غلاء الأسعار يكشف عن 73 ألف عبوة فاسدة في 3 أشهر
سلع «مضروبة» في الرمق الأخير
سعيد الزهراني (عسير) محمد الزهراني (الطائف) سامي المغامسي (المدينة المنورة) سلمان السلمي (مكة المكرمة) منصور مجلي - ماجد عقيلي (جازان)
ثمة سؤال يثور في الذاكرة مع غلاء الأسعار عما اذا كان بعض ضعاف النفوس يستغلون هذا الغلاء ويقومون بتخزين السلع منتهية الصلاحية من أجل بيعها بأسعار متدنية يضمنون من خلالها تصريف تلك السلع واقبال المستهلكين عليها هربا من موجة الغلاء التي شملت معظم تلك المواد. ورغم محاولات البعض ممارسة الغش التجاري بواسطة هذه الطريقة الا أن أقسام صحة البيئة في أمانات المدن وهيئة ضبط الغش التجاري تقوم بمتابعة المحلات التجارية والمستودعات ومصادرة السلع الفاسدة واتلافها حماية لصحة المستهلك. مواقف كثيرة تصادف المستهلك في مثل هذه الايام حيث تنشط محلات تسويق المواد الغذائية بصورة محمومة لتصريف السلع التي شارفت على الانتهاء بأسعار تعتبر رمزية اذا ما قورنت بسعر تلك السلع والتي غالبا ما يتم تخزينها في مستودعات لاتتوفر فيها اشتراطات التخزين السليم. مستغلين بذلك موجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاستهلاكية. وبنظرة فاحصة على تلك البضائع التي شارفت على انتهاء صلاحيتها نجد انها تتراوح بين رقائق السمبوسة و«السبرينغ رول» والحلويات والعصائر والدقيق، حيث نجد ان سعر السلعة يكون حسب المدة المتبقية فان كانت تنتهي بعد يوم أو يومين فان السعر يكون اقل من تلك التي لازال بها «نفس» وتنتهي بعد اسبوع.
أغذية فاسدة
وبين هذا وذاك كانت وزارة التجارة والصناعة سبق ان اعلنت ان هيئة ضبط الغش التجاري قد صادرت خلال الربع الاول من العام الجاري 73 الف عبوة غذائية واستهلاكية فاسدة وفي هذا الصدد سبق ان صرح وكيل الوزارة للتجارة الداخلية حسان فضل عقيل بأن مشاركة اعضاء الهيئة في الحملات تأتي ضمن جهود الوزارة لمكافحة انتشار ظاهرة الغش التجاري والتقليد ومتابعة كافة السلع المعروضة في الاسواق والمحال التجارية والمستودعات للتحقق من صلاحيتها ومطابقتها للانظمة والمواصفات القياسية المعتمدة بهدف المحافظة على صحة وسلامة المستهلك.
وتابع انه خلال حملات التفتيش على «17» سوقا للمواد الغذائية اسفرت الحملات عن مصادرة حوالى «2500» مادة غذائية منتهية الصلاحية وإغلاق «5» محال لبيع المواد الغذائية.
وفي ذات السياق سبق ان أحبط فرع وزارة التجارة والصناعة بمحافظة جدة 1.5 مليون عبوة غذائية فاسدة كانت في طريقها الى بعض المحلات التجارية.
مقاضي رمضان
واذا نظرنا الى حجم استهلاك السوق السعودي من المواد الغذائية نجد ان حجم الاستهلاك السنوي يبلغ 60 مليار ريال بمتوسط قدره 10% سنويا.
ونظرا لأن اسعار السلع التي شارفت على الانتهاء تنشط خلال هذه الايام مع العدد التنازلي لتدافع المستهلكين لشراء «مقاضي» رمضان فان «القضية» التي تخرج من مستودع تخزينها تتمثل في كيفية إيقاف مثل هذا الاستغلال الذي تلجأ اليه بعض محلات السوبرماركت وامكنة بيع السلع الغذائية.
وما اثر التخزين العشوائي لمثل هذه السلع على صحة المستهلك وفيما اذا كانت السلعة تفقد قيمتها الغذائية وهي على مشارف انتهاء الصلاحية.
كما يطرح سؤال اكثر إلحاحا عن دور مراقبي البلديات ووزارة التجارة لتلك البضائع وما الإجراء القانوني الذي من المفترض اتخاذه عند ضبطيات سلع شارفت على الانتهاء وفيما اذا كانت العقوبات المنصوصة كافية لردع المتهاونين بصحة المستهلك؟.
في مداخل المراكز
وفي سياق اخر قال خالد نحاس ان الكثير من التجار يعرضون المواد الغذائية المنتهية صلاحيتها او تلك التي شارفت على الانتهاء في مدخل المركز أو المحل بحكم ان سعرها منخفض والكثيرون يقبلون على شرائها لذا من المفترض ان تتم مراقبة مثل هذه البضائع.
أما ابراهيم حسن وحسب قوله فكاد ان يقع ضحية لنوع من استغلال تصريف السلع التي شارفت على الانتهاء حيث انه اثناء البحث عن نوع معين من عبوات شربة مستوردة اكتشف انه لم يتبق لتاريخ صلاحيتها سوى بضعة ايام وحاول تنبيه مراقب المحل التجاري غير انه لم يعطه إجابة محددة.
ومن اجل التعرف على آراء العاملين في محلات بيع السلع الغذائية والرد على الاتهامات الموجهة اليهم نفى عبدالعليم الاتهامات الموجهة للمحلات التجارية مشيرا الى ان كل الاسواق تخضع لمراقبة الجهات المختصة وبالتالي لايستطيع اي انسان ان يرتكب اي مخالفة.
واضاف ان مسألة الاسعار اقل بالنسبة لبعض السلع فان ذلك لايعود الى اقتراب انتهاء صلاحيتها انما للحرص على بيع السلعة بأقل هامش للربح وفي اقصر وقت.
ولأن اقسام صحة البيئة في امانات المدن والبلديات وفروع وزارة التجارة والصناعة هي خط الدفاع الاول ضد بيع السلع التي تضر بصحة المستهلك فان عدداً من مديري فروع وزارة التجارة والصناعة ومسؤولي صحة البيئة في امانات المدن يضعون النقاط فوق الحروف حول هذه القضية.
حيث قال شيخ الفكهانية والخضرجية بمكة المكرمة فهد سليمان الغباشي ان الفاكهة لها مواسم معينة لذلك يتم حفظها في البرادات وتكون صالحة طالما انه تم تخزينها بطريقة سليمة واضاف ان على المستهلك قراءة تاريخ انتهاء صلاحية السلعة الغذائية قبل شرائها حتى لا تؤثر في صحته.
متابعة الصلاحية
اما مدير عام فرع وزارة التجارة والصناعة بمنطقة المدينة المنورة خالد بن علي قمقمجي فقال ان هناك خطة محكمة لمراقبة المواد الاستهلاكية والغذائية المعروضة للبيع ومتابعة صلاحيتها واسعارها وضبط اي حالات تلاعب في المواد المنتهية صلاحيتها واحالة كشف اي تلاعب الى الجهات ذات الاختصاص لتطبيق العقوبات الرداعة، مؤكداً ان هناك تركيزاً على المنطقة المركزية المحيطة بالمسجد النبوي وكذلك الاستراحات والمحطات البترولية الممتدة على طريق الهجرة (المدينة- مكة) وشدد فمقمجي على دور فرع الوزارة في تكثيف المراقبة على المحلات التي تبيع الخردوات والساعات والاجهزة الكهربائية لمعرفة جودة المعروض وضبط اي اجهزة مقلدة او غير مطابقة للمواصفات.
ومن جانبه قال عضو فرع وزارة التجارة والصناعة بجازان احمد سلامي انهم يقومون بجولات رقابية على الاسواق والمحلات التجارية لضبط السلع ذات التخزين السيء او تلك التي انتهت صلاحيتها ورأى صالح الجار الله مدير العلاقات العامة ببلدية الخميس انه من الضروري توعية المواطن بحقوقه ومايجب عليه فعله عند شراء اغذية فاسدة بالابلاغ عنها فوراً للتشهير بالبائع والتحذير منه لدفع الجميع الى عدم شراء السلع من التجار الذين سبق ضبطهم في قضايا اغذية فاسدة او منتهية الصلاحية ويشير الجارالله الى اهمية اقامة محارق قانونية في كافة المدن لاتلاف المواد بحيث يمكن السيطرة على المواد الغذائية الفاسدة ومنع المجهولين من سرقتها واعادة تسويقها.
زيادة المراقبين
اما محمد الاسمري مراقب بلدية فقال ان عمل المراقبين الاساسي ميداني ويتم من خلاله المرور على المحلات ومراقبتها والرفع لرئيس البلدية بالمخالفات والوقائع المشاهدة مشيراً الى انهم يحققون دور البلديات في المجتمع من خلال مهام عدة كونها الجهة المسؤولة عن صحة الناس ومن اهم مهامها مراقبة الاسواق والمحلات التجارية والتأكد من معروضاتها من مواد غذائية وسحب المواد المنتهية الصلاحية واتخاذ الاجراءات اللازمة ولكن الخلل قد يحدث في ظل التوسع العمراني والارتفاع السكاني المستمر الامر الذي قد يصعب مهمة المراقبين ويدعو الاسمري الى زيادة اعداد المراقبين في الاحياء وفي المناطق السكانية ذات الكثافة العالية حتى يتسنى لهم القيام بدورهم على الوجه الاكمل.
مدمرة للصحة
وبالنسبة الى اثر السلع التي شارفت على الانتهاء على صحة المستهلك اوضح عدد من اطباء الباطنة واخصائيي التغذية ان لهذه السلع اثرا مدمرا على صحة الانسان حيث قال اخصائي التغذية احمد علي العسيري: لا يختلف اثنان على ان بيع وترويج الاغذية الفاسدة يترك اثراً كبيراً على الصحة العامة وعندما يتناولها الانسان فان الخطر المترتب عليها لا يقل عن خطر تناول السموم والمخدرات فكلها مواد سامة تفتك بصحة الانسان وتؤثر على قدراته العامة ومن هذا المنطلق فان من الواجب ان يكون عقاب ترويج الاغذية الفاسدة مناسبا للخطر الذي قد تحدثه وموازيا لعقاب مروجي المخدرات على اقل تقدير خاصة ان العقوبات المقررة لمن يثبت تورطه في ترويج الاغذية الفاسدة لا تتناسب مع المخالفة فهي لا تتجاوز في الغالب الغرامة المالية او اغلاق المحل لفترة معينة او السجن وكل هذه العقوبات لا يمكن اعتبارها رادعا لمنع مروجي الاغذية من معاودة الترويج مرة اخرى.
عوامل ثلاثة
ومن جهته قال الدكتور خالد المدني استشاري التغذية ان اهم شيء للمحافظة على بقاء السلع الغذائية صالحة دون ان تفقد قيمتها هو ابعادها عن الضوء وعن الحرارة الشديدة وعن درجة الرطوبة الزائدة فهذه العوامل الثلاث من اهم العوامل التي يجب على كل مستهلك ان يعيرها اهتمامه اما مسألة إذا انتهى تاريخ السلعة هل انتهت القيمة الغذائية للسلعة فهذا يعود الى نوعية السلعة فبعضها ينتهي بعد التاريخ المكتوب بايام وبعضها باسابيع وللعلم جميع تواريخ الانتهاء عادة تكتب قبل موعد تاريخ الانتهاء الحقيقي من باب الحرص وهذا معمول به عالميا.وقال اما فيما يتعلق بان البعض يقوم بتفريغ بعض السلع ووضعها في اكياس من النايلون دون كتابة تاريخ انتهاء صلاحيتها رغم انه امر خاطئ لكن هذه المواد قد تتحول الى مواد ضارة لصحة الانسان لانه ربما قد يتناولها بعد انتهاء صلاحيتها.
ويضيف اخصائي الباطنية والمناظير والجهاز الهضمي الدكتور جودة محمد عبدالرحمن قائلا ان لها تأثيرات جانبية سلبية على جسم الانسان تختلف من غذاء لآخر فانتهاء الصلاحية او قرب انتهائها يعني شيئا من ثلاثة اما ان المادة الغذائية تفقد قيمتها ولا تبقى وتصبح طعاماً عديم الفائدة، او ان التعقيم الذي يكون في بعض المواد الغذائية ينتهي فتصبح طعاماً تالفاً، او انها تصبح مادة غذائية مسممة، واضاف الدكتور جودة انه مما يؤسف له استقبال عدد من الحالات جراء تناول هذه الاغذية التي استهتر فيها اصحاب المحلات من اجل بيعها بصحة الناس، وقال انه يجب على المستهلك التأكد من صلاحية كل مادة غذائية يقوم بشرائها وعدم التهاون في ذلك، من جانبه قال المستشار القانوني احمد جمعان المالكي ان مايحدث هو نتيجة ضعف الوازع الديني لبعض التجار الذين يطمعون بالربح على حساب المستهلك دون مراعاة ما قد ينتج عن ذلك من اضرار على صحة المستهلك وما يلحق البيئة من اضرار ايضا نتيجة اتلاف هذه المنتجات ووزارة التجارة والبلديات تقوم بجهود مشكورة للبحث عن مثل هذه المخالفات وضبطها.
تشديد العقوبات
وحول اذا كانت العقوبات المنصوصة على بيع السلع منتهية الصلاحية كافية لردع التجار الذين يقومون بتصريف هذه السلع قال القانوني نبيل قملو ان وزارة التجارة يجب عليها ان تعيد النظر في العقوبات التي تفرضها على من يقوم بغش الناس وبيع المواد منتهية الصلاحية فالعقوبات الموجودة الان لاتعدو كونها غرامات مالية يدفعها صاحب المحل بجزء بسيط من الارباح التي يحققها في هذه الايام وهذه العقوبات لاتردع احدا واتمنى ان تكون العقوبات بالاغلاق لعدة ايام لذلك سوف يرتدع من يبيع على الناس الامراض لكي يحقق المكاسب المالية