إلى «ستيفن كوفي».. صاحب العادات السبع «الحسنة»:
عاداتنا السبع «المتخلفة».. كيف نغيرها؟
(3 من 3)
بندر بن عبد العزيز الضبعان
عزيزي ستيفن..
العادة الخامسة: الكسل والسلبية (اللا فعل)
نحن متقاعسون. سلبيون. خاملون. لا نحب تحريك الساكن. لا نحب المبادرات. نمشي بمحاذاة الحائط وندعو الله الستر. لا نحب تجربة الجديد. ترهبنا الأمور غير المألوفة. ُيسرق بيت جارنا أو سيارته، فلا يبادر أحد بالمساعدة. ماسورة الحي تنفجر وتتسرب منها المياه، فلا يبادر أحد بالإبلاغ. مخلفات البناء ترمى أمامنا، فلا يتصدى لها أحد. لقد حفزت سلبيتنا ''العمالة'' على التمادي في الغي وعاثت في البلد فسادا.
نحن كسالى. عجّازون. اتكاليون. لا نعتمد على أنفسنا، ونعتمد على غيرنا في أبسط الأمور. نتصل على الكهربائي ليأتي ويغير ''اللمبة''. يخرج من منزلنا فرحا يعد أجره، ويقول في نفسه: ''نفر سعودي.. فلوس كتير.. مخ ما فيه..''!
وصل بنا الكسل إلى أن نقود سياراتنا إلى المسجد المجاور. ووصل بنا ''العجز'' أن نبحث عن محال توفر خدمة السيارات (drive-through)، لتخفف علينا من ضغوط الحياة!
العادة السادسة: الفضول
نبيح لأنفسنا الدخول إلى ''حرمات'' الناس. نحب أن نعرف أدق التفاصيل عنهم، بينما ''نتحفظ'' على الكشف عن تفاصيلنا الشخصية والعائلية مهما كانت ''تافهة''، ولا تمس ''الأمن القومي'' لذواتنا.
إذا درست في الجامعة، يسألونك متى تتخرج؟ إذا تخرجت، يسألونك متى تعمل؟ إذا عملت، يسألونك متى تتزوج؟ إذا تزوجت، يسألونك متى تنجب؟ وإذا لم تنجب، يتساءلون: العلة منك وإلا من زوجتك؟!
.. قمة الفضول!
تترقى أو ''تتثبت'' بعد سنوات من الانتظار القاتل، وبدلا من أن يبارك لك، يبادرك بسؤال: ''هاه.. كم وصل راتبك الحين؟''.
تقف أمام ''الصراف'' مستمتعا بخلوة شرعية مع نفسك، وفجأة تجد خمسة دخلوا عليك بدون استئذان، وأخذوا يتطلعون في الشاشة لمعرفة رصيدك رغم محاولاتك في سترها عن أعينهم.
تتناقش مع زوجتك في السيارة، فتجد أن حركة المرور قد تعطلت والكل يبحلق فيكما، حتى صاحب السيارة التي أمامك لم تسلم من نظراته عبر المرآة المعلقة.. ''خير إن شاء الله.. سلامات؟؟''.
تفتح بابك الكبير لتخرج سيارتك، فتجد أن كل من يمر من أمام منزلكم لا بد أن يلوي عنقه 360 درجة لكي يشاهد أدق التفاصيل.. ''ما ودك تقلط؟''.
تعود من صلاة الفجر، وتفاجأ بأن أحد جيرانك ينبش بعصاه قمامتكم الصفراء. ''وش تدور.. يا أخ العرب؟ أسلحة دمار شامل؟''.
يقع حادث مروري، فيتجمهر الناس أمام الضحايا، وبدلا من أن يهبوا لإسعاف المصابين والمصابات، يبحلقون في ''العورات المكشوفة''، ويلتقطون بجوالاتهم مشاهد يتسابقون على بثها في ''يوتيوب''.. الله لا يبلانا.
عيب يا جماعة.. دعونا نرتقي ونترك الفضول واللقافة والبحلقة. دعونا نغض من أبصارنا ونحترم خصوصية الآخرين فلا نحشر أنوفنا فيما لا يعنينا. فنحن ''بشر'' لنا دائرة من الخصوصية يجب أن تحترم مهما كان حجم الاختلاف.
العادة السابعة: إهمال السلامة
نحن لا نراعي متطلبات السلامة لا في المنزل ولا العمل ولا الشارع. ومرة أخرى، نعيش متكلين على بركة الله. لا نأخذ بأسباب السلامة والوقاية. نستخدم المقعد بدلا من السلم، والسكين بدلا من المفك، وحضن الأم بدلا من مقعد الطفل، والشبشب بدلا من المبيد الحشري. نهمل في أدنى متطلبات السلامة ونستبعد وقوع الحوادث. عبارتنا الشهيرة: ''لا توسوس.. ما جايك إلا العافية''. وتنقلب العافية إلى سقم أو مصيبة، فنترحم على الضحايا من جراء إصابات العمل وحوادث المرور والغرق والحريق والاختناق وتنظيف الخزانات!
يسافر البعض منا عبر البر، ويأخذ معه ''ترامس'' الشاي وأكياس ''الفصفص''، دون أن يفحص السيارة. ينطلق وهو قد نسى العدة والعجلة الإضافية وسلك الاشتراك. يكتشف في وسط ''الدهناء'' أن الوقود قد نضب، وزيت المحرك قد اسود ورجع إلى أصله ''بترول''، وفحمات المكابح لم تغير منذ أن ابتاع والده السيارة. يقضي الليل ''يأن'' برفقة الذئاب وقشور الفصفص والترامس الفارغة ولا تنقصه سوى ''ربابة''!
وردنا من ''ستيفن'' البيان التالي..
عزيزي بندر..
أشكرك وأشكر كل السعوديين الذين قرأوا كتابي فاتبعوا عاداتي الحسنة. لستم وحدكم من يعاني ''الصدمات الحضارية''. لقد كنا نحن الأمريكيين في عصر من العصور شعبا فظ التعامل، مهاجرين بلا هوية. هربنا/طردنا/ تغربنا عن أوطاننا الأصلية. لكننا امتلكنا الإرادة. وظهر من بيننا قادة في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة ساقونا طوعا وقسرا إلى التغيير الإيجابي.
إنني متفائل حتى في أحلك ساعات الظلام. فالشعوب لا تحتاج إلى ''تسونامي'' يجرفها أو ''قنبلة نووية'' تبيدها عن بكرة أبيها لكي تتحرك نحو التغيير. أنتم قادرون على إحداث التغيير الإيجابي، والتحول من ممارسة العادات السيئة إلى ممارسة العادات الحسنة.
يلزمكم برنامج تدريبي ''تهذيبي'' ضخم، بل برامج ''كبرى'' في كل مهارات التطوير السلوكي (soft skills) تنظم في دورات متكررة، ويدعى لها كل أبناء وبنات بلدكم. على أن تعقد هذه البرامج ليس في قاعات تدريب ''فندقية''، بل في ''ملاعب دولية'' نحشركم فيها، وتنفذ بشراكة من جميع جهاتكم المعنية بالسلوك والثقافة.
يجب أن تتضافر كل المساعي لإحداث تغيير إيجابي في ثقافتكم أيها السعوديون، وإزالة ''عوالق'' التخلف السلوكي. ابدأوا بدوائركم الصغيرة. ابدأوا من الداخل إلى الخارج. من البيت والعمل والحي. دوائر صغيرة يبدأ منها التغيير. تتشابك هذه الدوائر وتتداخل، فتتغير معها أنت وأهلك.. وكل من هم في محيطك.. فيتغير المجتمع السعودي بكامله..
لا ينقصكم إلا الإصرار والعزيمة والرغبة والقدرة على فعل التغيير الإيجابي.
لذا، لا تقسو على نفسك أو تحمل هموما في صدرك، ولا تطأطئ ''رأسك'' من الحسرة والتفكير..
عزيزي بندر..
ارفع رأسك.. أنت ''سعودي''..!
http://www.aleqt.com/2011/09/08/article_577778.html