د.سامي عبد العزيز العثمان
المضحك والمبكي والذي يجعلنا وفي خضم التداعيات التي تمر بها اسواقنا من غش وتدليس وارتفاع اسعار ان نتوقع ربما في الايام القريبة القادمة ان يتجاوز سعر رغيف الخبز سعر لتر البنزين،وهذا وارد وغير مستغرب على الاطلاق في ظل غياب وزارة التجارة ووكيلها المساعد لشؤون المستهلك والذي اصبحت مقولتهالمشهورة التي اطلقها بان المستهلك هو المسؤول عن قضاياه وبالمقابل التجار لايتحملون اي مسؤولية.
ونفية القاطع بعدم وجود اي مخالفات من قبل التجار،تلك المقولة الشهيرة اصبحت نبراسا تعلق عليه وزارة التجارة فشلها الذريع في حماية المستهلك والاهتمام بشؤونه،ولهذا لم استغرب اطلاقا التلميحات التي اصدرها بعض التجارمؤخرا، برفع اسعار الخبز بحجة ارتفاع التكاليف والاستهلاك الجائر، ويبرر بعض التجار الزيادة في اسعار الخبز بأن بيعه بسعره الحالي يؤدي الى مايسمى بالاستهلاك الجائر وعدم اعطاء المنتج اهميته لدى المستهلك ،اضافة الى ان سعر انتاج الخبز ارتفع عن السابق بسبب ارتفاع اسعار المواد الاولية عالميا،كل تلك المبررات غير صحيحة وغير مقبولة في نفس الوقت خاصة اذا عرفنا ان الدقيق والطحين توفره الدولة من خلال مؤسسة الغلال والطحين وباسعار تشجيعيه وتكاد تكون رمزية للتجار،كذلك
مللنا من مسرحية ارتفاع الاسعار العالمية ولم يعد هذا الموضوع ينطلي على المستهلك،خاصة واننا نستطيع ان نتابع وندقق ونسبر الاسواق العالمية ونتعرف على مايدور في جوانبهاولهذا لم يرتفع السعر في بنجلاديش ولا في تايلند ولا في جزر الوق الواق ولا في جزر القمر ولا في جميع جزر العالم المرئية منها والمخفية.
ويبقى ان اقول ايها السادة :" لقد احسنت صنعا سلطنة عمان عندما انشئت هيئة مستقلة للمستهلك تتبع مباشرة لديوان السلطان وهذه تجربة ناجحة وبكل المقاييس بعد ان استقتها من بعض دول العالم المتقدم،ولهذا اكاد اجزم باننا مدعون وبشدة لانشاء هيئة مماثلة للمستهلك تتبع مباشرة لولاة الامر ودون وسيط او جهه تنفيذية فقد اثبت المنفذون وفي الغالب انهم ليسوا بمستوى تطلعات وامال وطموح ولاة الامر.
فضلا عن ان لدينا تجارب حية لمثل تلك الهيئات مثل هيئة الغذاء والدواء وهيئة مكافحة الفساد وغيرها ،لذا ليس هناك مايمنع ان تقوم هيئة متخصصة في قضايا المستهلك يقوم عليها اصحاب الخبرة والدراية وان لا تكون القضية عائمة كما هو الحال في وزارة التجارة ووكالتها للمستهلك والتي تلعب دور القاضي والجلاد هذا عدا ان هناك تقاطع مصالح وتضارب شديد بين وزارة التجارة ومصالح المستهلك ومنها مسؤولية الوزارة عن جمعية حماية المستهلك والذي ادى الى اهتراء دور الجمعية شكلا ومضمونا ،كذلك اود الاشارة وانا في هذا السياق عن امكانية الاستفادة كذلك من تجربة دولة الكويت في اقامة جمعيات تعاونية استهلاكية وبخلاف مفهوم الجمعيات التعاونية التي نعرفها في المملكة والتي لم نلمس اي اشيء منها.
فالتجربة الكويتية ايها السادة تعتمد في مجملها في توفير السلع التموينية لطبقة محددوي الدخل ومتوسطيه و باسعار مناسبة ومنافسة،فضلا عن استقرار الاسعار وعدم تلاعب التاجر في التسعير كيفما شاء،ولهذا تعد الجمعيات التعاونية الكويتية وبكل المقاييس من اهم معالم الاقتصاد في الكويت حيث تستحوذ على 70% من تجارة التجزئة،ولعل من اهم اسباب نجاح تلك الجمعيات كذلك رعاية الحكومة لها بشكل مباشر وغير مباشر في نفس الوقت فهي تمنح الصلاحيات لاتحادات الجمعيات ليعملوا بكل شفافية ووضوح لاسيما ان من ياتي لادارة تلك الجمعيات ياتي من خلال صناديق الاقتراع وانتخابات الحي والمنطقة،وفي نفس الوقت تحاسب الحكومة من يتهاون في اداء عمله،كذلك منعت الحكومة اقامة اي نشاط تجاري داخل المناطق السكنية ما عدا الجمعيات التعاونية والتي تقدم جميع الخدمات التجارية وعلى كافة الصعد،فضلا ان تلك الجمعيات تقوم بانفاق 25%من ارباحها السنوية على الخدمة الاجتماعية في المنطقة ،ومن هذه الخدمات تنظيم رحلات الحج والعمرة ومساعدة المدارس والمستشفيات في بعض احتياجاتها الضرورية،وتنظيم دورات لتعلم التقنية والحاسوب،ودروس خصوصية وتحفيظ قرآن لابناء المنطقة وباسعار رمزية،نتمنى ان نشهد مثل تلك الجمعيات قريبا على هذه الارض الطيبة ونستطيع بذلك كبح ولجم اطماع بعض التجار وان ننتهي من قصة وزارة التجارة والصناعة والتي تلعب مع المستهلك لعبة القط والفأر".
رئيس تحرير مجلة توعية المستهلك