بلاش طماطم .. بلاش كوسة
إبراهيم عبدالله مفتاح
زرت مؤخرا مدينة جدة ومعي أم أولادي، وبحكم العلاقات العائلية وصلة القرابة بين أسرتي وإحدى الأسر المقيمة –إقامة دائمة في هذه المدينة الصاخبة النابضة بالحياة والحركة– قمنا بزيارة تلك الأسرة التي فقدت عائلها منذ سنوات غير قليلة بعد أن خلف عددا -لا بأس به– من البنين والبنات في رعاية الله ثم في رعاية أمهم المناضلة في ميدان الحياة، التي استطاعت أن تمخر ببعضهم إلى بر الأمان وأصبح لبعضهم ولبعضهن عمل وظيفي يتغلب بمرتبه كل واحد وواحدة منهم على متطلبات المعيشة من مسكن ومشرب وملبس وشؤون أخرى، وأصبح لكل واحد منهم أسرة فيها عدد لا بأس به من الأطفال يعيشون بمستوى معيشي كما يقول المثل الدارج «يا يدي فكي حلقي». كنت أسمع الحديث الدائر بين زوجتي وبين الأرملة التي لم يترك لها زوجها –بعد رحيله– سوى مرتب تقاعدي بسيط بحكم أنه كان عاملا بسيطا في قطاع حكومي وتقاعده خاضع لنظام تلك الأزمنة ونظام سلمها التقاعدي.
تقول تلك المرأة: إن قسوة الحياة وظروف المعيشة بدأت تضغط على حياتها وحياة من تبقى من أبنائها الذين ما زالوا في مراحل التكوين، وكانت بداية شكواها من مالك الشقة التي تسكنها، والذي لا يتورع عن تصعيد إيجارها السنوي بما معدله ألفان أو ثلاثة آلاف سنويا.. أما هذا العام فقد بلغت الزيادة رقما قياسيا وصل إلى خمسة آلاف ريال، بالإضافة إلى ما تصرفه في الحصول على «وايت» ماء.. تواصل هذه المرأة الأرملة شكواها بأنها خرجت إلى السوق لتشتري «طماطم» و«كوسة» و«ثوم» فوجدت أن قيمة صندوق الطماطم –من الحجم الصغير– يزيد عن ثلاثين ريالا، وقيمة كيلو الكوسة بين اثني عشر وخمسة عشر ريالا، وكيس الثوم –من الحجم الصغير أيضا– أكثر من عشرين ريالا، وقس على هذا المقاس بقية الأشياء.. هكذا تقول تلك المرأة،
وعندما سألتها وماذا ستعمل وهي ترى جنون الأسعار يتصاعد؟ أجابتني بإجابتها الواعية: سأمتنع عن شراء الطماطم وسأشتري بدلا منها «صلصة».. أما الكوسة والخيار والثوم وملحقاتها فسأعود إلى أزمنتي القديمة عندما كنا لا نأكل هذه «الخضار» إلا في مواسم زراعتها عندما كانت تزرع محليا.. لكن الأمر الذي رفع درجة حرارة تفكيري –بشكل لم يسبق له مثيل– أنني قرأت في الملحق الاقتصادي لجريدة «الرياض» الصادر يوم الأحد 23/10/1431هـ أن سعر صندوق الطماطم في مدينة «البكيرية» قد وصل إلى مئة ريال..!
عندها فكرت فيما قالته تلك الأرملة وتمنيت أن تتمتع بقية ربات البيوت بوعيها وحكمتها لأنهن عندئذ سيوفرن على وزارة التجارة وحماية المستهلك الكثير من الاسترخاء وسيعرف التجار والباعة أي منقلب ينقلبون.
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...1008376437.htm