الشهر الكريم وارتفاع الأسعار


د. خالد نايف الهباس - عكاظ


من المستغرب أن نسمع عن ارتفاع بعض السلع الرمضانية ارتفاعاً حاداً يشير إلى غياب دور الهيئات الرقابية المعنية بحماية المستهلك. في نفس الوقت الذي يدل ذلك على الطمع والجشع الذي أصاب التجار دون مراعاة لمشاعر المواطن واحتياجاته, خاصةً مع قرب دخول شهر رمضان المبارك, شهر العبادة والطاعة والبذل. ويبرر بعض صغار التجار تفاوت أسعار السلع من متجر إلى آخر إلى شرائها بأسعار مختلفة, بسعر التجزئة أو الجملة. لكن أعتقد أن مثل هذا التبرير غير منطقي.

نحن تعودنا على سماع تبرير مكرر لارتفاع الأسعار يرجعها لزيادة تكاليف الإنتاج والارتفاع العالمي للأسعار, إضافةً إلى انخفاض قيمة الدولار, بالتالي فإن الموردين ليس لديهم خيار سوى رفع أسعار السلع المستوردة. لكن ماذا عن السلع المنتجة محلياً, وماذا عن السلع التي تم تخزينها؟ ولماذا ترتفع أسعارها بنسب كبيرة؟ فهناك سلع دائمة على المائدة الرمضانية وبعضها منتج محلياً وبعضها مستورد لكنها ارتفعت ارتفاعاً كبيراً, مثل الفيمتو, الشوربة, اللقيمات, زيت عافية, السكر...الخ.

بعض هذه السلع ارتفعت أسعارها وفقاً لتقارير ميدانية بنسب تتراوح بين 30% و60% مقارنة بالعام الماضي. لكن ماذا عن الأسر المحتاجة وغير القادرة؟ هل تنتظر الزكاة في آخر شهر رمضان للتغلب على العوز الذي تعاني منه؟ وهل هناك جمعيات تعاونية قادرة على القيام بدورها على أكمل وجه في هذه الحالة؟ عندما تم تعيين وزير التجارة الجديد أستبشر المواطن خيراً بأن الوزارة سوف تقوم بالسيطرة على موجة التضخم العارمة التي لا تزال في تزايد. لكنّ أحلام المواطن بدأت تتبخر. ونحن لا نلوم الوزارة بشكل تام لكنها تتحمل نصيبها في ذلك, لأن المسألة جزء منها يخضع لظروف اقتصادية وقوانين اقتصادية فيما يتعلق بعملية العرض والطلب والأسعار, لكن أيضاً هناك تلاعب بالأسعار واستغلال لضعف دور الهيئات الرقابية في حماية المستهلك.

كما أن المواطن من ناحيته مسؤول أيضاً عن ذلك. فهناك إسراف في تقديم الكثير من الموائد الرمضانية, وهذا الإسراف غير مبرر, وعلى المواطن أن يغير من عاداته الاستهلاكية قدر إمكانه. فالثقافة الاستهلاكية الخاطئة تساهم بشكل واضح في رفع الأسعار من خلال زيادة الطلب, وتعطي الفرصة للمتلاعبين من التجار في تحقيق ما يصبون إليه من هامش ربحي.

رغم أن شهر رمضان له خصوصية روحانية ومكانة في نفوس المؤمنين, وشهر تواد وتراحم وعبادة, يحس فيه الناس بمعاناة بعضهم الآخر, ورغم ضرورة عدم إفساد فرحة المحرومين والمعوزين والفقراء وأصحاب الدخول المتدنية بهذا الشهر, الذي يجب أن لا يكون شهر فوارق بين الناس, إلا أنني أعتقد بأنه سوف يكون فرصة للبعض للكسب التجاري. رغم أن بعض المحللين توقعوا أن توافق شهر رمضان مع الإجازة الكبرى سوف يقلل من الطلب على السلع مما سوف يساهم بانخفاض بعض الأسعار, لكن ذلك يظل من باب العشم والتخمين وفقاً لما ذكرته التقارير الميدانية المنشورة على صفحات الجرائد.

التضخم أصبح واقعاً على المواطن التعايش معه خلال شهر رمضان وبعد شهر رمضان, لكن قد تكون المعاناة أكثر حدة في هذا الشهر الكريم نظير الإقبال المتزايد على شراء سلع معينة. ومؤسسات الدولة والحكومة بشكل عام عليها واجب أن تبحث عن حلول لذلك, على الأقل في هذه المناسبة الجليلة. فالكثير من الأسر سوف تكون ميزانياتها خالية الوفاض مع قرب حلول عيد الفطر, وهنا تبدأ معاناة أخرى تفسد على الكثيرين فرحة العيد. فالمواطن لم يعد يبحث عن كل جديد وكل سلعة غالية الثمن كي يتحلى بها للعيد, فالعيد أصبح للكثيرين من أرباب الأسر كابوساً مالياً ومعاناة حقيقية أخرى.

تسلمين بنت المدينة
العيد الا يحق للمواطن ان يفرح به ؟؟