«تجويع» جمعية حماية المستهلك

د. سعيد السريحي
كنا نعتقد أن المواطنين هم من ينتظرون من جمعية حماية المستهلك أن تحميهم من جشع التجار، وتلاعبهم في الأسعار حينا وتحايلهم على مواصفات السلع حينا آخر، غير أن ردهات القضاء تؤكد أمرا آخر حين تنشغل بالفصل في القضية التي رفعتها جمعية حماية المستهلك والمتعلقة بعدم وفاء بعض الغرف التجارية، وهي مركز تجمع التجار، بما ألزمها به قرار مجلس الوزراء من دفع ما نسبته 10 % من عائد التصديقات لجمعية حماية المستهلك؛ كي تتمكن من تنفيذ برامجها والقيام بدورها المتمثل في حماية المستهلكين من جشع وطمع واستغلال بعض التجار.
هذه القضية التي ينظر فيها ديوان المظالم تؤكد أن جمعية حماية المستهلك بحاجة إلى من يحميها كذلك، وهذا يعني أن على المواطنين الذين ينتظرون منها حمايتهم ألا يعولوا عليها كثيرا، وذلك لأن مصيرها مربوط بيد التجار أنفسهم.. إن شاءوا منحوها المال الذي يمكنها من العمل، وإن شاءوا منعوا عنها تمويلها، فبقيت عاجزة لا تقدر من أمرها على شيء.
وقد كشف رئيس جمعية حماية المستهلك أن امتناع الغرف التجارية عن تمويل الجمعية أدى إلى أن توقف الجمعية برامجها التي وصفها بالطموحة، وأن تستغني عن بعض موظفيها وموظفاتها، وتجمد بعض أنشطتها، وقد انتهى الأمر بهذه الجمعية، التي يعقد عليها ملايين المواطنين والمواطنات آمالهم وينتظرون منها حمايتهم، أن لا يتجاوز عدد العاملين فيها عشرين موظفا وموظفة.
ولم يكن يجدر أن تترك جمعية حماية المستهلك تحت رحمة بعض التجار وغرفتهم التجارية يمنحونها أو يمنعون المعونة عنها، وقد كان المتوجب أن تتولى وزارة التجارة استقطاع تلك النسبة المقررة من دخل التصديقات وتسليمها لجمعية حماية المستهلك، بل كان الأجدر من ذلك أن يكون لجمعية حماية المستهلك مصدر تمويل مستقل لا تتعرض معه إلى سياسة التجويع التي تتبعها معها بعض الغرف التجارية، والتي تعطل عملها المتمثل في حماية المواطنين من بعض التجار الذين يقومون بتمويلها.

المقال من صحيفة عكاظ