هل يذوب جليد العقار
محمد العثيم
مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) متحفظة على صدور نظام الرهن العقاري في الفترة الحالية، وأسباب هذا التحفظ الأسعار غير العادلة للعقار التي قد تجعل البنوك تتخوف من الإقراض، هذا من تقرير مطول لـ «عكاظ» نشر الأسبوع الماضي، وهذا يعني أننا دخلنا الدائرة المستحيلة المنغلقة التي لا يحصل فيها شيء بسبب وجود شيء يجعله لا يتحقق إلا بالشيء الذي لم يتحقق، (المعادلة المستحيلة)، ومع هذا فإن الصورة قد لا تكون في هذا السوء، ففي الأسبوع الماضي تحدثت أخبار المواقع الإلكترونية عن انخفاض كبير في أسعار عقارات بلغ (50%) من الأسعار المكتوبة في المعروض، في إعلانات المضاربات العقارية في جدة والرياض.
نعم هو خبر سيئ أن تتحفظ مؤسسة النقد على صدور نظام الرهن العقاري، وهو خبر سيئ أن تبقى أسعار المضاربات العقارية المبالغ فيها معلقة فوق رؤوس من يحتاجون السكن، وكل هذا يسنده وجود فئة من تجار العقار الذين يجمدون مساحات كبيرة في النطاق العمراني، وفي مناطق الخدمات من أجل ربح فاحش، حتى وصل الأمر إلى جمود السوق العقاري عند سقف لا تصله إمكانيات المواطن لا نقدا، ولا تقسيطا، والكثير مما تسمعونه من بيع وشراء هو مضاربات صورية بين تجار لتسجيل أسعار أعلى على ورق الصك تقدم للمستهلك النهائي.
كل هذا لا يلغي تأثير شرط الأرض في قروض الصندوق العقاري الذي خلق انفراجا سريعا في سوق العقار السكني حسب التقارير، ولعل ما سمعناه من كسر عروض احتكار يأتي بهذا الأثر، ولا يلغي التفاؤل بانفراج قريب يتوقعه المحللون.
رغم ما تراه مؤسسة النقد، وتحفظها على صدور نظام الرهن العقاري من باب قراءة البنوك بأن سوق العقار مرتفع بشكل غير عادل إلا أني هنا، وكمتابع أرى أن صدور نظام الرهن سيفك الدائرة المغلقة، ويبدأ جليد العقار بالذوبان ولو في فترة أطول ليجد كثيرون من المواطنين منزل الأحلام الذي لا يجعلهم تحت المؤجر، وجشعه أحيانا،
فالسوق يصنع نفسه بالمؤثر الجديد، وصدور النظم بأسرع وقت خير من انتظار وقت أطول لتصير أسعار العقار عادلة كما تراه (ساما)..
وكما نسمع فهيئة الإسكان تتحرك باتجاه قوي لمنافسة العروض العقارية المبالغ فيها عن طريق طرح أراض واسعة في كل المملكة للاستثمار وترك المحتكرين والمضاربين يمسكون بصكوك أراضيهم حتى يرجعوا إلى العقل وينسوا أسلوب المضاربة السائد لثلاثين سنة، وتصبح الأرض متاحة لمن يريد أن يبني ويسكن، أو يبيع بمساعدة الصندوق العقاري، أو بدونه.
أخيرا.. تمنيت أن مؤسسة النقد العربي السعودي لم تضع في الزبدة عظم توقعاتها، ولم تتحفظ على صدور النظام لنرى ما يكون، فنظم الرهن العقاري لو صدرت ستكسر الحلقة المفرغة، وهذا بلا شك خير من ما هو كائن الآن من تكهنات، وتوقعات.
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...1214388251.htm