التحريض على التجار !!
بدر بن أحمد كريِّم
استيقظ الرأي العام السعودي ليجد تعديلا طرأ على التوجه الإعلامي! فقد أضيفت مادة تقول: «على وسائل الإعلام السعودية تحريض الناس على التجار» ! وجاء التعديل بناء على اقتراح
أحد تجار محافظة جدة، رأى أن وسائل الإعلام السعودية اعتدت على التجار وأساءت إليهم إساءة بالغة وأوغلت في اعتداءاتها إلى الحد الذي ينبغي تكميم أفواهها وزجها في السجن!! وتجاهل الرجل أن المادة (26) من السياسة الإعلامية نصت على أن «حرية التعبير في وسائل الإعلام السعودية مكفولة، ضمن القيم والأهداف الاسلامية والوطنية، التي يتوخاها الإعلام السعودي».. وقد لا يعلم التاجر الموقر أن جمعية حماية المستهلك تلقت ــ وفقا للدكتور ناصر آل تويم الرئيس المنتخب للجمعية ــ
أكثر من (300) شكوى خلال العام الماضي، بين غش تجاري وارتفاع في الأسعار وسلع مقلدة.
وسائل الإعلام السعودية وطنية شكلا ومضمونا، أهدافها واضحة وضوابطها واضحة والدولة أناطت بها «احترام حقوق الأفراد والجماعات وإشعار المواطنين بمسؤولياتهم المباشرة عن مجتمعهم» أي أنها لم تكلف بتاتا بتحريض الناس على التجار! ولم تكلف أيضا بالتغاضي عن
غش بالمستهلكين والمتلاعبين بأقوات الناس، الذين ينامون على سعر ويستيقظون على سعر آخر في عملية لا تكاد تتوقف ضحيتها الأولى والأخيرة، المواطن ذو الدخل المتواضع.
أن تحرض وسائل الإعلام الناس على التجار، بمعنى أن تعلن الحرب عليهم، ليس هدفا من أهداف هذه الوسائل، ولكن هدفها الإسهام في حل المعضلات والمشكلات ومكافحة الإرهاب والفكر الإرهابي والفساد وحماية ما حققه المجتمع السعودي من منجزات، والمطالبة بكل ما له علاقة بالتنمية السعودية المستدامة، وحماية المستهلك الذي وصفه رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور مفلح القحطاني بأنه «الحلقة الأضعف في التعاملات التجارية والخدمية» كما كشف عن المعاناة التي يواجهها المستهلكون، «ارتفاعات في الأسعار ومبالغة في رفع أسعار بعض السلع والخدمات والأجور وفرض رسوم أو غرامات مالية على بعض الخدمات من بعض الجهات ذات العلاقة».
انتقاد وسائل الإعلام للجهات المسؤولة عن أي خلل في المجتمع، واجب وطني وضرورة اجتماعية، وكما أنه لا أحد فوق المساءلة، فلا أحد فوق النقد، إذاً لماذا يغضب بعض التجار، إذا انتقدت وسائل الإعلام جشع بعضهم وتلاعب بعضهم وغش بعضهم؟ أليسوا هم شركاء أساسيون في تنمية الوطن؟ إذاً لا ينبغي أن يفسر التجار أو بعضهم أن الإعلام يحاربهم أو يقتص منهم أو يلحق الأذى والضرر بهم، فهم مواطنون قبل أن يكونوا تجارا، والإعلام إعلام وطن ومواطن وليس إعلام أفراد لهم مآرب أخرى، بل إعلام يأخذ ويعطي،
ومن دلائل الإعلام الناجح أن يكون إعلاما متوازنا، ينتقد وينتقد ولا يتجاهل المصالح المتبادلة بينه وبين الناس أو يقفز عليها، بل يقاوم صراحة: الغش، والتدليس، والاستهتار بأقوات الناس من منطلق وطني بحت.
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...0530423128.htm