في قراءة بيانات وزارة العمل للموسمين الأخيرين
القطاع الخاص يطرد 147ألف مواطن ومواطنة ويستقدم 821ألف غير سعودي!! في ظل تداعيات الأزمة المالية
الرياض – فهد الثنيان
أظهرت أحدث البيانات الصادرة عن وزارة العمل أن نحو 147.6 ألف عامل وعاملة من المواطنين العاملين في القطاع الخاص بالمملكة فقدوا وظائفهم خلال عام 2009م، وفي المقابل زاد صافي استقدام القطاع الخاص من الخارج خلال نفس الفترة بنحو 821.2 ألف عامل أجنبي. حيث انخفض حجم العمالة المواطنة في القطاع الخاص من 829.1 ألف عامل بنهاية عام 2008م إلى نحو 681.5 ألف عامل، بنسبة انخفاض سنوية بلغت 17.8 في المائة، في مقابل ارتفاعها بالنسبة للعمالة غير السعودية من نحو 5.4 ملايين عامل بنهاية عام 2008م إلى أكثر من 6.2 ملايين عامل، بنسبة ارتفاع سنوية بلغت 15.2 في المائة.
وقال ل "الرياض" عبدالحميد العمري عضو جمعية الاقتصاد السعودية أن البيانات الصادرة عن وزارة العمل تشير إلى أن الانخفاض الأكبر لمن فقدوا العمل حسب جنس العمالة السعودية في جانب الذكور، والذين فقدوا أكثر من 144.5 ألف وظيفة خلال العام الماضي، أي ما يُشكّل 97.9 في المائة من إجمالي الوظائف المفقودة، فيما جاءت الوظائف المفقودة بالنسبة للإناث بنحو 3 آلاف وظيفة فقط، أي بما لا يتجاوز نسبة 2.1 في المائة من الإجمالي.
العمري ل « الرياض »: عدم وجود حد أدنى للأجور شكل تحدياً اقتصادياً أمام تزايد العمالة الوافدة
وتابع أما في جانب الزيادة التي حصلت عليها العمالة غير السعودية خلال العام فقد تركّزت بصورةٍ أكبر في جانب الذكور غير السعوديين، الذين زادتْ وظائفهم بأكثر من 823.7 ألف وظيفة، فيما فقدتْ الإناث من غير السعوديات نحو 2.6 ألف وظيفة فقط.
وأشار إلى انخفاض نسبة السعودة في القطاع الخاص من 13.3 في المائة خلال عام 2008م إلى نحو 9.9 في المائة فقط بنهاية 2009م.
واستكمل انه بالنظر في قيمة الفاتورة السنوية لأجور العمالة في القطاع الخاص، فقد ترتّب على تلك التغييرات الكبيرة في السوق انخفاض قيمة فاتورة الأجور السنوية المدفوعة للعمالة السعودية من 35.8 مليار ريال سنوياً خلال عام 2008م، إلى أقل من 25.7 مليار ريال سنوياً خلال عام 2009م، بنسبة انخفاض سنوية بلغت 28.4 في المائة!
حقائق الأرقام أثبتت أن القطاع الخاص أخلَّ بالتزاماته بسياسات السعودة برغم الدعم الحكومي للمناخ الاقتصادي
وأردف في المقابل بالنسبة للعمالة غير السعودية فانه على الرغم من ارتفاع أعدادها بنسبة 15.2 في المائة، إلا أن فاتورة أجورها السنوية قد انخفضتْ من نحو 65.2 مليار ريال سنوياً خلال عام 2008م، إلى أكثر من 57 مليار ريال سنوياً، أي أنها انخفضت بنسبة سنوية بلغت 12.5 في المائة.
ولفت إلى أن التغيرات في قيمة فاتورة الأجور السنوية للعمالة في القطاع الخاص تضمنت انخفاضاً في متوسط الأجور الشهرية لكل من العمالة السعودية وغير السعودية؛ حيث انخفض المتوسط العام للأجور الشهرية بالنسبة للعمالة السعودية بنسبة 12.9 في المائة من 3601.55 ريال شهرياً إلى 3137.39 ريال شهرياً، كما انخفض المتوسط العام للأجور الشهرية بالنسبة للعمالة غير السعودية بنسبة 24.1 في المائة من 1006.95 ريال شهرياً إلى 764.77 ريال شهرياً فقط.
ووفقاً لتفاصيل تلك البيانات الحديثة الصادرة عن وزارة العمل، فقد أظهرتْ تلك البيانات حسب المستوى التعليمي للعاملين في القطاع الخاص أن أكبر شريحة فقدتْ وظائفها من العمالة المواطنة جاءت شريحة حملة الثانوية العامّة، حيث فقد ما يقارب 47.6 ألف مواطن ومواطنة وظائفهم خلال 2009م (47.1 ألف من الذكور، و 460 من الإناث)، وشكلت نسبتهم من فاقدي الوظائف نحو 32.2 في المائة من الإجمالي.
واستكمل تلاهم شريحة القادرين على القراءة والكتابة بنحو 34 ألف مواطن ومواطنة، شكلوا نسبة 23 في المائة من الإجمالي، وحل حملة الشهادة المتوسطة في المرتبة الثالثة بنحو 27.4 ألف مواطن ومواطنة، شكلوا نسبة 18.6 في المائة من الإجمالي. في المقابل، جاءت الزيادة الأكبر في استقدام القطاع الخاص من العمالة غير السعودية لصالح شريحة القادرين على القراءة والكتابة الذين زاد عددهم خلال 2009م بنحو 571.3 ألف عامل، أي ما نسبته 69.6 في المائة من الإجمالي. تلتها شريحة العمالة الأمّية التي زاد عددهم بنحو 127.8 ألف عامل، أي بما نسبته 15.6 في المائة من الإجمالي،
وأفاد العمري إلى أن حملة الشهادة الثانوية من العمالة غير السعودية قد حلوا في المرتبة الثالثة بنحو 47.6 ألف عامل، أي ما نسبته 5.8 في المائة من إجمالي الزيادة لصالح العمالة المستقدمة من الخارج وفقاً للتصنيف المبني حسب المستوى التعليمي. وكما يلاحظ فإن الزيادة الأكبر جاءت في جانب المستويات التعليمية ذاتها التي كانت الأكثر فقداً للعمالة المواطنة.
أمّا على مستوى تصنيف البيانات حسب المهن الرئيسة، فقد جاء أكثر من فقدوا أعمالهم خلال 2009م في المهن المتعلقة بالخدمات، حيث وصل عددهم إلى نحو 45.6 ألف مواطن ومواطنة، شكلوا نحو 30.9 في المائة من الإجمالي. تلاهم في المرتبة الثانية العاملين في المهن الهندسية الأساسية المساعدة بنحو 25.5 ألف مواطن ومواطنة، وبنسبة 17.3 في المائة من الإجمالي، وجاء العاملون في المهن الكتابية في المرتبة الثالثة بنحو 20.8 ألف مواطن ومواطنة، وبنسبة 14.1 في المائة من الإجمالي. وحل في المرتبة الرابعة العاملون في مهن البيع بنحو 17.1 ألف مواطن ومواطنة، وبنسبة 11.6 في المائة من الإجمالي.
واسترسل في المقابل، جاءت الزيادة الأكبر في استقدام القطاع الخاص من العمالة غير السعودية لصالح المهن الهندسية الأساسية المساعدة، الذي زاد فيها عدد العاملين غير السعوديين خلال 2009م بنحو 430 ألف عامل، أي ما نسبته 52.4 في المائة من الإجمالي. تلاه المهن المتعلقة بالخدمات التي زاد فيها العمال غير السعوديين بنحو 257.4 ألف عامل، أي بما نسبته 31.3 في المائة من الإجمالي، وحلت مهن الفنيين في المواضيع العلمية والفنية والإنسانية في المرتبة الثالثة على مستوى الزيادة في استقدام العمالة من الخارج بنحو 35.5 ألف عامل، أي ما نسبته 4.3 في المائة من إجمالي الزيادة لصالح العمالة المستقدمة من الخارج على مستوى تصنيف المهن. وكما يلاحظ هنا أيضاً أن الزيادة الأكبر جاءت في جانب المهن ذاتها التي كانت الأكثر فقداً للعمالة المواطنة.
وأكد العمري أنه على مستوى تصنيف البيانات حسب النشاط الاقتصادي الرئيس، فقد جاء أكثر من فقدوا أعمالهم خلال 2009م في نشاط تجارة الجملة والتجزئة، حيث وصل عددهم إلى نحو 44 ألف مواطن ومواطنة، شكلوا نحو 29.8 في المائة من الإجمالي. تلاهم في المرتبة الثانية العاملون في نشاط التشييد والبناء بنحو 43.5 ألف مواطن ومواطنة، وبنسبة 29.5 في المائة من الإجمالي. وحل في المرتبة الثالثة العاملون في نشاط الصناعات التحويلية بنحو 17.7 ألف مواطن ومواطنة، وبنسبة 12 في المائة من الإجمالي.
وقال: إن الزيادة الأكبر جاءت في استقدام القطاع الخاص من العمالة غير السعودية لصالح نشاط التشييد والبناء، الذي زاد فيه عدد العاملين الأجانب خلال 2009م بنحو 405.3 ألف عامل، أي ما نسبته 49.4 في المائة من الإجمالي. تلاه نشاط تجارة الجملة والتجزئة الذي زاد فيه العمال غير السعوديين بنحو 169.9 ألف عامل، أي بما نسبته 20.7 في المائة من الإجمالي، وحل نشاط الصناعات التحويلية في المرتبة الثالثة على مستوى الزيادة في استقدام العمالة من الخارج بنحو 87 ألف عامل، أي ما نسبته 10.6 في المائة من إجمالي الزيادة لصالح العمالة المستقدمة من الخارج. وكما يلاحظ هنا أيضاً أن الزيادة الأكبر جاءت في الأنشطة ذاتها التي كانت الأكثر فقداً للعمالة المواطنة.
وألمح العمري إلى أن الإحصاءات أعلاه تكشف عن عددٍ من الاختلالات الهيكلية في سوق العمل السعودية، مما يستوجب اتخاذ العديد من السياسات العاجلة تجاه أكثر القضايا الحيوية والتنموية والتي أتتْ ضمن أولى أولويات خطط التنمية السعودية، أضافه إلى كونها تمس مستويات الرفاهية الاجتماعية التي وضعتها تلك الخطط التنموية نصب عينها طوال العقود الأربعة الماضية، وجاءت نصاً صريحاً ضمن الأهداف العامّة للخطة التنموية الأخيرة، حيث أوضحت استهداف رفع مستوى المعيشة، وتحسين نوعية الحياة، وتوفير فرص العمل للمواطنين، وذلك من خلال تسريع عملية التنمية، ورفع معدلات النمو الاقتصادي، والتوسع الكمي والنوعي في الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية.
وكذلك تنمية القوى البشرية ورفع كفاءتها، وزيادة مشاركتها، لتلبية متطلبات الاقتصاد الوطني. كما وضعتها في أولى استراتيجياتها التنموية حيث نصّت على زيادة إسهام القوى العاملة الوطنية في القطاعات التنموية، والاهتمام بتأهيلها وتدريبها لتحسين إنتاجيتها ورفع كفاءة أدائها، والاستمرار في إحلال العمالة الوطنية محل الوافدة والاهتمام أضافه إلى الاهتمام بشؤون المرأة وتطوير قدراتها، وإزالة المعوقات أمام مشاركتها في النشاطات التنموية في إطار ما تقضي به القيم والتعاليم الإسلامية.
وشدد على وجوب أن تأخذ السياسات الاقتصادية في اعتبارها التحديات الجسيمة الكامنة في سوق العمل السعودية؛ كعدم وجود حد أدنى للأجور بصورةٍ عامّة والذي يُساهم في رفع تكلفة العمالة غير السعودية المستقدمة من الخارج، وهو الأمر الذي بدا واضحاً حسب تلك البيانات بانخفاض متوسط الأجور الشهرية للعمالة المستقدمة بنسبةٍ فاقت 24.1 في المائة، إلى أن وصل متوسط الأجور الشهرية للعمالة الوافدة لنحو 764.77 ريالاً شهرياً، وهو ما يتعذّر على المواطن أياً كان أن يقبل به في مواجهة أعباء المعيشة الباهظة والمتزايدة في الوقت الراهن.
كما طالب العمري بضرورة فرض المزيد من الرقابة والمتابعة على مختلف مؤسسات وشركات القطاع الخاص، في مجال التزامها بسياسات وضوابط السعودة، والتي كما يبدو من الإحصاءات الفعلية أعلاه أن القطاع الخاص قد وجد مساحاتٍ رحبة جداً في اتخاذ ما يحلو له من قرارات وسياسات دون أدنى اعتبار لأي سياساتٍ تتعلق بالسعودة، رغم الدعم اللامحدود الذي وجده ويجده على الدوم من الحكومة، بالاضافه إلى العديد من الامتيازات التي يحظى بها سواءً عبر سهولة التمويل من صناديق التنمية أو عبر إرساء عقودها السخية أو عبر المناخ الاستثماري المنافس إلى حدٍّ بعيد الذي وفرته الدولة له.
المصدر جريدة الرياض:
http://www.alriyadh.com/2010/06/18/article535963.html