الفقراء... والعيد!
محمد المسحل الحياة - 01/10/08//
كل عام وأنتم بخير، ومن العايدين والفايزين! عايدين... عايدين على ماذا؟! إن قلت من العايدين أو قلت: أعاده الله علينا باليمن والخير والبركات، وسكتّ، أكون قد ظلمت، وكذبت، ونافقت! إذ لا بد أن أستثني بدعائي هذا أخوة لنا لا يريدون من الله أن يعيده عليهم وهم في وضع لا يعرفون خلاله ما سيأكلون آخر يومهم، ولا يعرفون كيف سيكبر أبناؤهم .
تعددت الانتقادات اللاذعة في حق وزير الشؤون الاجتماعية، بين انتقادات بناءة وغير بناءة، معظمها بالطبع يتحدث عن موضوع الفقر. وتراوحت الانتقادات بين متعاطف مع الوزير يقول: إنه من غير العدل تحميل الوزير الجديد العثيمين مسؤولية ما يحدث لشريحة الفقراء، وأن تناول الكتّاب المنتقدين له ولوزارته غير موضوعي وغير منطقي، إذ إن الوزير المسؤول لم يتسلم دفّة الوزارة الا قبل ثلاثة أشهر، خصوصاً أن عمله المبكّر واضح وملموس!
بل وذهب البعض لتأييد الوزارة، وانتقد بدلاً منها الكتّاب الذين يطالبون بحقوق الفقراء السعوديين، إذ طالبوا الكتّاب بأن يدعوا هذا الاستجداء، والكتابة الإنشائية، وادعوا أن خط الفقر خط عالمي معروف، وهو مصطلح يستعمل لوصف الدخل السنوي لشخص أو لعائلة، ليس بقدرتها تأمين متطلباتها الأساسية اللازمة للحياة، وهو بحسب تقارير معتمدة أقل من دولار في اليوم، وهذه يمكننا أن نبحث عنها في بنغلاديش والكونغو، وأنه لدينا فقراء ككل دول العالم، لكن ليس بالشكل الذي يصوره ويضخمه هؤلاء الكتّاب!
بل وبعضهم ذهب للدفاع عن الوزير والوزارة، لدرجة أنهم شددوا على عدم وجود فقراء في هذا البلد، طالما أن الفقراء الذين يدعون الفقر، والذين تصل رواتبهم إلى 4000 ريال، تصل فواتير جوالاتهم إلى 1000 ريال! ثم يلطمون ويشتكون من الفقر! ويورطون أنفسهم بأقساط من هنا وهناك، ويسأجرون شققاً بـ 2000 ريال! ويقولون: إن مشكلتنا في السعودية أن كل واحد يحط راسه براس المليونيرية، ويريد مثل ما عندهم ولا يعتبرون أنفسهم فقراء أصلاً! وأنا من جهتي أتفهم آراء هؤلاء وتعاطفهم مع الوزير بحجة حداثة عهده في الوزارة. وعلى رغم أن الأخوة الكتّاب الذين انتقدوه، لم ينتقدوا عمل الوزير بقدر ما انتقدوا تصريحاته التي من المفروض أن تكون أدق لمسؤول بمرتبة وزير تم تعيينه منذ ربع سنة! الذي كان يصرح بأن عدد الفقراء السعوديين «أقل» من مليوني شخص، مدّعياً أن هذه العبارة كانت عبارة دقيقة!
وعلى رغم أنني لست بالمستوى الذي يؤهلني لأن أشكك في مقدرة الوزير العثيمين، وأؤكّد وبكل أمانة أنه من الوزراء الذين أتوقع لهم نجاحاً كبيراً في عمله، خصوصاً أنه من ذوي القدرات المميزة جداً. ولكن بالوقت نفسه، لنا الحق كمواطنين أن نسأل: ولعل عنده الإجابة: كم شهراً أو حتى كم سنة نطلب من الفقراء الإنتظار ليعطوا الوزير الفقير الى الله فترة حتّى يدرك فقر الفقراء؟! وهل ذهبت جهود الوزراء وموازنات بحوثهم ودراساتهم للسنوات السابقة أدراج الرياح؟! أليس في أدراج الوزارة ولو تقرير واحد صحيح قد يساعد الوزير على معرفة ولو معلومة واحدة دقيقية؟! الأسئلة كثيرة، ولكن يكفيني الإجابة عن ما سبق منها، وحتى أن يكون هناك تحرك جذري استراتيجي لحل مشكلة فقراء السعودية، سأصدقهم القول وأقول: كل عام... وأنتم فقراء!
mohammed@almisehal.com
المصدر