باتت قضية تأنيث محلات بيع المستلزمات النسائية ومع تنظيم وضوابط وزارة العمل المختلطة هي القضية الأكثر إثارةً واهتماماً في الساحة في هذه الأيـام !!
وهي قضية وتطور تستحق ذاك الاهتمام والإثارة بما أنها تمسّ المجتمع وخصوصيته المحافظة ؟!
وقد يتساءل البعض .. لماذا دائماً تحاولون الربط بين هذا القرار وقضية الأقسام والمستشفيات النسائية الخاصة ؟!
وللجواب عن هذا التساؤل نقول :
الدافع الأكبر والوحيد لقرار تأنيث بيع المستلزمات النسائية والذي لا يختلف عليه اثنين والذي رفع شعاراً ودثاراً للحملات والمطالبات والتبريرات لإصدار هذا القرار هو القضاء على الإحراج الذي تعيشه وتعاني منه المرأة في المجتمع عند حاجتها لشراء ملابسها الداخلية حيث تذهب مضطرة مرغمة لشراء هذه المستلزمات من المحلات التي يبيع فيها الرجال !! وحدث ولا حرج عن هؤلاء الباعة الذين يهتمون بمظهرهم وهندامهم ويضعون المساحيق والعطورات.. ناهيك عن أسلوب التعامل والذي لا يخلو من التغنج والمغازلة والتحرش ؟؟!
إذاً .. فالعلة المتفق عليها لدعم واتخاذ والمطالبة بهذا القرار هي الحفاظ على حياء وخصوصية المرأة والتي هي من أبسط حقوقها .
ونجد أيضاً في المستشفيات الحكومية وفي أقسام النساء والولادة بالتحديد تعاني المرأة انتهاكاً للحياء والخصوصية أشد وأعظم من هذا الذي تجده في تسوقها وشرائها ملابس داخلية مجردة !!
بل وصل الحال إلى أن ترغم العفيفة والغيور على أن يوقعوا على تعهدات لعدم الممانعة عن كشف العورات والسوءات أمام الأطباء الرجال ؟!
ولنستمع لهذا المقطع:
ومع وجود هذه العلة المتفق عليها من الجميع ومن باب قياس الأولى كان من الأجدر أن تجد قضية الأقسام والمستشفيات النسائية الخاصة نفس هذه التحركات والمطالب والحملات والجهود والتفاعل والتفعيل بل يفترض ومن المنطقي أن تكون الجهود المبذولة للمستشفيات والأقسام النسائية الخاصة أضعاف ما بذل في سبيل تأنيث محلات بيع المستلزمات إن كانوا صادقين في غيرتهم على الأخلاق والأعراض ؟!
فهل هناك من طالب منهم أو على الأقـل اقترح وطرح أو أيّد أي مشروع أو فكرة حول المستشفيات والأقسام النسائية الخاصة ؟؟؟!!
بالعكس تماماً ..
فهم لم يكتفوا بالسكوت وتجاهل هذا المطلب الحقيقي والذي يحفظ للمرأة حقوقها وحياءها وخصوصيتها ، بل بالغوا في حربهم وهجومهم ضد كل من يطرح ويطالب بمثل هذا وسفهوا واستهزءوا بأصحابه و وضعوا أمامه القنابل والألغام والعراقيل واتهموه بتضييع الأموال العامة.. وتم وأده في مهده ؟!
وهناك نقطة مهمة جداً تكشف زيف دعاوى الحرص على حياء المرأة وخصوصيتها وتدعونا للربط بين هذين القضيتين ..
فعند الرجوع إلى الوراء قليلاً نجد أن من أصدر قرار تأنيث محلات بيع المستلزمات النسائية أول مرة هو نفسه كان في يوم من الأيـام على رأس هرم وزارة الصحة ولم يصدر خلال فترته وعهده الذهبي - كما يسمونه – أي شيء لا من قريب ولا من بعيد حول هذا التخصيص والتأنيث للمستشفيات أو على الأقل أقسام النساء والولاة ؟؟؟!!
وما أجمل عبارة أطلقها الشيخ إبراهيم السكران يقول فيها :
"يغار أن يبيع البائع ملابس داخلية للمرأة ، ولا يغار أن يرى الطبيب ما تحت الملابس الداخلية بلا حاجة ، ويريد يقنعني أنه صادق" أ. هـ.
ومما يزيد عجب وقلق كل غيور أن يوافق هذا التنظيم ولو كان على سبيل المصادفة برتوكولات وأجندات واستراتيجيات لمنظمات خارجية تسعى لإفساد وتغريب المرأة ؟؟!
منها على سبيل المثال ما ذكره الأخ عبدالله بن محمد المديفر في مقاله عن دراسة (النساء وبناء الأمة) ، والتي صدرت عن مؤسسة راند عام 1429هـ، وبتمويل من قطر.
حيث يتساءل عن الدراسة وعن أبرز معديها وهي اليهودية شيريل بينارد :
فماذا تقول هي ومن معها عن تأنيث المحلات؟
أولاً-تَدعم دراستُها كلَّ الجهود الرامية إلى تمكين النساء من الوصول إلى الأسواق، ومباشرتهن أعمالهن بأنفسهن دون الحاجة إلى الاعتماد على أحدٍ من زوج أو أب (ص103).
ثانياً-ترى أن بناء الأمة في المجتمعات الإسلامية ينبغي أن يكون بصفة عامة دامـجاً للجنسين حيثما كان ذلك ممكـناً؛ مع التأكيد على أنه يجب إلغاء هياكل اتخاذ القرار الفاصلة بين الجنسين في جميع طبقات المجتمع، ويكون العمل على إدماج المرأة في الهياكل الخاصة بالرجال (ص132).
ثالثاً-في حال معارضة المجتمع على عمل المرأة في بيئات مختلطة، توصي باستغلال المواقف التقليدية، مثل إنشاء سوق تجاري خاص بالنساء، بائعات ومشترِيات، لكن ينبغي أن ينفذ ذلك بشكل مدروس، مع التأمل في العواقب غير المقصودة، مثل إدامة الفصل بين النساء والرجال في مكان العمل؛ وينبغي أن يكون هذا الحل حلاً استثنائياً يأخذ صِفة مرحلية انتقالية (ص133).
رابعاً-تشير إلى أنموذج حدث في أفغانستان، في كيفية بذر بذور التقبل لبيئات العمل المختلطة، وبصورة أكثر تقاربـًا بين الرجل والمرأة، ففي ورشة عمل عقدها (برنامج التضامن الوطني الأفغاني) جمعت مشاركين من الرجال والنساء، وكانت مقاعد النساء منفصلة عن مقاعد الرجال في اليومين الأولين، لكن في اليوم الثالث صدرت تعليمات للموظفين والموظفات بالجلوس معًا. وتنقل عن أحد الملاحظين قوله: إن هذا التصرف لا يؤدي إلى تغيير كبير، ولكن من المؤكد أن الجميع تعلموا كيف يعمل الرجال والنساء معًا جنـبًا إلى جنب (ص112).
ألا يحق بعد ذلك لأهل الغيرة على الدين والأعراض أن يتوجسوا من هذا التنظيم ويطالبوا بتغييره وضبطه بالضوابط الشرعية الحقيقية التي تحفظ للمرأة حياءها وخصوصيتها وحريتها الكاملة وهي في الوقت نفسه توفر فرصاً وظيفية نسائية أكثر من هذا الذي يوفره لها هذا التنظيم ؟؟!!
فلماذا تصرَ وزارة العمل على هذا التنظيم ... هل هي بهذا التنظيم تحابي رجال الأعمال والتجّار وأصحاب المحلات ؟؟!!
أكثر من تضرر من هذا القرار وهذا التنظيم هم رجال الأعمال والتجّار وأصحاب المحلات والذين اضطر بعضهم لتغيير نشاط محلاته بعد هذا التنظيم !!
واتجه الآخرون للقضاء ورفع الدعاوى ضد وزارة العمل و وزيرها بسبب هذا التنظيم
؟؟؟!!