من أجل المستهلك

د. عبدالعزيز محمد النهاري


** من الملفت للنظر أن نسمع أو نقرأ خلاصة موجزة تقول «إن المستهلك سيكون أول أو أحد المتضررين» وذلك عند مناقشة أي رسوم.. أو زيادات في الأسعار.. أو أي إجراء له علاقة بالسوق على اختلاف أنواعه وتعدد غاياته.. والحقيقة هي أن المستهلك دائما وأبدا هو المتضرر الوحيد من أي إجراء ينتج عنه زيادة الأسعار سواء للسلع أو الخدمات.

والمستهلك هو الذي من أجله تقوم المصانع والشركات والمؤسسات الخدمية.. وبدونه فإن «بيل جيت» وبقية زملائه من العرب والعجم لن يثروا.. ولن يكن لهم أي اسم في قوائم «فوربس».. وبالتالي فلن تجني أي شركة أو بنك أو مؤسسة «هللة» واحدة دون هذا «المستهلك».

و«المستهلكون» يتنوعون من مشتر لعلبة «بسكويت» بريال واحد إلى مشتر لسيارة «بوجاتي» بأكثر من ستة ملايين ريال.. وكما يقول دايم السيف «ولكل شراي بضاعة وسوق».. ولن يخسر صاحب مصنع البسكويت في جدة أو أنقرة ولا مصنع سيارات «بوجاتي فيرون» في فرنسا لأن هناك من يشتري.. وبدونه فلن يقوم لاقتصاد السوق أي قائمة.. كما أن التاجر والصانع على حد سواء لن يخسر ريالا واحدا إذا ما طرأ على صناعته أو تجارته أي طارئ ومنها زيادة أسعار المواد الخام أو أجور العمالة أو الشحن أو التخزين، فكل هللة تزيد لن يتحملها غير المستهلك.

ورغم أهمية المستهلك.. ودوره.. وضرورته.. إلا أنه يفتقد لتفعيل دوره عند مواجهة ارتفاعات الأسعار وتقلباتها.. ويزيد الطين بلة أن مؤسسات حماية المستهلك وخصوصا في بلادنا العربية لا تقوم بدورها على الوجه المطلوب.. ففي العالم المتقدم نجد أن المستهلك يتحكم في أسعار السلع بإقباله أو امتناعه عن شرائها إذا جاوزت أسعارها الحد المطلوب، فالسلعة الغالية ستبور إذا لم تجد من يشتريها.. ولن تصمد بسعرها العالي طويلا سواء توفرت البدائل أم لم تتوفر..

لذلك فإننا بحاجة إلى فهم حقيقي لثقافة الاستهلاك .. وإلى دور فاعل لمؤسسات حماية المستهلك.. وبدونهما فإننا سنبقى أسرى لتقلبات الأسعار وحسابات التجار.

http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...1120549169.htm