المصدر
http://www.alriyadh.com/2009/02/10/article408536.html
----------------------------------------------------
باريس - مكتب "الرياض"، حسان التليلي:
أكدت كل التقارير الصادرة في الأيام الأخيرة حول التوقعات بظاهرة البطالة أنها ستنمو خلال السنة الجارية في مختلف أنحاء العالم بشكل لم يسبق له مثل خلال السنوات الخمس الماضية.
ومن هذه التقارير تلك التي نشرت حول مستقبل البطالة في البلدان الخمسة عشر التي تستخدم اليورو عملة موحدة. فقد بلغ معدل ارتفاع البطالة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة ثمانية بالمائية ورفع عدد العاطلين عن العمل في منطقة اليورو إلى اثني عشر مليوناً ونصف مليون شخص. ولم يصل عدد العاطلين في هذه المنطقة مستوى مماثلاً منذ سنتين. ويتوقع الخبراء الاقتصاديون أن يرتفع عدد العاطلين عن العمل في هذه المنطقة خلال العام الجاري الأسباب كثيرة أهمها المخاوف التي لاتزال قائمة لدى أرباب العمل بشأن استمرار الأزمة الاقتصادية والمالية وعجز الحكومات والدول عن اتخاذ إجراءات حاسمة لتطويق ذيولها. وقد اتضح ذلك مثلا من خلال الشعارات التي رفعها أكثر من مليون شخص تظاهروا في فرنسا في مختلف أنحاء المدن الكبيرة يوم التاسع والعشرين من الشهر الماضي احتجاجاً على تدهور أوضاعهم المعيشية بسبب البطالة أو الخوف من البطالة.
وكان مكتب العمل الدولي الذي يتخذ من جنيف مقراً له قد أكد في تقرير نشره يوم الثامن والعشرين من شهر يناير الماضي بأن توقعاته بشأن البطالة عام ألفين وتسعة تشير إلى أن عدد الذين ستطالهم الظاهرة في العالم يقدر بحوالي مائتين وثلاثين مليون شخص أي مايعادل خمسة وأربعين بالمائة من القوى العاملة.
إشكالية المعالجة
وبدا من خلال اللقاءات الرسمية وغير الرسمية التي تجري هذه الأيام في منتدى دافوس بين أصحاب القرار السياسي والاقتصادي أن هناك تقصيراً كبيراً في إيجاد استراتيجيات فاعلة للسعي إلى تطويق تبعات الأزمة الاقتصادية والمالية الحالية. فبرغم التصريحات والخطب الداعية لمواجهة الأزمة بشكل أفضل مما هو الأمر اليوم فإن هناك قناعة لدى الخبراء بأن المستثمرين في البورصات والمؤسسات المصرفية والمالية وأصحاب القرار السياسي في العالم لم يستوعبوا حتى الآن بما فيه الكفاية الدروس من الأزمة. وهو ما يدل عليه مثلاً حرص المضاربين في البورصات العالمية على الكسب السهل بدون أي ضابط وغياب إرادة سياسية عالمية لإنشاء آلية جادة وصارمة لردع الذين يتجاوزون قوانين اللعبة. ويقول بعض المراقبين بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي انطلقت منها الأزمة إنه لا يفكي أن يقول الرئيس الأميريكي باراك أوباما إنه لعار كل العار أن تكسب بورصة "وول ستريت" عشرين مليار يورو في الظروف العصيبة الحالية حتي يعد ذلك عاملاً من عوامل معالجة الأزمة. ولا تكفي المساعدات التي قدمت في أغلب البلدان الغربية للمصارف والمؤسسات الكبرى لمساعدتها على الثبات أمام الأزمة للحيلولة دون تفشي البطالة. بل لابد من اعطاء البعد الاجتماعي أولوية هامة ضمن منهجية عمل شاملة ومتكاملة.
وثمة اليوم مؤشرات كثيرة على عودة ظاهرة العنصرية بقوة في أغلب البلدان الغربية التي تطالها البطالة بسبب الأزمة تجاه العمال المهاجرين. وهو مابدا واضحاً في الأيام الأخيرة من خلال الشعارات التي رفعها مثلاً في بريطانيا عمال ينشطون في حقل الصناعية النفطية حيث أصبحوا ينادون علنا بجعل الوظائف حكراً على البريطانيين. ويستبعد المراقبون أن يتوصل القادة الذين سيشاركون في شهر أبريل المقبل في قمة مجموعة العشرين التي تشمل البلدان الصناعية والبلدان الناشئة إلى وضع خطة فاعلة لمعالجة مشكلة البطالة. وكان يعتقد في الغرب العام الماضي أن هذه المشكلة بدأت فعلاً تطوق فجاءت الأزمة لتذكي نيرانها من جديد.