http://sabq.org/sabq/user/articles.do?id=839
دُعيتُ لتناول طعام العشاء لدى أحد الأصدقاء مع العائلة الكريمة. فرحتُ بذلك الاجتماع قبل مجيئه؛ لشوقي الكبير لـ"هذرته".
لم أسلك الطريق المختصر هذه المرة بحُكْم أنني خرجت من منزلي "مبكرًا"؛ لذا قررتُ أن أسلك طريقـًا آخر، وليتني لم أفعل.
في أحيان كثيرة "حماسك الزائد" يقودك نحو "منزلق" قد يضعك في ضائقة لم تكن في الحسبان.
كنتُ أتحدث مع أبنائي بكل سعة صدر؛ لأن شوارعنا تحتاج من كل مواطن إلى أن يكون أيوب زمانه. وفي أحد الشوارع كانت زحمة السير في أوجها، وتوقفت السيارة تماماً، "فلمحت" زوجتي لوحة محل تُحَف! لاحظتُ "حدة نظرها" في المحل؛ فعرفتُ أن زيارته وجبت.
نظرتْ إليَّ فابتسمتْ، وقلتُ "سمعًا وطاعة"، ووجهتُ سيارتي نحو مواقف المحل.
نزلنا جميعًا مع ابني ذي الأعوام الستة وابنتي ذات الـ... "حقـًا نسيتُ كم عمرها". المهم أننا نزلنا إلى هذا المحل التجاري الرائع والجميل، الذي يحتوي على العديد من البضائع المتميزة الشكل واللون "مع قليل من الجودة".
اختارت رئيسة مجلس شورى "منزلي" بعض الأغراض التي ادَّعَت أنها تحتاج إليها كثيرًا، وكان نظرها يذهب هنا وهناك بكل لهفة واشتياق، كما كان يفعل ابني بكثرة حركته في المحل، وعلى الرغم من توسلي لهما بأن يخففا من حركتيهما إلا أن ذلك لم يحدث.
اندمج ابني في اللعب مع التُّحَف، وهو الاندماج الذي كنتُ أحذر منه؛ فخطف "مزهرية" بيده الكريمة وأرداها "أجزاء متناثرة" على الأرض.
لم تصل المزهرية إلى الأرض إلا وعمال المحل فوق رأسي لضبطي بالجرم المشهود، وحتى لا أحاول الهرب من تحمُّل "المزهرية".
غضبتُ كثيرًا على ابني، ورفعت صوتي عليه بعد أن علمتُ أن مبلغ "المزهرية" (165ريالاً)، وراح فكري مع هذا المبلغ "الضائع" بعيدًا؛ تخيلتُ أنني دخلت "بندة"، وخرجتُ منها بما يسد رمق أحد أيامي، أو أني اشتريتُ بها "رأس نعيمي" يقطع طول اشتياقي للحوم الأغنام التي أصبحت من "طعام الأغنياء"، وكأنها "فالوذج" الرشيد! أو أني اشتريتُ بها سيخ حديدٍ يؤانسني في أحلام يقظتي بمنزل يخلصني من سيوف تجار العقار.
وأنا في خضم الأحلام، والحزن يعتريني، رق قلب مدير المحل لي، وللفزع الذي ارتسم على محيَّا ابني؛ فقال: سأعطيك القطعة بسعر شرائها فقط دون مكسب! فابتسمتُ وشكرته، وقلتُ عشر ريالات "تنفع" في هذا الوقت العصيب.
بعد تعامله مع الجهاز، قال لي: هات (100 ريال) هي رأس مال التحفة. فاندهشتُ، وفتحت فمي، وقلتُ في نفسي: (65 ريالاً) مكسبهم في القطعة الواحدة!!
انتهت قصة صديقي...
ولكن...
أين الأزمة العالمية؟! وأين ارتفاع الأسعار "الكونية"؟!
بعد اعتقادي أن تجارنا لا يتجاوز مكسبهم ربع ونصف ريال في القطعة الواحدة "كما يدَّعون"، وبعد اعتقادي بتأثير تسونامي اليابان على أسعار السيارات لدينا، وبعد اعتقادي بتأثير فيضانات الهند على أسعار الأرز، وبعد اعتقادي بتأثير أزمة اليونان، وبعد اعتقادي بارتفاع دخل الفرد في الصين؛ وبالتالي ارتفاع قيمة "الكراكيب" الصينية، وكل ذلك من مبررات التجارة لدينا، آمنت بأن كل هذه أسباب واهية.. وأن "تجارنا" على اختلاف تخصصاتهم هم سبب وأد أحلامنا، وهم سبب ضياع مستقبل شبابنا، وهم سبب خطف ابن صديقي لهذه التحفة!!؟
*صورة مع التحية لوزير التجارة.
*صورة مع التحية لجمعية حماية التجار "أقصد المستهلك".
*صورة مع التحية لوزير الصحة؛ لأن صديقنا لم يستطع إقفال فمه "من شدة الدهشة"؛ لذا نأمل التوجيه بعلاجه، وشكرًا.
_______________________________________________