حضارتنا العربية إلى أين؟!
ما يحدث اليوم في مجتمعاتنا العربية، أكبرُ دليل على أن التراث العربي العريق بات موضوعًا على الرفوف بدون أسف، من قِبَل شبابنا وأعمدة دولنا، الحضارة العريقة التي كانت بداية الاختراعات والحلول الكبيرة للكثير من مشاكل الحياة ولوازمها، أصبحت الآن بحضور الوباء الغربي المسيطر على عقول الكثير من شبابنا وأبنائنا مهمشة، لا ينظر أحد إلى أمر هذا التراث بالرغم من عراقته وأصالته.
إن التحول الكبير الذي يمر به شبابُنا، ليس في صالح حضارتنا العربية، وهذا شيء واضح للجميع، وخاصة الآباء والأمهات في أوطاننا العربية؛ فالشابُّ العربي أصبح تابعًا للشباب الأوربي الأمريكي في كثير من مناحي الحياة؛ في المأكل والمشرب، وطرق الملبس والكلام وغير ذلك.
البعض من شبابنا اليوم ينظرون إلى الحضارة الغربية على أنها حضارةٌ عصرية فكرية ديمقراطية متطورة، وينظرون إلى حضارتِهم العربية بعين الشفقة والسخرية، وتناسوا أن أول من عرَف الحضارة هُم العرب، وهي الحضارة نفسها التي انطلقت منها الدولُ الأوربية وأمريكا، وطوَّروها حتى أصبحت حضارتُهم في نظر شبابنا هي الحضارةَ العصرية والديمقراطية.
الفكر العربي السائد عن الشباب انطمس كثيرًا، وباتت نهايتُه وشيكةً، والسبب في ذلك أنهم لا يثقون بحضارتهم، ولا يقرؤون عنها شيئًا، اعتمدوا كثيرًا على الثقافة الغربية، وهذا شيء طبيعي في عصرنا؛ لأن الحضارة الغربية قدَّمت لشباب اليوم ما لم تستطع أن تقدِّمه الحضارة العربية، لكن العيب هنا لا يكمن في الحضارة العربية؛ إنما العيب فينا نحن الذين تركنا حضارتَنا، والتفتنا إلى الحضارات الأخرى؛ لذلك يجب علينا تحديثُ الفكر العربي عند أعمدة دولنا، وجعلهم ينظرون إلى حضارتهم بعين الرِّضا، ويُبدعون بتطويرها وجعلها كما كانت في السابق؛ حتى تحافظَ على حضارتنا، وتحافظ على شبابنا، وأبنائنا من الوباء الغربي المنتشر في الوطن العربي.