حُمَّى الأسعار.. كيف نتغلب عليها؟ منذ أكثر من عام والأسعار في بلادنا تتزايد حتى طالت كل شيء، وحتى أرهقت معظم المواطنين فأصبح كثير منهم لا يستطيع مجاراتها ولا التعامل معها، ولو كان للفقر مؤشر لرأيناه أحمر يحرق كل من يقترب منه..
ومنذ عامين تقريباً خضع الكثير من المواطنين لعملية "غسيل جيوب" من خلال مؤشر الأسهم حيث تكالب عليهم مجموعة من "الهوامير" فالتهموهم - في غفلة تامة من الرقابة، وأعادوهم - ماليا - كيوم ولدتهم أمهاتهم أو أسوأ من ذلك بكثير لاسيما من فقد ماله واغتالته الديون فأحالته إلى كومة من المآسي لا يستطيع الخروج منها إلا أن يشاء الله..
في هذه الظروف السيئة كثر الحديث عن زيادة الرواتب وأهمية ذلك، كما كثر الحديث عن تحسين الأسعار ودعم السلع الأساسية التي يحتاجها كل مواطن، وبدأت المقارنات بين دخل الفرد السعودي ومثيله الخليجي وبان الفرق الكبير بين هذا وذاك..
كما بدأ الحديث - أيضاً - عن تأثير زيادة الرواتب على التضخم في ظل غياب شبه كامل لوزارة التجارة عن مراقبة الأسعار، والقول إن هذه الزيادة ستذهب إلى جيوب التجار ولن تحقق الفائدة المرجوة للمواطن..
كما بدأ الحديث - أيضاً - عن الفرق بين دعم الدولة للأسعار وزيادة رواتب الموظفين وأيهما أفضل للمواطن!! وبطبيعة الحال كان لكل فريق رأيه في هذه المسألة التي لم تحسم بعد..
وجاءت الميزانية وكانت خالية من زيادة الرواتب عدا الخبر الذي أذاعته قناة "العربية" أكثر من مرة والذي أكدت فيه زيادة الرواتب بنسبة تصل إلى 40%!!
والغرابة التي لم أستطع تفسيرها كيف أن "العربية" تذيع خبراً له حساسية شديدة دون أن يكون له سند من الواقع؟
لقد تبادل المواطنون التهاني والتبريكات في البداية ثم تبادلوا النكات المعبرة عن خيبة الأمل بعد ذلك، وكل ذلك بفضل "العربية"!!
والغرابة الأخرى هي نشر الميزانية في موقع "إيلاف" قبل أن تنشرها القنوات الحكومية الرسمية!
في هذه الظروف يطل علينا سمو الأمير سلمان باقتراح موفق يهدف إلى عدم التلاعب بالأسعار كما يهدف - أيضاً - إلى تمكين المواطن من معرفة ومتابعة أسعار السلع الأساسية التي تتولى بيعها محلات متنوعة ليحدد المكان الذي يذهب إليه مباشرة لأن السلعة التي يريدها موجودة عنده وبالسعر الذي يقبله..
هذا الاقتراح أيضاً يشعل المنافسة بين المحلات الكبرى بحيث يدفعها لتقديم أفضل الأسعار للمواطنين، وهذا هو الهدف الذي يجب السعي إلى تحقيقه.. اقتراح سمو الأمير سلمان نشرته "الاقتصادية" في عددها الصادر يوم الخميس الرابع من ذي الحجة 1428هـ، ومعروف أن هذا الاقتراح الذي سيعمل به بعد العيد سيكون في الرياض وستحرم منه المناطق الأخرى إلا إذا قامت تلك المناطق بعمل الشيء نفسه..
أعود إلى القول إن وضع المواطن في بلادنا يحتاج إلى تدخل سريع من الدولة لتحسينه وجعل حياته معقولة ومقبولة،
وهذا "التحسين" قد يكون بزيادة الراتب أو بتخفيض الأسعار والضرائب التي تؤخذ منه، وقد يكون بكليهما معاً في صورة متوازنة تحقق المصلحة المستهدفة.
من واجب الجهات الرقابية في بلادنا أن تتدخل بجد للحد من ارتفاع الأسعار، ومن حقها أن تحدد للتاجر نسبة ربح معقولة وتطالبه بعد ذلك بالالتزام بالسعر المحدد وإلا تعرض لعقوبة قوية..
وهذه الرقابة وذلك التسعير يكفي أن يكون للسلع الأساسية التي يحتاجها كل مواطن
ولا أعتقد أن هذا العمل يحتاج إلى جهد كبير وإنما يحتاج إلى إرادة صادقة.
وهنا أشير إلى تجربة الكويت في عمل الجمعيات التعاونية المنتشرة في كل المناطق الكبرى، وهذه الجمعيات يساهم فيها أهل المنطقة ولهم أرباحها السنوية، وبطبيعة الحال فكون الجمعية لأهل المنطقة فإن أرباحها التي ستؤخذ منهم ستكون قليلة وهذا هو الهدف المنشود.
لماذا لا نجرب تطبيق هذه التجربة وقد أثبتت نجاحها في الكويت؟ الشيء الآخر الذي أستحسن فعله
تخفيف الرسوم الكثيرة والمرتفعة التي يدفعها المواطن للدولة، فالدولة والحمد لله ليست في حاجة لهذه الرسوم التي قررت في فترة لها أسبابها وقد زالت هذه الأسباب مما يحتم إزالة تلك الرسوم..
من هذه الرسوم رسوم الجوازات والإقامة والاستقدام ورخص القيادة وما في حكمها، وكذلك تخفيض رسوم الكهرباء والبنزين والجمارك وسواها فهذه - إن تمت - يستفيد منها كل مواطن سواء أكان موظفاً أو غير موظف..
كما أنني أقترح أيضاً إعطاء راتب رمزي للزوجة والأولاد - كما تفعل بعض الدول - لأن الأسرة ذات العدد الكبير تختلف مصاريفها عن الأسرة قليلة العدد، وفي هذا تحقيق للعدالة بين المواطنين جميعاً بغض النظر عما إذا كانوا يعملون في الدولة أم لا يعملون.
لو أن تلك القضايا تحققت لما كان هناك أهمية لزيادة الرواتب لأن أوضاع المواطنين ستتحسن تلقائياً ولن يكون هناك تضخم - إذا أردت أن أساير القائلين بذلك - ولا أعتقد أن هذا سيكون صعباً على بلادنا في ظروفها الطيبة الحالية..
خلاصة الأمر أن المواطن - كان وما زال - يتطلع إلى تحسين وضعه الذي لم يعد حسناً، وما زال يرى أن تطلعه قابل للتحقيق في زمن قصير نسبياً، وما زال يرى أن دولته حريصة على تحقيق تطلعاته.
* أكاديمي وكاتب سعودي
http://www.alwatan.com.sa/news/write...=3653&Rname=60
كلام سليم
لو عمل بما كتبت لتحسن وضع كل سعودي