«اقتصادية دبي» تلقت أكثر من 2000 شكوى.. ووكالات بيع تقر بالمبالغة
مستهلكون يشكون «التحايل» في عروض السيارات
المصدر:
- سامح عوض الله وأحمد الشربيني - دبي
التاريخ: 21 ديسمبر 2010
وكالات السيارات تطرح عروض السعر الأقل للمواصفات الأساسية من دون إضافات. أ.ف.ب
شكا مستهلكون ما عدّوه «تدليساً» تقوم بها وكالات بيع سيارات في عروضها الإعلانية، مشيرين إلى أن تلك العروض غير حقيقية، أو بمواصفات تختلف عن تلك المعلنة، ما يتوجب عليهم دفع مزيد من الأموال للحصول على مزايا إضافية.
من جانبهم، قال مسؤولون في وكالات سيارات محلية، إن تراجع مبيعات السيارات خفض من أسعارها بطريقة ملموسة، مشيرين إلى أن المنافسة في سوق محلية محدودة، أدت إلى ظاهرة حرق أسعار، لضمان مستوى مناسباً من المبيعات. وأوضحوا أن سوق السيارات في الدولة تعتمد على السعر لجذب المستهلكين، معتبرين الإعلان عن أقل سعر لأقل مواصفات في السيارة توجهاً مبرراً، لجذب الانتباه، وهو سياسة متبعة لدى أغلبية وكالات بيع السيارات، لافتين إلى أن ارتفاع تكلفة الإعلان، يدفع الوكالات إلى استغلال المساحة الإعلانية بأفضل طريقة ممكنة، ما يوقعها أحياناً في المبالغة.
وأرجعوا شكاوى مستهلكين إلى الشروط أو الفترة الزمنية المحددة للعروض، التي قد تنتهي سريعاً، ما يعتبره المستهلك عرضاً غير حقيقي، إضافة إلى عدم انطباق شروط وأحكام العروض على موظفين في منشآت غير مصنفة أو مدرجة لدى المصارف.
مخالفات ومذكرة تفاهم إالزامية
قالت دائرة التنمية الاقتصادية في دبي إنها أوقعت 261 مخالفة منذ بداية النصف الثاني من العام الجاري على منشآت تجارية مختلفة، بينها وكالات سيارات، لعدم التزامها بتعليمات الدائرة، وتوضيح العروض التجارية، مضيفة أن قيمة المخالفات بلغت نحو 23 مليون درهم
.
وقال المدير التنفيذي لقطاع الرقابة التجارية وحماية المستهلك في الدائرة، عمر بوشهاب، إن «المخالفات تشمل أربع مخالفات على وكالات سيارات بسبب الاختلاف في تنفيذ الحملات الترويجية التي وافقت عليها الدائرة»، مشيراً إلى أن «الاختلاف هنا يعني عدم وضوح الحملة بالنسبة للمستهلك حسب التصريح الذي أصدرته الوكالة».
وأوضح أن «بعض الوكالات حصلت على تنبيه بالالتزام بتوضيح ماهية عروض السيارات، بعد أن تلقت شكاوى من متعاملين حول تعرضهم لتدليس، أو عدم التزام الوكالة بتنفيذ بنود العرض الترويجي بعد إتمام عملية الشراء»، لافتاً إلى مسؤولية وسائل الإعلام في التأكد من ماهية العروض قبل نشرها، والاطلاع على موافقة الدائرة قبل الموافقة على النشر.
وبين أن «الدائرة تلقت أكثر من2000 شكوى ضد وكالات سيارات منذ بداية العام الجاري حتى الآن»، مشيراً إلى أن الدائرة تتلقى شكاوى يومية من مستهلكين بحق وكالات السيارات. وأوضح أنه «إذا خالفت الوكالة العرض المعلن، فإنها تخالف بما لا يقل عن 100 آلاف درهم، ومصادرة الجائزة محل العرض».
وكشف بوشهاب عن أن الدائرة اجتمعت مع ممثلي وكالات السيارات في دبي، وقررت إبرام مذكرة تفاهم معهم ستوقع بعد نهاية شهر رمضان، موضحاً أن المذكرة تلزم الوكالات بالتنسيق مع الدائرة في حل شكاوى المستهلكين، وتعيين مندوب دائم لكل وكالة لدى الدائرة، وتعيين مندوب دائم أيضاً للدائرة لدى الوكالات لمراقبة العروض الترويجية، ومتابعة شكاوى المستهلكين».
وأكد أن مذكرة التفاهم ستكون إلزامية وليست اختيارية، لحماية المستهلك وضبط الأسواق، مضيفاً أن «الدائرة تبذل مجهودات كبيرة لحماية أعمال الوكالات سواء من القرصنة على العلامة التجارية، أو من عمليات الغش التجاري ببيع قطع غيار غير أصلية في الأسواق أو لدى غير الوكيل، إضافة إلى مصادرة قطع الغيار المغشوشة وإغلاق المنشآت التي تبيعها، ما يوجب على الوكالات ضرورة التعاون والتنسيق لحماية المستهلك».
بدورها، قالت دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، إنها أوقعت أربع مخالفات منذ مطلع النصف الثاني من العام الجاري على وكالات سيارات، لعدم التزامها بتوضيح العروض التجارية، فيما تلقت الدائرة أكثر من 2000
شكوى من متعاملين، بينها شكاوى التعرض لتدليس من قبل وكالات بيع سيارات. يشار إلى أن التدليس وفقاً للموسوعة العربية، هو خديعة تؤدي إلى إيقاع المتعاقد في غلط يدفعه إلى التعاقد، وبتعبير أدق هو تغليط متعمد، يخطط له ويدبره شخص بنية تضليل المتعاقد الآخر، وإقناعه بأشياء تخالف الحقيقة فيقع في الغلط، ويبرم العقد الذي ينشده المدلس.
عرض خاص
وتفصيلاً، قال المستهلك أحمد صبحي، إن وكالة بيع سيارات طرحت عرضاً خاصاً لسيارة ذات دفع رباعي من فئة الأبواب الأربعة، ليفاجأ عند زيارته صالة العرض، بأن السعر الموجود في الإعلان هو لسيارة دفع رباعي من بابين، أي أن ما نشر في الإعلان يختلف كلياً عما عرض عليه في الوكالة، حتى في المواصفات الداخلية.
من جانبه، قال المستهلك علي السيد، إن أغلبية عروض السيارات ثابتة من دون تغيير، وتتضمن حزمة من الخدمات أو الامتيازات التي يتعامل معها المستهلك باعتبارها عروضاً خاصة، بينما هي طريقة بيع ثابتة طوال العام، ولا يجوز تسميتها بالعرض الخاص، واصفاً ذلك بأنه نوع من التدليس وخداع المستهلكين. وأضاف أن «السعر يجذب المستهلك»، لافتاً إلى أن وكالات سيارات تؤكد في عروضها ضمان التمويل المصرفي مع فائدة قليلة، لكن حقيقة الأمر تشير أن إلى التمويل يعود إلى سياسة المصارف التي ترفض منح قروض تمويل للسيارات لفئات عدة في المجتمع تعتبرها المصارف غير مستقرة وظيفياً.
بدوره، قال المستهلك يوسف علي، إن وكالة سيارات طرحت إعلاناً ظهر فيه سعر السيارة وبجانبه العبارة «3 سنوات»، ما ولد انطباعاً بأن المبلغ هو سعر السيارة لو تم تقسيطها على ثلاث سنوات، مستدركاً أنه اكتشف في الوكالة أن السنوات الثلاث هي فترة صيانة مجاناً.
وأضاف أن سعر السيارة النهائي يكون وفقاً لعدد سنوات التمويل، لا السعر الموجود في الإعلان، لافتاً إلى أن الأسعار لم تنخفض، لكن الوكلاء يحاولون إظهار وجود تراجع في السعر، فالوكالات تقدم تسهيلات مع البيع، لكنها لا تخفض الأسعار، خصوصاً للسيارات اليابانية التي تتمتع بطلب قوي في الخليج.
من جهته، قال المستهلك حسين عبدالرحمن، إنه توجه إلى الوكيل المحلي لإحدى شركات السيارات اليابانية بعد أن شاهد إعلاناً في الصحف عن عرض لسيارة رباعية الدفع بسعر 67.5 ألف درهم مع تأمين وتسجيل مجانيين، فضلاً عن أقساط من دون فوائد يقدمها الوكيل نفسه، لكنه فوجئ عند سؤاله عن العرض بطلب مبلغ يعادل 10٪ من قيمة السيارة نقداً، إضافة إلى أن السيارة المقصودة في الإعلان هي من طراز عام 2008 وليس ،2010 كما كان يظن.
وأضاف «لم يرد في الإعلان الذي رأيته ما يشير إلى أن السيارة من موديل عام 2008 مطلقاً، كما أن التأمين والتسجيل المجانيين لا ينطبقان على السيارة، وهو ما يشير إلى تدليس حقيقي من قبل الوكيل بإخفاء جزء من الحقيقة وعدم إظهارها كاملة أمام الناس»، مطالباً دائرة التنمية الاقتصادية ولجنة حماية المستهلك بمتابعة مثل هذه الحالات والتصدي لها بحزم لما تمثله من تحايل على المستهلكين.
وقال مستهلك آخر، فضل عدم ذكر اسمه، إن وكالة سيارات عرضت استرداد مبلغ مالي محدد عند شراء سيارة من نوع معين، إلا أن المفاجأة كانت أن الاسترداد يتم من خلال قسيمة «كوبون»، تحصل بموجبها على خصم عند الشراء من الوكالة نفسها، موضحاً أن هذا خفض غير حقيقي للسعر.
حرق أسعار
من جانبه، قال مدير التسويق وتطوير الأعمال في شركة الماجد للسيارات، فرع كيا موتورز، شحادة أحمد، إن «تراجع مبيعات السيارات بسبب ضعف التمويل المصرفي، ووضع ضوابط شديدة للتمويل، خفض من أسعار السيارات بشكل ملموس»، مشيراً إلى أن زيادة حدة المنافسة بين وكلاء السيارات على سوق محلية محدودة أدى إلى عملية «حرق أسعار»، والبيع بأقل نسبة ربح ممكنة، لضمان مستوى مناسب من المبيعات. وأوضح أن «الإعلان الذي يركز على السعر يجذب الانتباه، وهو سياسة متبعة لدى أغلبية الوكالات»، مضيفاً أن «سوق السيارات ومنذ نهاية عام ،2008 تواجه تحدياً خاصاً يتعلق بالتمويل المصرفي، إذ إن المصارف تمول موظفين في قطاعات محددة، فيما تعتمد السوق على البيع بالتقسيط من دون الدفع النقدي».
وأضاف أن «الرغبة في الشراء موجودة ومتوافرة، لكن السوق محدودة، والتمويل ضعيف، ما يزيد العروض الترويجية إلى حد كبير»، مشيراً إلى أن السوق وصلت إلى مرحلة القاع في الأسعار، إذ إن هناك وكالات سيارات خفضت مستوى أرباحها إلى نحو الصفر للحصول على سيولة».
وأوضح أن «وكالات السيارات تضطر إلى وضع أسعار بيع لأقل مواصفات في السيارة، معتمدة على ذلك السعر لجذب الزبون»، لافتاً إلى أنه السعر الحقيقي، لكن إذا رغب المتعامل في مواصفات أعلى، فعليه دفع فارق السعر.
وأكد أن «سوق السيارات في الإمارات سوق سعرية تعتمد على إبراز السعر قبل التسهيلات، إضافة إلى أن تكلفة الإعلان مرتفعة، ما يدفع الوكالات إلى استغلال المساحة الإعلانية بأفضل طريقة ممكنة، ما يوقعها أحياناً في المبالغة».
واعتبر أحمد أن الإعلان عن أقل سعر لأقل مواصفات اتجاه مبرر، ويمثل أصل الجذب في الإعلان، لكن وضع سعر غير صحيح غير مبرر، لافتاً إلى منافسة شديدة في السوق في ظل وجود أكثر من 60 وكيل سيارات، ونحو 200 معرض سيارات في سوق الإمارات.
وبين أن «صدقية العروض هي الأهم»، مشيراً إلى حصول وكالات بيع السيارات على موافقة مسبقة من دائرة التنمية الاقتصادية على تلك العروض على الأغلب.
عروض واضحة
وفي السياق ذاته، قال استشاري المبيعات في شركة الكندي للسيارات، وكيل سيارات «شيفروليه» و«جي.إم.سي»، مصطفى الحداد، إن «عروض بيع السيارات واضحة ولا تحتمل الالتباس»، موضحاً أن شكاوى المستهلكين من الممكن أن تكون من عروض أخرى تورد عبارة (تطبق الشروط والأحكام)، التي تعد بمثابة مفاجأة للمستهلكين، كونها تتضمن شروطاً غير معلنة في العروض، ولا تنطبق عليهم.
وأضاف أن «أبرز تلك الشروط والأحكام، بند الراتب الذي يمكن المستهلك من الحصول على تمويل مصرفي للسيارة، وهو ما يعد ضمن معايير العروض التي تطلقها الوكالات، ولا ينطبق عليها معنى عروض غير حقيقية».
وأكد أن «عروض السيارات تحت رقابة الجهات المعنية في الدولة، إضافة إلى تعامل وكالة البيع مع جهات رسمية تزودها بأنواع مختلفة من بالسيارات، ما يلغي فكرة طرح أي عروض فيها التباس على المستهلكين».
غياب التفاصيل
بدوره، استبعد مستشار المبيعات في شركة النابودة للسيارات، وكيل سيارات «فولكس واغن»، أسامة الإمام، وجود عروض غير حقيقية في أسواق السيارات، لأنها تخضع لرقابة مسبقة من قبل دائرة التنمية الاقتصادية وجهات أخرى في الدولة.
وأرجع شكاوى مستهلكين إلى الشروط أو الفترة الزمنية المحددة للعروض، التي قد تنتهي سريعاً، ما يعتبره المستهلك عرضاً غير حقيقي. وأشار إلى أن «العروض تسهم بشكل كبير في تنشيط المبيعات، خصوصاً العروض الرمضانية التي تنتظرها أغلبية المستهلكين»، مؤكداً أن الوكالة لم تتلق أي شكاوى خلال الفترة الماضية، بسبب عروض طرحتها.
إلى ذلك، قال مسؤول مبيعات في شركة الطاير للسيارات، وكيل سيارات «فورد»، فضل عدم ذكر اسمه، إن «الوكالة لم تتلق شكاوى بشأن عروض طرحتها»، عازياً شكاوى مستهلكين إلى غياب بعض التفاصيل، مثل عروض الصيانة التي يكتشف المستهلك أنها تتعلق بتبديل الزيوت والفلتر فقط، بينما من المفترض أن تكون صيانة شاملة للسيارة ككل. وأضاف أن هناك تفاصيل تندرج تحت عبارة «الشروط والأحكام»، ما يولد مشكلات وشكاوى يرجع أغلبيتها إلى اشتراطات التمويل المصرفي، مثل عدم انطباق العروض المطروحة على عاملين في منشآت غير مصنفة أو مدرجة لدى تلك المصارف، أو أن تكون فترة عمل الموظف قصيرة وأقل من ستة أشهر. وأوضح أن الشروط والتفاصيل المخفية للعروض لا تعد تدليساً قانوناً، لكن بعض المستهلكين ينزعجون بشأنها، ما يستدعي ضرورة توضيح العروض بشكل أفضل.