نار الأسعار.. وجمعية الحماية من المستهلك!
صالح مطر الغامدي
ارتفاع الأسعار.. الوحش الكاسر الذي أخاف الجميع بهجومه على كل سوق وبقالة ومطعم وكافتيريا وقِطَع غيار وحتى محال بيع الخضار والفاكهة.. فالجميع يتفنن في زيادة الأسعار دون أن يردعهم دِيْن ولا خُلق، والغش أصبح سمة في كل شيء. ومع الزيادة الكبيرة في الأسعار إلا أن الجودة فُقدت، والغش أصبح واضحاً عياناً بياناً؛ وكأن الجميع قد تخلى عن إيمانه مقابل القليل من المال، متناسين حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -حين قال: "من غشَّنا فليس منا"، حتى أن تأثير الغش تسبب في نزع البركة من كل شيء؛ فالخضار والفاكهة - على سبيل المثال - نجد النصف السفلي من تعبئتها تالفاً، والصناعة وقِطَع الغيار مقلَّدة، والمواطن يلهث خلفها لشرائها؛ لأن أسعارها أقل من الصناعة ذات الجودة العالية، التي يصل سعرها إلى أضعاف المقلَّد، وبعض التجار انجرف خلف البضاعة المقلَّدة؛ لأن غالبية المستهلكين اتجه لشرائها؛ لعدم قدرتهم على مجاراة قيمة البضاعة الجيدة.
إننا نتساءل عن دور الجهات المعنية حول ارتفاع الأسعار؛
فكلما صرخ المواطن من زيادةٍ ما جاءت زيادةٌ أخرى، وكأن الأمر مقصوداً من المسؤولين الذين يكافئون التجار بتركهم يفعلون ما يريدون، دون حسيب أو رقيب. ولو لاحظنا كثيراً من أسعار السلع لوجدنا أنها تضاعفت بنسب تصل إلى 300%، ويُرجع التجار تلك الزيادات إلى البلد المصنِّع، أو زيادة أجور العمالة، أو ارتفاع العُملة مقابل الريال السعودي، أو نقص الاستيراد وكثرة الطلب.. وغير ذلك من الأعذار التي نسمعها، ونعرف أنها ليست إلا مجرد تخدير للمستهلك المسكين الذي تكالبت عليه الأمور من كل اتجاه، وأصبح يضرب أخماساً في أسداس؛ علَّه يجد مخرجاً لحياته التي أثقلتها الديون.
لقد طالب الكتّاب وأئمة المساجد والدعاة من المعنيين بهذا الأمر بتقصي الأسباب، والعمل على إيقاف هذه الزيادات؛ فكلما ترك المستهلك سلعة من السلع لارتفاع أسعارها، واتجه إلى سلعة أخرى أقل سعراً، ارتفعت السلعة الأخرى لكثرة الطلب! إننا في حاجة إلى سَنّ مثل تلك القرارات التي أصدرتها دولة الإمارات الشقيقة حين اشترطت لرفع السعر ثمانية شروط، ومحاسبة من يخالف ذلك بتطبيق العقوبات الرادعة بحقه من غرامة وإقفال متجره أو مؤسسته أو شركته، ثم إننا نتساءل عن الدور الذي تقوم به جمعية حماية المستهلك؟ فلم نلمس أي جهود لها لحماية المستهلك الذي فرح بإنشائها، لكن الفرحة لم تدم طويلاً؛ لأنه لم يرَ أي تأثيراً لها، بل إنه ربما يرى أن اسمها قد خالف ما تقوم به، وكان ينبغي أن يكون "
جمعية الحماية من المستهلك".
http://sabq.org/TN0aCd