نجيب الزامل
الملك ذهب، وأل..»بولي»2-2
نجيب الزامل

.. وقلنا في الأمس إننا فقدنا في المجمل ثلاثين بالمئة من القوةِ الشرائيةِ للريال، فضاعت نسبةٌ من قوتِنا وأرزاقنا بتلك النسبة، وهي مقاديرٌ من الأموال دفعناها ليس لضعفِ الريال، ولكن لضعفِ الدولار، وكأن الريالَ من المكلـّفين بمساندة الدولار وهو يترنحُ ويتسكعُ في طرقات البورصات والأسواق.. محفوفا سعيدا. وكنت أقولُ لكم بالأمس، وكنت أؤكد، ومازلت، بفهمي الشخصي والخاص، أننا في حقيقة الأمر لا نفقد فقط القيمة تلك المنظورة والمعدودة والمحسوسة، ولكن نفقد أيضا قيمة أخرى غير مرئيةٍ.. أي أننا نخسرُ مرتين، أمام ارتباطنا مع الدولار بهذا الربط السيامي.
الخسارة الأخرى، هي الزيادة المحتملة للريال أمام الدولار والعملات الأخرى، أي أن هناك زيادة مجهولة لا نعلم قيمتها، ولكن نعلم حصولها بحكم المضاربات الجارية على الريال في الأسواق، ويعلم الناسُ العاديون أمثالي أن هناك سوقا موازية في عدة بلدان ( خصوصا العربية والإسلامية، وحتى خارج منظومة تلك البلدان) يباع فيها الريالُ في الزوايا وأحيانا في الميادين بأكثر من قيمته المعلنة. دعني أوضح لك أكثر حتى تفهمني تماما. كثيرٌ منكم يستطيع أن يسترجع مباراة فريق برازيلي لكرة القدم مع فريق سعودي منذ سنوات، الذي حصل أن التذاكر أُعلن أنها نفدت، فصار بعض الناس من الذين اشتروا التذاكر ولنقل بقيمة عشرة ريالات، يعيدون بيعها بخمسة عشر ريالا، بل بعضها وصل إلى خمسين ريالا، وهذا يحصل على أبواب المسارح في المسرحيات الناجحة، وفي مناسبات جماعية أخرى.. لو صوّرنا الوضعَ سوقيا لكان هؤلاء من نطلق عليهم المضاربين ( وربما هذا واحدٌ من تخوفات مؤسسة النقد، فيما قد يحصل في حال عتق ريالنا من الدولار..) ولكني ما زلتُ أجري في هذا السياق وجهة نظري، فأقول إنه يحصل أن يُباع الريالُ في أسواقٍ مثل السوق المصري بأكثر من قيمته الحقيقية لطالبي الحجِّ والعمرة.. ولكن هذه الزيادة في السعر لا تصب في خزينتنا وبالتالي لا تصل لجيوبنا، لأن مقدارَ ما يصل إلينا هي القيمة المعلنة في النظام النقدي الدولي.. فتضيع أموالٌ لنا في جيوب المضاربين، كما تسيح غائرة بلا جدوى المياهُ في ترابٍ لا يُنبتُ زرعا. إذن قيمة ريالنا الحقيقي = القيمة الفاقدة من الدولار+ س ( وهي القيمة المجهولة للزيادة المتوقعة من الطلب على الريال) يعني أن كلا منا طبقا لتوقعاتي سيحصل حالا على ثروةٍ صغيرةٍ في جيبه لو قررت مؤسسة النقد فكّ الريال من رباط الدولار.
وسمعنا خبرا سعيدا أن المؤسسة تفكر جديا في ذلك الفك– رغم تأكيدها، وكثير من كتاب اقتصاديين ساروا في ركابها محذرين من عواقب فك الريال من الدولار، وهذا ما لا يفهمه ولا يقبله من يخسرُ آنيا وكل يوم من الأفراد العاديين.. ولا يريدون -ربما- أن يفهموه).. وبما أن الأسعارَ في أصلها تعتلي السلم للسماء، فأتمنى أن يكون القرارُ بالفكّ سريعا لا مؤجلا للتداول وإعادة النظر.. وعلى كل سعوديٍّ فيما أرى أنه عدل واجب أن يقف مع المؤسسة في أي اضطراب قد يحصل لأنه قرار صعب، ولكني متأكد أن الريالَ سيسلكُ الطريقَ منسابا للصعود.. وسيرفع عن المستهلك السعودي ثقلا يعيق حركته، وجاثوما يزعج نومه.
وإني أتساءل عن موقفِ الغرف التجارية في هذا المنحى، وألاّ ينزعج من هاتفني حول ما جاء في مقال للأستاذ عبدالرحمن الشهيب خرج في هذه الجريدة يصفُ أعضاءَ الغرف وكانهم يتمنظرون بثرواتهم.. بل إني أقف محرجا أمام رأيه، لأنه يمثل رأي الناس، لو طـُلِبَ مني أن أوضح رأيا آخر أو مضادا.. وهنا فرصة من ذهب- الله يذكر «الملك ذهب» بالخير- كي يتحاور مجلس الغرف مع مؤسسة النقد، ووزارة المالية، والمجلس الأعلى للاقتصاد في مسألة تسريع الفك، لأن أعضاء هذه المجالس لابد أنهم يعانون ضعف الريال أيضا .. وكثيرا. وأنا متأكد حينها أن كاتبنا القدير السيد الشهيب وغيره من الشجعان سيقولون كلمة الحق المناسبة عندئذ.
أخيرا سؤالٌ لمؤسسة النقد: هل يخرج رب العائلة للتسوق الآن؟ أم ينتظر حتى يتحقق قرارُ الفك فيعود للبيت بمزيد من الاحتيجات لأولاده بقيمة أقل مما لو خرج الآن.. ولكنه لن ينتظر إلا إن كان القرارُ يطلّ من وراء المنعطفِ القريب!

http://www.alyaum.com/issue/article....6&I=533570&G=1
مقال الامس
http://www.alyaum.com/issue/article....5&I=533214&G=1