أين إسهام التجار في الفرح الوطني؟!
محمد بن سليمان الأحيدب
ابتهج الجميع في الداخل والخارج بعودة الملك المفدى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من رحلة العلاج سالما معافى فكان الفرح تلقائيا بمثل تلقائية الملك، وصادقا بمثل صدق القائد، ومخلصا بمثل إخلاص والد الجميع ومعبرا عن حب رجل أحب الناس فأحبوه وعطف عليهم فأسر قلوبهم وتواضع لله فرفعه.
الكل عبر بطريقته عن الفرح وقد لاحظت أمرا هاما وأنا أشارك مع أسرتي في مسيرة الفرح التي عمت شوارع الرياض يوم الأربعاء الأبيض وهو أن الشباب الذي عبر عن فرحته انتهج نهجا مختلفا عن كل احتفالياته السابقة سواء باليوم الوطني أو الاحتفاليات الأخرى أو بالانتصارات الرياضية (وهي قليلة مؤخرا) فقد كان الشباب والكهول المحتفلين بسلامة الملك يعبرون عن سرورهم وسعادتهم بحمل صوره أو التوقف والرقص على قارعة الطريق أو عزف الألحان بمنبه السيارة، كل هذا ولكن دون أي سلوك يسيء للآخرين أو يضر بالممتلكات الخاصة أو العامة أو يشتمل على تصرفات غير محبوبة وهو ما كان يحدث في الاحتفاليات المذكورة آنفا حيث يتعرض المشارك للتأخير أو الاعتداء أو الاستفزاز وتتعرض بعض المنشآت والممتلكات لأضرار مختلفة، وتفسيري الشخصي لهذا الاختلاف هو أن الشباب المحتفل في السابق كان يعاني من ضغوط نفسية وهموم عدة وكان الاحتفال بالنسبة له مجرد فرصة للتنفيس عن ضغوط البطالة وهموم الحياة أكثر منه فرحة وسرور حقيقي، أما في الاحتفالية بسلامة الملك فقد كان الأمر استثنائيا فالفرح كان حقيقيا والتعبير كان تلقائيا والسعادة كانت أكبر من أي هم وحزمة الأوامر التي أصدرها الملك خاطبت مشاعر المواطنين قبل احتياجاتهم ووصلت قلوبهم في شكل امتنان حتى قبل أن تصل إلى (جيوبهم) وأرصدتهم، ولذا فإن من المهم جدا أن يكون المسؤول التنفيذي المخول بسرعة التنفيذ ومرونته على قدر كبير من الحماس وإدراك هذه العلاقة الحميمية وقدر كبير من المرونة والحد الأدنى من البيروقراطية المكروهة وترك البحث عن المعوقات والاستثناءات التي لا ينتج عنها سوى تنغيص حالة الفرح.
وليس أخطر على حالة الفرح من مسؤول منغص حاسد إلا تاجر متربص مستغل لتحسن الوضع المالي للمستهلك، ومتحفز لالتهام ما قد ينبته ربيع الجيوب كالجرادة التي تأكل الزرع ولا ينتفع منها فلا هي ثروة حيوانية تشبع من جوع ولا هي مستودع طعام ينفع في السنين العجاف، وبالمناسبة فقد لاحظت أيضا أن كل أدلى بدلوه للإسهام في الفرح إلا قطاع التجار، هذا القطاع البخيل حتى بالمشاعر، فلا هم منحوا موظفيهم ذات إجازة الفرح، ولا هم أعلنوا عن تخفيضات أو أي مبادرة يفرح بها المستهلك ويشعر بأنهم جزء من الجسد الذي دعمهم وهيأ لهم القرض والأرض والتسهيلات ليصلوا إلى ما وصلوا إليه.
أعطني تاجرا أعلن عن تخفيضات حقيقية مجزية أو البيع بأقل ربح أو منح تسهيلات بهذه المناسبة، ولا تقل لي إنهم يعلنون فالإعلان يبقى دعاية لهم ولمتاجرهم ولا يعد تضحية أو إسهاما ينفع المستهلك بل أعطني تاجرا لم يرفع أسعاره مع كل زيادة راتب أو بدل، وهذا السلوك يستوجب إعادة النظر في التعامل مع الجشع منهم وهم كثر للأسف والمزيد من الوقوف مع عامة الناس وفقرائهم فقد أثبتوا أنهم الأكثر امتنانا والأكرم عطاء.
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...0302403407.htm