العودة   منتدى مقاطعة > الإعلام > مقالات > حماية المستهلَك لا المستهلِك >>> يوسف عبدالكريم الزنكوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-06-2012, 10:41 PM   #1
positive saudi
مقاطع متميز
 
الصورة الرمزية positive saudi
 
رقـم العضويــة: 18018
تاريخ التسجيل: Jul 2011
المشـــاركـات: 2,151

Lightbulb حماية المستهلَك لا المستهلِك >>> يوسف عبدالكريم الزنكوي

المستهلك يقصد به المشتري أو المستفيد النهائي وحمايته من الغش التجاري. فالغش أو الخديعة التجارية تكون في غياب صلاحية البضاعة المعروضة للاستخدام الآدمي سواء أكانت مواد غذائية غير صالحة للأكل أم كانت أجهزة خطرة لا تتوافر فيها اشتراطات الأمن والسلامة. ولهذا نشأ مصطلح حماية المستهلك, ثم صار تنظيما حكوميا بعد أن كان ابتكارا فرديا أو أهليا نابعا من المواطنين أنفسهم لحماية مجتمعهم.
وحماية المستهلك وإن كانت ترتبط وبشكل مباشر بحقوق الإنسان كمستهلك, ما يستوجب الحفاظ على أمنه الجسدي وسلامته الصحية من الجشع والاستغلال, إلا أنها تعتبر أيضا داعما قويا للنمو الاقتصادي أينما تم تفعيله على أرض الواقع. فحماية المستهلك تدفع نحو الإبداع والابتكار والتجديد ومحاولة تقديم الأفضل في مجال التجارة.
وهذا ما يظهر جليا في الدول المتقدمة بمصانعها وشركاتها وتجارها وكل من له علاقة مباشرة أو غير مباشرة باقتصادها, فهذه الدول تحرص على الإذعان لكل القوانين واللوائح والاشتراطات التي تفرضها مؤسسات حماية المستهلك. ومن هنا تنشأ المنافسات في الأسواق المحلية والإقليمية لتحسين الخدمات والمنتجات وتقديم الأفضل للمستهلك, وصولا الى تحقيق الإيرادات التشغيلية وجني الأرباح وبالتالي النمو الاقتصادي للدولة.
ولكي تعرف مدى الاهتمام بحماية الفرد المستهلك, ما عليك سوى الاطلاع على التشريعات المتعلقة بهذا الجانب, وأسلوب تطبيق هذه التشريعات في الواقع العملي. إذ أن الاكتفاء بإصدار قرارات أو لوائح بشأن حماية المستهلك يعكس حالة من عدم الاقتناع بجدوى هذه الحماية, بل هو تأكيد لحالة العجز عن تحقيق الحد الأدنى لحماية المواطن من ممارسات الغش والتلاعب في البضائع والخدمات والمنتجات التجارية. كما أن الإهمال المتكرر لمطالبات المواطنين سواء بشكل مباشر أو عبر مختلف وسائل الإعلام لحمايتهم من تلك الممارسات غير القانونية, يثير الشك والريبة في قدرة القيمين على إدارة "مؤسسة" حماية المستهلك وتحقيق أهدافها.
فحماية المستهلك لا تنحصر في منع التجار من احتكار سلعة من السلع أو خدمة من الخدمات من أجل رفع أسعارها, بل تغطي مجالات واسعة في التجارة لتشمل قضايا الاحتيال والغش والتدليس ومتابعة وملاحقة الدعاوي القضائية المتعلقة بالتجار الذين يتعاملون أو يبيعون منتجات منتهية الصلاحية أو أجهزة لا تتوافر فيها اشتراطات الأمن والسلامة. كما أنها تتجاوزها إلى تنظيم بعض الصناعات وفرض قوانين على المحصلين لتحقيق العدل في عملية سداد الديون وتحصيلها, لإجبارهم وديا أو قضائيا على ممارسة التجارة العادلة لكل أطراف العلاقة.
ورغم أننا نردد حديث نبينا (صلى الله عليه وسلم) "من غشنا فليس منا", إلا أن اهتمامنا بمصالح المستهلكين لا يرقى حتى إلى الحد الأدنى من اهتمامات الغرب بهذا الجانب. بل إن ذكر مصطلح حماية المستهلك أو حتى إنشاء إدارة لحماية المستهلك يوحي للمراقب وكأنه ذر للرماد في العيون. وهو وضع للأسف يفيض منه ضعف الأداء العام وسوء الإدارة وانعدام المراقبة والمتابعة وغياب القوانين الرادعة وتغييب العقوبة وانتشار الفساد بكل أنواعه.
الغريب في الأمر أن من وضع قضية حماية المستهلك في مقدمة اهتمامات الغربيين هو أميركي من أصل لبناني, وهو المحامي الدكتور رالف نادر الذي أدرج اسمه يوما ما ضمن قائمة أكثر 100 شخصية مؤثرة في الولايات المتحدة وبخاصة عندما أعلن في العام 1963 أن السيارات المصنوعة في الولايات المتحدة الأميركية لا تطبق اشتراطات الأمن والسلامة مشيرا إلى أن "هدف الشركات لم يكن يوما سلامة المستهلك بقدر ما كان منظر السيارة ورخص الإنتاج" من أجل أن يبيع أكثر. وهو من فرض على شركات السيارات إضافة حزام الأمان الذي أنقذ أرواح الملايين من البشر داخل وخارج الولايات المتحدة.
هذه هي الحماية الحقيقية للمستهلك وليس البحث عن أسعار السلع والتأكد من ارتفاعها أو انخفاضها.


* اعلامي كويتي
المصدر / السياسة الكويتية

___________________________

positive saudi غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:18 AM.