أحياناً... - الإحساس بالمسؤولية
عبدالعزيز السويد الحياة - 07/10/08//
على رغم رائحة الشماتة فإن تعليق رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين على أزمة النظام المالي في الولايات المتحدة بعبارة قصيرة هو الأبلغ تشخيصاً لجذور الأزمة الكبيرة وأسبابها، أشار بوتين إلى أن هذه الأزمة سببها «انعدام الإحساس بالمسؤولية»... من الأميركيين بالطبع. قد يقول قائل انه يتشفى منتهزاً فرصة للضغط على جرح بوش وإدارته الذي صار جرحاً عالمياً، ولكن، هذا حليف سياسي من حلفاء الولايات المتحدة يقول القول نفسه مخففاً، رئيس وزراء كندا قال تعليقاً على الأزمة ان سببها «سياسات غير مسؤولة»، أيضاً الأخير أبدى ندمه على تأييد أميركا في حرب العراق، الندم صابون تنظيف حتى في السياسة التي يقال فيها الشيء وضده.
انعدام الإحساس بالمسؤولية وسياسات غير مسؤولة، هي ما كان وما زال بعض دول العالم العربي واللإسلامي يعاني منه طوال عقود من السياسة الأميركية الخارجية، ميزة الأزمة المالية الطاحنة حالياً، إن كان فيها شيء من هذا القبيل، أنها طاولت الحلفاء. النظام المالي العالمي مثل الأواني المستطرقة، من هنا يجرب الحلفاء السياسيون في أوروبا واليابان النتائج المدمرة للسياسات غير المسؤولة.
نختلف عنهم بأننا في العالم العربي... والإسلامي جربناها كلها، السياسية منها والعسكرية وها هي المالية نرفع رؤوسنا تحسباً لتوابعها.
انعدام الإحساس بالمسؤولية يعني انعدامها تجاه الآخرين، في الظل يقبع منعدم الإحساس بالمسؤولية ليضخم مكاسبه او يتستر على وضع خطر على الجميع. لكن انعدام الإحساس هذا مرض معد، يتفشى ويزداد انتشاراً كلما انخفضت درجة الشفافية والمساءلة، فإذا كان المدير، مثلاً، منعدم الإحساس بالمسؤولية فإن هذا السلوك سيصبغ العاملين تحت إدارته، أكثرهم حتى لا نقع في مطب التعميم، ليتحول ذلك القسم الإداري، كبر أم صغر، إلى إدارة منعدمة المسؤولية تجاه الآخرين، حتى ولو أظهرت غير ذلك في خطابها الإعلامي. وإذا أصيبت إدارة بهذا الداء فإن إدارات أخرى بالمستوى نفسه في أجهزة إدارية أخرى ستصاب به، وهكذا.
والحديث الآن في العالم العربي، بخاصة في شأن الاقتصاد والمال، يتمحور حول الاستفادة من دروس الأزمة المالية الأميركية، وإذا عدنا إلى التاريخ القريب وأزمات مرت لا يتوقع المتابع ان يستفاد من دروس، مثلما لم يستفد من مثيلات لها في السابق، لأن ما يدور حالياً حول الاستفادة هو رد فعل فرضته إعلامياً الأزمة العالمية، إذا انشغلت أميركا أشغلت العالم معها، وإذا مرّت هذه الأزمة أو بالأحرى جرى تخفيفها وتقسيط آثارها سيتلاشى الحديث عن الاستفادة من الدروس، ويعود كل فرد إلى روتينه، لذلك ليس لنا في عالمنا العربي سوى الدعاء بأن يبعد الله تعالى بلطفه الأزمة عن شؤوننا، اللهم أمين.
www.asuwayed.com
هنا