المقال فيه نوع من التعمييم
الشريطية يحلفون.. كذباً
حراج السيارات المستعملة.. غش وتدليس.. وبيع بدون ضمير
الدمام -
علي البراهيم
سوق السيارات المستعملة (حراج السيارات) مبتلاة بالغش والغشاشين.. وتبدو حرية البيع داخلها مطلقة للجميع دون قيود أو حدود.. والحكاية لا تعدو كونها سمسرة في الهواء الطلق. الطلق جداً.. والواسع جداً.. كما ذمم (الشريطية).
والشريطية مصطلح سوقي يطلق على دلالي السيارات المستعملة.. وهم يجيدون البيع والشراء ويمتلكون من الدهاء والمكر ما لا يمتلكه الثعالب... والشريطية يضرب بهم المثل في الغش والخداع.. حتى وإن كان بينهم أناس طيبون.. فهم لا يترددون في الحلف بالله حتى وإن كانوا غير صادقين.. حتى أصبحوا أشباحا يخشاهم كل من يدلف إلى السوق بائعاً كان أو شارياً.
والشريطية عادة يمتلكون من الأساليب والحيل ما لا يمتلكه غيرهم من الناس.. فضلا عن تمتعهم بالجرأة على الغش والخداع والجرأة على سحب الإيمان الكاذبة وتأليف القصص والأكاذيب وإخفاء العيوب وبيع السيارات المغشوشة دون ضمير.
والمؤسف أن بيع السيارات داخل سوق السيارات المستعملة يتم دون ضمانات وبأصوات تعلو المكان.. فلا أنظمة واضحة تفرز الغث من السمين.. ولا رقابة تحمي الحقوق أيا كان حجمها.
وضحايا الشريطية كثيرون.. ويتكبدون الخسائر والمشاق والديون والمشاكل.. بينما الشريطية يحتفلون على حساب مآسي ضحاياهم.
ولحل المشكلة وحماية المستهلك من مقالب ومكائد الشريطية... نحن بحاجة إلى أنظمة واضحة تفرز الغث من السمين وتلزم الشريطية بتسويق السيارات المستعملة بصورة واضحة وخالية من الغش والتدليس.
ففكرة تغيير لون رخصة السيارة (الاستمارة) إلى لون آخر في حال تعرضت السيارة لحادث مروري – كما هو الحال في دول أخرى – تبدو فكرة جيدة وتساعد كثيرا في كشف جانب مهم من حقيقة السيارة.. وهو جانب يتعمد الشريطية عادة إخفاءه لأن كشفه يقلل من قيمة السيارة والإقبال عليها.
لا أصدقاء
«اليوم» طرقت القضية واقتربت من أطرافها لتتعرف عليها من قرب ... بداية يقول سند عبدالكريم: اشتريت سيارة من نوع كامري من احد المعارض بمبلغ (35) ألف ريال ودفعت للمعرض كامل القيمة دون أن افحص السيارة أو اعرضها على أي ميكانيكي - ولم يكن هذا التصرف ناتجا عن غفلة منّي أو قلة فهم - بل كان مبنيا على علاقة جيدة تربط صاحب المعرض بصديق نصحني بالشراء من المعرض نفسه - وكان مرافقا لي حينها - على اعتبار أن صاحب المعرض سيقدر قيمة العلاقة التي تربطه بصديقي وسيكون لنا من الناصحين عند الشراء - ولم ندرك أن الغش والتدليس من طبعه - حيث اكتشفنا بعد استلام السيارة أنها غير متزنة على الطريق وعند فحصها تبين أن السيارة تعرضت لحادث تسبب في قطع كلي للمنطقة الوسطى من السيارة وإعادة صيانتها.
وأضاف: حاولت بعد ذلك إعادة السيارة للمعرض لكن صاحب المعرض رفض إعادتها ما اضطرني لبيعها بخسارة كبيرة. وأصيب سند بعقدة الخشية والحذر كلما مر بمعارض السيارات وشريطيتها.. ولهذا قرر شراء سيارة جديدة بالتقسيط، رغم أن سعر السيارة يرتفع، بالتقسيط، بما لا يقل عن 25 بالمائة.
وأشار إلى أن الكثير من الناس يشتكون من تصرفات بعض الشريطية الذين لم يراعوا الله فيما يقومون به من تصرفات لا يرضاها الله ولا رسوله حيث يغشون ويدلسون ويحلفون بالله الكذب وهم يعلمون أنهم يكذبون .. وطالب الجهات المسئولة بالتدخل وتحجيم ظاهرة الشريطية التي شوهت سوق السيارات وعممت فكرها المخادع في سوق السيارات.
مسرحية عائلية
أحمد الغامدي تعرض لموقفين خلال ثلاثة أيام .. الموقف الأول عندما عزم على بيع سيارته الـ»كرسيدا» في ساحة العرض بمعارض الدمام. والموقف الآخر - وكان بعد يومين من الموقف الأول - في حراج الدمام تحت ( الميكرفون) حيث كان ضمن المئات من العارضين في الساحة الحرة بالمعارض، إذ جاءه مشتر واتفق معه على شراء سيارته بمبلغ 30 ألف ريال.. ودفع المشتري 500 ريال كعربون.. واتجه الاثنان إلى المعرض لكتابة أوراق المبايعة وكان المشتري يقود السيارة أثناء الذهاب للمعرض.. وعندما وصلا قال الغامدي: كان موجودا حينها أخوة المشتري وأبوه أيضا وقاموا بالدوران حول السيارة وبعد خمس دقائق تقريبا قالوا لي: إن السيارة لا تساوي إلا 27 ألف ريال فقط.. ترغب في بيعها أو أعد لنا العربون ..
ولكني رفضت إعادة العربون .. فقالوا لي تعيده رغم أنفك وإلا مفتاح السيارة يظل معنا - حيث كان المفتاح حينها مع المشتري - الذي يبدو أنه كان متفقا مع أخوته على سيناريو المسرحية. فما كان منّي إلا أن طلبت حضور سيارة الأمن التي طلبت منّا التوجه لمقر الشرطة لحل القضية. وعندما رأيت أن المسألة ستطول قررت انهاءها.
والموقف الثاني كان في حراج السيارات (تحت الميكرفون) حيث كان الغامدي يرغب في بيع سيارته دون التعرض للأسئلة المملة التي عادة ما يسأل عنها المشتري ( كم موديل السيارة .. كم ماشيه .. كم مسيومه .. كم حادها ... الخ ) وبعد مرور عشر دقائق على الحراج استقر السعر على 30 ألف ريال وقال زبون: أنا اشتريتها.. ودفع 200 ريال للدلال وعندما ذهبنا للمعرض .. قال لي السيارة ليست نظيفة ولا تستحق الـ 30 ألفا.. وسأشتريها منك بـ 28 ألفا فقط .. رفضت المبلغ ..ولم يكن الزبون سوى شريطي سيارات استمرأ هذه اللعبة. وكان على اتفاق مع الدلال الذي كان يعمل لصالحه وأعطاه (200) ريال .. ليوهمني أنه سيشتري السيارة حسب الاتفاق.. فرجعت في اليوم التالي وبعت السيارة على مشتر لم يكن ضمن هذه الثلة المخادعة.
أسرار المهنة
بوصالح (شريطي) يتحدث عن مهارات الشريطية يقول: المهنة صعبة للغاية ولا يمكن لأي عابر أن يفهم أسرارها بين يوم وليلة .. فهي تحتاج إلى وسائل إقناع غير عادية .. فوقت الشراء - مثلا - أنت بحاجة إلى أسلحة خاصة تهبط بها عزائم البائع وزهوه بسيارته وتجعله يصدق أن سيارته غير مرغوب فيها وأن سوقها «نازل» وبها ألف علة وعلة.. وفي المقابل تحتاج أيضا إلى وسائل دعائية محفزة - في حال عرضك إحدى السيارات للبيع - ترفع من خلالها شأن السيارة المعروضة وتجعل منها «طيارة» دون مبالغة.!!
وأضاف: إن البعض من شريطية المعارض يمارسون الغش مع أغلب الزبائن حتى مع أقاربهم وأصدقائهم سواء في البيع أو الشراء.. فهم يضعون داخل ماكينة السيارة مواد إضافية تخفي عيوبها الميكانيكية بصفة مؤقتة.. كما يبدلون قطعها التبديلية الظاهرية بقطع تجارية رخيصة فضلا عن المواقف الأخرى التي يبديها الشريطية أثناء البيع أو الشراء كالمزايدات الواهمة التي ترفع من سعر السيارة أو المهبطات التي تجعل صاحب السيارة يبيع سيارته بأبخس الأسعار.
وأشار إلى أن البعض - من الشريطية - أيضا يحلف يمينا كاذبة أن السيارة حصل عليها من شخص يعرفه عن قرب وأن هذا الشخص اشتراها مباشرة من الوكالة ولم يسبق أن تم بيعها لأحد آخر.. وأن السيارة لم تستخدم إلا في مشاوير قصيرة وأنها واقفة معظم الأوقات وهذه «اسطوانة» يومية مستمرة.
وصفة «بوصالح»
وينصح بوصالح رواد سوق السيارات الجدد، قبل الوقوع في افخاخ الشريطية، أن يقرروا ماذا سيفعل عند البيع وما السعر المتوقع كقيمة افتراضية لسيارته وألا يتأثر بما يسمع من كلام.. وأن يتحلى بالصبر.. وأن يحافظ على هدوء أعصابه وإعلان السعر المطلوب دون إعطاء الشريطي فرصة للجدال .. كون الشريطي يحاول من خلال (المجادلة) التعرف على نقاط ضعف البائع والبدء في العزف على هذا الوتر حتى يصل إلى غايته.. وفي المقابل أيضا ينبغي عند الشراء عدم التسرع وإطلاق الثقة في البائع (الشريطي) وإن كان قريبا أو صديقا لك فالشريطي تعود على أن يبيع الكلام قبل السيارة وأن يبسط الصعب: لا تغتر بكلامه وأحذر أن تشتري سيارة بها أعطال .. وإن بدت بسيطة. وإذا لم يتحل المرء بهذه النصائح سيتحول على أيدي الشريطية إلى «خروف»..
أساليب شيطانية
محمد (أبو عبدالله) لم يزاول مهنة الشريطي أو الدلالة ولكنه يسمع عن قصص مخيفة تحدث في الحراج. ويروي عن متعاملين في السوق أن الشريطية قد يحدثون تغييرات واسعة في السيارة أثناء فترة نقل الملكية. يمكن أن يبدلوا قطع السيارة الأصلية المتينة بأخرى رديئة وربما تصل أحيانا إلى تغيير منظم السرعات (الجير) بآخر يكون اقل حجما أو موضبا أو ربما الماكينة أيضا. كما يقومون بحشو محور العجلات (الدفرنش) بنشارة الخشب حتى يختفي صوت (الكرونة) لاسيما للسيارات الأمريكية.. أو تبديل زيت السيارة بزيت آخر من النوع الثقيل يسمى (40w) لإخفاء البخار الذي يخرج من الماكينة نتيجة عطلها.
وأشار إلى أن الشريطي في حال قام بشراء سيارة عائلية فإنه يكتبها باسمه أما إذا اشترى سيارة صغيرة فإنه يكتبها باسم ولده والهدف من ذلك التحايل على الزبون عند البيع .. فمثلا إذا أراد بيع السيارة العائلية فإنه يقول للزبون: اشتريت السيارة وهي كبيرة علي ولا اعرف أقودها.. وكذلك الهدف من كتابة السيارة الصغيرة باسم ولده حيث يقول: اشتريت السيارة لولدي وهو لا يستحقها باعتبار انه فاشل في دراسته وأنه قام بسحبها منه ليلتفت لدراسته... وهكذا. وأضاف: في الواقع أن القصص التي يؤلفها الشريطي - رغم رخص هدفها - إلا أنها قصص تستحق الجائزة - واقترح السجن - فهي محبوكة إلى درجة أن الشريطي وطاقم التمثيل الذي معه يصدقون أنفسهم وهم يمثلون القصة حتى أن بعضهم يضرب الآخر لتأكيد القصة.. والمؤسف أنها تمر على أي منّا دونما نشعر أنها قصص .. وحينما نشتري السيارة نكتشف أن بها مليون علة.. كما أنك أيضا لا تنجو من خداع الشريطية وغشهم في البيع والتدليس فهم يلاحقونك حتى الورشة التي تفحص السيارة بها.. وبعضهم يبرم اتفاقات مع ورش لإخفاء العيوب التي لا تبدو واضحة أمام الزبون ولكنها واضحة عند الميكانيكي المختص. ولكن أبو عبدالله لا يتهم الجميع «ومع ذلك فإن الأرض لا تخلو من الطيبين والأمناء.. لكن في هذه المهنة تبدو نسبة الأمانة قليلة»..
كشف الألاعيب
علي مغرم (ميكانيكي) يتحدث عن أنواع الغش والتدليس التي يمكن أن يمارسها الشريطية على الصعيد الميكانيكي .. فهناك على سبيل المثال الغش في الماكينة كتلميعها بمادة الديزل ومسح الزيوت المتسربة وإخفاء بعض الأصوات والتبخر الناتج عن وجود خلل ما في الماكينة إما بإضافة مواد سائلة إلى زيت المحرك أو إصلاحها بصفة مؤقتة أو إضافة مادة (الشحم) إلى محور العجلات لإخفاء صوت (الكرونة) أو تركيب قطع رديئة سرعان ما تتعطل .. مشيرا إلى أن أحد الزبائن أحضر له ذات يوم سيارة لم يمض على شرائها 3 أيام وكان الزبون يشتكي من أصوات مزعجة تصدر من أسفل السيارة كلما مر بمطب خفيفا كان أو ثقيلا وعند فحص السيارة لوحظ استبدال المساعدات الخلفية بعمدان من خشب تم حشرها بين جسم السيارة ومحور العجلات عوضا عن المساعدات الهيدروليكية.
شيخ المعارض يتبرأ
عبدالله السبيعي (شيخ المعارض بالخبر) تبرأ من الشريطية، قائلاً: لم أتعامل قط مع الشريطية .. ولا اسمح مطلقا أن يمارسوا أساليبهم في معرضي.. والشريطي لا يهمه مطلقا إن كانت السيارة سلمية أو غير سليمة.. ولا يهمه إن كان الربح حلالا أو غير ذلك. وأكد أن كثيراً من الشريطية يمزج عمله بالغش والتدليس «إذا أحضر الزبون لهم سيارة قيمتها عشرة آلاف ريال فإنهم يحاولون خفض سعرها إلى 6 آلاف أو ربما أقل. أما إذا رغبوا في بيع سيارة فإنهم يغطون عيوبها المكشوفة بأشياء تجارية أو تلميعها أو تغبيرها لتضليل الزبون». ويقول: ان الشريطية يسحبون الزبائن من السوق بطريقة مخادعة: إذا كان الزبون يريد بيع سيارته بـ 10 آلاف ريال، فإن الشريطي يعرض عليه قيمة 12 ألف ريال.. و»يلف» بالزبون من ورشة إلى ورشة أخرى .. وبعد مرور ساعة أو ساعتين يكون حينها السوق أوشك على الانتهاء يرجع مع الزبون ويعرض عليه 7 آلاف ريال .. باعتبار أن السيارة لم تصلح له أو أنها لا تساوى إلا هذه القيمة.. وهو دأبهم دائماً، وبعض الزبائن ينخدع ويبيع.
ويطلب تجار السيارات من إدارات المرور القضاء على الشريطية الذين يخدعون الناس، ويستولون على أموالهم بالباطل وبالخداع. وينصح مشتري السيارات ألا يتعاملوا مع أي شريطي أبدا «لأن الأمكنة التي تتجمع فيها الشريطية (الحراجات) هي عشوش الغش والتدليس. ومثل الذي يشري السمك في البحر».
http://www.alyaum.com/issue/article....1&I=549781&G=1