العودة   منتدى مقاطعة > مجتمع مقاطعة التفاعلي > توعية المستهلك > ثقافة الاستهلاك.. التوعية والتربية تتصدران الأولويات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-01-2008, 03:12 AM   #1
مقاطعهم&حارقهم
مشرف
 
الصورة الرمزية مقاطعهم&حارقهم
 
رقـم العضويــة: 5800
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشـــاركـات: 5,647

افتراضي ثقافة الاستهلاك.. التوعية والتربية تتصدران الأولويات

تحقيق - هيام المفلح
هل في ثقافتنا الوطنية المكتسبة شيئاً عن "التوعية الاستهلاكية" ؟ .. وهل يعرف - جميعنا - معناها و أهميتها ؟..
هل انعدام هذه الثقافة يقتضي منا إدراجها في مدارسنا كمنهج مهم وضروري لتنمية جيل واع ؟
وما دور وسائل الإعلان والتسويق الحالية في تشجيع السلوك الاستهلاكي المفرط واختلال توازن الاستهلاك لدى الفرد ؟ وكيف نحد من تأثير أدوارها هذه ؟ ..
ثم .. ماهي قنوات التثقيف التي يقع على عاتقها الدور الأكبر في توعية الأسرة "وربات البيوت تحديداً"؟
أسئلة كثيرة هي محاور تحقيقنا هذا، نناقشها مع المختصين، في محاولة لإرساء رؤية واضحة تعين المسؤولين على وضع استراتيجية منهجية ترسخ مفهوم الثقافة الاستهلاكية في مجتمعنا


.
ثقافة الناشئة
بداية يؤكد خالد النقية المحاضر في قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية بجامعة الإمام على أهمية غرس ثقافة الاستهلاك لدى الناشئة، لا سيما في سنوات الخبرة الأول، وفي مراحل متقدمة جداً، وذلك لأهمية التنشئة في غرس قيم يبقى أثرها ويتم توارثها عبر الأجيال.
ويرى النقية أن ثقافة الاستهلاك التي تعيشها مجتمعاتنا الإسلامية والعربية، ومجتمعنا السعودي على وجه الخصوص، هي ثقافة سلبية إلى حد كبير وذلك لطابعها الإسرافي الترفي المرتبط بالطفرة المادية التي تنعم بها مملكتنا ولله الحمد، ولذا يرى من وجهة نظره أنه لا بد من بث قيم الاستهلاك الإيجابي والاقتصاد والتوفير في مواد التعليم العام عبر مراحله المختلفة للبنين والبنات على حد سواء. لكن رغم هذا فإن خالد النقية لا يؤيد تخصيص مادة مستقلة تعنى بهذا الخصوص، لأنه يعارض تماماً جعل مواد التعليم قوالب تعلب في أذهان الطلاب، وهي موجه يراها بدأت تنتشر في الآونة الأخير، حيث يطالب البعض بمواد بين الحين والآخر كل حسب اهتمامه، فنسمع من يطالب بمادة عن البيئة ومادة عن الوعي المروري ومادة عن الوعي بآثار المخدرات ومادة حول الثقافة الجنسية..وهكذا يصبح التعليم لدينا مواد تفرضها الحاجة وليست مواد مبنية على التخطيط الاستراتيجي، ونناقض أنفسنا بعد ذلك عندما نطالب بتخفيض المواد الدراسية وأنها أصبحت أكثر من قدرة الطلاب على استيعابها !.
ولذا يقول النقية أنه يجب أن يكون هناك خطط يتوافر عليها متخصصون في كل مجال يبنون المناهج بحيث تكون فيها ثقافة الاستهلاك والوعي المروري والوعي بالمواطنة مبثوثة في كافة المواد (من خلال المثال والقصة والسؤال والتصريح والتلميح والممارسة) وتحول كل هذه المعارف إلى معارف وممارسات يتم تقييمها خلال العام الدراسي.
ويحدد النقية أهم المحاور التي يرى أن تتضمنها موضوعات التوعية بثقافة الاستهلاك فيقترح من بينها محوراً للتوعية بأهمية كسب المال من وجوهه المشروعة وإنفاقه في وجوهه المشروعة كذلك من خلال مواد التربية الإسلامية، ومحورا آخر للتوعية بأهمية الاقتصاد في الإنفاق من خلال مواد التربية الإسلامية والأمثلة من خلال مادة اللغة العربية ومادة النصوص والأدب، ثم محور لبث الوعي الصحي والربط بينه وبين الإنفاق والاستهلاك والإشارة إلى أن معظم الأمراض مردها إلى ثقافة الاستهلاك الخاطئ، ويضيف النقية محوراً خاصاً للتأكيد على قضية الاقتصاد المنزلي وإدارة ميزانية الأسرة من خلال مادة الاقتصاد والتدبير المنزلي والاقتصاد.
الاستهلاك .. رفاهية
ومن جهة أخرى يوافقه الباحث الاقتصادي عبدالمجيد الفايز في عدم جدوى تدريس ثقافة الاستهلاك كمادة مدرسية فالفايز يعتقد أن ثقافة الاستهلاك لدى الأفراد ترتبط بالرفاه المادي الذي يعيشه أيا منهم، فإذا كان ميسورا ودخله يفي بمتطلباته الأساسية فإنه يحاول أن يشبع رغباته في سلع وخدمات كمالية قد تبدوا للآخر أنها نوع من الترف، في حين يعتبرها حاجات أساسية، ويقول أن هذا السلوك لا يقتصر على السعوديين فقط بل هو سلوك بشري تجده في كل مكان من هذا العالم، فالميسورون في الهند ومصر والولايات المتحدة يتصرفون على نحو مشابه لما يقوم به الفرد الميسور لدينا، والعكس صحيح.
من هنا يعتقد الفايز أن تدريس ثقافة الاستهلاك سيكون غير مجد في تصويب بعض الأنماط الاستهلاكية التي يمارسها كثير منا، فالأمر برأيه يرتبط بشكل مباشر، كما ذكر، بالرفاه المادي للفرد نفسه والعادات والتقاليد المنتشرة في المجتمع، ونحن كمجتمع مسلم ينبغي أن نراعي متطلبات الاستهلاك التي أمرتنا بها الشريعة الإسلامية مثل عدم الإسراف أو التقتير.
ولفت الباحث الفائز النظر إلى نقطة مهمة، تمثّل الجانب الآخر من وجه العملة، وهي أن المستهلك نفسه بات الآن يحتاج إلى حماية، من خلال سن التشريعات الكفيلة بضمان سلامة المنتجات وتعزيز و حماية المصالح الاقتصادية له، من خلال حصوله على المنافع مقابل ما يدفعه من نقود، وبما يضمن تشجيع المنافسة النزيهة و منع الاحتكار الضار و ضمان جودة السلع والخدمات وسلامتها عن طريق سن التشريعات و النظم التي تكفل ذلك بما يتجانس مع ما هو معمول و معترف به دولياً وتحقيق التوزيع المتكافئ للخدمات والسلع بما يضمن وصولها لجميع المناطق و خصوصاً النائية منها، وأيضا تشجيع وضع النظم الكفيلة بحصول المستهلك على التعويضات المناسبة في حال الإضرار به بما يضمن السرعة والإنصاف، وكذلك تشجيع البرامج التثقيفية للمستهلك التي تساعده على اختيار السلع المناسبة له، خصوصاً فئات كبار السن و الأطفال و التعاون مع المنتجين في ذلك ، وجميع تلك الأمور نصت عليها مبادئ حقوق المستهلك.
ظاهرة عالمية
أما الدكتور فالح بن فيصل المهيدلي العتيبي المتخصص بالإدارة التربوية بوزارة التربية والتعليم، وعضو مجلس منطقة الرياض التعليمية سابقا، فيوضح أن النزعة الاستهلاكية consumerism أصبحت ظاهرة عالمية لم تعد تقتصر على مجتمع دون سواه ولا ثقافة عن غيره، لذلك يرى أن تدريس ثقافة الاستهلاك وتوعية الناس بها لابد أن تكون مسألة لها رواجها بين أطياف المجتمع باختلاف أعمارهم وأجناسهم، وهي لا تحتاج إلى رأي واختلاف حول أهمية تدريسها ونشرها فهي ضرورة شرعية واجتماعية وثقافية.
ويؤكد د. فالح أننا نعيش عصر منافسة حادة وتغييرات مفاجئة ومستمرة وبروز نظم دولية جديدة وضعت أوزارها على مجتمعاتنا كنظام عولمة، ولذا كان محتما علينا تحصين ناشئتنا وتعزيز الوعي الاستهلاكي لديهم للحفاظ على مكتسباتهم في ظل الأوضاع الاقتصادية الجديدة للأفراد والأسر.
ويرى د. الفالح أن الفكرة الأساسية التي هي محور توعية الجميع ناشئتهم وكبارهم ذكرهم وأنثاهم هي قاعدة الاعتدال التي ترمي إلى الاقتصاد والاعتدال في الأنفاق، وتمكن الفرد من أن يوزع دخله بين السلع والخدمات العاجلة والآجلة (الادخار)، بحيث يحصل على أقصى منفعة، ويبدو رائعا - حسب قوله - ما اعتمده "هربرت ماركوز"، والذي يرى أن الأفضل هو تمييز حاجاتنا الحقيقية من حاجاتنا الزائفة.
ويوضح د. فالح رؤية علماء الاجتماع المتضمنة اعتبار كون الثقافة أصبحت عنصرا من عناصر كل ثقافة؛ وذلك نتيجة لما تمارسه المصادر المختلفة على سلوك الإنسان باتجاه الميل للاستهلاك، ويستنتج منها قوله "بما انه كان لعلماء النفس حضور كبير حينما ارتادوا مجال الاستهلاك وكان لهم تأثير بالغ في إقناع المستهلك بالاستهلاك الواعي وغير الواعي للسلع والخدمات كان لزاما علينا الاستعانة بهم مرة أخرى للتوعية بثقافة استهلاكية متزنة وواعية في المجتمع " .
نشاط .. لا منهجي
ويتفق الدكتور معدي بن محمد آل مذهب، أستاذ الإدارة المشارك بكلية إدارة الأعمال جامعة الملك سعود ، مع الآراء القائلة بعدم جدوى تدريس ثقافة الاستهلاك ضمن المنهج، ويقول بأننا بتنا نلاحظ في الآونة الأخيرة أن كل ظاهرة أو مشكلة نواجهها، ترتفع لأجلها نداءات من الكثير منا توصي بإفراد مادة لها في المنهج التعليمي، وإذا ما اتبعنا هذه الطريقة، فلنا أن نتخيل الكم الهائل من المقررات التي ستثقل الطالب خاصة وأن مشكلاتنا كثيرة والظواهر السلبية التي نلاحظها في ازدياد. لهذا لا أعتقد أننا يجب أن نحمل المدرسة كل هذا ولا نحمل الطالب أكثر مما هو مثقل به.
ومع ذلك يوضح د. معدي بأنه إذا أتيحت فرصة للمدرسة أن تناقشها أو تتطرق إليها في نشاط غير منهجي، أو من خلال تعامل المعلم مع طلابه واحتكاكه بهم، فهذا شيء يُحمد للمدرسة وللمعلم. ومشكلة تعليمنا - برأيه - أنه لا يعد الفرد للحياة، إنما يحشو ذهنه بمعلومات كثيرة لا تلبث أن تتبخر بمجرد آخر اختبار، وقد تكون مادة التربية الوطنية هي المادة التي من الممكن أن تناقش هذه المشكلة من خلالها، ويمكن التطرق إليها من زاوية الادخار وأثر الاستهلاك غير المبرر لمواد مستوردة تؤثر على الاقتصاد الوطني ، ويعتقد أن هذا الأمر يتعلق بالأسرة وقيمها وسلوكها أكثر من المدرسة، خاصة للطلاب.
توعية ربات البيوت
في مناقشتنا لأهم قنوات توعية الأسرة - وربات البيوت تحديداً - بأبجديات ثقافة الاستهلاك ذكر الباحث عبدالمجيد الفايز أن للاستهلاك ثقافة ترتبط بشكل وثيق بالمجتمع والعادات والتقاليد، ومن وجهة نظره فإن تأسيس جمعية لحماية المستهلك تعمل على توعيته وإرشاده وحمايته هو الأنسب لتوفير ثقافة استهلاكية لجميع أفراد المجتمع، فمعظم دول العالم توجد بها جمعيات لحماية المستهلك، وهناك اتحاد دولي لجمعيات حماية المستهلك ، ولكن تأسيس مثل هذه الجمعية تأخر لدينا بالرغم من أن مجلس الشورى أقر تأسيسها قبل سنوات .
أما د. معدي آل مذهب فيقول أن هناك ما يسمى " إدارة الأسرة "، ومنها ما يتطرق إلى أسس التحكم في الإنفاق وإدارة ميزانية العائلة، ويمكن التطرق إلى هذا الموضوع من خلال مقرر الاقتصاد والتدبير المنزلي في مدارس البنات، فما يلاحظ في هذا المقرر هو التركيز المفرط على الخياطة والتطريز وصنع الحلويات التي هي بحد ذاتها استهلاك . وفي النهاية نادرا ما نجد طالبة تصلح أبسط الأمور المتعلقة بالخياطة في منزلها، مع أن والديها أنفقا عليها الكثير أثناء الدراسة في شراء لوازم هذا المقرر التي تحتاج إلى خبير لفك مصطلحات وشفرات لوازمه، والذي - في اعتقاد د. معدي - يزيد من حمى الاستهلاك لدى الطالبة في سن مبكر، كما أن وسائل الإعلام تؤدي دوراً مهماً في هذا المجال .
في المقابل يحمّل المحاضر خالد النقية ربات البيوت الدور الأكبر ،باعتبارهن "قطب الرحى" ، في غرس وتوجيه البيت بثقافة الاستهلاك وذلك من خلال تمثلها القدوة لأفراد الأسرة وإدارتها لبيتها وفق ميزانية تراعي التوازن بين المدخلات والمخرجات، ويضرب مثلاً بقوله ( لنا أن نتصور بيتا تكون فيه ربة البيت عاشقة للأسواق تلاحق كل ما تنتجه الموضة من موديلات في شتى المجالات، كيف سيكون سلوك أبنائها في البيت ؟) . ولذا يرى النقية أنه من الواجب بث ثقافة الوعي لربات البيوت من خلال وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء وتكثيف برامج التوعية للرفع من مستوى ثقافة الاستهلاك في الأسرة، كما أن أقسام الاجتماع والخدمة الاجتماعية والجمعيات الخيرية ومكاتب الاستشارات والتدريب معنية بهذا المجال من خلال تبنيها لبرامج قصيرة وطويلة تطرح مجاناً أو برسوم رمزية لربات البيوت يتم من خلالها عقد دورات تخصصية لربات البيوت حول الاستهلاك ومضاره وإعطاء مهارات في إدارة ميزانية الأسرة.
لكن د. فالح العتيبي يرى أن ربة البيت قد تكون افهم للسلوك الاستهلاكي من المرأة العاملة، فالمرأة العاملة تمتلك مالا تمتلكه ربة البيت، غير أن شريحة كبيرة من المجتمع تعاني من نقص في الفهم الاستهلاكي السليم.
والمرأة - حسب رأيه -مستهدفة بثقافة استهلاكية مهلكة، فالموضة المتغيرة المتجددة شراك منصوب في كل يوم وفي كل منعطف، وخاصة فيما يتعلق بالملبس وأدوات الزينة والكماليات بعمومها ، وبناء على ذلك، وكحماية لهذه الفئة من مجتمعنا ، كان لزاما علينا أن نستهدف المرأة بثقافة مضادة لثقافة الاستهلاك غير المتزنة عبر وسائل الإعلام والصحف والتلفاز المحلي وعبر القنوات، وكذلك على المستوى الوعظي الديني.
ويوضح د. فالح أن المرأة الواعية للاتزان الاستهلاكي السليم تدرك أن ديننا حثنا على الاعتدال في كل شئ في حياتنا بما فيها الاقتناء والاستهلاك؛فقد قال صلى الله عليه وسلم "فراش للرجل وفراش للمرأة وفراش للضيف والرابع للشيطان"، فالزائد عن الحاجة إسراف وتبذير ، وعلى هذه المرأة أن تدرك أن ضبط الاستهلاك لا يقتصر على ابتياع السلع من الأسواق، بل يتعدى ذلك إلى حسن الاقتصاد والترشيد في الإمكانات المتاحة كالكهرباء والماء وحسن استخدام الأجهزة المنزلية وصيانتها عند عطلها بدلا من رميها واقتناء غيرها، فتربية النفس على التوفير والادخار على المستوى الطويل عادة تربوية مهمة حتى مع الوفرة؛ وهذا يكوّن لدى الأبناء فهما وإدراكا لقيمة وأهمية ما يحصلونه ، ومن المعروف أن استنزاف المال بلا ضرورة والإسراف في ذلك أمر خطير،فهناك من لا يجد لقمة يسد بها جوع بطنه وأبنائه وليس من شكر هذه النعم التبذير والإسراف فيها.
الإعلام .. ودوره الخطير
اتفقت آراء ضيوفنا المختصين حول أهمية دور وسائل الإعلام في توعية الأسرة وتثقيفهم استهلاكياً لمنع ممارسات السلوك الاستهلاكي المفرط والمخل بدخل الفرد، فالدكتور معدي آل مذهب يرى أن دورها سلبي جدا ، فهي تشجع على الاستهلاك مدفوعة بأهداف مادية، وأغلبها يناقض أبسط أخلاقيات المهنة خاصة في مجتمع إسلامي، لا من حيث تدريسها للمتخصصين ولا من حيث ممارستها من قبل المعلنين والمسوقين، ويقول أننا لا نستطيع أن نتحكم في القنوات الإعلانية الآتية إلينا من الخارج، لكنه يمكن الحد من التأثير السلبي لوسائل الإعلان الداخلي من خلال وضع ضوابط للإعلانات، وتشديد الرقابة عليها ومحاسبة المخالفين- بما في ذلك قنوات الإعلان، ومن خلال تدريس أخلاقيات العمل في التخصصات المهتمة بالتسويق والبيع والترويج .
كما يرى الدكتور فالح العتيبي أن مصير المستهلكين لم يعد في أيديهم ولا في جيوبهم، إنه يِلعب أمام أعينه، فالإعلام أجلب بخيله ورجله لينشر في مجتمعاتنا ثقافة المستهلك المبرمج الذي ينوء بأعباء المتطلبات التي ليس لكثير منها ضرورة فِعلِيّة بل كان الدافع لاقتنائها ما استقر في عقل المشتري ونفسه من الدعاية لهذه السلعة في وسائل الإعلام مسموعها ومرئيها، وللأسف فإن النظام العالمي الجديد برأي د. الفالح قد سعى إلى تشجيع الثقافة الاستهلاكية ،إذ تعتمد الشركات سياسة تسهيل الاقتناء عن طريق التقسيط المريح (المميت) وتساعد البنوك في ذلك بتقديم العروض من أجل قروض ميسرة (مهلكة على المستوى البعيد) .
ويعتبر د. فالح الإعلان أخطر واقعة اجتماعية وثقافية واستهلاكية فهو يقيم مسافة سحرية ثقافية بين السلعة والمستهلك، وقد أصبح المستهلك يسعى لتوفير المنتج الذي ظهر أمامه في وسائل الإعلام المختلفة مشدوها به، وأمر نشر ثقافة الإعلانات بنظره ليست مقصورة على وسائل الإعلام بل تجاوز الأمر إلى وسائل الاتصال؛ فالإعلان بواسطة الجوال أصبح يفرض على الفرد فرضا بغير إذنه وبدون مراعاة لخصوصياته.
فكم من سلع أو منتج أحسست بالخطأ أو الاستعجال بعد اقتنائه؟ .. ويستشهد د. فالح بقول "الدكتور الروماني" الذي يرى أن الإعلان يتحدد بوصفه الفيروس المسؤول عن الخلخلة الاجتماعية والاقتصادية المعاصرة في كثير من المجتمعات الحديثة وقد آن الأوان للتصدي لهذا الفيروس.
لكن الباحث عبدالمجيد الفايز يضع أمر وسائل الإعلام وفق إطار منظم وممنهج فهو يرى أن من مهام جمعيات حماية المستهلك الرقابة على المحتوى الإعلاني والتأكد من صدقيته ورفع الدعاوى على أية شركة تضلل المستهلكين أو تخدعهم ، كما أن تلك الجمعيات يحق لها طلب التعويضات نيابة عن المستهلكين إذا ما ثبت تضرر شريحة منهم .
فأسواقنا حسب رأيه تعج بكم هائل من الإعلانات التسويقية التي تنطوي على تضليل للمستهلكين، كما أن السوق تمتلئ بالسلع الضارة والخطرة وهذا لن تستطيع أية مادة من مواجهته إذا لم تكن هناك جمعية تحمي المستهلكين وتقف بالمرصاد لكل من يستغلهم أو يضللهم أو يتسبب بالإضرار بهم نيابة عنهم .
أما المحاضر خالد النقية فيشدد على خطورة الإعلان التجاري بوسائله المختلفة والذي يغري من خلال الصوت والصورة والحرف بالشراء المفرط ، لأنه يعزف على أوتار الحاجات النفسية والاجتماعية وجعلها تبدو في ثوب براق لا يقاوم ونحن نرى اليوم وسائل الإعلام مليئة بالكم الهائل من هذا الإعلانات والتي دفع عليها الملايين بل المليارات ولولا مرودها المالي على المسوق والمنتج لما رأينا زيادتها حتى أصبحنا نرى الإعلانات التجارية تحتل الوقت الأكبر من البرامج وتأخذ أوقات الذروة وتقطع البرامج المهمة على طريقة ( فاصل ونواصل ) والتأكيد على قضية جعل المنتج مغلفاً بهالة إعلانية إعلامية تجعل منه مغرياً للمستهلك في احتفالية كبيرة يحشد لها الصورة والمؤثرات الصوتية ويصاحبها المغريات كالمسابقات وعبارة ( الآن .. اتصل لا تتردد .. الآن عرض لا يقاوم ... أو عبارة الكمية محدودة أو عرض مخفض .. أو اشتر واحدة واحصل على الأخرى مجاناً أو اربح آلاف الريالات .. أو أكشط واربح .. أو أرسل رسالة لتدخل السحب على الجائزة الكبرى ) .
ويصف النقية هذا الأسلوب بأنه "رخيص" يسوق من خلال الإعلان لاستدرار ميزانية الأسرة الحلوب وجعل الاستهلاك ظاهرة إدمان يفوق ضررها ظاهرة إدمان المخدرات، ولهذا فانه يحمّل وزارة الثقافة والإعلام ووزارة التجارة ، ممثلة في حماية المستهلك ، مسؤولية مراقبة الإعلان التجاري والحد منه وجعله واقعياً بعيداً عن الإثارة والمبالغة ، ولابد من التوعية المضادة التي تحصن الأسرة من السقوط في هاوية الاستهلاك المرضي ، ومن وجهة نظره، فإن المستهلك المفرط الذي لا يقاوم شهوة الشراء مريض يحتاج إلى علاج خاص يخضع من خلاله لجلسات إرشادية نفسية واجتماعية وصحية تعيد تأهيله ليعود للوضع السوي.
كلمات .. أخيرة
كلمات أخيرة يقولها ضيوف تحقيقنا هي بمثابة التوجيهات أو النصائح أو المقترحات ، يلفتون النظر إليها لتصحيح واقع استهلاكي بات سمتنا الغالبة .
يقول الباحث عبدالمجيد الفايز أن ثقافة الاستهلاك منبعها المنزل وسلوك الوالدين مع أبنائهم، كما أن مسايرة المجتمع والعادات والتقاليد في بعض الأحيان تجبر الأفراد على الإسراف في المأكل أو المشرب أو حتى المسكن وباقي الاحتياجات الأخرى ، لا سيما بين جيل الشباب، من هنا يشدد الفايز على أن يركز الوالدان على بناء ثقافة استهلاكية لأبنائهم فهي الأهم في هذه الأيام.
بينما يطرح المحاضر خالد النقية ستة نقاط رئيسية في ختام حديثه مشيراً إلى أنه لا بد من الاهتمام بثقافة الاستهلاك والاستفادة مما وصلت إليه المجتمعات الأخرى في هذا المجال، حيث إننا نمر بنفس المرحلة التي مرت بها تلك المجتمعات، ويجب أن تقعد اللقاءات والندوات والمؤتمرات ويدعى لها المنتجون والمسوقون ويطالبون بطرح أوراق عمل حول ثقافة الاستهلاك، كما يجب أن تلزم المصانع وشركات التسويق بدفع جزء من أرباحها لتقام به برامج توعية لذوي الدخل المحدود وهم أخطر ضحايا الاستهلاك الخاطئ والذي يسوق عبر الإعلان التجاري لا سيما تلك المصانع التي تنتج مواد ضارة أو يؤدي تناولها إلى الإدمان عليها، وكذلك يجب الربط دائماً في برامج التوعية بين الاستهلاك الخاطئ وبين الإصابة بالأمراض المزمنة حيث التركيز على الجانب الصحي يدق ناقوس الخطر ويحد من التمادي في الاستهلاك المفرط.
ومن الأهمية وجوب إبراز الأمثلة الحية والقدوة الحسنة من خلال وسائل الإعلام كجانب من الحملة المضادة ، وأخيراً يرى النقية من الواجب التركيز على النشء وتربيته على السلوك الاستهلاكي الرشيد من خلال تعويد الطفل على إدارة مصروفه اليومي وممارسة الثواب والعقاب لتأكيد هذا السلوك الإيجابي والحد من السلوك السلبي.
وفي المقابل يشير د.فالح العتيبي أن على الأسرة أن تسلك طريقة جديدة في مجال الاستهلاك وإعادة النظر في تنظيم مصروفاتها اليومية وميزانيتها بما يمكنها من التصدي للحاجة في ظل الأوضاع المادية الجديدة للأفراد والأسر، ويمكننا المساهمة في توجيه ثقافة استهلاكية جيدة من خلال سلوك المسلك الشرعي في إدارة المال ،فالاقتصاد في المعيشة من النبوة ،وكذلك فإنه نصف المعيشة، وقد أخبرنا الله عز وجل عن النصيحة التي وجهها العقلاء لقارون سيد المبذرين والمختالين المسرفين حين قالوا له : " وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ".
ويضيف د. فالح أن علينا أيضا توعية الناس بالغزو الكبير للسلع الرديئة والمقلدة لأسواقنا فبالإضافة إلى حجبها للبضائع الجيدة فهي تنطوي على مخاطر صحية لاتخفى على أحد إضافة إلى أن سرعة تلفها وفسادها يضطر المستهلك إلى إعادة اقتنائها.
ولا ننسى أن انتشار هذه المحلات التي تغري بالشراء بأسعار رخيصة جدا تجعل الذاهب لاقتناء سلعة معينة يخرج بما يحتاجه ومالا يحتاجه من بضائع حتى أصبحت عربة (التروللي ) المكتظة بالبضائع هي شعار هذه المحلات.
ويوضح د. فالح أن المجتمع يحمِّل وزارة التجارة مسؤولية استيراد البضائع المسيلة للعاب والجيوب رديئة الصنع قصيرة العمر والحد من انتشارها وتشجيع استيراد البضائع جيدة الصنع والمناسبة السعر، كما يحمل المجتمع وزارة الإعلام مسؤولية الهوس الإعلاني غير المنضبط حتى للبضائع التي ثبت ضررها على المستهلك،هذه الإعلانات التي جعلت من رب الأسرة غير قادر على ملاحقة متطلبات أفراد أسرته المتجددة. وعلى المستوى الفردي يرى د. فالح انه لابد من وجود الحزم الأسري في ضبط المصروفات والإنفاق؛ ويعني بالحزم هنا نشر الثقافة الاستهلاكية بين أفراد الأسرة وتربيتهم على الإنفاق المتوازن والاقتصاد المعيشي واقتناء ماله حاجة فعليه والبعد عن الإسراف والمباهاة

___________________________



واذا غلا شيء علي تركته *** فيكون ارخص ما يكون اذا غلا




للتواصل مع إدارة المقاطعة راسلنا على الإيميل:


مقاطعهم&حارقهم غير متواجد حالياً  
قديم 04-01-2008, 03:01 PM   #2
جمرة غضا
التميمية
المراقب العام
 
الصورة الرمزية جمرة غضا
 
رقـم العضويــة: 715
تاريخ التسجيل: Aug 2007
مــكان الإقامـة: محفر تمر سكري
المشـــاركـات: 40,561
Twitter

افتراضي

موضوع جدا قيم
مشكور يامقاطعهم

___________________________

التميمية تويتر


للتواصل مع ادارة المقاطعة


جمرة غضا غير متواجد حالياً  
قديم 04-01-2008, 03:18 PM   #3
مقاطعهم&حارقهم
مشرف
 
الصورة الرمزية مقاطعهم&حارقهم
 
رقـم العضويــة: 5800
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشـــاركـات: 5,647

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مقاطعتهم&حارقتهم مشاهدة المشاركة
موضوع جدا قيم
مشكور يامقاطعهم

العفو اختي الكريمة

اشكر لك مرورك وتعليقك

___________________________



واذا غلا شيء علي تركته *** فيكون ارخص ما يكون اذا غلا




للتواصل مع إدارة المقاطعة راسلنا على الإيميل:


مقاطعهم&حارقهم غير متواجد حالياً  
قديم 04-01-2008, 10:15 PM   #4
amr1
مقاطع جديد

 
رقـم العضويــة: 7100
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشـــاركـات: 43

افتراضي

بارك الله فيك اخي الكريم 0
amr1 غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:30 AM.