بخصوص الاحتكار دعونا نتحدث

فهد عامر الأحمدي
الاحتكار يعطل المنافسة ويضر بالمستهلك، ويعطي "الشركة" فرصة التحكم بالسلع والخدمات.. لهذا السبب تحاربه جميع الدول باعتباره معطلا لحرية الأسواق ومثبطا لظهور منافسين جدد، وسببا من أسباب الهدر وغبن الناس والتحكم في الأرزاق..
ورغم أن الاحتكار محرم في الإسلام لا نراه للأسف محاربا فى الدول الاسلامية بقدر ماهو حاصل في الدول الغربية.. نراه منتشرا في المجتمعات المغلقة وغير الشفافة حيث المحاباة والمصلحة الخاصة والعلاقات الشخصية هي من يُحدد الفائزين في المنافسة..
والاحتكار من وجهة نظر اقتصادية ينشأ عندما تقوم مؤسسة واحدة بالهيمنة على ما يُنفذ أو ينتج أو يباع من الخدمات والسلع.
وهو فى النظام الرأسمالي مضاد لمبدأ التنافس الحر الذي يصب دائما في مصلحة المستهلك مقابل انخفاض الأسعار وارتفاع مستوى الجودة..
في بريطانيا مثلا تعد الشركة محتكرة إن هيمنت على 30% من انتاج سلعة بعينها. وفي اميركا تم وضع مايسمى قانون شيرمان لمنع الاحتكار منذ عام 1890 لمنع شركات السكك الحديدية من الاتفاقات الضمنية ضد المستهلك.. وفي دول كثيرة قد يتطلب الأمر تشكيل لجنة رفيعة للنظر فيما ان كانت هذه الشركة او تلك قد احتكرت سلعة بعينها.
وفي أحيان كثيرة قد تبلغ الشركة من النمو والتوسع حد وصولها لحالة "احتكارية" فتطالبها الحكومة بتجزئة نفسها (مثلما حدث لشركة الاتصالات الأميركية فى بداية الثمانينيات حين اصبحت اكبر شركة على الإطلاق فاضطرت لتقسيم خدماتها على أربع شركات عملاقه)!
ومن أشهر قضايا الاحتكار الدعوى التى أقامتها وزارة العدل الاميركية (مع عشرين ولاية أخرى) ضد شركة ميكروسوفت لانتاج برامج الكمبيوتر.. فشركة ميكروسوفت كما نعرف كانت السباقة الى انتاج أنظمة التشغيل في الكمبيوترات الشخصية.. وخلال عقدين من تأسيسها أصبحت شركة عملاقه تسيطر على معظم أنظمة التشغيل حول العالم. ولأنه لم يكن لها منافس تقريبا تغاضت وزارة العدل في البداية عن سيطرتها الواضحة في هذا المجال.. غير أنها لم تتحمل محاولة سيطرتها على الانترنت (من خلال نظامها المعروف ويندوز) ومنعها تشغيل برامج تصفح أخرى لصالح برنامجها المدمج في النظام "انترنت اكسبلورر"!
ونتيجة لهذه الدعوى خضعت ميكروسوفت لأمر وزارة العدل وسمحت لبرامج تصفح مستقلة بالعمل من خلال ويندوز (المسؤول عن تشغيل 85% من كمبيوترات العالم) الأمر صب في النهاية لصالح المستهلك وأتاح فرصة ظهور منافسين حقيقيين تفوقوا عليها..
.. وفي المقابل لك أن تتخيل حجم الفساد والتراخي والمحسوبية في أسواقنا المحلية (أو المشروعات الكثيرة المؤجلة أو التي يتم بيعها بالباطن) بسبب الاحتكار.. فحين يتم حكر المشروعات (أو احتكار السلع والخدمات) من خلال شركات معينة أو أسماء محددة أو مؤسسات لا تخضع للمنافسة، من الطبيعي أن تتعثر المشروعات وينتشر الفساد ويقل مستوى الجودة والخدمات.
وقبل أن نفكر في أسباب الفساد والتعثر والتلاعب بالمال العام؛ يجب أن نمنع أولا الاحتكار والمحاباة ومنح المشروعات الكبيرة للأسماء الكبيرة كهبات وعطايا.. ورغم أننا نملك شيئا يدعى مجلس المنافسة التجاري، نادرا ما يمتد تأثيره إلى حيث توجد الاحتكارات الكبيرة والمؤثرة فعلا في اقتصاد البلد..

http://www.alriyadh.com/1109223