كتاب اليوم
هايل العبدان منزل بـ300 ألف ريال..! قبل سنوات قليلة كان المواطن يُبشّر بوصول دوره في صندوق التنمية العقاري بعد انتظار يصل أحياناً إلى 15 عاماً، لأن ذلك يعني أنه سيصبح مستقلاً في بيت يؤويه وأبناءه. لكن الشعور تغير تماماً، إذ بمجرد إعلان اسمه ينظر إلى السماء أي عين أصابته!
المبلغ الحالي لقرض الصندوق العقاري والبالغ 300 ألف ريال (في بعض المدن الصغيرة والمراكز فقط 200 ألف ريال) بالكاد لا يكفي لرفع قواعد البناء الجديد عن سطح الأرض، فما بالك بمنزل كامل لن تقل تكلفته بأي حال من الأحوال عن 500 ألف ريال، هذا إن استُغني عن كثير من الكماليات، وبعض من الضروريات، بما فيها السور الخارجي!
الحديث عن تكلفة المنزل العادي، وكفاية قرض الـ300 ريال له إما هو ضرب من الخيال أو الجنون. فسعر طن الحديد الآن يتجاوز 2500 ريال، وقد وصل سعره قبل فترة وجيزة إلى 3000 ريال للطن. كما أن مواد السباكة والكهرباء قفزت بأسعارها عن السابق أضعافاً مضاعفة. الأسمنت هو قصة أخرى، ودون الحديث عن انقطاعه المتكرر من الأسواق هناك تلاعب بأسعاره من الموزعين، وهذه الأيام يتذبذب ما بين 15- 18 ريالاً للكيس الواحد، مع العلم بأن سعره وصل إلى 20 ريالاً قبل أشهر!
بات ضرورياً الآن أكثر من أي وقت مضى رفع قيمة القرض العقاري إلى 500 ألف ريال على الأقل، للوفاء بمتطلبات البناء، وكذلك تسليمه للمقترض دفعة واحدة، وبالتالي إلغاء أسلوب "التقطير" المتمثل بتسليم قيمة القرض على دفعات، لأن ذلك يجبر المقترض على أن يبحث عن طرق تمويل أخرى لإكمال إحدى مراحل البناء حتى يفي بشرط الصندوق لاستلام الدفعة التالية. يجب كذلك تسريع طابور الانتظار الطويل من خلال ضخ مزيد من الأموال لدعم ميزانية الصندوق، خصوصاً وأن ذلك يوافق تحقيق الميزانية العامة للدولة أرقاماً خيالية بحمد الله.
دراسات لشركات عقارية اتفقت على أن 22% فقط من السعوديين يملكون منازل خاصة، وأن المملكة بحاجة إلى نحو 4.5 ملايين وحدة سكنية خلال الخمس سنوات القادمة. إن لم يتم تحديث أنظمة الصندوق العقاري بما يتوافق مع الواقع الذي نعيشه، فإننا سنجد مستقبلاً أن امتلاك مواطن لمنزل خاص هو "حلم إبليس بالجنة"!
* خروج عن النص:
اليوم الثلاثاء وهو مطلع عام 2008 وكذلك انطلاق السوق الخليجية المشتركة، لتفتح أبوابها أمام مواطني مجلس التعاون لدول الخليج العربي، وذلك بعد 28 عاماً من قيام المجلس!
وقبل فترة وجيزة أعلنت أوروبا (فضاء شينغن) والمتمثل بإلغاء الحدود بين 24 دولة، ليستطيع 400 مليون مواطن أوروبي التنقل بحرية من أستونيا حتى فرنسا، دون أن يضطر المسافر لحمل جواز سفر بين دول لا رابط بينها في اللغة ولا في الدين، ولا حتى الحضارة!
أشعر بشيء من الخجل كمواطن خليجي لاستغراقنا لنحو ثلاثة عقود حتى نقرر فتح السوق الخليجية المشتركة، واكتفاء 35 مليون خليجي طوال 28 عاماً بترديد "خليجنا واحد .. وشعبنا واحد"!