-
محمد الشهري من الرياض -
20/12/1428هـ
من المرجح أن يستقبل المستهلك في السعودية عام 2008 بارتفاع إضافي في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية بنسبة تصل إلى30 في المائة، إضافة إلى الارتفاعات السابقة التي عايشها طيلة العام الحالي.
وينظر المستهلك المغلوب على أمره إلى هذه الارتفاعات بعدما تسللت إلى بائعي التجزئة الذين يتعامل معهم المستهلك معلومات مفادها عزم بعض المصدرين في الخارج ومستوردي الجملة تقديم صفعة جديدة لهذا المستهلك "الضحية" برفع قيمة منتجاتهم المصدرة إلى السعودية.
وكشف لـ"
الاقتصادية"عبد الله العثيم رئيس مجلس إدارة شركة العثيم القابضة، أن ارتفاع الأسعار أمر واقعي وله مبرراته في الفترة الحالية والفترات المقبلة، مشيرا إلى أن المعلومات التي ترد إليهم من المصدرين والموردين أن عام 2008 سيشهد ارتفاعا في الأسعار بنسبة 20 إلى 30 في المائة.
وأكد العثيم، أن سبب ارتفاع الأسعار بشكل عام له مبررات كثيرة منها ارتفاع العملة الأوروبية، وانخفاض الدولار والنفط، كما أن لهؤلاء المصدرين والموردين وجهة نظر من حيث رغبتهم وطموحهم في رفع الأسعار، وذلك لأنه ليس بمقدورهم رفع الأسعار وطرحها بشكل مباشر، حيث جعلوا ارتفاع الأسعار تمر بعدة مراحل ومن فترة إلى أخرى، مبينا أنه من ضمن خطتهم هو رفع الأسعار للعام المقبل.
وأضاف أن ارتفاع الأسعار كان له أثر واضح على غير القادرين من المواطنين والمقيمين، كما أن الدعم الحكومي لبعض المنتجات أمر تشكر عليه الدولة، فهي له نظرتها من حيث دراستها وتحليلها لوضع الأسعار في السوق المحلية، التي بلا شك لها دور فعال من حيث تخفيفها ولو لجزء بسيط عن كاهل المواطن.
وأفاد العثيم بأن الواقع يؤكد أن ارتفاع الأسعار العالمية لا يزال أكبر من الدعم الحكومي لبعض المواد الغذائية التي قد تسهم بشكل بسيط في مواجهة ارتفاع الأسعار، موضحا أن العوامل الخارجية تظل أقوى من العوامل الداخلية في تأثيرها على ارتفاع الأسعار.
وأبان العثيم أنه في حال السيطرة على بعض العوامل الداخلية التي تؤثر في الأسعار قد تسهم في تخفيف ولو بجزء بسيط من ارتفاع الأسعار، مبينا أن الأرز كان من ضمن المواد الغذائية التي عندما جاء الدعم ارتفعت أسعاره والحقيقة أنه ليس للدعم سبب في ذلك.
ولفت إلى انه عندما جاء الدعم الحكومي للأرز كان يباع بالأسعار السابقة قبل شهرين، والموردون رفعوا السعر بعد أن وصل سعر الأرز بنفس سعر استيراده، مشيرا إلى أن المخزون مهما كان متوافرا وعاليا إلى درجة يمكن إيقاف الاستيراد لن يسهم في خفض الأسعار، بل على العكس تماما فإن الموردين لا يزالون يستوردون الأرز الذي لا يزال مرتفعا جدا، إضافة إلى احتكار الأرز من قبل التجار الهنود الذين يبيعونه حاليا بقيمة 1400 دولار بعد أن كان بـ600 دولار، وهو الارتفاع الذي يعد الأكبر من نوعه على مثل هذا المنتج حيث تخطى نسبته 100 في المائة، كما أن الاستيراد في الوقت الحالي لن يقل عن هذا السعر.
وبين العثيم، أن ارتفاع أسعار الحليب أيضا لها، تأثير قوي وأن كان حليب الأطفال فقط هو الذي شمله الدعم، إلا أن حليب البودرة لا يزال يشهد ارتفاعا متواصلا وإن لم يكن مثل الارتفاعات التي شهدها الأرز، متمنيا أن يشمل الدعم حليب البودرة إلى جانب حليب الأطفال.
وأشار رئيس مجلس إدارة شركة العثيم القابضة، إلى أن السكر شهد ارتفاعا في الأسعار ولكنها لم تصل في ارتفاعها كالذي شهدها الأرز، مضيفا أن الدقيق لا يزال يحظى بدعم قوي من الدولة، وذلك لأن المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق السعودية، لا تزال تورد جميع أنواع الدقيق دون أي ارتفاع ملحوظ.
وفي السياق ذاته أكدت المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق السعودية في وقت سابق، أن أعمال توريد جميع أنواع الدقيق البودرة متواصلة، نافية بشكل قاطع أي توجه لرفع أسعار الدقيق التي يتم توريده للمخابز والمنتجين بأسعار مدعومة من الدولة تصل لـ 60 في المائة من إجمالي التكلفة.
ومن جهة أخرى أوضح تقرير حكومي أن التضخم العام في المملكة بلغ نحو 4.4 في المائة في الربع الثالث من العام2007، ووفق التقرير الصادر من مؤسسة النقد العربي السعودي، أن العاصمة الرياض حلت ثاني المدن السعودية من حيث حجم التضخم بها بعد حائل حيث بلغ مؤشر التضخم فيها نحو5.9 في المائة في نهاية الربع الثالث من العام الجاري.
وقال التقرير إن الرقم القياسي العام لتكاليف المعيشة لجميع المدن سجل ارتفاعاً في الربع الثالث من عام 2007 بلغت نسبته 2.0 في المائة ليصل إلى 106.4 نقطة مقارنة بالربع الثاني من العام نفسه.
وبحسب تقرير مؤسسة النقد أن الرقم القياسي العام لتكاليف المعيشة لجميع المدن سجل ارتفاعاً سنوياً بنسبة 4.4 في المائة في الربع الثالث من عام 2007 مقارنةً بالربع الثالث من العام السابق، مبينا أن خمس مدن سجلت ارتفاعات سنوية في أرقامها القياسية أعلى من معدل التغير في الرقم القياسي العام وهي الرياض، والمدينة المنورة، وحائل، والدمام، ونجران، أما بقية المدن فقد سجلت معدلات ارتفاع أقل من معدل التغير في الرقم القياسي العام.
ويعد هذا التضخم والارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار ظاهرة مواكبة للنمو الاقتصادي، فعلى سبيل المثال تسجل أغلب الدول معدلات موجبة من التضخم وبوتيرة متصاعدة مع زيادة النشاط الاقتصادي وارتفاع مستوى التوظيف في اقتصاداتها.
هذا، وتتفاوت بشكل عام العوامل المحددة للتضخم في اقتصاد ما، من عوامل تتعلق بالبيئة الدولية مثل اتجاهات أسعار السلع و نشاط الاقتصاد العالمي وتطورات الأسواق المالية العالمية، إلى عوامل أخرى محلية مثل الطلب والعرض الكلي في الاقتصاد وتكاليف المواد الأولية والأجور وكذلك عوامل مرتبطة بالعرض النقدي، إضافة إلى العوامل الموسمية.