و هذه هي الدراسة ...
***************************
أعدتها د. مشاعل آل سعود الباحثة في معهد بحوث الفضاء
دراسة توصي بوضع خريطة دالة على الأماكن المعرضة للسيول في جدة
عبد العزيز الفكي من الدمام
أكدت دراسة علمية حديثة أن كارثة السيول والفيضانات التي تعرضت لها جدة وسكانها في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي واحتمالية تكرارها, خصوصاً مع بروز مؤشرات تغيرات مناخية جديدة في المنطقة كافة, يتطلب وضع خريطة دالة على الأماكن المعُرضة للفيضانات والسيول في حال تكرار حدوث أمطار وبذروة عالية.
وقالت الدراسة التي أعدتها الدكتورة الأميرة مشاعل بنت محمد آل سعود, باحثة في معهد بحوث الفضاء في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية, إنه بعد الحادثة مباشرة, صدرت تصريحات وتعليقات بشأن أسباب الكارثة وآلية حدوثها، وبالتالي بدأ إلقاء اللوم بين الجهات المختصة والمعنيين بالموضوع، إلا أن الدراسة لم تجد أيا من هذه التصاريح والتعليقات مستندة إلى دراسة علمية موثوقة، بل كانت توقعات تنطلق في معظمها من مفاهيم عامة. وتحذر الدراسة من القادم ما لم يتم التعامل معه وفق دراسات علمية تبين حجم المخاطر المحدقة بجدة وسكانها.
كارثة جدة بعيون تقنية متطورة
ارتكزت الدراسة, التي فرغت من إعدادها الدكتورة مشاعل الآن, على أربعة محاور رئيسة تمثل في تقييم حجم الضرر وتوزيعه الجغرافي ودرجات تأثيره والتعرف على الأسباب المباشرة وغير المباشرة التي أدت إلى اندفاع المياه والسيول باتجاه جدة, واقتراح الحلول التقنية, أما المحور الرابع فتلخص في إنتاج خريطة موضوعية تبين المناطق ذات العُرضة لخطر الفيضانات والسيول في مدينة جدة وجوارها.
كارثة من الدرجة الأولى
تقول الدكتورة مشاعل في دراستها التي خصت بها «الاقتصادية», إن فيضانات وسيول جدة التي قارب على موعد حدوثها العام تقريباً، تعتبر كارثة طبيعية من الدرجة الأولى أدت إلى خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات لم تعرفها المنطقة من قبل. وكان ذلك محط تساؤل عن سبب الكارثة وحجمها في الوقت الذي لم تقصّر فيه الدولة عن دفع الأموال للقيام بالمشاريع المختلفة وعلى المستويات كافة لحماية المواطن من خطر الطبيعية, وهذا يشمل كل بقاع المملكة دون استثناء.
ولم تغفل الدكتورة مشاعل في دراستها موضوع بحيرة «الصرف الصحي», التي كانت من العناصر التي تهدد المنطقة لولا قدرة الله ـ عز وجل ـ وعدم تفجرها بعد أن كانت حمولتها قد وصلت حينها إلى السعة القصوى.
تكسرات صخرية ومساراتها
اعتمدت الدكتورة مشاعل في دراستها على استخدام التقنيات الحديثة المتطورة لتتمكن من القيام بتغطية شاملة للمنطقة والحصول على نتائج دقيقة. ولتحقيق هذا الغرض تمت الاستعانة بالصور الفضائية التي لها دور مهم في التعرف على الأماكن التي تتعرض للكوارث الطبيعية من خلال المشاهدات البصرية المباشرة, وبالتالي تحديد التوزيع الجغرافي وحجم الأضرار الناتجة عن هذه الكوارث.
وبطبيعة الحال يتم ذلك بالتزامن مع تحليل البيانات المختلفة في نظم المعلومات الجغرافية GIS, التي بدورها تساعد على التخزين الرقمي للمعلومات المكانية المختلفة ليتم التعامل معها لاحقاً حسبما تستلزمه خطوات العمل. كما استندت الدراسة بشكل كبير إلى تحليل الصور الفضائية للتابع الصناعي ذات القدرة العالية على تمييز المشاهدات الأرضية من الفضاء وبما يعادل أقل من 100 متر ارتفاع، حيث تم استخدام صور فضائية التقطت قبل حدوث الكارثة وبعدها بخمسة أيام. إضافة إلى هذا النوع من الصور الفضائية تمت كذلك الاستعانة بصور التابع الصنعي لما لها من أهمية في تحديد النطاقات الجيومورفولوجية المختلفة وتحديد التكسرات الصخرية ومساراتها, إضافة إلى إنتاج النماذج ثلاثية الأبعاد.
ولجأت الدكتورة مشاعل آل سعود إلى معالجة الصور الفضائية باستخدام برمجيات متخصصة وبرمجية متطورة لنظم المعلومات الجغرافية في عمليات رسم الخرائط الرقمية وحفظ ودمج البيانات المختلفة. وعليه تم الاستنتاج الدقيق للمواصفات المورفومترية للأودية المائية المختلفة والأحواض المائية السطحية التي تضمها. كذلك رسم الخرائط الموضوعية للمناطق المتضررة بتصنيفاتها المختلفة ونتج عن ذلك الحصول على قياسات رقمية دقيقة. ومن خلالها تمت دراسة كل العناصر الجيوموفولوجية والهيدرولوجية للمنطقة، إضافة إلى الخصائص الطبيعية الأخرى ذات الصلة بموضوع الفيضانات والسيول.
وقسمت الدكتورة مشاعل منطقة الدراسة تبعاً للأحواض المائية الموجودة فيها ليتم التحليل المورفومتري ضمن أنظمة هيدرولوجية مستقلة. وعليه تم تحديد 24 حوضا مائيا ذات الأبعاد المختلفة، منها 16 حوضا تفتح مصباتها مباشرة باتجاه جدة والباقية باتجاه وادي فاطمة جنوباً. وكان أكبر هذه الأحواض حوض وادي العصلا, الذي تبلغ مساحته 299 كيلو مترا مربعا. وتقول الدكتورة مشاعل في دراستها: «مع ظهور النتائج الأولية ورسم الخرائط الموضوعية المختلفة، كان لا بد من التحقق من دقة العمل والقيام بالتعديل والمعايرة المختلفة للحصول على نتائج موثوقة. ولهذا الغرض تم القيام بمسح حقلي تدقيقي يشمل المشاهدات والقياسات الميدانية المختلفة ومقارنتها مباشرة بتصنيفات الصور الفضائية والخرائط المستخدمة. كذلك فقد تم القيام بعمل استبيان لجمع المعلومات من المواطنين الذين تعرضت مناطقهم للضرر».
ومن هنا تم التعرف على الحقائق المختلفة والمتعلقة بحدوث الفيضانات والسيول في المنطقة وآلية تمددها إلى المناطق السكنية والعوامل التي أثرت في حدوثها. حيث قُدرت مساحة المناطق المتضررة بنحو 125 كيلو مترا مربعا تقريباً، موزّعة بين مناطق تعرضت للسيول المشبعة بالطمي والرسوبيات وأخرى غُمرت بالمياه. وقُدر حجم الرسوبيات المنجرفة بنحو 124 مليون متر مكعب تقريباً (أي ما يعادل حمولة ثلاثة ملايين شاحنة). حيث تم عرض المناطق المتضررة بأقسامها الخمسة من خلال خريطة مفصلة لهذا الغرض.
أسباب الكارثة
من منظور تقني
وكشفت الدراسة أنه بناء على المعطيات الجيومورفولوجية والهيدرولوجية, تم تحديد الأسباب الطبيعية والبشرية وراء وقوع الكارثة وبهذا الحجم، حيث إن المنطقة المرتفعة والواقعة شرق جدة تعتبر تشكيلا جيومورفولوجيا لحوض صخري يتم فيه تجميع مياه الأمطار، حيث تكثر فيه روافد الأودية التي يفتح الجزء الأكبر من مصباتها باتجاه جدة. وعند هطول الأمطار بغزارة تبدأ المياه بالاختلاط مع الرمال والرسوبيات الموجودة في الأودية لتصل إلى درجة التشبع, وبالتالي تبدأ بالتحرك عبر الأودية الموجودة باتجاد جدة غرباً.
وتم إيعاز السبب الرئيس للطاقة العالية لجريان السيول كما شهدته المنطقة, إلى ضيق مقاطع الأودية نسبة لحمولة الكتل المائية والسيول الموجودة ضمنها، ووجود الرمال غير المتماسكة والسميكة في بعض الأودية (تصل إلى عدة أمتار)، إضافة إلى تلاقي روافد الأودية المختلفة (مثل أودية الحفنة والمذابح التي تتلاقى مع أودية قوس وأبو نبع). ووصول المياه والسيول إلى المناطق المحصورة كالطرقات الضيقة وما بين الأسوار (مثل الطريق الممتد من الكيلو 14 إلى الكيلو 8 وكذلك طرق جامعة الملك عبد العزيز)، بناء العوازل الترابية للأغراض الزراعية. التي لم تكن لتحمل كميات المياه المتساقطة, وبالتالي انجرفت عند امتلائها بالمياه, ما أدى إلى اندفاعها المفاجئ.
وأشارت الدراسة في تخليصها لأسباب الكارثة إلى ديناميكية التصادم ما بين الجروف المائية مع المناطق السكنية، فعند التقاء السيول مع هذه المناطق على مشارف مدينة جدة خفت طاقتها بسبب تصادمها بالمنشآت العمرانية ومن ثم بدأت المواد المحمولة (خصوصاً الرمال والرسوبيات) بالتجمع عند هذه المناطق. أما المياه المتسربة فبدأت بالجريان باتجاه المناطق المدنية السهلية المجاورة, خصوصا مع ممرات الطرقات. كما إن غياب الأعمال الاحترازية الضرورية في المنطقة وما تبعه من تمدد سكاني عشوائي كان له الأثر الأكبر في تفاقم الوضع. ومن الواضح وجود مخططات مدنية كثيرة (مثل مخطط عبيد ومخطط وادي مريخ) كُلها تقع على مجاري الأودية, ما يدل على عدم وجود تنظيم مُدني سليم.
مقترحات علمية
توصلت الدراسة لعدد من المقترحات التقنية وتحديد مواقعها على خرائط مُخصصة، تستند بشكل رئيسي إلى عملية التحكم بآلية حركة السيول والمياه وتخفيف سرعة جريانها، لعل أهم هذه المقترحات بناء السدود الاحترازية مختلفة الأبعاد الهندسية، حيث إن وجود السد الاحترازي في المنطقة أدى إلى حجز ما يقارب 25 مليون متر مكعب من المياه، وبالتالي جنب المنطقة وقوع كارثة في وادي العصلا لتمتد باتجاه منطقة المنتزه، السامر حتى منطقة الصفا, إقامة المدرجات على مجاري الأودية، وهي طرق تقنية يتم اتباعها لتخفيف سرعة جريان المياه وعدم حصول الانجرافات, وبالتالي السيول, تشييد السدود الفاحصة لتقدير حمولة الرسوبيات وعمليات المراقبة, إنشاء البرك الجبلية للاستفادة من المياه المتجمعة وكذلك تخفيف سرعة جريان المياه, إضافة إلى وضع المصدات الصخرية على مشارف المناطق السكنية والمنشآت ذات الأهمية لصد زحف السيول باتجاهها, بناء أنظمة قنوات تصريف المياه وأهمها قناة مياه موازية للساحل في المنطقة بين جدة والتلال الجبلية, نقل الكتل الرملية من الأودية ذات حمولة الترسيب الكبيرة، اتباع سياسة التشجير في مناطق الصخور والترب ضعيفة التماسك، اتباع نُظم الأعمال الهندسية المختلفة التي من أهمها أعمال الصرف الصحي وحيطان الدعم والحواجز الأسمنتية وإلى ما هناك من أعمال احترازية مناسبة.
94 كيلو مترا مربعا تعتبر ذات خطر كبير
تقول الدراسة إنه نظرا للوقع الكبير للكارثة واحتمالية تكرارها مع بروز مؤشرات التغيرات المناخية الجديدة في المنطقة كافة، كان من الضروري وضع خريطة دالة على الأماكن التي هي عُرضة للفيضانات والسيول في حال تكرار حدوث أمطار وبذروة عالية، وبذلك كان المحور من الدراسة متعلقا بإنتاج خريطة المناطق تحت خطر الفيضانات التي تم إنتاجها بالفعل من خلال نمذجة Modeling المعطيات المتعلقة بالعوامل المؤثرة في وقوع الحدث, التي كان عددها تسعة عوامل فاعلة استناداً إلى التقييم الذي تم عمله أولاً. واتبعت الدراسة هنا طريقة معاكسة للنمذجة الرياضية من خلال استخدام المؤثرات التي أثرت فعلا في الفيضانات في تشرين الثاني (نوفمبر) 2009 لتبنى عليها احتمالية حدوث الكارثة في المناطق الأخرى.
وتبين من خلال هذه الخريطة أن هناك نحو 327 كيلو مترا مربعا تقريباً (أي 47.5 في المائة من منطقة الدراسة كاملة) هي تحت خطر الفيضانات والسيول، حيث إن نحو 94 كيلو مترا مربعا منها مناطق ذات خطر كبير.
بحيرة «الصرف الصحي»
تؤكد الدراسة أن وقع الكارثة لم يكن لينتهي مع تباطؤ سرعة السيول الجارفة فحسب, بل استمر الخوف والهلع لدى المواطنين أسابيع عدة تخوفاً من انفجار بحيرة الصرف الصحي الواقعة على بعد عدة كيلو مترات شرقي جدة والمُسماة بحيرة «الصرف الصحي». تشير الدراسة إلى أن موقع البحيرة هو على مجرى وادي المري، إحدى الأودية الرئيسة في المنطقة. وأن أهم المواصفات الجيوموفولوجية والهيدرولوجية لهذا الوادي تتمثل في أنه يفصل الوادي من الناحية الجيومورفولوجية مع وادي الحفنة وجود منخفض, وهو الذي كان قد تم اختياره موقع بحيرة «الصرف الصحي»، نظراً لقدرته على تجميع المياه. تشير الخرائط الطبوغرافية وهي من إنتاج الدكتورة مشاعل، إلى أن المساحة الفعلية للمنخفض هي نحو 2.5 كيلو متر مربع وبعمق وسطي هو ستة إلى ثمانية أمتار, يتميز المقطع العرضي للوادي بمساحة كبيرة تصل إلى عدة كيلو مترات لتزيد نقطة اتساعه على مشارف موقع المنخفض لينتج عنه شكل مروحة ترسيب باتجاه المنخفض, كما يتميز الوادي بوجود رسوبيات سميكة عديمة التماسك، حيث تصل سماكتها إلى عدة أمتار في بعض المواقع, خصوصاً تلك الواقعة شمال بحيرة «الصرف الصحي», إلى جانب أن الوادي يتغذى بالمياه من تشعبات متصلة من الناحية الشمالية والشمالية الشرقية وتحديداً عبر ثلاثة أودية رئيسة.
وتقول الدكتور في دراستها: «وإذا ما تم اعتبار هذه المواصفات وأخذ معاييرها الجيوموفولوجية والهيدرولوجية مجتمعة، فإن هذا المنخفض (المكون الأرضي الرئيس لبحيرة «الصرف الصحي») هو حوض تجميع للمياه السطحية دون أدنى شك، وهذا ما كان قد اتضح في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي عندما ازدادت سعة المياه في البحيرة إلى أكثر من ضعفي ما كانت تحمله من مياه صرف صحي». و قدرت الدكتورة في دراساتها من خلال المشاهدات الفضائية أن البحيرة حملت ما يزيد على 25 مليون متر مكعب من مياه الأمطار والصرف الصحي معاً، في حين ذكرت المصادر المعنية أن البحيرة كانت تحمل نحو عشرة ملايين متر مكعب فقط من مياه الصرف الصحي، أي أن نحو 15 مليون متر مكعب هي عائدة لمياه الأمطار. فمن هنا يجب الأخذ في الاعتبار الدور الطبيعي لهذا المنخفض الجيومورفولوجي, الذي ينطبق أيضاً على بحيرة السد الاحترازي وكيفية حصر المياه والطمي التي لولاهما لتدفقت هذه الكتل إلى المناطق السكنية. ما يعني من الناحية الهيدرولوجية أن المنخفض هو منطقة واقعة تحت خطر الفيضانات والسيول من الدرجة الأولى.
تقييم الكوارث
علقت الدكتورة أن هذه الدراسة تعد نموذجاً علمياً متميزاً وبشكل متكامل في تقييم الكوارث الطبيعية وتحديداً في التعرف على آلية حدوث الفيضانات والسيول وأسبابها التي من خلالها تم طرح الحلول المناسبة للحد آثار هذه الكارثة الطبيعية. حيث تم الحصول على البيانات المكانية Geo-spatial data من الصور الفضائية وتم بعدها تحليل هذه البيانات في نظم المعلومات الجغرافية بطرق يسهل لأصحاب القرار فهمها لتساعدهم, بالتالي, على أخذ القرارات العملية المناسبة.
ورأت الدكتورة مشاعل أن اتخاذ القرارات يجب أن يتم عملياً على الأرض وبمفهوم علمي متكامل، في وقت خرجت فيه البيانات الصحافية تبشر المواطنين استناداً إلى بعض المعنيين والمسؤولين بأن هناك عملا دؤوبا لرفع الخطر عن المنطقة مثل تنفيذ 37 مشروعاً لم يتم حتى ذكر ماهية هذه المشاريع. كذلك هناك عدة اقتراحات مثل اقتراح إقامة ثلاثة سدود في وادي قوس. ففي حين أنها حل مثالي دونما شك, لكنها لن تفي بالغرض المطلوب بشكل متكامل للمنطقة كافة، فهناك أودية أخرى كانت أيضاً عُرضة للفيضانات والسيول مثل واديي مريخ ومثوب وغيرهما.
منشآت مقترحة ستصبح مصدات للسيول
تقول الدكتورة مشاعل «حالياً يجري التركيز التام على موضوع بحيرة «الصرف الصحي», خصوصاً بعد تجفيفها القصري، لتأتي الوعود بتحويلها إلى منطقة سياحية سيقام عليها المنتجعات والمنشآت السكنية، ودون أي شك سيكون لوقع الخبر تأييد شعبي كبير, خصوصاً أنها ستنهي حالة بيئية سيئة بكل معنى الكلمة. ونلاحظ كثافة المتقدمين لأخذ عطاءات هذه الإنشاءات والاستعدادات للبدء بالعمل، حيث يُنظر للموضوع من جانب واحد دون سواه وهو التلوث المحدق بالمنطقة وكيفية التخلص منه، لكن لو نُظر إلى الموضوع بشكل علمي متكامل ستكون النتائج مختلفة جدا».
ومن هنا نعود إلى الاعتبارات الجيومورفولوجية والهيدرولوجية وموقع البحيرة الذي سيتحول إلى منطقة نموذجية، واقعة في منخفض طبيعي قام بحمل ما يزيد على 15 مليون متر مكعب في تشرين الثاني (نوفمبر) 2009، أي أنه في حال حدوث الذروات المطرية المشابهة لتلك في تشرين الثاني (نوفمبر) 2009، يبقى السؤال أين سيكون مصير هذه الكمية من المياه؟ وبمعنى آخر فإن هذا المنخفض لا يمكن التعامل معه كموقع عمراني مثل إقامة المنشآت المدنية عليه وإلا ستكون ودون أي شك هذه المنشآت مصدات لتلقي المياه والسيول حتى كميات كبيرة من الرسوبيات والطمي عند هطول الأمطار.
وتوضح الدكتورة في دراستها أن المعالجة لموضوع البحيرة أخذت من جانب بيئي صرف مع تناسي أو عدم معرفة أن المنطقة ممر للمياه السطحية وكذلك لتجميعها. أي أن المفهوم العلمي يبقى ناقصاً ولا يتضمن الحل المتكامل لإنهاء المشكلة بكل جوانبها سواء كان ذلك بيئياً أو للحد من الكوارث الطبيعية المحدقة بالمنطقة.وترى الدكتورة مشاعل أن توصيات هذه الدراسة لا بد للمعنيين أن يأخذوها في الاعتبار ورفعها كأولوية في اجتماعاتهم المتعلقة بالموضوع للقيام بأعمال احترازية مبنية على أسس علمية سليمة.
أسئلة حائرة
بينت الدراسة أن هناك أسئلة ظلت حائرة تبحث عن أجوبة, ونحن نقترب من مرور عام تقريباً, على وقوع الكارثة، التي راح ضحيتها عدد كبير من المواطنين والمقيمين الأبرياء, فما الإجراءات التي اتخذت خلال هذا العام؟ وهل تم التعامل مع الكارثة بحجم الضرر؟ ولو حدث وتيرة أمطار كما حدثت في العام الماضي هل سيكون الضرر هو ذاته؟ وأين سيكون تصريف المياه التي كانت قد تجمعت في بحيرة «الصرف الصحي»؟ وهل أُخذت مفاهيم الدراسة التي قدمتها الباحثة في الاعتبار؟
واختتمت الدراسة بعبارة «إن الأيام المقبلة كفيلة بإعطاء الأجوبة الصحيحة، ومن دون شك سيلقي حينها العديد من المعنيين اللوم على الطبيعية التي خلقها القادر ليتفاعل معها البشر بالشكل الإيجابي وإلا ليتحمل البشر مخاطرها».
http://www.aleqt.com/2010/11/06/article_465519.html