السعودية: تراجع التضخم يصحح مسار أسعار إيجارات المساكن
طرح وحدات عقارية جديدة خلال الفترة المقبلة
جريدة الشرق الاوسط:
الرياض: مساعد الزياني
تشهد السعودية خلال الفترة الحالية تراجعا في مؤشرات الضغوط التضخمية خلال الفترة الحالية، وهو ما تسبب في ضغوط على ملاك العقارات في البلاد لخفض أسعار الإيجارات، والتي يتوقع أن تبدأ في شهر فبراير (شباط) 2009.
وكانت الحكومة السعودية قد أعلنت في وقت سابق عن كبح جماح التضخم احد أصعب التحديات الاقتصادية خلال الفترة الماضية، حيث تراجع التضخم إلى 10.3 في المائة في سبتمبر (أيلول) من 10.9 في المائة أغسطس (آب)، مما يؤكد أن الضغوط على الأسعار بشكل عام تعود إلى التصحيح، خاصة أن الإيجارات تعتبر احد الأعصاب الرئيسية المغذية للتضخم، وتراجعها يمثل مؤشرا لتراجع الأسعار في المدن السعودية. وقال عقاريون لـ«الشرق الأوسط» ان تراجع التضخم سيعمل على إعادة الأسعار إلى واقعها، وحقيقة العقار الذي يعكس الأسعار المطلوبة له كإيجار، مشيرين إلى وجود الكثير من الوحدات العقارية، خاصة الشقق السكنية، مطروحة للإيجار إلا أن المبالغة في أسعارها تسببت بعزوف المستأجرين منها، بالإضافة إلى فتح نوافذ عمل جديدة في مناطق غير المدن الرئيسية، مما قد يساعد على انخفاض الهجرة إلى تلك المدن.
في حين قال آخرون ان البلاد معتمدة على طلب حقيقي، وان الوحدات السكنية المطروحة للإيجار ستشغل خلال الفترة المقبلة، خاصة في مواسم الزيجات بعد عيد الأضحى المقبل.
بين محمد السبيعي مستثمر عقاري أنه يتوقع أن تنخفض الإيجارات بنسبة تصل إلى 15 في المائة في منتصف الربع الأول من العام المقبل 2009، وذلك لحاجة الكثير من ملاك العقارات إلى السيولة في الفترة المقبلة، بعد تأثر عدد من مستثمري العقار بالأزمة المالية، وبالتالي فأن وجود السيولة أمر ضروري والمبالغة في رفع الإيجارات لن تساعد المستثمرين على استثمار عقاراتهم المعروضة والمطروحة للإيجار.
وأضاف المستثمر العقاري أن الطلب موجود وبشكل كبير، خاصة على الوحدات العقارية المطروحة للتمليك، إلا أن رفع الأسعار خلال الفترة الماضية نتيجة التضخم لم يساعد على تلبية الطلب، ودفع المستأجرين للتوجه إلى المباني والشقق ذات العمر المتوسط المتراوح بين 4 إلى 8 سنوات، والعمل على تجديد تلك العقارات والسكن فيها، مما أدى إلى ارتفاع أسعار تلك الوحدات لتصيبها هي الأخرى عدوى التضخم، والوصول إلى نتيجة تضخم قياسي.
وتتراوح أسعار الإيجار للشقق الجديدة ذات الحجم المتوسط، والمطروحة في العاصمة السعودية الرياض ما بين 30 ألف ريال (8 آلاف دولار) و50 ألف ريال (13.3 ألف دولار)، في حين تقل مثيلاتها في مدينة جدة غرب السعودية فتوجد بسعر يتراوح ما بين 25 ألف ريال (10.7 ألف دولار) و45 ألف ريال (12 ألف دولار)، وفي مدن المنطقة الشرقية تقل الأسعار عن الرياض وجدة، حيث يصل سعر الشقة متوسطة الحجم إلى 20 ألف ريال (5.3 ألف دولار) و35 ألف ريال (9333 ألف دولار) وذلك عطفاً على نسبة أعداد السكان التي تعتبر اقل من المدينتين السابقتين.
وبين محمد الدوسري الخبير العقاري في المنطقة الشرقية أن الأسعار ستتماسك خلال الفترة المقبلة، كون الطلب متواصلا ومتزايدا، الأمر الذي يدفع الوحدات العقارية للخضوع لميزان العرض والطلب.
وأضاف أن الانخفاض قد يحدث مع طرح المزيد من الوحدات العقارية، خاصة مع ازدياد عمليات بناء المباني السكنية، بعد هبوط فبراير 2006 في سوق الأسهم السعودي، والذي حول الكثير من المستثمرين إلى الاستثمار في القطاع العقاري.
وأكد الخبير العقاري أن السعودية تعتبر من أعلى معدلات النمو السكاني، بالإضافة إلى أنها من أعلى معدلات تكوين الأسر، مما يستوجب طلب المزيد من الوحدات السكنية لإيواء تلك الأسر الجديدة، مؤكداً أن الأزمة الاقتصادية العالمية ساعدت على أعادة التداول في السوق العقاري، الذي يعتبر الملاذ الآمن لرؤوس الأموال السعودية، مشيراً الى أن مؤشرات التخضم لا تعتمد فقط على عنصر الإيجارات، بل هناك عناصر أخرى كالسلع الأساسية التي تأثرت بالأزمة الاقتصادية العالمية. ولفت إلى وجود الكثير من المشاريع قيد الإنشاء في مناطق البلاد، بالإضافة إلى نمو الطلب في قطاع الإيجارات السكنية بنسبة تتراوح ما بين 3.5 في المائة إلى 5 في المائة، مستبعداً أن يكون هناك تأثير في قطاع الإيجار التجاري، في ظل النمو الاقتصادي في السعودية، موضحاً أن الكثير من المستثمرين السعوديين توجهوا إلى الاستثمار العقاري في الآونة الأخيرة، في ظل الانخفاضات التي يسجلها سوق الأسهم السعودي، والثقة المتناقصة في قنوات الاستثمار الأخرى بخلاف القطاع العقاري الذي يعتبر القطاع الأول للاستثمار في المملكة خلال الفترة الأخيرة. وأكد ان الكثير من المستثمرين عمدوا إلى بناء مبان تحت أسعار مرتفعة لمواد البناء، الأمر الذي يعزز توقف أسعار الإيجارات عند مستوى معين، لضمان تحقيق العوائد وان كانت على مستوى رأس المال. يذكر أن السعودية شهدت خلال الفترة الماضية ارتفاعات متتابعة في أسعار الإيجارات، والتي أسهمت في تغذية ثورة التضخم مسببة مشكلة مستعصية في وجه الجهات المالية الحكومية، التي اعترفت بصعوبة موقف كبح جماح التضخم نتيجة النمو الاقتصادي العالمي، إلا أن ألازمة العالمية الأخيرة ساعدت بشكل كبير على انتكاسة للاقتصاد العالمي، وبالتالي ساعد ذلك على انخفاض أسعار مواد البناء، وتسجيل خسائر بين الاستثمارات العالمية، الأمر الذي سيساعد على إيجاد حركة جديدة في سوق العقارات السعودي.
http://www.asharqalawsat.com/details...&issueno=10945