كشركة ( فيدكس , أرامكس , dhl ) أو غيرها مما نعلمه أو لانعلمه ؟ .
ثم قادني ذلك إلى سؤال آخر :
ماهي المهمة التي يقوم بها موظفوا تلك الشركات , خاصة من يعمل في توصيل الرسائل . أو استلامها ؟ .
وهذ بالطبع يقودنا إلى سؤال مهم :
هل تلك الأعمال بلغت من التعقيد مبلغا لايمكن أن يتعامل معه شبابنا الكادح ؟ .
ترى مسؤولية من حرمان الشباب العاطل من هذه المصالح , ومن المستفيد من بقاء هذه العمالة في بلادنا ليقوموا بدور هزيل , يمكن أن يقوم به أي شاب , بل ولو لزم الأمر , وكانت تلك الأعمال دقيقة , فيمكن إقامة دورات تدريبية يتعامل من خلالها شبابنا مع تعقيدات تلك المهمة .
لا أجد مبررا لبقاء العمالة الوافدة , تزاول أعمالا بدائية , وتتقاضى عليها مبالغ مجزية , في حين يصطف أبناء هذا البلد المعطاء طوابير لا أول لها ولا آخر , ليسابقوا على وظيفة كاتب , أو مراسل , أو غيرها من الوظائف الأخرى .
لمصلحة من , وفي ذمة من , ومسؤولية من , والوعود بالسعودة لم تفلح بعدُ , ولم تنجح حتى هذه اللحظة , بل الذي نراه سعودة الديون , وما أدراك ماسعودة الديون , فثلاثة أرباع مجتمعنا مدين لثلث الربع المتبقي , وثُلُثَا الربع المتبقي من ميسوري الحال , ممن لاعليهم ولا لهم !! .
فالأسهم أكلت مال اليتيم والأرملة والمسكين , وقضت على آمال كثير من أبناء المجتمع , والمساهمات الخادعة , ذات الوعود الأحلامية الخيالية الغرارة الغدارة , أتت على مالم تأكله نار الأسهم , ومن أفلت من هذه وتلك , فإن له نار غلاء الأسعار , وجشع التجار بالمرصاد , وهم كما قيل : بين فكي أسد جائع .