من أجمل ماقرأت عن السوق السعودي:
سرقة في وضح النهار
كلما انهار السوق يزيد هذا في قوة البنوك
للأسف ما يحدث في سوق الأسهم لا يمت إلى أي ترابط اقتصادي في أعمال أي بورصة و أعود هنا إلى مقال سابق كنت قد كتبته في هذا المنتدى منذ أكثر من عام و نصف تقريبا و كان موضوع المقال هو دراسة لمخاطر نظامية في سوق الأسهم عبر تقييم ميزانيات البنوك و تعتبر أسوء كابوس للمخاطر التي كنا نتخوف من حصولها و للأسف أراها الآن تظهر و بكل فعالية و قوة هذا الكابوس المرعب في سوق الأسهم المحلي. و لا أنسى ردود فعل بعض المداخلات على هذا الموضوع وقتها و أجملها كان من أحد الأخوة أن تحليل كهذا لا يصدر حتى من جي بي مورجان و كثير من البنوك الأمريكية الشهيرة بالتحليل
بداية النزول الحالي الذي حدث اعتقدنا أنه عامل مؤقت من عوامل تذبذب البورصة و كنا متفائلين بعودة الأمور إلى مجاريها و لكن للأسف الآن اتضحت الرؤية و أن ما يحصل في السوق ليس له أي صلة بالاقتصاد إنما هو
تجسيد للكابوس المرعب الذي تخوفنا منه منذ أكثر من عام و نصف
لقد طلبت من الأخ الكريم صاحب هذا المنتدى أن يمكنني من استرجاع الموضوع السابق و لكن يبدو أنه تم شطبه و سوف أحاول إعادة مقتطفات منه من الذاكرة
موضوع المخاطر النظامية التي تخوفنا منها كعامل حقيقي قد يكون السبب وراء ما يحصل في سوق السهم و كان هو
قراءة تطورات سوق السهم من منظور ميزانيات البنوك المحلية
بالمختصر ودائع مجمل المستثمرين و المودعين في البنوك المحلية في حدود 500 مليار ريال و يقابلها أصول هي عبارة عن قروض تجارية لشركات محلية و أفراد لا يمكن استردادها في وقت قصير و الغالبية العظمى من أصول البنوك هي في سندات حكومية تم شراءها و دفع قيمتها من قبل البنوك عبر استعمالهم لودائع عملائهم إل 500 مليار المذكورة
النقد المتوفر لتلبية حاجة المودعين للسحب لا يزيد عن 25 مليار من مجمل البنوك
المدقق في عملية تداول الأسهم يلاحظ أن تداول الأسهم بيعا و شراء يتم عبر مقاصة فيما بين البنوك استنادا على ودائع عملائهم التي يتم تحويلها (على الورق من حسابات جارية إلى محافظ استثمارية) و عندما يقوم المستثمر بشراء سهم ما يعطي الأمر للبنك بخصم قيمة الشراء من حسابه الجاري و يحصل مقابلها العميل على ورق الكتروني اسمه أسهم في شركة ما. آلاف العمليات التي تتم فيما بين المتعاملين تتم الكترونيا على الورق و وودائعهم في البنوك (في مجملها) لا تزيد و لا تنقص بل تبقى كما هي تتحرك بين أرقام حسابات مختلفة.
الواقع هو أن الودائع التي في حسابات الناس تم أصلا استهلاكها من قبل البنوك إما بالإقراض و أغلبها تم دفعها للحكومة و تم صرفها لأعمال ميزانية الدولة و لن تعود نقدا و عدا في أي وقت. أي أن هذه الأموال لن تعود إلى البنوك في أي وقت قريب و ستبقى أصولا على الورق. و هذا يعني أن البنوك المحلية مفلسة واقعيا و تعيش فقط على الورق
مشكلة البنوك تكمن في كيفية التعامل مع مودعيهم أصحاب إل 500 مليار في السوق كافة. ففي حالة أن المودعين قرروا أن يسحبوا أموالهم من البنوك فلن تستطيع البنوك بالوفاء بالتزاماتها لأن الأموال المودعة تم صرفها فعليا كما اشرنا و لا يوجد منها سوى مليارات قليلة نقدا في الخزائن.
هذا السيناريو وضعناه قبل سنة و نصف و في خلال هذا الوقت لاحظنا أن السيولة النقدية للدولة ازدادت و خاصة أرصدة مؤسسة النقد من الاحتياطي النقدي الخارجي و لكن ديون الدولة لم يتم سدادها للبنوك و لا تزال البنوك مفلسة حقيقة و لكن ربحانة على الورق
و ذكرنا في موضوعنا السابق أن الطريق الوحيد لمؤسسة النقد لإخراج البنوك من مأزقها هو أن تقوم بعملية سطو قانوني منظم و منطقي على ودائع جميع العملاء في البنوك بحيث يتم تحويل هذه الودائع من حسابات المودعين إلى حسابات الحكومة و مؤسسة النقد بدون أن يكون هناك أدنى شك أو ريبة من أحد في مضمون هذا السطو الغير مسلح على أموال الناس
كيف؟
تم تجنيد مضاربين مجهولين الهوية و قليل منهم يتم التشهير به حتى تبعد شبهة السرقة عن مؤسسة النقد و هؤلاء قاموا بدورهم في تحفيز الغالبية العظمى من سكان البلد لتوجيه ودائعهم بدل أن تكون في حسابات جارية (تمثل خطرا على الوضع القانوني للبنوك) و تحويلها على الورق إلى أسهم تم رفعها بطرق عديدة لأغراء المودعين بجدوى تحويل أموالهم من الحسابات الجارية إلى الأسهم
أن رفع القيمة السوقية لمجمل الأسهم إلى أرقام فلكية كفيل بجر جميع الناس العاقل و الجاهل إلى هذه الحيلة القانونية التي تمت بتخطيط و تصميم و تنفيذ مؤسسة النقد و من ورائها وزارة المالية
و الطريف في الأمر أنهم استطاعوا أن يقنعوا الناس بوجود هيئة أخرى (هيئة سوق المال) حتى تكون هي بؤرة امتصاص غضب الناس لنتائج هذه السرقة المنظمة و لكي لا يقوم أحد بتوجيه أي لوم لأي جهة حكومية أخرى. و تم إنشاء هذه الهيئة و وضع أناس فيها أعتقد أنه تم تحفيزهم و إعطاءهم معاشات و إكراميات و بدلات كثيرة من أجل أن يأخذوا أماكنهم في الصفوف الأمامية لامتصاص غضب الشارع العام و أهم هذه البدلات هي بدل سب و شتم و قذف و تشهير فيهم.
ألم تلاحظوا أن كثرة السب و القذف و التشهير بالهيئة و أعضاؤها لا يقابله أي ردة فعل منهم. بل أعتقد أنهم يقوموا بنسخ هذه الشتائم التي تنهال عليهم من كل حدب و صوب في الانترنت أو في الصحف و تقديمها إلى وزارة المالية كدليل و سند إثبات رسمي على استحقاقهم لكي يحصلوا على بدل الشتائم حسب عقود توظيفهم مع المالية
تكملة لمؤامرة السطو تم ضرب السوق و بقوة عبر آليات عديدة و متزامنة مع بعضها البعض:
تحديد نسبة تذبذب قليلة
إعطاء ضوء أحمر للمضاربين مجهولين الهوية بالتوقف عن رفع السوق حسب توجيهات الخطة الموضوعة
عرض كميات لا حدود لها من الأسهم الثقيلة الوزن من صناديق تحت سيطرة الدولة على نسب دنيا و متتالية و بدون توقف
و الهدف مسح ما لا يقل عن 90 إلى 95% من القيمة السوقية لجميع الأسهم التي في محافظ المودعين لدى البنوك
بمعنى آخر من لديه وديعة في حساب جاري في بنكه لنقل بمائة ألف ريال ستصبح 5 آلاف ريال و الباقي أصبح من ممتلكات مؤسسة النقد و من لم يعجبه هذا الأمر فليشتم هيئة سوق المال كما يحلو له و لن يزيدهم هذا السب و اللعن سوى زيادة في علاوات سب و شتم من قبل وزارة المالية و للأسف هيئة سوق المال لا يوجد فيها سوى أربعة أو خمسة أفراد (أي أن دفع علاوات كبيرة لهم لن يكبد الوزارة أي خسائر تذكر مقابل الأرباح الفلكية التي يحققونها من نهب 500 مليار من المواطنين)
و في المقابل سوف نرى التبريرات و التصريحات المنوعة في شتى وسائل الأعلام أن ما تم هو عمل بورصة كأي بورصة في العالم و أننا حذرناكم و قلنا و قيل لكم الخ...
ما هي النتيجة لهذه الخطة:
إفلاس الغالبية العظمى من أصحاب الودائع الجارية حيث أنهم لن يتمكنوا من المطالبة بودائعهم السابقة (لأنها تم سرقتها منهم نظاميا)
تعافي البنوك قانونيا و لأمد طويل جدا من خطر الإفلاس حيث أن مودعيهم أصبحوا لا يحق لهم المطالبة بودائعهم السابقة
و هذا هو بيت القصيد و الخطر الكارثي الذي تخوفنا منه سابقا
هذا الكابوس للأسف يتحقق أمام أعيننا الآن و تحت إشراف و متابعة مؤسسة النقد و وزارة المالية و هيئة صد الشتائم و السب و اللعن
نهاية الحفلة:
قد تصل القيمة السوقية لجميع الأسهم إلى 300 مليار ريال أو 150 مليار (من 3 تريليون وصلتها قريبا) على ابعد حد و لن تقوم لسوق الأسهم قائمة لسبع سنين عجاف أو أكثر
في الختام هذا مجرد تحليل و أرجو من الله أن أكون مخطئ لأن صدق هذا الكابوس المزعج لن يتم تدارك سلبياته (و كثير من هذه السلبيات يصعب حتى التنبؤ بماهيتها) لسنين عديدة
ملاحظة هامة: إن هدم سوق المال رأس على عقب لن يؤثر على الأموال التي في دفاتر البنوك فقط انتقلت ملكيتها من الناس إلى جهات أخرى
و السلام
كتبه
عبد الكريم عدَاس
13 / 03 / 2006 م
من يتمعن في الكلام المكتوب يجد أنه معقول و قابل للتصديق بل قد يعتبر التفسير الحقيقي الوحيد لما يحصل لأموال الناس في سوق الأسهم.