سعود عبدالعزيز كابلي 11 سؤالاً مهماً تطرحها أنفلونزا الخنازير أمام الدولة
حتى الآن يبدو أن الخطة المطروحة للتعامل مع احتمال تفشي وباء أنفلونزا الخنازير – لا قدر الله – نتيجة موسم الحج هو ما صرحت به وزارة الصحة من قيام المملكة بحجز 4 ملايين جرعة من العقار المضاد للفيروس.
ولا يكمن خطر تفشي الوباء نتيجة موسم الحج فقط بل هناك خطر آخر يكمن من دخول موسم المدارس وتعرض الأطفال لاحتمالات الإصابة في ظل ضعف البنية التحتية لدى المدارس للتعامل مع مثل هذه المخاطر بدءاً من نقص التهوية في الفصول ومروراً بضعف الوعي الطبيعي للأطفال وانتهاء بضعف العيادات المدرسية وغياب تأهيل المدرسين والمشرفين لمراقبة هذه المسألة، ولعل خطر انتشار الفيروس من المدرسة أعمق وأبعد تأثيراً من خطر انتشاره نتيجة الحج. وحتى الآن لا يبدو من الواضح أن لدى وزارة الصحة خطة تحرك على الأرض لكيفية تصريف وإعطاء هذه الجرعات للمصابين في حال تفشي الوباء.
وليس في هذا الأمر انتقاص لوزارة الصحة حيث إنه من المؤكد أن فيها رجالاً يواصلون الليل بالنهار من أجل مصلحة الوطن والمواطن. القضية التي يطرحها تحدي أنفلونزا الخنازير أكبر من مجرد انتشار هذا الفيروس.
إنها مسألة التعامل مع الأزمات وإدارتها. ومسألة ماذا نقدم على صعيد العمل الاستراتيجي من أجل أن يصبح تقدم الوطن واقعاً ملموساً له أساس وبنيان على أرض الواقع.. لا مجرد أفكار على الورق بل قطار يتحرك على القضيب إلى أمام.. محطة تلو الأخرى.
إن إدارة الأزمات علم قائم بنفسه. له الآن في جامعات العالم متخصصون وأساتذة. وله في حكومات الدول المتقدمة مؤسسات قائمة وأنظمة واستراتيجيات معمول بها تكون على الدوام محل نظر وتفحص وإعادة دراسة. والمتابع لهذا الشأن يرى الجدل الحقيقي القائم في بعض الدول حول النجاحات والإخفاقات التي تحصدها الإدارات المتخصصة في مجال إدارة الأزمات.
ولعل أبلغ مثال الجدل الذي قام حول أداء الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ - فيما (Federal Emergency Management Agency - FEMA) في الولايات المتحدة الأمريكية عقب إعصار كاترينا. حيث إن هذه الإدارة التابعة لوكالة الأمن القومي هي الجهة الحكومية المسؤولة في الولايات المتحدة عن ادارة الأزمات.
هناك العديد من الأسئلة المهمة التي يجب علينا أن نطرحها في هذا الشأن ليس من أجل التعامل مع خطر أنفلونزا الخنازير بالتحديد ولكن لكي ننظر للبعد الأعمق لهذه الأسئلة حول كيفية تعاملنا مع الأزمات. ولعل تجربة مكافحة خطر هذا المرض في دارنا تكون فرصة لكي نتعلم ونطور من أنفسنا في هذا الحقل المهم لأن المؤكد أن أزمات وكوارث العالم لن تنتهي.
1) ما هي الجهة التي يجب أن تخول لها الإدارة العليا الأزمة في حال وقوعها لا قدر الله؟ وهل هذه الجهة لها صلاحية التنسيق بين الجهات المختلفة التي لها ضلع بإدارة الأزمة وتوفير الحلول؟ (الجهة التنفيذية –
Crisis Management Executive Body)
2) السفينة التي لها ربانان معرضة للغرق. على من تقع مسؤولية إدارة الأزمة في حال وقوعها إذا كان العديد من الجهات تتداخل صلاحياتها في مواجهة الأزمات؟ أم أن كل خطوة سيتم رفعها للمقام السامي؟ (منظومة اتخاذ القرار –
Decision Making Process)
3) كل الأزمات تحتاج لسرعة تمويل كي يتم توفير المصادر اللازمة للتعامل مع الأزمات. هل هناك بنود خاصة بالأزمات في ميزانية الدولة؟ هل هي جزء من ميزانية جهة ما أم أنها موزعة على كل الجهات؟ وكيف ستتعامل وزارة المالية مع الطلبات السريعة والعاجلة لتمويل ادارة الأزمات؟ هل سيتم الأمر بنفس الروتين البيروقراطي؟ (سرعة توفير مصادر التمويل –
Deployment of Financing Resources)
4 في مثال أنفلونزا الخنازير. هل هناك خطط بديلة لإشراك جهات كالحرس الوطني أو المدرسين أو حتى الكشافة وتدريب كوادرهم لمساعدة طواقم وزارة الصحة؟ هل هناك خطط للحجر الصحي وتجهيز المستشفيات وخاصة في منطقة مكة للتعامل مع حالة تفشي الوباء؟ (التعبئة والانتشار –
Mobilization and Distribution)
5) في مثال أنفلونزا الخنازير. هل هناك تنسيق مع الجهات المختلفة في منطقة مكة؟ وهل تملك هذه الجهات بعض الصلاحيات للتعامل مع الأزمة دون الرجوع للمركز في العاصمة خاصة أن الساعات لها قيمتها في مثل هذه الحالات؟ وهل هناك خطة للتعامل مع ساكني المنطقة الغربية الأكثر عرضة لخطر هذا الوباء؟ (اللامركزية وصلاحية اتخاذ القرار – Centralization and Decision Making)
6) هل توجد جهة مناط بها مسؤولية التخطيط والاستعداد الاستباقي لوقوع الكوارث والأزمات من خلال بناء السيناريوهات المختلفة لكيفية حدوثها؟ هل التخطيط جزء من منظومة عملنا في الاستعداد والتعامل مع الأزمات والكوارث؟ (التخطيط الاستراتيجي – Strategic and Pre-Emptive Planning)
7) إحدى أهم النقاط في التعامل مع الأزمات هي سرعة الحصول على المعلومة والتأكد من دقتها. هل هناك آليات تقنية لضمان سرعة نقل المعلومة من مركز الأزمة إلى الجهات المسؤولة عن التعامل معها؟ وهل هناك نظام لإعداد تقارير يومية عن حالات الاشتباه في المدارس وغيرها؟ (البنية التحتية المعلوماتية – IT and Communication Infrastructure)
8) هل هناك آليات للتعاون بين الجهات الحكومية المختلفة لتبادل المعلومات؟ (توزيع المعلومة – Information Distribution)
9) هل هناك نموذج إعلامي واضح للتعامل مع انتشار الشائعات والخوف الشعبي في حال وقوع الأزمات؟ هل يكفي الأسلوب القائم اليوم من ظهور المسؤولين وإصدار البيانات الإعلامية؟ (دور الإعلام – Media Role)
10) هل هناك دور للجامعات وأساتذتها ومراكز البحث والدراسة في مساعدة أجهزة الدولة في هذا المجال؟ خاصة أن المسؤول الحكومي المشغول بمهمات يومه لا يملك الوقت الكافي للجلوس والتفكير وبحث هذه المسائل؟ (البحث والتطوير – Research and Development)
11) هل هناك مؤشرات استقراء واستشعار لحدوث الأزمات؟ وتدخل هذه المؤشرات ضمن منظومة إنذار مبكر متكاملة؟ (نظام الإنذار المبكر – Early Warning System)
http://alwatan.com.sa/news/writerdet...3833&Rname=177